الملكة رانيا العبدالله تنشر مقالا: في أرض ميلاد المسيح ألغيت احتفالات العيد المجيد
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
عادة تنبض بيت لحم بالحياة في عيد الميلاد. لكن ليس هذا العام. في الأراضي المقدسة، أُلغِيَت الاحتفالات؛ فلا مواكب ولا أسواق ولا إضاءة لأشجار عيد الميلاد في الساحات العامة. وفي بلدي الأردن، حيث تعمد السيد المسيح عليه السلام، اختار مجتمعنا المسيحي أن يفعل الشيء ذاته.
في الضفة الغربية المحتلة، إحدى كنائس بيت لحم عدلت مشهد المغارة، فوضعت تمثال الطفل يسوع بين أنقاض مبنى تعرض للقصف.
أشاهد مقطعاً لأب من غزة يلامس وجه ابنته، ويطلب من شخص أن يتأمل جمالها. قد تحسبها نائمة، لولا كفنها الأبيض.
أتنقل من مقطع لآخر، وأرى مشهداً لصبي يُكافح وسط الأمطار في طرقات غمرتها المياه، وهو يحمل جثة طفل أصغر منه، رافضاً أن يتركه خلفه. أم تحتضن جثة ابنتها وتقول لها: "حطي قلبك على قلبي يمه". تبكي عندما يحاول آخرون أخذها، فهي غير مستعدة لتركها بعد.
علينا أن نرى في وجوه هؤلاء الأطفال وجوه أطفالنا. كل مقطع من تلك المقاطع هو بمثابة نداء يائس للعالم للاعتراف بإنسانيتهم وآلامهم.
لم يفقد أهل غزة الأمل في إنسانية الآخرين - رغم فشل الكثيرين في رؤية إنسانيتهم.
منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) والغالبية العظمى من الضحايا في إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة هم من المدنيين. سواء قُتلوا أو اختطفوا أو اعتقلوا ظلماً، كل واحد منهم يترك فراغاً لا يمكن ملؤه. ولا يوجد اختلاف بين الألم الذي تشعر به الأمهات الفلسطينيات والإسرائيليات نتيجة خسارة طفل.
ومع كل يوم يمضي دون وقف إطلاق النار، تتعاظم الخسائر بشكل مأساوي.
في غضون ما يزيد قليلاً عن شهرين، قلبت إسرائيل غزة إلى جحيم. حوالي 20 ألف قتيل. ما لا يقل عن ثمانية آلاف منهم أطفال - وهو عدد يفوق حصيلة قتلى بيرل هاربر، وهجمات 11 أيلول (سبتمبر)، وإعصار كاترينا مجتمعة.
لقد نزح نحو مليوني شخص من أصل 2.2 مليون في غزة – أغلبية سكانها أصبحوا لاجئين. أكثر من خمسين ألف جريح، في حين ثمانية مستشفيات فقط من أصل 36 مستشفى تقدم الخدمة.
وفوق كل ذلك، هنالك الجوع. ما يقرب من نصف سكان غزة يتضورون جوعاً، فخلال أكثر من شهرين، سُمِح بدخول مساعدات تكفي حاجتهم لأقل من أسبوع. كيف يمكن اعتبار تجويع شعب شكلاً مشروعاً من أشكال الدفاع عن النفس؟
تصف منظمات دولية غزة الآن بأنها مقبرة للأطفال، وكم هو مؤلم أن يُطلق على أرض مقدسة وصفاً كذلك.
أصبح الوضع كابوساً إنسانياً جلياً. ومع كل يومٍ يمضي، يتراجع مقياس ما هو مقبول إلى مستويات متدنية جديدة، مسجلة سابقة مرعبة لهذه الحرب وغيرها.
بغض النظر عن الطرف الذي تدعمه، لا يزال بإمكانك المطالبة بوقف إطلاق النار، والإفراج عن الرهائن والمعتقلين، والوصول غير المقيد للمساعدات.
البعض سيستخف بهذا النداء باعتباره مدفوع بالعاطفة، مُصرين على أن وقف إطلاق نار فوري ليس استراتيجياً ولا مستداماً. إنها إدانة لعصرنا هذا حينما تُرفض مطالبات العودة إلى العقلانية بحجة أنها مجرد دعوات عاطفية. كما نسمع الكثيرين يتحدثون عن سلام ما بعد الحرب وكأن ذلك يعفيهم من مسؤولية التحرك الآن.
وقف إطلاق النار مجرد البداية. ويتعين علينا أن نباشر بالعملية الصعبة المتمثلة في إعادة الإنسانية - الاعتراف بإنسانية الآخرين والعمل على أساس الترابط العالمي.
أنا أمٌ، وينفطر قلبي على الآباء والأمهات في غزة الذين يبذلون كل ما في وسعهم لإبقاء أطفالهم على قيد الحياة - ومن ثم يفقدونهم. نشترك جميعاً كأمهات وآباء في ذات الدافع لحماية أطفالنا من كل سوء. بغض النظر عمن نكون أو من أين أتينا، فإن رعاية وحماية من نحب هي إحدى الغرائز التي يجب علينا تقديرها- ليس لذاتنا فقط، ولكن للغريب أيضاً، وحتى الخصم، فاحترامها بشكل انتقائي، ينتقص من إنسانيتنا.
هناك مقطع آخر لن أنساه أبداً، لأم تودع أطفالها. قضوا بقصف جوي أثناء نومهم بعد أن ذهبوا إلى الفراش ببطون خاوية.
حزن أمهم لا يُحتمل؛ شعورها بالذنب لموتهم جياع كسرني. خاطبت أحد أبنائها: "معلش يبني يا حبيبي أنت عند الرحمن في الفردوس الأعلى"، وتشرح قائلة: "سميته أيوب والله سميته أيوب علشان قصة سيدنا أيوب الصبر، الصبر، الصبر"، ثم قالت باكية: "وأنا يمه صابرة".
في التوراة، والإنجيل والقرآن، يفقد النبي أيوب عليه السلام ممتلكاته وأولاده وصحته، ومع ذلك يظل ثابتاً على إيمانه. لقد تكرّم صبره عند اليهود والمسيحيين والمسلمين، والذين - في مراحل مختلفة من التاريخ - تشاركوا الأرض المقدسة بسلام. قصته هي قصة ألم، ولكنها أيضاً قصة أمل.
هذه الحرب يجب أن تنتهي. واليوم، يتلخص الأمر في سؤال واحد يتعين على كل واحد منا الإجابة عليه: إذا كان بوسعك أن تمنع موت مئات أو آلاف الأطفال الآخرين، فهل ستفعل ذلك؟
لذلك، فإن المطالبة بوقف إطلاق النار هو أقل ما يمكنك القيام به. ويجب علينا جميعاً أن نفعل ذلك معاً.
المصدر: رؤيا الأخباري
كلمات دلالية: الملكة رانيا العبدالله إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
حزب الله.. الصبر حتى الانتخابات
تشكل الانتخابات البلدية والنيابية المقبلة محطة أساسية في إعادة رسم التوازنات السياسية في البلاد، بعدما شهدت الفترة الأخيرة تحولات كبيرة أضعفت موقع "حزب الله" وأتاحت لخصومه تحقيق مكاسب استراتيجية. فمنذ الحرب الإسرائيلية الأخيرة، واجه الحزب اندفاعة سياسية قوية ضده، تُرجمت بوصول قائد الجيش السابق جوزيف عون إلى سدة الرئاسة، رغم معارضته الشديدة لهذا الخيار، كما أفضت إلى تشكيل حكومة برئاسة نواف سلام، في مؤشر واضح على تبدّل موازين القوى الداخلية. لكن رغم نجاحه في فرملة هذه الاندفاعة، فإن الواقع السياسي لا يزال في غير مصلحته، حيث يواجه بيئة داخلية معادية إلى حد كبير، ولا تتوافر فيها أي عناصر توازن فعلي.
في هذا السياق، تبرز الانتخابات المقبلة كفرصة أساسية لاستعادة جزء من التوازن المفقود. فمن خلال الفوز في هذه الاستحقاقات، سيتمكن الحزب أولاً من تكريس شرعيته الشعبية داخل بيئته المباشرة، الأمر الذي يبدد أوهام بعض القوى حول إمكانية عزله أو تهميش دوره في الحكومة والإدارة العامة. فطالما يحظى الحزب بالتأييد الشعبي الكاسح ضمن ساحته، فلن يكون من الممكن تجاوزه أو منعه من فرض رؤيته في عملية تشكيل السلطة وتوزيع المناصب.
ثانياً، لن تقتصر مكاسب الانتخابات على تعزيز موقع الحزب داخل بيئته التقليدية، بل ستمتد إلى توسيع كتلته النيابية عبر الفوز بمقاعد غير شيعية كان يمنحها سابقاً لحلفائه. هذا التحول من شأنه أن يمنحه قدرة تفاوضية أكبر في البرلمان، ويتيح له التأثير المباشر في القرارات المفصلية، من دون الحاجة إلى الاعتماد على أطراف أخرى قد تكون خاضعة لتقلبات سياسية أو ضغوط خارجية.
ثالثاً، ستؤدي هذه المكاسب إلى الحدّ من الزخم الأميركي المعادي له، على الأقل بالمستوى الحالي. فمن خلال تأكيد حضوره القوي في المعادلة الداخلية، سيصبح واضحاً للجهات الخارجية أن الضغوط المباشرة لم تؤدّ إلى إضعافه سياسياً، بل ربما عززت من تماسكه الشعبي. وهذا قد يدفع واشنطن إلى تعديل استراتيجيتها تجاهه، والانتقال إلى مرحلة جديدة من الضغوط ذات طبيعة مختلفة، قد تكون أقل حدة من المواجهة المفتوحة التي اتبعت في السنوات الأخيرة.
وأخيراً، لا يمكن فصل الانتخابات المقبلة عن التطورات الإقليمية، إذ قد تتزامن مع تسوية إيرانية-أميركية أو على الأقل نوع من فك الاشتباك بين الطرفين، ما سينعكس إيجاباً على لبنان ككل، ويعيد ترتيب المعادلة الداخلية بطريقة أكثر توازناً. لذلك، تشكل هذه الانتخابات محطة حاسمة في إعادة رسم المشهد السياسي، وستحدد إلى حد كبير مستقبل التوازنات الداخلية في المرحلة المقبلة. مواضيع ذات صلة صحيفة إسرائيليّة: "حماس" تُخطط لتحويل غزة إلى "نموذج" حزب الله Lebanon 24 صحيفة إسرائيليّة: "حماس" تُخطط لتحويل غزة إلى "نموذج" حزب الله 15/03/2025 10:01:47 15/03/2025 10:01:47 Lebanon 24 Lebanon 24 لماذا يريد "حزب الله" يوم التشييع "مليونيًا"؟ Lebanon 24 لماذا يريد "حزب الله" يوم التشييع "مليونيًا"؟ 15/03/2025 10:01:47 15/03/2025 10:01:47 Lebanon 24 Lebanon 24 خطى "أبل" تتعثر في تحديثات "سيري" و"Apple Intelligence" Lebanon 24 خطى "أبل" تتعثر في تحديثات "سيري" و"Apple Intelligence" 15/03/2025 10:01:47 15/03/2025 10:01:47 Lebanon 24 Lebanon 24 شيخ العقل التقى وزيري الأشغال والزراعة ووفدين من "القوات اللبنانية" و"حزب الله" Lebanon 24 شيخ العقل التقى وزيري الأشغال والزراعة ووفدين من "القوات اللبنانية" و"حزب الله" 15/03/2025 10:01:47 15/03/2025 10:01:47 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان خاص مقالات لبنان24 قد يعجبك أيضاً صيام رمضان والمرأة الحامل: ما يجب معرفته قبل اتخاذ القرار Lebanon 24 صيام رمضان والمرأة الحامل: ما يجب معرفته قبل اتخاذ القرار 03:30 | 2025-03-15 15/03/2025 03:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أمر عقاري لافت في محيط الضاحية Lebanon 24 أمر عقاري لافت في محيط الضاحية 03:15 | 2025-03-15 15/03/2025 03:15:00 Lebanon 24 Lebanon 24 اللقاء الطرابلسي الوطني وضع النقاط على "الحروف النافرة" Lebanon 24 اللقاء الطرابلسي الوطني وضع النقاط على "الحروف النافرة" 03:00 | 2025-03-15 15/03/2025 03:00:51 Lebanon 24 Lebanon 24 رسالة إسرائيليّة ولا تعليق من "حزب الله" Lebanon 24 رسالة إسرائيليّة ولا تعليق من "حزب الله" 02:45 | 2025-03-15 15/03/2025 02:45:00 Lebanon 24 Lebanon 24 مصرف بارز لموظفيه: الترشّح في هذه الحالة فقط Lebanon 24 مصرف بارز لموظفيه: الترشّح في هذه الحالة فقط 02:30 | 2025-03-15 15/03/2025 02:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة آخر خبر.. هذا ما ستشهده الكهرباء قريباً Lebanon 24 آخر خبر.. هذا ما ستشهده الكهرباء قريباً 15:15 | 2025-03-14 14/03/2025 03:15:40 Lebanon 24 Lebanon 24 "الله يعين مرتو".. مُعجبة تُعانق راغب علامة وتُقبل يده وهكذا كانت ردة فعله (فيديو) Lebanon 24 "الله يعين مرتو".. مُعجبة تُعانق راغب علامة وتُقبل يده وهكذا كانت ردة فعله (فيديو) 05:15 | 2025-03-14 14/03/2025 05:15:39 Lebanon 24 Lebanon 24 تأجير الأرحام في لبنان ينتشر سرا.. تجارة تؤمن الملايين والسوق "يتوسع"! Lebanon 24 تأجير الأرحام في لبنان ينتشر سرا.. تجارة تؤمن الملايين والسوق "يتوسع"! 05:30 | 2025-03-14 14/03/2025 05:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 هذا ما طلبه ترامب بشأن لبنان.. تقريرٌ إسرائيليّ يكشف Lebanon 24 هذا ما طلبه ترامب بشأن لبنان.. تقريرٌ إسرائيليّ يكشف 15:50 | 2025-03-14 14/03/2025 03:50:53 Lebanon 24 Lebanon 24 "جيروزاليم بوست": كواليس جديدة عن "تفجيرات البيجر".. مفاجأة في إتصال Lebanon 24 "جيروزاليم بوست": كواليس جديدة عن "تفجيرات البيجر".. مفاجأة في إتصال 16:46 | 2025-03-14 14/03/2025 04:46:06 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 03:30 | 2025-03-15 صيام رمضان والمرأة الحامل: ما يجب معرفته قبل اتخاذ القرار 03:15 | 2025-03-15 أمر عقاري لافت في محيط الضاحية 03:00 | 2025-03-15 اللقاء الطرابلسي الوطني وضع النقاط على "الحروف النافرة" 02:45 | 2025-03-15 رسالة إسرائيليّة ولا تعليق من "حزب الله" 02:30 | 2025-03-15 مصرف بارز لموظفيه: الترشّح في هذه الحالة فقط 02:17 | 2025-03-15 باسيل في العشاء السنوي للتيار الوطني الحر: نحن القرار الوطني الحر والمعارضة الحقيقية فيديو حذر من اغتيال ترامب: "نوستراداموس الجديد" يلفت انتباه العالم بعد تحقق توقعاته المُرعبة خلال أسبوع (فيديو) Lebanon 24 حذر من اغتيال ترامب: "نوستراداموس الجديد" يلفت انتباه العالم بعد تحقق توقعاته المُرعبة خلال أسبوع (فيديو) 02:00 | 2025-03-15 15/03/2025 10:01:47 Lebanon 24 Lebanon 24 بث مباشر لحدث فلكي نادر.. إليكم مشاهد خسوف القمر Lebanon 24 بث مباشر لحدث فلكي نادر.. إليكم مشاهد خسوف القمر 04:22 | 2025-03-14 15/03/2025 10:01:47 Lebanon 24 Lebanon 24 "أحب شعبها".. ترامب يشرح "لماذا لا ينبغي لكندا أن تبقى دولة" (فيديو) Lebanon 24 "أحب شعبها".. ترامب يشرح "لماذا لا ينبغي لكندا أن تبقى دولة" (فيديو) 02:26 | 2025-03-14 15/03/2025 10:01:47 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد رمضانيات عربي-دولي فنون ومشاهير متفرقات Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24