كواعب البراهمي تكتب: انسانيتي ليست كما أريد
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
منذ أحداث غزة والاعتداءات الوحشية والغير آدمية على الأطفال والناس المسالمة، تغير بداخلي اشياء كثيره. وذلك حدث للكثيرين بالطبع . فلم نعد نشعر بالسلام تغيرت احوالنا وصحتنا ومواعيد نومنا وفقدنا شهيتنا . لأننا مع أهل غزة قلبا وقالبا .
وبرغم كوني اتأثر بكل ما يحيط بي ، وبرغم حزني على أي شيء يحدث لإنسان أو حيوان .
بل أن بعضهم من اليهود ، وبعضهم أيضا من سكان إسرائيل.
لم احب في نفسي ذلك التعصب الوطني والقومي والديني .
انا منتمية جدا لمصر ولكل ما هو مصري . لقد بكيت وانا أشاهد المواطن المصري المسيحي عندما تعرض للقرصنة ، وشاهدته على شاشة التلفاز في التسعينات . ولم أنم من الحزن عندما تم قتل المصرين في ليبيا ، وما بردت نار صدري إلا برد القوات المسلحة المصرية فجر ذات اليوم .
أنني حزنت على الذين استشهدوا في أحداث الإعصار في ليبيا والزلزال في المغرب و في ضحايا حرب العراق على يد أمريكا.
ولكنه حزن اقل من حزني على اي مصري .
ويؤسفني جدا أنني لم انفعل للضحايا في اوكرانيا بنفس القدر . رغم أنهم أخوة في الإنسانية.
ولا اهتم كثيرا لما يحدث في العالم من كوارث طبيعية بنفس القدر . وقد لا اتذكر على مدى اسبوع انه توجد حرب في أوكرانيا يموت فيها بشر .
لقد شعرت أن هؤلاء الشباب في أمريكا وبريطانيا وكل الدول الغربية الذين حزنوا لأهل غزة افضل مني انسانيا . فقد خرجوا و عبروا عن رفضهم ، والبعض اعتصم وامتنع عن الطعام والشراب لأنهم تضامنوا انسانيا. لم يحركهم مشاركة الوطن ، ولا الدين ، ولا الانتماء . ولكن حركتهم الإنسانية وحدها ، صحيح ما حدث يحرك الحجر الاصم . ولكنهم بعيد وغير عرب .بل أنهم لهم اهتمامات جعلتنا لا نعتقد أنهم يشعرون بالعالم، ونشعر أنهم انانيون.
كما انه في المقابل يوجد من هم بلا انسانية إطلاقا، فهم وحوش وقتلة ،بشر ولكن حرمهم الله رقة المشاعر ، واعدمهم الاحساس فيقتلون بدماء باردة. و لا أعرف كيف هؤلاء يعيشون حياتهم ، وهل يحبون أطفالهم ، و اقاربهم ، ويحزنون لحزنهم لو تألموا؟ لا أعتقد.
فهؤلاء حرمهم الله المشاعر ،و الاحساس .
اما انا فغير راضية عن نفسي لأنني لا أملك نفس المشاعر تجاه كل البشر سواء . صحيح لا احتمل أن أرى دماء مصاب ، ولا احتمل سماع انين مريض . و حتى لو كان حيوان . ولكن يحز في نفسي أنني لا اتجاوب مع كل البشر على حد سواء ، لا أشعر بالرضاء عن انسانيتي ، وربما تكون هي نعمة فقد لا اتحمل كل ما في هذا العالم من ظلم و قهر ، وهضم حقوق ، و إيذاء.
ولا املك إلا أن اسأل الله ان يرفع عنا غضبه ، ويحقن الدماء في كل مكان.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
«صرخات من الهاوية».. تجليات السر وألم المشاعر
محمد عبدالسميع (الشارقة)
أخبار ذات صلةالصرخة بحد ذاتها ومع ما تحمله من عمق، وظفت مسرحياً لتدل على اختلاط المشاعر وتغيرها فجأة أمام قدرية الحياة، وذلك ما حصل في أحد عروض مهرجان «أيام الشارقة المسرحية» في دورتها الرابعة والثلاثين، من خلال مسرحيّة «صرخات من الهاوية»، التي نفذتها جمعية كلباء للفنون الشعبيّة والمسرح، وهي من تأليف إسماعيل عبدالله وإخراج عبدالرحمن الملا، وتحكي قصة تنقلت بجمهور قصر الثقافة بالشارقة إلى حيث الحزن وترقب النهاية التي تتحول فيها المشاعر قيد التجسيد.
بطل المسرحية
أما السر، فكان بطل المسرحية بامتياز، من خلال قصة زوجين يستقبلان امرأة تموت وهي تلد جنينها، من أب أجبرها على الإجهاض وتركها هائمة على وجهها، ليضع الزوجان المولودة أمام بيت والدها الحقيقي، الذي يتبناها إلى جانب ابنه، ولا يعلم أنها ابنته ومن صلبه، وحين يكبر الطفلان، تقوم بينهما قصة حب توشك أن تنتهي بالزواج، لولا انكشاف السر الذي لا يجوز أن يختبئ في صدر من عرفاه، تحسباً لما لا تحمد عقباه.
الحكاية
في الحكاية، فإن مجرد اضطراب المشاعر وتناقضها وتوقفها، أمر مقلق ويضع المشاهد في حالة تتشظى فيها هذه المشاعر التي تبرد فجأة ولكن باتجاه عاطفة الأخوة كما يتوقعه المشاهد، ولهذا فقد عمل كاتب النص والمخرج على النفسيات وما تمور به من مخاوف وترقب عند انحلال عقدة العمل الذي اشتغل على تجسيد كل هذه التناقضات العاطفية في عمل وصف بأنه قوي ويحمل فكرة، حتى وإن تم تكراره في أعمال قديمة في الدراما العربية.
ساعد في حمل فكرة العمل وحكايته وتصاعد وتيرته، السينوغرافيا والأداء الجيد لشخصيات المسرحية والأجواء الدرامية التي خلقها العمل، وكذلك عناصر الإضاءة والموسيقى التصويرية، في قراءة المواضيع الاجتماعية ذات التوتر في المشاعر والتفضيلات، كما أعطانا العرض فائدة السرّ المفضوح في أحيان كثيرة، كفائدة للعموم والإنسانية، حتى مع ما يلحقه بنا من أضرار، كمشاهدين وكبطلين للعرض.
الهاوية أما الهاوية، فهي قاع المشكلة والتي تستدعي الإسناد لتدارك ما يمكن تداركه في موضوع اجتماعي، ينسحب على كثير من مشاكلنا التي نعيش، وعلى هذا فالعنوان مكثف بدلالة الحزن، من خلال اجتماع الصرخة العميقة المشحونة بالألم والهاوية العميقة أيضاً والصعبة، والأمر معنوي تغلفه لغة المجاز في قراءة ومعالجة التبدل في المشاعر استجابةً لواقع فيه الكثير من المفاجآت.