بيانات “متضاربة” أصدرها الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بشأن التطورات التي شهدتها مدينة ود مدني الواقعة بولاية الجزيرة، بينما يكشف مسؤولون سودانيون ومختصون لموقع “الحرة”، عن “تأثير ما حدث في المدينة على مسار الحرب المستمرة في البلاد منذ ٩ أشهر”.

الجمعة، بلغت المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أطراف مدينة ود مدني التابعة لولاية الجزيرة، والتي تقع على مسافة 180 كلم جنوب الخرطوم، بعدما ظلت بعيدة من جحيم القتال الذي اندلع في 15 أبريل بين قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو.

والثلاثاء، أعلن الجيش السوداني، انسحاب قواته من مواقع في مدينة “ود مدني” بعد أن أدى دخول قوات الدعم السريع المنافسة المدينة إلى نزوح جماعي للمدنيين، الذين كان بعضهم قد نزح بالفعل خلال الحرب المستمرة منذ ثمانية أشهر.

وقال الجيش السوداني في بيانه إن قوات رئاسة الفرقة الأولى انسحبت من مدينة ود مدني، الاثنين الموافق 18 ديسمبر 2023.

وحسب بيان الجيش السوداني “يجري التحقيق في الأسباب والملابسات التي أدت لانسحاب القوات من مواقعها شأن بقية المناطق العسكرية”.

وسيتم رفع نتائج التحقيق فور الانتهاء منها لجهات الاختصاص ومن ثم تمليك الحقائق للرأي العام، وفق البيان.

ونشرت حسابات قوات الدعم السريع على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو يظهر خلاله بعض عناصرها داخل “ود مدني”.

وتوعدت بـ” ملاحقة” من اسمتهم بالفلول في جميع ولايات السودان، بعد ما وصفته بـ”تحرير ولاية الجزيرة”.

وتواصل موقع “الحرة” مع المتحدث باسم الجيش السوداني، العميد نبيل عبدالله، والذي أشار إلى أن إصدار تعميم بشأن ما حدث في المدينة، دون ذكر المزيد من التفاصيل حول “ملابسات الانسحاب”.

ومن جانبه يتحدث الخبير العسكري والاستراتيجي السوداني، اللواء ركن أمين إسماعيل مجذوب، عن “خطأ أدى للانسحاب”.

ويكشف في حديثه لموقع “الحرة” عن خطأ عسكري في توقيتات تغيير القوات أماكنها “فحدث ما يشبه الانسحاب، وبالتالي وجدت قوات الدعم السريع ثغرة دخلت منها إلى ود مدني”.

وقوات الدعم السريع تنتشر حاليا في ود مدني لكنها “لا تحتلها”، وفي الوقت الحالي “تدور معارك بين الطرفين”، ويحاول الجيش السوداني استعادة السيطرة على المدينة، وفق حديثه.

لكن على جانب آخر، يؤكد مستشار قائد قوات الدعم السريع، محمد المختار نور، أن دخول ود مدني جاء بناءً على “ترتيبات فنية عسكرية محددة ومحكمة”.

ومنطقة ود مدني تعد “قاعدة عسكرية ينطلق منها الجيش السوداني، لمهاجمة قوات الدعم السريع في الخرطوم، ما جعلها هدفا عسكريا”، وفق حديثه لموقع “الحرة”.

ويشير نور إلى أن “الجيش السوداني لم ينسحب لكنه تلقى هزيمة عسكرية، ونجحت قوات الدعم السريع في الاستيلاء على ود مدني”.

وهرب قادة الجيش السوداني وبعض الجنود من ود مدني، وسيتم ملاحقتهم في مناطق أخرى، وفق مستشار قائد قوات الدعم السريع.

شكلت ود مدني ملاذا آمنا لآلاف النازحين جراء النزاع الذي دخل شهره التاسع، إذ نزح إليها نصف مليون شخص وفق أرقام الأمم المتحدة.

وتؤوي ود مدني أكثر من 700 ألف نسمة، بعدما نزح إليها نحو نصف مليون شخص من الفارين من العنف، بينهم 270 ألفا يحتاجون إلى مساعدات إنسانية.

والاثنين، قالت المنظمة الدولية للهجرة إن دخول قوات الدعم السريع إلى المدينة أدى إلى فرار قرابة 300 ألف شخص من المنطقة.

ويشدد نور على “الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لود مدني”، ويقول إنها “تربط عددا كبيرا جدا من ولايات سودانية، والسيطرة عليها تعني السيطرة على (قلب السودان)”.

وقوات الدعم السريع بسطت سيطرتها الكاملة على المدينة، وشكلت “قوى أمنية” لحماية المؤسسات الهامة، ودعت المواطنين لإدارة شؤونهم المدنية، وفق حديثه.

ويشير إلى أن “قوات الدعم السريع بالتعاون مع سكان المدنية” يقومون حاليا بتوفير جميع الاحتياجات الإنسانية لمن يحتاجون ذلك، وتأمين مصادر المياه والخدمات الصحية.

ومن جانبه، يشير مدير معهد التحليل السياسي والعسكري بالخرطوم، الرشيد إبراهيم، إلى أن “اكتساب الدعم السريع لأرض جديدة يعطيه ميزة”، لكن تبقى القضية في القدرة على المحافظة على ذلك المكتسب وسلوك الجنود بالمدينة.

وجنود الدعم السريع يتجهون للأسواق ويحدثون “نهب وسرقة” بالبنوك والأسواق والمؤسسات، وبالتالي ما حدث ليس “انتصارا لكنه تحقيق لغنية”، وفق حديثه لموقع “الحرة”.

ويتسأل:” هل سوف يكسب الشارع والمواطن بعد سيطرة الدعم السريع على المدينة؟”، مضيفا “سرقات البيوت تغير موازين المواجهة بمفهومها الواسع والشعب والرأي العام معنى بالحرب وسلوكيات النهب التي يتبعها عناصر الدعم السريع”.

يمكن للاستيلاء على ود مدني أن “يغير من مواقف الدول الإقليمية تجاه الحرب بالسودان”، وفق مستشار قائد قوات الدعم السريع.

ويرى نور أن “الحرب تتجه إلى نهايتها”، مضيفا “نتمنى أن تسعى الدول نحو إنهاء ووقف الحرب والضغط على الجيش لاستكمال المشاورات حول عملية وقف العدائيات والوصول لتسوية سياسية شاملة للأزمة السودانية”.

ويعتقد أن “بعض دول إيغاد” غيرت مواقفها تجاه البرهان والتزاماته، بعد رغبته في “استمرار الحرب وتمديد رقعتها”.

وسعت الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيغاد) والولايات المتحدة والسعودية للتوسط في إنهاء الصراع الدائر بين الطرفين وأودى بأكثر من 12190 شخصا، وفق تقديرات منظمة “مشروع بيانات مواقع الصراعات المسلحة وأحداثها” (أكليد).

لكن على جانب آخر، لا يرى إبراهيم “أي بوادر لتغيير الدول الإقليمية مواقفها بشأن الحرب بالسودان”.

والجيش يؤكد أن “الحرب مصيرية ووجودية ولا تقبل القسمة على اثنين، ولذلك يصعب تصور وجود الدعم السريع في أي موازنة سياسية أو عسكرية قادمة”، وفق مدير معهد التحليل السياسي والعسكري بالخرطوم.

ويشير إلى أن “الحرب تمددت وأصبحت تهدد كافة أقاليم السودان، وبالتالي يصعب الحديث عن مفاوضات ومباحثات وتسوية سياسية، وسط نزيف الدماء الحالي”.

وتسببت بنزوح أكثر من 5,4 ملايين شخص داخل البلاد بحسب الأمم المتحدة، إضافة إلى نحو 1,5 مليون شخص فروا إلى دول مجاورة.

ويُتهم الطرفان بقصف مناطق سكنية بشكل عشوائي واستخدام المدنيين دروعا بشرية ونهبهم ومضايقتهم، وفق وكالة “فرانس برس”.

وائل الغول – الحرة

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: قائد قوات الدعم السریع وقوات الدعم السریع الجیش السودانی ود مدنی إلى أن

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يعلن صد هجوم للدعم السريع بغرب كردفان

الجيش السوداني وصف تحركات قوات الدعم السريع في منطقة الميرم بأنها “هجوم غادر من مليشيا آل دقلو”.

الفولة: التغيير

أعلن الجيش السوداني،  تمكنه من صد هجوم نفذته قوات الدعم السريع على منطقة الميرم بولاية غرب كردفان- غربي وسط البلاد- صباح اليوم الأربعاء.

ويخوض الطرفان حرباً شرسة بدأت بالعاصمة الخرطوم في 15 ابريل 2023م، قبل أن تتمدد إلى إقليم دارفور وكردفان وولايات الجزيرة والنيل الأبيض وسنار، وتتفاقم كلفتها البشرية والمادية بعد نحو 15 شهراً من القتال والدمار.

وقال الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية نبيل عبد الله في تعميم مقتضب نشرته منصات تابعة للجيش: “دحرت قواتنا في الميرم بفضل الله صباح اليوم هجوماً غادراً من مليشيا آل دقلو الإرهابية..”- حسب وصفه.

ولم تعلق قوات الدعم السريع على هذه الأنباء أو تصدر بياناً رسمياً يوضح طبيعة الموقف بغرب كردفان.

وشهدت ولاية غرب كردفان المجاورة لإقليم دارفور، تحركات مكثفة لقوات الدعم السريع للسيطرة على مقرات الجيش، بعد الاستيلاء على مقراته في نيالا بجنوب دارفور وزالنجي وسطها والجنينة في الغرب والضعين شرقاً، فيما لا يزال الجيش يحتفظ بمقراته في مدينة الفاشر بشمال دارفور، فيما وصل إلى غرب كردفان عشرات الآلاف من النازحين الفارين من ولايات أخرى.

وقبل نحو اسبوعين، نفذت قوات الدعم السريع هجوماً على رئاسة الولاية بمدينة الفولة والمؤسسات الرسمية ونهبت أسواق المدينة والمدنيين، وأدانت حكومة الولاية ما وصفته بالاعتداء الغاشم.

وناشدت حكومة الولاية يومها، “كافة المستنفرين والمقاومة الشعبية” للاستعداد للمعركة الفاصلة لطرد “المليشيا المتمردة والإرهابية” من الولاية.

وتستضيف غرب كردفان، أكثر من 300 ألف نازح، وتزايد النزوح نحوها من القرى القريبة.

الجيش في بابنوسة

وفي سياق مقارب، نشرت الصفحة الرسمية للجيش السوداني فيديو يظهر منسوبي الفرقة 22 مشاة- بابنوسة وهم يقومون بعملية تمشيط “بالخطوة السريعة” في المدينة بقيادة قائد الفرقة اللواء الركن معاوية.

وعلقت بالقول إن معنويات الجنود مرتفعة “حيث استلمت خلال الأيام الماضية عربات مقاتلة بكامل التسليح وعددا من المدافع والاسلحة المختلفة وقتلت العشرات من مرتزقة مليشيا الدعم السريع الإرهابية المملوكة لأسرة دقلو”- حسب قولها.

الوسومالجيش الدعم السريع السودان الفولة الميرم دارفور غرب كردفان

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة الاشتباكات الأخيرة بالسودان أدت لنزوح أكثر من «55» ألفا في يومين
  • الجيش السوداني يعلن تحرير نساء من قبضة الدعم السريع
  • اشتباكات في مناطق عدة بالسودان ونزوح أكثر من 55 ألفا في يومين
  • الجيش السوداني يعلن صد هجوم للدعم السريع بغرب كردفان
  • الجيش السوداني يحدد 4 شروط للتفاوض مع الدعم السريع
  • “إلا بعزة”.. البرهان يحدد شروط التفاوض مع الدعم السريع
  • ناشطون: قوات الدعم السريع تضاعف الحصار على قرى بالجزيرة
  • الانتحار السوداني ... متى يتوقف وكيف؟!
  • الجيش السوداني يتهم الدعم السريع بتدمير جزء من جسر رئيسي في الخرطوم   
  • عاجل: الجيش السوداني يعلن تدمير قوات الدعم السريع جزء من جسر الحلفايا