يكتسب الأطفال العديد من المهارات خلال سنواتهم الأولى، ويحرص الوالدان على تقديم المساعدة لهم من خلال القدرة على فهم وإدارة مشاعرهم لتعزيز الذكاء العاطفي لديهم وتنميته بطرق مختلفة وفعالة، مما ينتج عنه التواصل الفعال مع البيئة المحيطة وتطوير العلاقات الاجتماعية.

تقول فاطمة بنت محمد القيوضية: يعد تنمية الذكاء العاطفي لدى الأطفال منذ الصغر من أحد الجوانب المهمة في حياتهم، لما لها من أهمية في مساعدتهم على إدارة العواطف مع التحكم فيها وموازنتها بشكل صحيح وتحقيق النجاح في الكثير من المجالات، موضحة أن النمو الاجتماعي والعاطفي للأطفال يمر بمراحل متعددة ليصبح متكاملا في السنوات اللاحقة، مع ضرورة العمل على تطوير العلاقات الصحية بين الطفل والبيئة المحيطة من أجل مساعدته على تنمية ذكائهم العاطفي، كما يحتاج الآباء إلى تنظيم العواطف بشكل مباشر وجيّد كوضع بعض آليات التكيف الواقعية التي يمكن للأطفال تقليدها بشكل إيجابي وفعال، حيث ينجذب الأطفال إلى تقليد آليات التكيف التي يتبعها أحد الوالدين، مثل تمارين التنفس العميق أو التواصل المفتوح حول مشاعرهم المختلفة أو الحوار المنطقي بين أفراد الأسرة.

وتضيف مروة بنت أحمد المزروعية: من الطرق الفعالة في تنمية الذكاء العاطفي هي محاولة خلق أجواء مريحة للأطفال حيث يمكنهم التنفيس بسهولة ويسر، وتشجيعهم على التحدث عن مشاعرهم التي يمرون بها والتحقق من صحة تجاربهم خاصة في البيئة المدرسية مع زملائهم، وأكدت على ضرورة تعليمهم أن جميع المشاعر التي تواجههم طبيعية ومقبولة ولا داعي للخجل في الحديث عنها، كما يتيح هذا النوع من التواصل المفتوح إدماج الطفل مجتمعيا وتنميته عاطفيا وخلق التوازن المطلوب، مما يساعدهم في تعمل الكثير من الدروس وسهولة حل المشكلات لاحقا.

وسيلة فعالة

ويشير المنذر الغافري إلى أن قراءة الكتب والقصص التي تركز على العواطف والتعاطف يمكن أن تكون وسيلة فعالة لتعزيز الذكاء العاطفي لدى الأطفال خاصة التي تفعل أساليب نظرية مدعومة بالصور والتي تثير فضولهم حيال التفكير والتمعن، مشيرا إلى أهمية اختيار الكتب المناسبة لعمره والتي تسلط الضوء على الشخصيات التي تتعامل مع مختلف المشاعر والمواقف، والاستماع إلى طريقة فهمه للقصص ومناقشته عن أهم الدروس التي استفاد منها، كما يفضل أن يحكي الطفل القصة حسب طريقة فهمه لها ونقل مشاعر الشخصيات وكيفية التعامل معها، إلى جانب أن تعزيز الذكاء العاطفي يتمثل في الاستماع باهتمام عندما يتحدث طفلك وإظهار فهم لمشاعره، وطرح أسئلة مفتوحة لاستكشاف مشاعرهم بشكل أعمق بدلا من التدخل عندما يتحدثون عن تجاربهم، وطرح الحلول المشتركة في حال عدم فهمهم للمشكلة.

الثقة التامة

وتطرقت رحمة بنت هلال الفارسية إلى أن السنوات الأولى في عمر الأطفال يصبح لديهم صعوبة في القدرة على التفكير بشكل مستقل، لذا من الضروري أن نفكر معهم ليدركوا حقيقة المشاعر التي يواجهونها من أجل مساعدتهم على التفريق بين المشاعر والأفكار والأفعال والمواجهة، مشيرة إلى أهمية توفير الثقة التامة للطفل بحيث يعبر بحرية عن مشاعره وما يقلقه في المنزل والمدرسة، باعتبارها أول المجتمعات التي يندمج فيها، حيث تساعد هذه المهارات في نضج الطفل وتطور ذكائه العاطفي، مما ينتج عنه قدرته على تبني موقف إيجابي من الدروس التي يمر بها، إلى جانب إدارة الصراعات بطريقة إيجابية وسلسة، وإدارة العواطف السلبية بكفاءة وتجنب تأثيرها المدمر في حياتهم، كما يسمح ببناء علاقات أفضل مع المجتمع المحيط، ومحاولة التعلم المستمر في مواقف أخرى.

وقالت ميساء البلوشية أخصائية نفسية: يعد الذكاء العاطفي من الأساسيات التربوية التي يجب على الأبوين الاهتمام بتنميتها عند أطفالهم منذ الصغر، لما لها من أهمية كبيرة في توظيف العديد من المهارات مستقبلا، مشيرة إلى الاستفادة منها على المدى الطويل في حياتهم الشخصية، وسيجعلهم أشخاصا أفضل وتكوين علاقات صحية، وقادرين على التحكم في غضبهم ويحسنون فرز واستخدام عواطفهم الذاتية في جميع المواقف التي يمرون بها.

التفاعل والانخراط

وأضافت: هناك العديد من الطرق الفعالة التي تساعد الآباء في غرس مبادئ الذكاء العاطفي لدى أطفالهم كتعليمهم التفاعل والانخراط في المجتمع ومع أقرانه خاصة في البيئة المدرسية، كأن يتم تسجيله في الأندية الرياضية أو الاشتراك في الأنشطة المختلفة التي تقام في الفعاليات المختلفة، بالإضافة إلى ضرورة منح الطفل مساحة للتعبير عن مشاعره وآراءه بشكل يومي، والانصات لكل ما يقول سواء مواقفه الإيجابية أو السلبية، ومحاولة فهم كل ما يقول لأن حرية التعبير تضمن تنمية الذكاء العاطفي وتقويته.

مشيرة إلى أن تطوير أسس الذكاء العاطفي لدى الأطفال يسهم في قدرتهم على التحكم بانفعالات وردود الأفعال أثناء التعامل مع الآخرين، بالإضافة إلى تمتع الأطفال بشخصية قوية قادرة على اتخاذ قرارات سليمة والتفكير بشكل أفضل، كما يساعده في الحفاظ على صحته العقلية من خلال قدرته على التعبير عن المشاعر السلبية التي يشعر بها كالحزن والغضب والقلق والخجل أولا بأول، وإيجاد الحلول المناسبة للمشكلات التي تواجه.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

انتهاك الطفولة في القدس.. من أحدث الضحايا؟

ما زال 7 قاصرين فلسطينيين من قرية العيساوية بمدينة القدس المحتلة يقبعون في الأسر، بعدما اعتقلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي من منازلهم في وقت السحور، فجر التاسع من مارس/آذار الجاري، لينضموا إلى نحو 60 قاصرا مقدسيا يقضون شهر رمضان في الأسر، في ظل الأحوال المتردية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

أصغر القاصرين الذين اعتقلوا الطفل محمد سامح دعاس (14 عاما)، الذي اعتقل للمرة الثانية خلال شهر، رغم مكوثه قيد الحبس المنزلي، حيث اعتقل المرة الأولى وهو مصاب في الرابع من فبراير/شباط الماضي، واقتيد إلى المستشفى حينها وهو مكبل، ومكث 3 أيام قبل الإفراج عنه وتحويله إلى الحبس المنزلي، واستدعائه للتحقيق عدة مرات.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2شيخ الأزهر يحذر من تصاعد "الإسلاموفوبيا" ويدعو إلى وضع قوانين لوقفهاlist 2 of 2عنصرية وتحريض.. تقرير: عنف إسرائيلي رقمي "خطير" ضد الفلسطينيينend of list

وشرعت كنيست الاحتلال قوانين تتيح اعتقال الأطفال ومحاكمتهم، آخرها التصديق في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على قانون يسمح بفرض عقوبة السجن على أطفال فلسطينيين لم يبلغوا 14 عاما.

قرار بالإفراج عن الطفلة المقدسية تقى غزاوي (12 عامًا) بشرط الحبس المنزلي لمدة شهر، وعدم السكن في منزل عائلتها، ودفع كفالة 3000 شيكل #القدس pic.twitter.com/gnFYzNjv4R

— مؤسسة القدس الدولية (@Qii_Media) March 10, 2025

إعلان خرجت ولم تعد

قبل اعتقال القاصرين السبعة بـ3 أيام، وتحديدا في السادس من مارس/آذار الجاري، خرجت الطفلة المقدسية تقى خليل غزاوي (12 عاما) إلى مدرستها في القدس، لكنها لم تعد، فقد اعتقلتها قوات الاحتلال من طريق عودتها إلى منزلها في حي الثوري ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، بحجة وضعها ورقة على مركبة الشرطة، كتب عليها عبارات "تحريضية".

اعتقل الاحتلال الطفلة تقى، وفتش حقيبتها المدرسية، وعاملها كأنها وضعت قنبلة لا قصاصة ورق على إحدى مركباته، لتصدر شرطته لاحقا بيانا رسميا، تعلن فيه عزمها مواصلة "الضرب بيد من حديد لكل من يدعم أو يمجد الإرهاب"، ونشرت صورا للقصاصة، وغلاف كتاب مدرسي قالت إنه يعود للطفلة، وكتب عليهما آيات قرآنية مثل "نصر من الله وفتح قريب"، وعبارات تمجيدية للمقاومة الفلسطينية، وثناء على أهل غزة مثل "أرادوا لغزة أن تخرج من الجغرافيا فدخلت التاريخ".

وبسبب تلك العبارات، تعرضت الطفلة الصائمة للتحقيق والإهانة ومنع الطعام، ولبثت في الأسر 4 أيام بين سجنيّ المسكوبية وهشارون، واقتحم الاحتلال منزل عائلتها وعاث فيه خرابا كبيرا، واعتقل والدها الأسير المحرر خليل غزاوي لساعات، ثم أفرج عنها في العاشر من مارس/آذار، بشرط الإبعاد عن منزلها ومدرستها 30 يوما، والحبس في منزل جدها، واستدعيت للتحقيق بعدها مرة أخرى.

لم يقطع الاحتلال طريق تقى وحدها، بل تكرر الاعتداء مرات عديدة ماضية كما حدث مع الطفل بسام أبوسبيتان، الذي أصيب برصاصة في ساقه واعتقل أثناء مغادرة مدرسته في قرية الطور، في سبتمبر/أيلول 2021. أما في نوفمبر/تشرين ثاني 2022 فاختطف عناصر من وحدة "المستعربين" الطفل محمد السلايمة أثناء مغادرة مدرسته في حي رأس العمود.

وقبل عام في مارس/آذار 2024، اختطف المستعربون طفلا مقدسيا عمره 10 سنوات، أثناء مغادرة مدرسته في رأس العمود، وذلك بتهمة إلقاء حبة فاكهة (برقوق) على حافلة للمستوطنين.

اعتقل الاحتلال منذ أيام القاصر محمد دعاس برفقة 6 قاصرين آخرين من العيساوية (الجزيرة) الحبس المنزلي

يستهدف الاحتلال الأطفال بقرارات الحبس المنزلي، حيث يجبرهم على التزام منازلهم أو منازل أقربائهم لمدة معلومة أو مفتوحة، ويجبر ذويهم على ملازمتهم وضمان تنفيذ القرار.

إعلان

كما يتم تقييد أقدام الأطفال بأساور إلكترونية تمنح الاحتلال ميزة مراقبة موقع الطفل وحركته، كما حدث مع الطفل علي زماعرة (13 عاما)، الذي يقبع في حبس منزلي مفتوح بقرية الطور، وذلك بعد اعتقاله لمدة 10 أيام، والاعتداء عليه جسديا ونفسيا في نهاية نوفمبر/تشرين ثاني 2024.

ويؤثر الحبس المنزلي -الشائع في القدس- على صحة الأطفال النفسية، وعلى مستواهم الدراسي، حيث يحرمهم من الذهاب إلى مدارسهم ومجاراة أقرانهم.

وعلى ذكر المدارس، حورب أطفال القدس في مدارسهم التي حُظر المنهاج الفلسطيني في معظمها، كما يسعى الاحتلال لإغلاق 6 مدارس تابعة لوكالة "الأونروا" في القدس، والتي يدرس فيها نحو 1600 طالب وطالبة.

ووفق توثيق الجزيرة نت، فإن معظم حالات الاعتقال والاستهداف للأطفال تركزت في سلوان وأحيائها، والعيساوية، والطور، والبلدة القديمة، ومخيم شعفاط.

في فبراير/شباط الماضي حكم الاحتلال على الطفل محمد الزلباني بالسجن 18 عاما (الجزيرة) أحكام عالية

وفي ذات السياق أصدرت محاكم الاحتلال منذ بداية العام الجاري أحكاما عالية بحق قُصّر مقدسيين، أبرزهم الأسير محمد الزلباني (15 عاما) من مخيم شعفاط، والذي حُكم بالسجن 18 عاما، بعد اعتقاله في 13 فبراير/شباط 2023، واتهامه بالتسبب بمقتل أحد جنود الاحتلال قرب حاجز المخيم.

وفي نفس اليوم الذي اعتقل فيه الزلباني، اعتقل الاحتلال جعفر مطور الذي يسكن مخيم شعفاط أيضا، وكان حينها يبلغ من العمر 14 عاما، ليحكم في يناير/كانون الثاني الماضي بالسجن 12 عاما، بتهمة تنفيذ عملية طعن في البلدة القديمة.

كما حظي الطفل أدهم السلايمة بتفاعل إعلامي واسع، حين اضطر في نهاية عام 2024 إلى تسليم نفسه للقضاء الذي حكم عليه بالسجن 12 شهرا، بعد أن قضى 14 شهرا قبلها في الحبس المنزلي ببيته في سلوان، ولم يتجاوز عمره 14 عاما.

إعلان

ويذكر أن صفقة تبادل الأسرى نهاية عام 2023 حررت 55 قاصرا مقدسيا، بينما حررت الثانية مطلع عام 2025 على دفعات 11 قاصرا.

شوه الاحتلال رأس الطفل عبد الرحمن الزغل وتسبب له بآلام نفسية وجسدية (الجزيرة) قتل وتشويه

ولا تقتصر انتهاكات الطفولة في القدس على الاعتقال، وإنما تتعداها إلى القتل، حيث وثقت الجزيرة نت استشهاد 16 طفلا مقدسيا دون سن 18 عاما خلال 2024، أصغرهم الطفلة رقية أبوداهوك (4 أعوام)، بينما ما زالت تحتجز جثامين 9 أطفال منذ عام 2021، أصغرهم الطفلان وديع عليان، وخالد زعانين (14 عاما).

وعدا عن القتل، يستهدف الاحتلال أطفال القدس بالإصابة، كما حدث مؤخرا في السادس من مارس/آذار الجاري، مع الطفلة ميس محمود، التي أصيبت في قدمها برصاصة قناص إسرائيلي، أثناء لهوها مع شقيقتها على سطح منزلهما في قرية العيساوية بالقدس.

وفي رمضان أيضا وبرصاص قناص إسرائيلي، أعدم الطفل رامي الحلحولي (13عاما)، في 12 مارس/آذار 2024، أثناء لهوه بالألعاب النارية قرب منزله في مخيم شعفاط شمال القدس المحتلة.

ومن أصعب الإصابات التي ما زال صاحبها يعاني منها، هي إصابة الطفل عبد الرحمن الزغل (14 عاما)، في أغسطس/آب 2023، حيث أصيب حينها بجراح خطيرة أثناء ذهابه لشراء الخبز قرب بيته في بلدة سلوان، وتسببت الإصابة بتهشم جمجمته وتضرر عينه اليسرى، وعلاوة على ذلك اعتقل وحوّل للحبس المنزلي، حتى حررته المقاومة في صفقة تبادل الأسرى نهاية عام 2023.

من جهته يقول مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال عايد أبو قطيش، للجزيرة نت، إن الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس المحتلة تصاعدت بشكل لافت منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وانتهكت حق الأطفال في الحياة والحرية والتعليم.

كما ذكّر أن الاحتلال صنّف الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في فلسطين والقدس "منظمة إرهابية".

إعلان

مقالات مشابهة

  • الرئيس السيسي يفتتح المرحلة الثانية من تطوير مسجد السيدة نفسية
  • يسبب مضاعفات خطيرة.. اكتشف أعراض مرض الهربس عند الأطفال
  • أحمد نجم يكتب: العادات السيئة عند الأطفال
  • وزير الري: نعمل على تطوير عملية توزيع المياه بشكل أكثر دقة وفاعلية
  • الذكاء الاصطناعي يقيم بدقة النمو الحركي للطفل في أول عامين
  • إدمان الأجهزة لدى الأطفال.. 7 علامات تحذيرية وحلول فعالة
  • هذا ما فعله طاقم مسلسل لام شمسية للحفاظ على نفسية الطفل علي بسبب مشهد التحرش
  • وزير الكهرباء: الرئيس السيسي يتابع بشكل يومي خطة تطوير الشبكة القومية للكهرباء
  • نصائح لصيام صحي وآمن للأطفال
  • انتهاك الطفولة في القدس.. من أحدث الضحايا؟