بقلم: إسماعيل الحلوتي

منذ سنوات طويلة لم يستطع أي تنظيم سياسي ولا نقابي أن يوحد صفوف نساء ورجال التعليم في مختلف الفئات والهيئات التعليمية، بالقدر الذي قامت به اليوم التنسيقيات التعليمية المنضوية تحت لواء التنسيق الوطني لقطاع التعليم، الذي أصبح يضم أكثر من عشرين تنسيقية. وخاصة إثر مصادقة الحكومة يوم الأربعاء 27 شتنبر 2023 على المرسوم رقم: 819.

23.2 المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، الذي جاء مخيبا لآمال الشغيلة التعليمية التي لم تتأخر في التعبير عن رفضها القاطع له، ولاسيما أنه أجهز على ما تبقى من مكتسبات، ولم يرق إلى مستوى انتظاراتها الملحة.

وإزاء ما اعتبرته الشغيلة التعليمية بجميع مكوناتها نظاما أساسيا مجحفا وتراجعيا ومحبطا وملتبس المضامين والمحتويات، يحكمه الهاجس المالي أكثر مما هو تربوي، فضلا عن كونه أتى لإثقال كاهل هيئة التدريس بمهام إضافية دون أي تعويض مادي، وتطويقها بعديد العقوبات الزجرية المستفزة وغير المسبوقة، وتكريس التمييز بين بين موظفي وزارة التربية الوطنية وموظفي الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، سعيا إلى محاولة تحويل العاملات والعاملين في القطاع إلى مستخدمين ومجرد موارد بشرية، معمما بذلك مبدأ التعاقد عوض إلغائه...

وفي غياب أي رد فعل حقيقي للنقابات التعليمية "الأكثر تمثيلية"، التي بات الكثيرون يعتبرونها متواطئة لعدم قدرتها على حماية عديد المكتسبات الاجتماعية كالتقاعد والإضراب والوظيفة العمومية، سارع التنسيق الوطني لقطاع التعليم إلى دعوة الشغيلة التعليمية بجميع جهات المملكة للانخراط في إضراب وطني بالرباط يوم الخميس 5 أكتوبر 2023 الذي يتزامن مع اليوم العالمي للمدرس، وهو الإضراب الذي عرف نجاحا مبهرا، بمشاركة عشرات الآلاف من العاملين بالقطاع، حجوا للدفاع عن مطالبهم المشروعة التي يأتي في مقدمتها الحق في الإضراب وإسقاط "نظام المآسي" وحل كل الملفات العالقة منذ سنوات، وصون كرامتهم...

ثم إنه وأمام تمادي وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى في عناده، تواصلت الوقفات والمسيرات الاحتجاجية والإضرابات، التي شلت مؤسسات التعليم العمومي على الصعيد الوطني، مما نجم عنه هدر زمن التعلمات لأزيد من سبعة ملايين تلميذة وتلميذا، عاد ذات التنسيق الوطني مدعوما بالتنسيقية الموحدة لأطر الدعم وهيئة التدريس وكذا أساتذة الثانوي التأهيلي، للإعلان عن تنظيم مسيرة وطنية يوم الثلاثاء 7 نونبر 2023 بمدينة الرباط أطلق عليها وسم "مسيرة الكرامة"، وهي مسيرة لم تعرف شوارع العاصمة مثيلا لها على مدى أزيد من عشر سنوات، حيث احتشدت حشود غفيرة من نساء ورجال التعليم مزاولين ومتقاعدين، قادمين من كافة أنحاء المغرب، الذين تظاهروا أمام مبنى البرلمان، ثم انطلقوا في اتجاه وزارة التربية الوطنية، معبرين عن رفضهم للنظام الأساسي المشؤوم، ورافعين شعارات قوية، بلغت حد المطالبة برحيل الوزير بنموسى.

ومما يؤكد قوة التنسيق الوطني لقطاع التعليم وتفوقه على تلك النقابات التعليمية، هو أنه رغم قبول هذه الأخيرة بمخرجات اللقاء الذي جمعها برئيس الحكومة عزيز أخنوش يوم الإثنين 27 نونبر 2023، أصدر بيانا يشدد من خلاله على أن مطلب الحركة الاحتجاجية التعليمية التاريخية، ليس هو إعطاء وعود أو تجميد النظام الأساسي فقط، وإنما في إصدار قرارات تجيب عن انتظارات الشغيلة التعليمية بكل فئاتها، وتعيد لها كرامتها وقيمتها الاعتبارية مع حماية المدرسة العمومية مما يحاك ضدها من مؤامرات لنسفها. دون أن يغفل تحميل المسؤولية للحكومة فيما تعرفه الساحة التعليمية من احتقان، جراء عدم الاستجابة للمطالب المهنية والاجتماعية والمادية، مجددا مطلبه بسحب النظام الأساسي وليس تجميده وتلبية المطالب الفئوية لنساء ورجال التعليم، مزاولين ومتقاعدين.

من هنا يتضح جليا أن النظام الأساسي الجديد الذي أشعل فتيل الاحتجاجات والإضرابات المتواصلة لأكثر من شهر ونصف، لم يعمل سوى على توحيد صفوف نساء ورجال التعليم والتفافهم حول التنسيقيات، فأين اختفى دور النقابات؟ فالنقابات اليوم رغم استفادتها من دعم مالي سنوي ضخم من المال العام، تعاني من عجز صارخ عن مواجهة الحكومات المتعاقبة والضغط عليها لانتزاع حقوق الشغيلة المغربية وتحقيق مطالبها المشروعة، مما جعلها تتعرض لانتقادات حادة وفقدان مصداقيتها، وأدى بالتالي إلى بروز هذه التنسيقيات التي فرضت نفسها بقوة وجعلت عديد الأجراء والموظفين وحتى الطلبة يلتفون حولها. فإلى جانب مسؤولية أرباب العمل الذين يرفضون تفعيل مضامين اتفاقيات الحوار الاجتماعي وغيره، ومسؤولية الدولة التي ما انفكت تعطي صورة سيئة عن النقابات عبر عدم الوفاء بالتزاماتها، ساهم تخليد زعماء النقابات وغياب الديمقراطية الداخلية في تراجع إشعاعها وزخم حضورها في عديد المناسبات، مثلما هي عليه اليوم في قطاع التعليم...

إن واقع العمل النقابي ببلادنا يعيش أزمة حقيقية بعد فقدانه الكثير من بريقه، وتراجع دور النقابات في الترافع عن قضايا الشغيلة وانشغالات المواطنين، حتى أن عددا من النقابيين يعترفون هم أيضا بذلك. وأصبحت النقابات العمالية والمهنية تعيش حالة من الركود وتعاني ضعفا صارخا في الأداء، إلى حد تحولت فيه إلى مجرد هياكل بلا روح، ولاسيما بعد أن أصبح الكثيرون يتهمونها بالانحياز إلى الحكومة في ظل تبعيتها للأحزاب السياسية، والانحراف عن الأهداف النبيلة التي ضحى في سبيلها شرفاء الوطن، مما يقتضي من الدولة أن تكف عن إضعافها، إذ ما جدوى امتلاك النقابات التعليمية "الأكثر تمثيلية" شرعية التفاوض في غياب قاعدة جماهيرية تسندها، كما هو حاصل اليوم؟

 

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: الشغیلة التعلیمیة التربیة الوطنیة التنسیق الوطنی ورجال التعلیم

إقرأ أيضاً:

أسباب زوال بريق كولر مع الأهلي الفترة الأخيرة

رغم النجاحات التي حققها المدرب السويسري مارسيل كولر مع النادي الأهلي، مثل التتويج ببطولة دوري أبطال إفريقيا 2023، إلا أن مسيرته مع الفريق شهدت أيضًا العديد من الإخفاقات التي أثارت انتقادات الجماهير والصحافة. من أبرز هذه الإخفاقات التعادل المخيب للآمال مع فاركو أمس، والخسارة أمام أورلاندو بيراتس الجنوب إفريقي في البطولات الإفريقية بنتيجة 2-1.
 

الإنجازات الكبرى لكولر مع الأهلي

التتويج بدوري أبطال إفريقيا 2023:
قاد كولر الأهلي إلى تحقيق لقب دوري أبطال إفريقيا للمرة الحادية عشرة في تاريخ النادي، مما أعاد الفريق إلى الصدارة القارية بعد غياب.

العودة بقوة للمنافسة:
تحت قيادة كولر، استعاد الأهلي هيبته في البطولات المحلية والقارية، حيث أصبح منافسًا رئيسيًا على جميع الألقاب.

الإخفاقات التي واجهت كولر1. خسارة السوبر الإفريقي 2023 أمام اتحاد العاصمة الجزائري

كانت بداية موسم 2023-2024 صادمة لجماهير الأهلي بعد خسارة لقب السوبر الإفريقي أمام اتحاد العاصمة الجزائري بنتيجة 1-0 في مباراة أقيمت في السعودية.

2. الانسحاب من كأس مصر 2023-2024

تلقت جماهير الأهلي صدمة كبيرة بالانسحاب المبكر من بطولة كأس مصر قبل مواجهة فاركو في دور الـ16 من البطولة.

3. خسارة السوبر الإفريقي 2024 أمام الزمالك

خسر الأهلي لقب السوبر الإفريقي في فبراير 2024 أمام غريمه التقليدي الزمالك.

4. السقوط المدوي أمام صن داونز في دوري أبطال إفريقيا 2023

من أكبر الإخفاقات في مسيرة كولر كانت الهزيمة الثقيلة أمام صن داونز الجنوب إفريقي بنتيجة 5-2 في دور المجموعات لدوري أبطال إفريقيا.

5. أزمة كأس العالم للأندية 2024 والخسارة أمام باتشوكا

وكانت في نصف نهائي كأس العالم للأندية 2024، عندما خسر الأهلي أمام باتشوكا المكسيكي بركلات الترجيح.


 

مقالات مشابهة

  • أسباب زوال بريق كولر مع الأهلي الفترة الأخيرة
  • «الغرف السياحية»: آخر موعد للاعتذار عن عدم السفر إلى الحج اليوم
  • تحفة بريق عمان تسعى لدخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية
  • القادري لـ سانا: ندعو جميع الكوادر التعليمية إلى وضع أنفسهم تحت تصرف مديرياتهم الأصلية التي هم على ملاكها، كما يمكن للراغبين بالنقل تقديم طلباتهم عند فتح باب النقل قريباً، بما يضمن تنظيماً قانونياً وإحصائيات دقيقة
  • «التعليم» تحقق في مزاعم تداول ورقة امتحانات الشهادة الإعدادية 2025
  • اليوم.. محاكمة المطربين مسلم ونور التوت بتهمة سرقة لحن أغنية
  • اليوم.. المطرب مسلم ونور التوت أمام المحكمة الإقتصادية في لحن مسروق
  • اليوم.. مسلم ونور التوت أمام المحكمة بسبب لحن أغنية مسروق
  • اليوم.. محاكمة مسلم ونور التوت بسرقة لحن أغنية أول حياتي ياما
  • «التعليم» تعلن فتح باب التقديم على وظيفة رئيس البعثة التعليمية بجنوب السودان