أزمة السودان.. مسؤولة أمريكية تكشف آلية محاسبة طرفي النزاع
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
نزاع دائر منذ أبريل/نيسان الماضي، يزداد اشتعالا يوما بعد يوم، ويدفع ثمنه المدنيون.. هذا هو حال السودان الذي دفع واشنطن للتحرك.
واشنطن اتخذت قرارا باعتبار ما يتم ارتكابه من “جرائم بحق المدنيين” في السودان من طرفي النزاع، بمثابة «جرائم حرب» وهو ما يستدعي المحاسبة، عبر تعديلات للقوانين وبعثة تقصي حقائق ومراكز رصد وغيرها.
وفي هذا الإطار، وجهت «العين الإخبارية» لسفيرة وزارة الخارجية الأمريكية المتجولة للعدالة الجنائية العالمية، بيث فان شاك، عددا من الأسئلة حول تفاصيل الاتهام وطرق رصد تلك الجرائم وطريقة المحاسبة المفترضة.
وقالت بيث فان شاك، في تصريحات لـ”العين الإخبارية”: “إن الوضع في السودان رهيب حقًا، حيث تحمل المدنيون السودانيون منذ أبريل/نيسان، وطأة الصراع غير الضروري وغير المعقول بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع”.
وأضافت المسؤولة الأمريكية أنه “حتى الآن قُتل ما لا يقل عن 10 آلاف شخص، ونزح أكثر من 6.8 مليون شخص من منازلهم في السودان، ولا يزال بعضهم بالداخل، فيما البعض الآخر أصبحوا لاجئين عبر الحدود الدولية”.
وتابعت فان شاك: “واشنطن اتخذت قرارا باعتبار ما يتم ارتكابه في السودان، بمثابة جرائم حرب، ليكون شاهدا على الانتهاكات التي يعاني منها الشعب السوداني على أيدي القوات التي من المفترض أن تحميه ويسلط الضوء عليها”.
وأشارت إلى أنه “من المنتظر أن يعمل القرار على حشد المجتمع الدولي في إنهاء العنف ومعالجة الأزمة الإنسانية وتعزيز العدالة للناجين والضحايا”.
وكشفت عن “مواصلة الحكومة الأمريكية متمثلة في وزارة الخارجية، في تتبع وتوثيق نطاق واتساع الجرائم التي يرتكبها المتحاربون”، قائلة: “نحن نشاهدهم ونراقبهم”.
آلية الرصد ووقائع الجرائم
وحول طرق رصد جرائم الحرب في السودان، أكدت المسؤولة الأمريكية لـ”العين الإخبارية” أنها تتم عبر “مصادر استخباراتية داخلية خاصة بنا، فضلا عن منظمات حقوق الإنسان ذات المصداقية، بما في ذلك المنظمات الكبيرة متعددة الجنسيات مثل منظمة رصد حقوق الإنسان في العالم، وبالإضافة إلى جهود التوثيق التي يقودها السودانيون أنفسهم”.
وأضافت: “لدينا كذلك مرصد خاص للصراعات قادر على إجراء تحليلات متطورة للغاية ومفتوحة المصدر، وتنقية مواقع التواصل الاجتماعي وتجميع تلك البيانات ومن ثم إخضاعها لتحليلات البيانات الضخمة من أجل عرض وتحديد أنماط الجرائم والعنف”.
وبشأن الوقائع المحددة، قالت فان شاك، إن “جرائم الحرب التي تم رصدها تشمل الانتهاكات أثناء الاحتجاز، وإساءة معاملة الأفراد المحتجزين لدى طرفي النزاع، كما تم رصد هجمات عرقية واسعة على القرى والمدنيين في منطقة دارفور”.
وأشارت إلى أن “جرائم الحرب بموجب القانون الدولي يتم تعريفها بمجموعة من أعمال العنف المختلفة المرتكبة ضد السكان المدنيين على نطاق واسع أو بشكل منهجي”، ومنها هجوم لقوات الدعم السريع والمتحالفين معها، بحسب قولها.
تعديل الولاية القضائية
وحول طريق المحاسبة، قالت المسؤولة الأمريكية إنه إذا تمكنت المحاكم الأمريكية من تأكيد ولايتها القضائية على مرتكبي الجرائم السودانيين، فسنكون قادرين على محاكمة جرائم الحرب هنا في الولايات المتحدة.
وتابعت: “هذه مجرد عينة من الفرص المحتملة لتحقيق العدالة فيما يتعلق بالأفعال التي نراها والتي عززت تصميمنا على رصد الفظائع”.
وأشارت إلى أن المحكمة الجنائية الدولية لها ولاية قضائية على الأحداث في دارفور، وقد نشأ ذلك عن إحالة مجلس الأمن للوضع في ذلك الوقت إلى المحكمة في عام 2005.
واستطردت: “الآن، في كثير من النواحي، يرتبط العنف اليوم بالعنف السابق، وقد أعلن المدعي العام مؤخرًا أنه بدأ تحقيقًا مركّزًا على الأحداث الجارية فيما يتعلق بتلك الإحالة الأصلية”.
وأضافت فان شاك أن “المحكمة الجنائية الدولية، من الناحية الفنية، لا تتمتع إلا بالولاية القضائية على الوضع في دارفور، وكان هذا أساس الإحالة الأصلية، داعية مؤسسات العدالة الأخرى التركيز على الانتهاكات التي تحدث في الخرطوم وفي أجزاء أخرى من البلاد”.
بعثة تقصي حقائق
ونبهت إلى أن “بعثة تقصي الحقائق الجديدة سيكون دورها في غاية الأهمية، لأنها لن تقتصر على جميع معلومات حول قاعدة الجريمة، وما الذي يحدث على الأرض، ومن يتعرض للأذى، ولكن أيضًا سيكون لديها تفويض بمراقبة قاعدة الجريمة، والنظر في من هو الأكثر مسؤولية. لتحديد هوية الجناة”.
ولفتت إلى أن “هذه المعلومات ستكون متاحة بعد ذلك للمدعين العامين والمحققين في جميع أنحاء العالم الذين قد يكونون قادرين على ممارسة الولاية القضائية على الأحداث في السودان في المحاكم المحلية”.
وكشفت المسؤولة رفيعة المستوى بالخارجية الأمريكية، عن “إجراء تعديلات على قانون جرائم الحرب في الولايات المتحدة في نهاية العام الماضي، من أجل السماح للمحاكم الأمريكية بممارسة الولاية القضائية على جرائم الحرب عندما ترتكب في وضع مثل دارفور، بغض النظر عن جنسية مرتكب الجريمة، أو جنسية الضحية أو مكان ارتكاب الجريمة”.
وشددت على أنه “إذا تمكنت المحاكم الأمريكية من تأكيد ولايتها القضائية على مرتكبي الجرائم السودانيين، فسنكون قادرين على محاكمة جرائم الحرب هنا في الولايات المتحدة”.
مرصد جديد للصراع
وكشفت السفيرة فان شاك عن تمويل مرصد جديد للصراع في السودان ومقره في جامعة ييل بالولايات المتحدة، حيث يتم نشر تقاريرهم للعامة.
وقالت: “ستواصل الولايات المتحدة أيضًا دعم جهود التوثيق التي يقودها السودانيون، لا سيما تلك التي تتمحور حول الناجين والتي تتناول الصدمات”.
وأشارت المسؤولة الأمريكية إلى أن “الولايات المتحدة تعد أكبر جهة مانحة منفردة للمساعدات الإنسانية لشعب السودان، حيث قدمت ما يقرب من 895 مليون دولار من إجمالي المساعدات الإنسانية في السنة المالية 2023 من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ومن خلال مكتب السكان واللاجئين والهجرة التابع لوزارة الخارجية، ومصادر أخرى”.
وبينت أن “هذا التمويل يعمل على توفير المساعدة الغذائية الطارئة، وخدمات الحماية، والرعاية الصحية، والدعم الغذائي، والمأوى، والمياه، والصرف الصحي، وخدمات النظافة، وأشكال أخرى من الإغاثة لملايين الأشخاص في السودان ولأولئك الذين فروا الآن إلى البلدان المجاورة”.
العين الاخبارية
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الولایات المتحدة القضائیة على جرائم الحرب فی السودان إلى أن
إقرأ أيضاً:
منظمة حقوقية: 2024 عام مميت في السودان وسط غياب تام للردع الدولي
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن عام 2024 كان عامًا مميتًا على كافة الأصعدة بالنسبة للسودانيين، بما تخلله من تصاعد خطير للجرائم والانتهاكات ضد المدنيين في المناطق التي تشهد نزاعات مسلّحة في السّودان، وما رافقه من تفاقم للأوضاع الإنسانيّة فيها نتيجة الحرب المستمرّة منذ 19 شهرًا، في ظل انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي.
وأضاف المرصد الأورومتوسطي أن مناطق النّزاع في السّودان، لا سيّما دارفور وكردفان، تشهد منذ أشهر انتهاكات جسيمة للقانون الدّولي الإنساني والقانون الدّولي لحقوق الإنسان، بحيث يتعرّض المدنيون فيها للقتل العمد، والتهجير القسري والتّجويع، ويرتكب المقاتلون بحقّهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانيّة وسط صمت دولي، وهو ما ساهم على مدار السنوات الماضية في استمرار هذه الانتهاكات وتفاقم الأزمة الإنسانية، وضاعف من معاناة ملايين المدنيين في السودان.
وأشار الأورومتوسطي إلى أنّ التّقديرات تبيّن أنّ عدد الأشخاص الذين قتلوا في السّودان نتيجة الصراع الداخلي، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، يقدّر بـأكثر من 130 ألف شخص، ما يجعل هذا النّزاع من أكثر الصّراعات الدّمويّة في العالم في العصر الحديث.
وأشار إلى أنه ـ بالإضافة إلى القتل العمد للمدنيين ـ تشهد مناطق النزاع في السودان جرائم تجويع مروعة بحق نحو 25 مليون مدني، بمن فيهم النساء والأطفال، حيث يواجه 97% من السّودانيين مستويات خطيرة من الجّوع، وهو ما يُعدّ رقمًا غير مسبوق في التاريخ الحديث، مشددًا على أن استخدام التّجويع كسلاح يشكّل جريمة دوليّة كاملة الأركان تستوجب المحاسبة والمساءلة على المستوى الدولي.
وأبرز الأورومتوسطي أن تعمد عرقلة وصول المساعدات الإنسانية يشكل وسيلة منهجية لفرض الجوع على المدنيين في السودان، حيث يعاني هؤلاء من صعوبة بالغة في الوصول إلى المساعدات الإنسانية والحصول عليها، مما يزيد من تفاقم معاناتهم، فيما وُثقت انتهاكات جسيمة بحق العاملين في المجال الإنساني، تشمل القتل والاختطاف والترهيب، بهدف تعطيل عملهم ومنع وصول الإغاثات إلى المدنيين، وهو ما يشكل انتهاكًا خطيرًا للقواعد الدولية الملزمة المتعلقة بحماية العاملين في المجال الإنساني والإغاثي.
وشدد الأورومتوسطي على أن هذه الانتهاكات، بما في ذلك القتل العمد والتجويع والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب والمعاملة والأفعال اللاإنسانية تشكّل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانيّة.
ويواجه السّكان في السّودان كذلك التّهجير القسري بشكل متكرر، حيث يُجبرون على مغادرة مناطقهم تحت تهديدات بالقتل والاختطاف. كما يتعرّض المدنيّون، ومن بينهم نساء وفتيات، إلى الاعتقال التّعسّفي دون أسس قانونيّة، في وقت أشارت مصادر أمميّة إلى أكثر من 1,140 حالة اعتقال تعسّفي ضد مدنيين حتّى منتصف العام الجاري، من بينهم ما لا يقل عن 162 امرأة و87 طفل.
وقال الأورومتوسطي إنه، رغم ما يعانيه المدنيون في السودان من وضع مروع، فإن وضع النساء والأطفال، وبخاصة الفتيات، يعد الأكثر خطورة وهشاشة، لافتًا في هذا السّياق إلى أن النّساء والفتيات في السّودان يتعرّضن للاغتصاب والعنف الجنسي، وحتّى الاستعباد الجنسي، وهو ما يعدّ انتهاكًا جسيمًا للقانون الدّولي الإنساني ويشكّل جرائم حرب، وكذلك جرائم ضد الإنسانيّة كونها ترتكب ضمن الهجوم واسع النطاق ضد المدنيين في السودان.
ودعا الأورومتوسطي الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف العمليات العدائية في السودان من قبل جميع أطراف النزاع ومنع ارتكاب المزيد من الجرائم وحماية المدنيين، بما في ذلك نشر قوات حفظ السلام لتوفير الحماية الفعّالة وضمان الاستقرار في البلاد. كما دعا مجلس الأمن إلى توسيع اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ليشمل كافة أراضي السودان لضمان تحقيق العدالة والمحاسبة عن كافة الانتهاكات المرتكبة. فضلًا عن تعزيز عمل البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان ودعمها في جمع الأدلة وتوثيق الانتهاكات، مما يساهم في تمهيد الطريق نحو محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات، وتحقيق العدالة للضحايا.
ودعا المرصد الأورومتوسطي الدول إلى فرض حظر شامل على الأسلحة ضد أي من أطراف النزاع بشكل فوري، والامتناع عن تقديم أي دعم إلى هذه الأطراف، بما في ذلك الدعم الاستخباراتي والمالي واللوجستي.
كما طالب المجتمع الدولي بالعمل على ضمان إدخال المساعدات الإنسانية وتوزيعها على نحو فوري وفعال، لضمان تلبية احتياجات المدنيين المتضررين وتخفيف معاناتهم، وإعادة المهجرين والنازحين قسرًا إلى مناطق سكناهم دون تأخير، والعمل على تقديم كافة أشكال الدعم للضحايا، وبخاصة ضحايا الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي. بالإضافة إلى العمل بكل الوسائل لضمان مساءلة ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم أمام المحاكم الدولية والوطنية، وإنصاف الضحايا وتعويضهم.
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش و"الدعم السريع" حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.
إقرأ أيضا: الجيش السوداني يستعيد "سنجة".. البرهان يتعهد بتحرير المزيد (شاهد)