الخرطوم- بعد 3 أشهر من اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع رمت مصر بثقلها واستضافت زعماء أكبر تجمع إقليمي لمناقشة وقف الحرب منذ انفجارها، ونالت نتائج القمة إجماعا سودانيا، وقطعت الطريق أمام تدويل الأزمة رغم تقاطع مصالح وأجندة دول جوار السودان، حسب مراقبين.

وشارك في قمة زعماء دول جوار السودان السبع التي استضافها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كل من الرئيس الإريتري أسياس أفورقى، ورئيس أفريقيا الوسطى فاوستين تواديرا، ورئيس المجلس الانتقالي في تشاد محمد إدريس ديبي، ورئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، بالإضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي.

وناشد البيان الختامي للقمة طرفي النزاع في السودان وقف القتال وتجنب إزهاق أرواح مزيد من المدنيين والانخراط في حوار وطني جامع.

وأقرت القمة إنشاء آلية على مستوى وزراء الخارجية تعقد اجتماعها الأول في تشاد لوقف القتال بين الأطراف السودانية المتحاربة، لوضع خطة عملية لوقف القتال وحل الأزمة.

كما شدد البيان على أهمية الاحترام الكامل لسيادة السودان و"عدم التدخل في شؤونه واعتبار النزاع الحالي شأنا داخليا"، والحفاظ على الدولة السودانية ومقدراتها ومؤسساتها، ومنع تفككها أو تشرذمها.

تفاهمات تسبق القمة

وكشفت مصادر أفريقية متابعة للملف السوداني أن القاهرة أجرت مشاورات واسعة قبل القمة، شملت الولايات المتحدة والسعودية، لرعايتهما مفاوضات غير مباشرة مع طرفي القتال في السودان ودول أوروبية مؤثرة، كما زار القاهرة مؤخرا مسؤول أمني كبير مبعوثا من رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان.

ووجد السيسي -حسب المصادر الأفريقية التي تحدثت للجزيرة نت- تشجيعا من تلك الجهات وتعهدات بدعم تحركاته لطي الأزمة السودانية، باعتبار أن بلاده ودول الجوار السوداني أكثر تأثرا بالنزاع وتضررا من تداعياته، ولديها معرفة بتعقيدات المشهد السوداني والقدرة على التأثير على طرفي القتال.

وركز السيسي في لقاءاته مع قادة دول الجوار على هامش القمة -وفقا للمصادر نفسها- على ضرورة المحافظة على كيان الدولة السودانية حتى لا تتحول إلى دولة فاشلة وتصل إلى مرحلة الانهيار، ومنع أي تدخلات خارجية في شؤونها، ودمج كل الفصائل المسلحة في المؤسسة العسكرية، وتشجيع الفرقاء السودانيين على إجراء حوار وطني شامل لا يقصي أحدا، من أجل التوصل إلى توافق وطني لإنهاء الأزمة.

تجاوز مطبات "إيغاد"

وعن علاقة جهود القاهرة بشأن أزمة السودان مع المبادرات الأخرى، ترى مستشارة مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية والباحثة في الشؤون الأفريقية أماني الطويل أن تحركات مصر ستتكامل مع المساعي الأميركية والسعودية والأفريقية.

وتشير أماني في حديث للجزيرة نت إلى دعوة سلفاكير وأبو الغيط خلال القمة إلى ضرورة توسيع المبادرة الأفريقية لتشمل دولا أخرى، واستيعاب دول جوار السودان.

وتعتقد أن قمة القاهرة حملت مؤشرات عدة، أبرزها تحقيق توافق إقليمي لحل الأزمة السودانية، وتجاوز مرحلة التنافس الإقليمي، والحصول على دعم أميركي وأوروبي، وتوقعت أن تبلور اللجنة الوزارية التي أقرتها القمة مشروعا لحل الأزمة يستوعب خريطة الطريق التي صاغها الاتحاد الأفريقي.

وتضيف أماني أن القمة المصغرة لدول اللجنة الرباعية لدول الهيئة الحكومية لتنمية شرق أفريقيا "إيغاد" التي بحثت القضية السودانية في أديس أبابا كانت مدخلا لتدويل القضية، لكن الرفض السوداني ثم الموقف المصري التي توجته قمة القاهرة أحبط أي مساع للتدويل أو انتهاك للسيادة السودانية عبر نشر قوات شرق أفريقيا "إيساف"، وفرض حظر جوي كما طالب آبي أحمد.

وفي الشأن ذاته، يرى المحلل السياسي محمد الحواتي أن قمة القاهرة أعادت مصر إلى دورها الطبيعي في قضايا المنطقة، وتصحيحا من قيادتها لدورها السلبي تجاه السودان في مرحلة سابقة مما أدى إلى انفصال جنوب السودان في العام 2011.

كما أعادت مصر -حسب المحلل السياسي الذي تحدث للجزيرة نت- التوازن إلى التعاطي مع الأزمة السودانية، واستطاعت تحقيق توافق بين دول جوار السودان رغم تصادم مصالحها واختلاف أجندتها.

ويعتقد الحواتي أن البيان الختامي لقمة القاهرة شمل القواسم المشتركة للقوى الدولية والإقليمية بشأن وقف الحرب في السودان، وسيكون التحدي أمام اللجنة الوزارية التي كلفتها القمة صياغة مشروع لمعالجة الأزمة ينال ثقة أطراف الصراع ومساندة دول المنطقة والمجتمع الدولي.

إجماع سوداني

وحصدت مخرجات قمة القاهرة شبه إجماع من الفرقاء السودانيين، حيث رحب بها طرفا القتال والقوى السياسية الفاعلة في المشهد السوداني.

وقال مجلس السيادة الانتقالي برئاسة عبد الفتاح البرهان في بيان أن "القوات المسلحة السودانية مستعدة لوقف العمليات العسكرية فورا إذا التزمت المليشيا المتمردة بالتوقف عن مهاجمة المساكن والأحياء والأعيان المدنية والمرافق الحكومية وقطع الطرق وأعمال النهب".

وتعهد "بابتدار حوار سياسي فور توقف الحرب يفضي إلى تشكيل حكومة مدنية تقود البلاد خلال فترة انتقالية تنتهي بانتخابات يشارك فيها جميع السودانيين".

ومن جانبها، قالت قوات الدعم السريع إن القمة جاءت متسقة مع الجهود الإقليمية والدولية لتبني الحل الشامل كأساس لمعالجة الأزمة السودانية.

ودعت إلى تكامل الجهود الإقليمية والدولية بتوحيد المبادرات المطروحة لتسهيل وتسريع التوصل إلى حل شامل للأزمة خاصة منبر جدة ومبادرة "إيغاد".

في محاولة لاستعادة صدارة الجهود الدبلوماسية الرامية لوقف الحرب الدائرة في السودان، استضافت القاهرة اليوم أول قمة لـ«دول الجوار».
????????
مصادر تحدثت لـ«مدى مصر»، قالت إن القاهرة استهدفت بالأساس ضمان امتناع تلك الدول عن تقديم دعم لطرفي الصراع السوداني، القوات المسلحة وقوات الدعم… pic.twitter.com/cXHNgmjOlM

— Mada Masr مدى مصر (@MadaMasr) July 13, 2023

من جهتها، دعت قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي إلى تنسيق جهود دول الجوار مع جهود منظومات الأسرة الدولية والإقليمية وإحكام التنسيق بين الاتحاد الأفريقي و"إيغاد"، بما يؤدي إلى وقف الحرب وإحلال السلام والتحول المدني في السودان.

وجددت دعمها لمنبر جدة الذي ترعاه السعودية والولايات المتحدة لاستئناف التفاوض فورا من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار يمكن من توصيل المساعدات الإنسانية.

كما أبدى الجناح الآخر في تحالف قوى الحرية والتغيير-الكتلة الديمقراطية ارتياحه لنتائج قمة القاهرة، ووعد بالتنسيق مع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمكونات المختلفة لعقد مؤتمر حوار سوداني-سوداني شامل لإنهاء الأزمة عبر آليات وطنية خالصة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الأزمة السودانیة دول جوار السودان قمة القاهرة فی السودان دول الجوار وقف الحرب

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية يبحث تطورات الأزمة السودانية في الاجتماع الرباعي بإيطاليا

شارك صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية يوم الاثنين، في الاجتماع الرباعي بشأن السودان، الذي يضم دولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية مصر العربية، والولايات المتحدة الأمريكية.
جاء ذلك على هامش مشاركته في الجلسة الموسعة للاجتماع الوزاري الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (G7) بمدينة فيوجي الإيطالية.

توحيد الجهود

وتناول الاجتماع تطورات الأزمة السودانية وضرورة توحيد الجهود للتوصل لوقف فوري لإطلاق النار، والعمل على التهدئة وتعزيز الجهود الإنسانية، وتنفيذ الالتزامات الواردة في إعلان جدة بشأن حماية المدنيين، ودعم عملية سياسية سودانية - سودانية تضمن استقرار السودان والحفاظ على سيادته ووحدة وسلامة أراضيه.

أخبار متعلقة اليوم الثلاثاء.. جامعة أم القرى تعلق الدراسة في كلياتها بالقنفذة والليث وأضمنائب أمير مكة يدشن شعار "المساحة الجيولوجية" الجديد

استكمالًا لما تم الاتفاق عليه بين قيادتي البلدين.. #وزير_الخارجية يوقع مذكرة تفاهم لإنشاء مجلس تنسيقي مع نظيره البرازيلي
للمزيد | https://t.co/5OgSaK9k7d#اليوم@KSAMOFA@FaisalbinFarhan pic.twitter.com/GalYaDFQP4— صحيفة اليوم (@alyaum) November 19, 2024


حضر الاجتماع صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سطام بن عبدالعزيز سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية إيطاليا.

مباحثات سعودية إيطالية

التقى صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية اليوم الاثنين، نائب رئيس الوزراء وزير خارجية الجمهورية الايطالية أنتونيو تاجاني.

جاء ذلك على هامش مشاركة وزير الخارجية في الجلسة الموسّعة للاجتماع الوزاري الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (G7) في مدينة فيوجي الإيطالية.

وجرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين وسبل تنميتها في مختلف المجالات، إضافة إلى مناقشة القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة القاهرة يستقبل السفير السوداني بالقاهرة
  • السفير المصري في جوبا يبحث تطورات الأزمة السودانية مع رئيس مكتب "الدول العربية"
  • رئيس جامعة القاهرة يستقبل السفير السوداني
  • وزير الخارجية يبحث تطورات الأزمة السودانية في الاجتماع الرباعي بإيطاليا
  • سفارة السودان في القاهرة تعلن عن إعادة فتح مدرسة الصداقة السودانية
  • وزير الخارجية المصري: موقف القاهرة من أزمة أوكرانيا يرتكز على احترام القانون الدولي
  • كلمة سفير جمهورية السودان لدى جمهورية مصرفي “الملتقى المصري السوداني الأول لرجال الأعمال”
  • الملتقى المصري السوداني الأول يختتم أعماله بتوصيات لدعم اقتصاد البلدين
  • خطاب السلطة السودانية: الكذبة التي يصدقها النظام وحقائق الصراع في سنجة
  • مراسل «القاهرة الإخبارية»: فرحة عارمة بعد تحرير الجيش السوداني مدينة سنجة