محللون: تحالف واشنطن البحري يخفف الضغط عن إسرائيل ولن يوقف الحوثيين
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
اعتبر محللون دوليون أن التحالف البحري الدولي، الذي أعلنت الولايات المتحدة عن تشكيله لمواجهة الحوثيين في البحر الأحمر، يستهدف "تشتيت الانتباه عن معاناة غزة" و"تخفيف الضغط العالمي" لوقف "حرب الإبادة" التي تشنها إسرائيل على القطاع منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
المحللون استبعدوا، في أحاديث مع الأناضول، أن يحقق هذا التحالف هدفه، محذرين من أنه سيزيد المنطقة "توترا ومعاناة"، ومشددين على ضرورة إنهاء الحرب على غزة كي تتوقف هجمات الحوثيين ضد بعض سفن الشحن في هذا الممر الملاحي الحيوي للتجارة الدولية.
وتضامنا مع غزة، استهدف الحوثيون، المدعومين من إيران، بصواريخ ومسيّرات سفن شحن في البحر الأحمر تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل.
وتستحوذ التجارة البحرية على 70 بالمئة من واردات إسرائيل، ويمر 98 بالمئة من تجارتها الخارجية عبر البحرين الأحمر والمتوسط. وتساهم التجارة عبر البحر الأحمر بنسبة 34.6 بالمئة في اقتصاد إسرائيل، بحسب وزارة المالية.
ومنذ اندلاع الحرب على غزة، تقدم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لحليفتها إسرائيل أقوى دعم عسكري واستخباراتي ودبلوماسي ممكن، حتى بات منتقدون يعتبرون واشنطن شريكة في "جرائم الحرب" بغزة.
وخلال زيارته إلى البحرين، حيث يوجد مقر الأسطول الأمريكي في الشرق الأسط، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في 18 ديسمبر/ كانون الأول الجاري تشكيل تحالف دولي باسم "حارس الازدهار"، بهدف "ضمان حرية الملاحة لكل البلدان وتعزيز الأمن والازدهار الإقليميين".
ويضم التحالف 10 دول هي: الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشل وإسبانيا والبحرين. فيما نسب موقع "بوليتيكو" الأمريكي لمسؤول رفيع في إدارة بايدن أن التحالف يضم 19 دولة، بينهم دول عربية، ولكن 9 دول فقط وافقت على الإعلان عن مشاركتها.
تخبط أمريكي
نضال شقير، أستاذ التواصل الاستراتيجي والعلاقات الحكومية في باريس، رجح أن "هذا التحالف سيكون شكليا.. ولا دولة في التحالف تمثل المنطقة، باستثناء البحرين.. أين السعودية وسلطنة عمان والإمارات؟".
واعتبر أن "الإدارة الأمريكية تتخبط في قراراتها فيما يخص الشرق الأوسط، فلو عدنا إلى بداية حقبة بايدن، سنلاحظ أن من أولى قراراته كان رفع الحوثيين من قائمة الإرهاب".
واستطرد شقير وهو فرنسي من أصل لبناني، قائلا: "سياسات بايدن دفعت الدول الخليجية إلى التعاون مع إيران، فلماذا بعد المصالحة ستعود إلى كسب عداوتها؟".
ورجح أن "إدارة بايدن لن تستطيع فعل شيء، والحل يجب أن يكون سياسيا وليس عسكريا، لوقف مناوشات الحوثيين في البحر الأحمر".
وبالنسبة لدوافع الدول المشاركة في التحالف، قال شقير: "أهداف الدول متفاوتة، فمنهم من دخله بحكم التبعية للولايات المتحدة، ومنهم بسبب تعطل مصالحه، وآخرين كالبحرين لأنهم في مواجهة دائمة مع إيران".
وشدد على أنه "لن يتم إيقاف مناوشات الحوثيين الآنية؛ لأنك تتحدث عن مليشيات وليس دولة، والحل بسيط هو وقف حرب غزة حتى تعود الأمور إلى طبيعتها".
ومنذ 7 أكتوبر الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلفت حتى مساء أول أمس الثلاثاء 19 ألفا و667 شهيدا، و52 ألفا و586 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، بحسب سلطات القطاع والأمم المتحدة.
معاناة غزة
سالم الجهوري، خبير العلاقات الدولية، نائب رئيس جمعية الصحفيين بسلطنة عمان، قال للأناضول: "أستغرب من تشتيت الانتباه عن معاناة غزة إلى مكان آخر وهو موضوع التحالف الذي يُراد له أن يؤمن خطوط الملاحة في البحر الأحمر".
وأضاف: "لأن هناك معاناة، بالتأكيد العرب سيتعاطفون مع غزة وسيستخدمون كل ما يملكون من وسائل للضغط، منها أيضا إدخال المواد الغذائية والمعونات الصحية والوقود".
الجهوري، وهو خبير في الشؤون الدولية، رأى أن "هذا التحالف لن يزيد المنطقة إلا توترا ومعاناة وسيطيل أمد الحرب والخلافات وسيزيد صعوبة الوضع في غزة والدول المتشاطأة على البحر الأحمر".
واعتبر أن "الحوثيين، سواء نتفق أو نختلف معهم بشأن اليمن، اصطادوا الفرصة (بدعم غزة) وبرزوا كداعم للقضايا العربية".
وبشأن مصير التحالف، قال الجهوري إنه "لن يحقق أهدافه في المرحلة القريبة، وعلى الدول الضغط على إسرائيل لوقف الحرب".
وأردف أن "الولايات المتحدة تبحث عمَن يحمي مصالحها ويساهم معها في تحمل تكلفة هذه الحرب، وهذه الأدوار تريد أن تكلف بها الدول القريبة من مجرى البحر الأحمر".
ومضى قائلا إن "الولايات المتحدة تريد ألا يكون تدخلها مباشرا، وإنما عبر المجموعة التي أعلنت عنها، وهي 19 دولة، بينها 9 أعلنت عن نفسها، وبقيت مجموعة لا ترغب في الإعلان عن نفسها، لكن يبدو أنها معروفة".
ومستنكرا، استطرد: "الحقيقة أن واشنطن تريد أن تحمي مصالحها في المنطقة، وتريد من أصدقائها العرب وجيران إسرائيل القيام بهذا الدور الذي تكافئهم عليه بانحيازها لتل أبيب وترد الجميل لهم بدفع الأموال والسلاح والجنود والمعدات وتحريك حاملات الطائرات بالقرب من إسرائيل للمساهمة في إبادة أهل غزه".
وتابع أن "إسرائيل تدفع أهل غزة إلي الحدود المصرية لإخراجهم من القطاع لتضمه إليها وتديره أمنيا (كما حدث خلال احتلاله بين 1967 و2005). والولايات المتحدة ذهبت بعيدا في انحيازها وهذا أمر يفرض على العرب مراجعة مصالحهم مع واشنطن".
وعاد الجهوري للحديث عن التحالف قائلا إنه "لا يمكن لهذه الدول إيقاف تهديدات الحوثيين للسفن.. إلا إذا اختاروا تدمير اليمن وصنعاء لوقف التهديدات للملاحة البحرية".
الجهوري رأى أن الدول المشاركة في التحالف تريد "تخفيف الضغط السياسي العالمي لحل مشكلة فلسطين ولإيقاف الحرب والإبادة في غزة والاعتداءات في الضفة الغربية".
وفيما يتعلق بوجود البحرين كدولة عربية وحيدة ضمن التحالف، قال الجهوري إن "بعض الدول العربية مترددة ولها حسابات أخرى، خاصة وأن بعضها قطع شوطا في عملية سلام مع الحوثيين".
وحذر من أن خطوة التحالف "تنسف كل الجهود التي بنيت على مدى 6 سنوات لتقريب وجهات النظر بين (أطراف النزاع اليمني).. هذه الخطوة تنسف كل ذلك لنحقق الغايات التي تريدها إسرائيل".
واختتم حديثه بالقول: "العرب تعرضوا للكثير من الحروب والطغيان العسكري والسياسي الإسرائيلي، ويأتي هذا التحالف لتحييد صنعاء (الحوثيين) من استخدام قدراتها.. هذا المشروع أمامه الكثير من علامات الاستفهام ولن يكتب له النجاح".
مواطن قوة
كاوه حسن، الباحث في شؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا لدى مركز ستيمسون بالعاصمة البلجيكية بروكسل، قال إن "توقيت الإعلان عن هذا التحالف يعود إلى ازدياد هجمات الحوثيين على سفن تجارية في باب المندب، وقرار شركات شحن كبرى تعليق نشاطها عبر البحر الأحمر".
وتابع حسن للأناضول، وهو هولندي من أصل عراقي: "هذا يؤثر على التجارة العالمية.. ليس فقط مصالح الولايات المتحدة في خطر، وإنما كل الدول؛ فنسبة غير قليلة من التجارة (نحو 40 بالمئة) تمر عبر باب المندب والبحر الأحمر".
ومضيق باب المندب يقع بين شبه الجزيرة العربية وإفريقيا، ويربط البحر الأحمر بخليج عدن والمحيط الهندي، ويختصر رحلات السفن 14 يوما في المتوسط.
وبخصوص التحالف نفسه، اعتبر حسن أن "ملامحه غير واضحة، ولكنه يضم دولا كبرى مؤثرة بقيادة واشنطن، وبالتأكيد سيكون له مواطن قوة".
ومشيرا إلى غياب ما وصفها بـ"الدول الإقليمية الهامة"، كمصر والسعودية والإمارات، قال حسن إن "مصر لا ترغب في التورط في أفعال ضد الحوثيين، لتفادي أي تصعيد محتمل معهم".
كما أرجع عدم مشاركة مصر إلى "دعم الولايات المتحدة لإسرائيل واستمرار حربها على غزة.. القاهرة لا تريد أن تظهر، عبر المشاركة في التحالف، وكأنها تدعم الحرب على غزة".
أما عن عدم انضمام السعودية، فاعتبر حسن أن للرياض وأبو ظبي "أسباب خاصة، بينها أيضا حرب إسرائيل على غزة، وأنها لا تريد أي تصعيد مع الحوثيين، إذ تريد إنهاء الحرب في اليمن (اندلعت قبل نحو 9 سنوات)، ومفاوضاتها مع الحوثيين مستمرة بهذا الشأن".
وعلى الرغم من وجود "مواطن قوة" في التحالف، إلا أن حسن ختم حديثه متسائلا: "هل بالفعل هذا التحالف وقوته ستكون كافية لردع الحوثيين؟".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن غزة البحر الأحمر أمريكا اسرائيل الولایات المتحدة فی البحر الأحمر هذا التحالف فی التحالف على غزة
إقرأ أيضاً:
واشنطن: لقاء ترامب وبوتين رهن بالتقدم باتجاه إنهاء حرب أوكرانيا
شعبان بلال (القاهرة)
أخبار ذات صلةقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، إن عقد أي اجتماع محتمل بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين «سيعتمد إلى حد كبير على ما إذا كان بإمكاننا إحراز أي تقدم بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا».
وقال روبيو في تصريحات صحفية: «لا تُعقد هذه الاجتماعات عادة حتى يكون لديك بعض النتائج، أو يُحرَز بعض التقدم».
وأشار روبيو إلى أنه تطرّق لعقد مثل هذا الاجتماع عندما التقى نظيره الروسي سيرجي لافروف في السعودية، الثلاثاء، وأنه قال للافروف والمسؤولين الروس إنه «لن يكون هناك اجتماع حتى نعرف ما الذي سيتناوله في العادة، لا تُعقد هذه الاجتماعات إلا عندما تعرف أن هناك نتيجة أو تقدماً قد تحقق».
بدوره، اتهم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «ناتو»، مارك روته، بمحاولة عرقلة مسار مفاوضات السلام بشأن الحرب في أوكرانيا.
ووفقًا لبيان صادر عن وزارة الخارجية الروسية، أمس، عقد لافروف مؤتمراً صحفياً بعد اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين في مدينة جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا.
وأشار لافروف، إلى أن «محاولات الغرب لتوجيه أجندة مجموعة العشرين نحو أوكرانيا باءت بالفشل».
وقال إن الأمين العام لـ «الناتو» يزور الدول الأعضاء في الحلف لدعوتها إلى عرقلة مفاوضات السلام التي تجري بين موسكو وواشنطن حتى لا تحقق روسيا المكاسب.
وتوقع خبراء ومحللون سياسيون أن تشكل المحادثات الأميركية الروسية في السعودية بداية لتحرك المجتمع الدولي نحو بدء مفاوضات إنهاء الحرب في أوكرانيا، موضحين أن هناك تحديات وصعوبات تواجه ذلك أبرزها الموقف الأوكراني والأوروبي.
واعتبرت الباحثة في الشأن الدولي، إيرينا تسوكرمان، أن المحادثات الأميركية الروسية خطوة دبلوماسية مهمة ولكنها حذرة، موضحة أنها لا تشير بعد إلى اختراق وشيك في المفاوضات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا.
وأضافت لـ «الاتحاد»، أنه من غير المرجح في الأمد القريب بدء مفاوضات روسية أوكرانية، موضحةً أن كييف أصرت مراراً وتكراراً على أن المفاوضات يجب أن تكون وفقاً لشروطها، والتي تشمل الاستعادة الكاملة للأراضي وضمانات الأمن، قائلة: «ما لم يكن هناك جمود عسكري أو ضغوط غربية على أوكرانيا، فإن المحادثات المباشرة تظل بعيدة».
وتابعت تسوكرمان: «محادثات الرياض تمثل خطوة نحو المناورة الدبلوماسية، لكن مفاوضات السلام الحقيقية بين روسيا وأوكرانيا ستعتمد على حقائق ساحة المعركة، وتحولات السياسة الغربية، والديناميكيات السياسية الداخلية في كل من كييف وموسكو»، لافتة إلى أن الوقت الحالي، تظل أي محادثات مباشرة بين روسيا وأوكرانيا سابقة لأوانها.
وحول إمكانية بدء مفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، قال مدرس العلوم السياسية والقانون الدولي الدكتور هيثم عمران، إن هناك سيناريوهات عدة، أولها مفاوضات غير مباشرة عبر وسطاء، حيث من المرجح أن تبدأ المفاوضات على مستوى غير رسمي أو من خلال وسطاء مثل السعودية أو الصين أو تركيا، ما يسمح للطرفين باستكشاف إمكانية الحل دون الإعلان عن تنازلات علنية.
وأضاف لـ «الاتحاد»، أن السيناريو الثاني هو استمرار الحرب مع مفاوضات جزئية حول القضايا الإنسانية، موضحاً أنه قد تستمر العمليات العسكرية، لكن مع إجراء مفاوضات محدودة بشأن تبادل الأسرى، وتصدير الحبوب عبر البحر الأسود، أو تقديم مساعدات إنسانية.
وتابع عمران أن «السيناريو الثالث هو اتفاق جزئي يشمل وقف إطلاق نار مؤقت، حيث قد تتوصل موسكو وكييف، بضغط دولي، إلى اتفاق هدنة مؤقتة يسمح بإعادة ترتيب الأوضاع العسكرية، لكنه لن يحل القضايا السياسية الأساسية مثل وضع الأراضي المحتلة».
وأشار إلى أن السيناريو الرابع هو انهيار الدعم الغربي لأوكرانيا وفرض تسوية سياسية، موضحاً أنه إذا تراجع الدعم الغربي بشكل كبير، فقد تضطر أوكرانيا للجلوس إلى طاولة المفاوضات بشروط غير مواتية، مضيفاً أن هذا السيناريو يظل الأقل احتمالاً حالياً، لكنه قد يصبح أكثر واقعية إذا تغيرت الإدارة الأميركية في 2025.
ولفت إلى أن اللقاء الذي جمع مسؤولين من روسيا والولايات المتحدة في الرياض لمناقشة إنهاء الحرب الأوكرانية يُعَدُّ نقطة تحول مهمة في مسار الصراعات. واستطرد: «في المقابل، روسيا، رغم استمرارها في تحقيق مكاسب ميدانية محدودة، تواجه تحديات اقتصادية وعسكرية نتيجة العقوبات الغربية وطول أمد الحرب».
وفي السياق، اعتبر المحلل السياسي الأميركي أندرو جوزيه أن استبعاد أوكرانيا من المحادثات التي انعقدت بالسعودية حول مصيرها ليس مجرد إغفال، بل هو تهميش متعمد يعامل كييف كمتفرج وليس كلاعب ذي سيادة. وأضاف لـ «الاتحاد»، أن «حكومة ترامب تعمل عمداً على إرباك التحالفات التقليدية، وتحريك القدر لكسر تماسك حلف شمال الأطلسي وإثارة غضب أوروبا».
من جانبه، استبعد المحلل السياسي الأميركي، توت بيليت في تصريح لـ«الاتحاد»، بدء أي محادثات بين روسيا وأوكرانيا قريباً، خاصة مع مشاركة الولايات المتحدة، مضيفاً: «الولايات المتحدة همشت أوكرانيا، وعندما قدم زيلينسكي احتجاجاته، طالب وزير الخزانة الأميركي بالتوقيع على أكثر من نصف حقوق المعادن النادرة في البلاد، وقد تسبب هذا في الكثير من الاحتكاك بين الولايات المتحدة وأوكرانيا».