الميكروبات قد تقلل الحاجة للأسمدة الكيميائية وتحد من الانبعاثات الكربونية
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
يمثل إنتاج الأسمدة الكيميائية نحو 1.5% من انبعاثات الغازات الدفيئة في العالم. ويأمل الكيميائيون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا المساعدة في تقليل البصمة الكربونية عن طريق استبدال بعض الأسمدة الكيميائية ليحل محلها مصادر أكثر استدامة.
والبصمة الكربونية هي إجمالي الغازات الدفيئة الناتجة عن الانبعاثات، وقياسها يكون من أجل الحد من الآثار السلبية للانبعاثات الكربونية.
من المعروف أن البكتيريا هي المسؤولة عن عملية تثبيت النيتروجين في التربة، وذلك عن طريق قيامها بتحويل النيتروجين في الغلاف الجوي إلى مركبات النيتروجين (مثل الأمونيا) التي يمكن الاستفادة منها من قبل النباتات في حمايتها من الآفات، بالإضافة إلى توفيرها العناصر الغذائية التي تحتاجها النباتات، والعمل على تجديد التربة.
وتعرف البكتيريا بأنها مخلوقات ذاتية التغذية تستمد طاقتها عن طريق صنع طعامها من خلال عملية الأكسدة بدلاً من التغذية على النباتات أو المخلوقات الحية.
ومع كل ذلك، فإن البكتيريا حساسة للحرارة والرطوبة، لذلك من الصعب توسيع نطاق تصنيعها وشحنها إلى المزارع، وهو ما دفع بالمهندسين الكيميائيين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى ابتكار طبقة معدنية عضوية (metal-organic) تحمي الخلايا البكتيرية من التلف دون إعاقة نموها أو وظيفتها.
وكان الباحثون توصلوا في هذه الدراسة إلى أن البكتيريا المغلّفة حسّنت معدل إنبات مجموعة متنوعة من البذور، بما في ذلك الخضراوات مثل الذرة والبوك تشوي.
وبحسب البيان الصادر من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، تُصنع الأسمدة الكيميائية باستخدام عملية كثيفة الاستهلاك للطاقة تُعرف باسم هابر بوش (Haber-Bosch)، والتي تستخدم ضغوطا عالية للغاية لدمج النيتروجين من الهواء مع الهيدروجين لصنع الأمونيا.
وبالإضافة إلى البصمة الكربونية الكبيرة لهذه العملية، هناك عيب آخر للأسمدة الكيميائية، وهو أن الاستخدام طويل المدى يؤدي في النهاية إلى استنفاد العناصر الغذائية الموجودة في التربة.
وللمساعدة في استعادة التربة، لجأ بعض المزارعين إلى "الزراعة المتجددة" التي تستخدم مجموعة متنوعة من الإستراتيجيات، بما في ذلك تناوب المحاصيل والسماد، للحفاظ على صحة التربة، ويمكن للبكتيريا المثبِّتة للنيتروجين -والتي تحول غاز النيتروجين إلى الأمونيا- أن تساعد في هذا النهج.
وعن الغلاف العضوي المعدني الذي طوره الباحثون لحماية البكتيريا، تقول أرييل فورست أستاذ مساعد التطوير المهني في الهندسة الكيميائية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والمعدة الرئيسية للدراسة: "هذا الطلاء يمكن أن يسهل على المزارعين استخدام الميكروبات كأسمدة، وكذا حمايتها من الجفاف، مما يسمح لنا بتوزيعها بسهولة أكبر وبكلفة أقل لأنها عبارة عن مسحوق مجفف وليس سائلا، كما يمكن للغلاف العضوي المعدني تحمل حرارة تصل إلى 132 درجة فهرنهايت، مما يعني أنك لن تضطر إلى تخزين المايكوبات في ثلاجات".
ولحماية الميكروبات من الحرارة والتجفيف بالتجميد، قرر الباحثون إضافة طبقة أخرى تسمى شبكة الفينول المعدني (metal-phenol network) المعروف اختصارا بـ"إم بي إن" (MPN) والذي طُور سابقا لتغليف الميكروبات لاستخدامات أخرى، مثل حماية البكتيريا العلاجية التي يتم توصيلها إلى الجهاز الهضمي.
بحسب البيان الصحفي الصادر من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، فإن الغلاف المعدني الذي طُور لحماية الميكروبات من الحرارة هو عبارة عن طلاء يحتوي على معدن ومركب عضوي يسمى البوليفينول (polyphenol) يمكن أن يتجمعا ذاتيا في غلاف واق لخلايا البكتيريا.
أما المعادن المستخدمة في الطلاء، بما في ذلك الحديد والمنغنيز والألمنيوم والزنك، فهي تعمل كمضافات غذائية، بينما تشتمل البوليفينول -والتي توجد غالبا في النباتات- على جزيئات مثل مضادات الأكسدة، والتي تصنفها إدارة الغذاء والدواء على أنها آمنة بشكل عام.
تقول فورست: "نحن نستخدم هذه المركبات الطبيعية ذات الجودة الغذائية والتي من المعروف أن لها فوائد في تشكيل الدروع الصغيرة التي تحمي الميكروبات".
وفي هذه الدراسة، أنشأ الباحثون 12 نوعا من الطلاء، ووجدوا أن جميع الطلاءات تحمي البكتيريا من درجات حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية (122 درجة فهرنهايت)، وكذلك من الرطوبة النسبية حتى 48%. كما أبقت الطلاءات الميكروبات على قيد الحياة أثناء عملية التجفيف بالتجميد.
ومن ناحية أخرى وضمن فوائد الغلاف العضوي المعدني الجديد في تحسين الإنتاج الزراعي، اختبر الباحثون قدرة الغلاف الجديد على مساعدة البذور على الإنبات في طبق المختبر، وسخنوا الميكروبات المغلفة إلى 50 درجة مئوية قبل وضعها في الطبق، وقارنوها بالميكروبات الطازجة غير المغلفة والميكروبات غير المغلفة المجففة بالتجميد.
ووجد الباحثون أن الميكروبات المغلفة حسّنت معدل إنبات البذور بنسبة 150%، مقارنة بالبذور المعالجة بميكروبات طازجة غير مغلفة. وكانت هذه النتيجة متسقة عبر عدة أنواع مختلفة من البذور، بما في ذلك الشبت والذرة والفجل والبوك تشوي.
——————————————
مصادر:
البيان الصادر من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا Microbes could help reduce the need for chemical fertilizers https://news.mit.edu/2023/microbes-could-reduce-need-for-chemical-fertilizers-1115 الدراسة المنشورة في دورية الجمعية الكيميائية الأميركية. Self-Assembled Nanocoatings Protect Microbial Fertilizers for Climate-Resilient Agriculture https://pubs.acs.org/doi/10.1021/jacsau.3c00426المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: معهد ماساتشوستس للتکنولوجیا النیتروجین فی بما فی ذلک
إقرأ أيضاً:
اكتشاف مركب في الزنجبيل كفيل بتقليل التهابات الأمعاء المزمنة
الكثير من الناس يشتكون من الالتهابات المزمنة في الأمعاء.. ومن أجل ذلك عمل فريق دولي من الباحثين، بقيادة جامعة تورنتو الكندية، على البحث عن علاج، وتوصلوا إلى مركب طبيعي مستخلص من الزنجبيل يظهر قدرة واعدة في علاج هذه الالتهابات.
وأوضح الباحثون أن هذا المركب يساعد على تقليل الالتهابات في الأمعاء من خلال كبح إنتاج البروتينات المحفزة للالتهاب.. ولمعرفة نتائج الدراسة، أجرى الباحثون تحليلًا للمركبات النشطة في الزنجبيل وتأثيرها المحتمل على التهاب الأمعاء المزمن، من خلال سلسلة من التجارب المخبرية والنماذج الحيوانية.
وبدأ الفريق البحثي بتحليل المكونات الكيميائية للزنجبيل لتحديد المركبات التي يمكن أن تتفاعل مع المستقبلات المرتبطة بالتهاب الأمعاء، ومن خلال تقنيات تحليل متقدمة تمكنوا من التعرف على مركب فورانوديينون الذي أظهر تفاعلًا قويًا مع مستقبل يلعب دورًا رئيسيًا في تنظيم الاستجابات الالتهابية داخل الجسم.
وبعد تأكيد تأثير هذا المركب على المستوى الجزيئي، اختبره الباحثون في نماذج حيوانية مصابة بالتهاب الأمعاء المزمن، وتم تقسيم النماذج الحيوانية إلى مجموعتين، تلقت الأولى علاجًا بالمركب المستخلص من الزنجبيل، بينما لم تتلق المجموعة الثانية أي علاج، وبعد فترة العلاج تم تحليل عينات الأنسجة من القولون، ومقارنة مستويات الالتهاب، وإجراء فحوصات جينية لدراسة تعبير الجينات المرتبطة بالاستجابة الالتهابية.
ولمعرفة ما إذا كان المركب يسهم في إصلاح الأمعاء، قام الفريق بتحليل إنتاج البروتينات المسؤولة عن تقوية بطانة الأمعاء ومنع تسرب المواد الضارة، وأظهرت النتائج أن المركب عزز إنتاج هذه البروتينات، مما أدى إلى تحسين وظيفة الحاجز المعوي وتقليل تلف الأنسجة الناجم عن الالتهاب، كما بينت النتائج أن تأثير المركب المضاد للالتهاب يقتصر على القولون، ما يقلل من مخاطر التأثيرات الجانبية على الأعضاء الأخرى.
ووفقًا للباحثين، تبرز الدراسة إمكانات مركب فورانوديينون بوصفه علاجًا طبيعيًا مشتقًا من الزنجبيل، يمكن أن يكون بديلًا فعالًا للعلاجات الحالية لالتهاب الأمعاء المزمن، التي غالبًا ما تكون لها آثار جانبية، مثل ضعف جهاز المناعة والتأثير على وظائف الكبد.
وأشار الباحثون إلى أن هذه النتائج تفتح المجال أمام مزيد من الأبحاث والتجارب السريرية لتطوير علاجات جديدة أكثر أمانًا وفعالية، تعتمد على المركبات الطبيعية لمكافحة الأمراض المزمنة مثل التهاب الأمعاء، مقارنة بالعلاجات التقليدية المتاحة حاليًا.
التهاب الأمعاء المزمن من الأمراض التي تبدأ أعراضها في سن مبكرة، حيث يتم تشخيص نحو 25% من المرضى قبل سن العشرين، ويعاني المصابون به من أعراض مزمنة، مثل آلام البطن والإسهال، إلى جانب تأثيرات نفسية نظرًا لعدم توفر علاج نهائي للمرض حتى الآن.
جريدة الرياض
إنضم لقناة النيلين على واتساب