أصدر مركز أبو ظبي للغة العربية، ضمن مشروع "كلمة للترجمة"، كتاب "العيش بطريقة مختلفة: موجز في تاريخ الاستدامة"، للكاتبة آنيته كيهنل، ونقله إلى العربية حسام شحادة، وراجع الترجمة مصطفى السليمان.

يُقدّم موجزاً عن تاريخ الاستدامة

يركز الكتاب على فكرة وجودنا الإنساني المهدّد بالخطر، ولطالما حذّرنا العلماءُ على من اقترابِ الكارثة، إذا لم نغيّر من سلوكنا، لكن الشراهة، والجشع، والإسراف، ولهاثنا المستمر خلف المزيد من النموّ الاقتصادي وتكديس الثروة، جعلنا نستنفد مواردنا الطبيعية بشكل محزن وندمّرُ كوكبنا، ونجعله غيرَ قابلٍ للعيش للأجيال القادمة.


حقّقت البشرية خلال المائتي سنة الماضية إنجازات مبهرة، ولكن مفاهيمنا حولَ النمو الاقتصادي والتقدّم والازدهار وصلت الآن إلى طريقٍ مسدود، فالجُسَيْمات البلاستيكية المُتناهِية الصّغَر تملأ البحر، الغليفوسات يَملأ طعامَنا، ثاني أكسيد الكربون يَملأ الغلافَ الجوي، وتترتَّب على كل هذا عواقبُ وخيمةٌ على كوكبنا، ولكن هل يمكننا تخيّل العيش في عالم يتجاوز الاستهلاك وتراكم رأس المال والمصلحة الذاتية وتحقيق أكبرَ قدر من الأرباح؟.
وتُوضح المؤلفة المؤرّخة المتخصّصة في تاريخ العصور الوسطى آنيته كيهنل في كتابها، أن المشاركةَ والمبادلة واتباع سلوكٍ يراعي الاستدامة، كانت مفتاحَ نجاحِ الإنسانِ العاقل، وتسرد كيف يمكن لأمثلةٍ من الماضي أن تغيرَ مستقبلنا، حيث كان الناس أكثرَ درايةً بقدرات كوكبنا مما نحن عليه، كما تُجيب على تساؤلات مثل لماذا نرمي بالأشياء بعد عطب بسيط دون التفكير في إصلاحها؟ ولماذا نكدّس الأموال، إذا كانت تُدرّ لنا الربح من خلال مشاركتها مع الآخرين؟ وهل عاش الناس فعلاً قبل الرأسمالية في حالةٍ مزريةٍ من البؤس والحاجة؟.
وتقودنا المؤرّخة في كتابها المثير والممتع "العيش بطريقة مختلفة" في رحلة إلى عوالم العصور الوسطى وتبيّن لنا ماذا يمكننا أن نتعلّم من الماضي لصالح مستقبلٍ بعيدٍ عن المصالحِ الذاتيةِ والسعي وراءَ الربح وتدمير الطبيعة، إذ تؤكّد أننا كنا نتصرّف بطريقةٍ مختلفةٍ في الماضي، فقد حدّد التفكيرُ الموفّر للموارد الطبيعية والمستدام وغير الهادف للربح السلوكَ البشري لعدةِ قرون، وتُبرهن على ذلك من خلال طرح أمثلةٍ متفرقةٍ تعتبرها نماذج مثاليةً تلهمنا لتغيير سلوكنا، من قبيل الاستخدام المشترك المنظّم لأراضي المراعي في جبال الألب وجبال البرانس، وتقدّم لنا في مثالٍ ما فعله مهندسو عصر النهضة من إعادة تدوير مواد البناء، كما تسرد قصة اكتشاف الورق وكيف غزا الأسواقَ العالميةَ.
وتضيء المؤلفة على ظاهرة الحد الأدنى (المينماليزم) وتملّك أقل ما يمكن كأسلوب حياة كمثالٍ إيجابي للاستدامة، وتذكّرنا في مثال آخر أن القروضَ المتناهِية الصّغَر لم تُكتشف على يد محمد يونس الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد عام 2006، بل كانت موجودة في العصور الوسطى باسم (بنوك مونتي دي بييت) للفقراء في شمال إيطاليا.
ولا تهتم المؤلّفة بتعزيز التوصية بتبني النماذج القديمة دون التفكير فيها، حيث لا يوجد ماضٍ يقدّم حلولاً مصممةً خصيصاً للمتطلبات المتغيرة لمستقبلنا، لكن الأمثلة المطروحة ليست إلاّ مُحفّزات لتوسيع أفقِ خيالنا واستفزازنا للبحث عن نماذجَ اقتصاديةٍ جديدةٍ ومستدامة.
في كتاب "العيش بطريقة مختلفة" يصبح التاريخ حيًا ويدعونا إلى اكتشاف ماضينا من جديد وأن نفكّر بشكل مختلف في المستقبل.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة مركز أبوظبي للغة العربية

إقرأ أيضاً:

خلال ندوة بالمعرض.. كيف كانت الحياة اليومية في عصر الرعامسة؟

استضاف معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56، وتحت محور "مصريات"، ندوة لمناقشة كتاب "الحياة اليومية في مصر في عصر الرعامسة" لعالم الآثار الفرنسي بيير مونتيه.

وتولي إدارة النقاش الباحث محمود أنور، بينما قدم التحليل العلمي للكتاب الدكتور ميسرة عبد الله حسين، أستاذ الآثار والديانة المصرية القديمة بجامعة القاهرة.

واستهل محمود أنور الندوة بالإشارة إلى عظمة الحضارة المصرية القديمة وما قدمته للبشرية من إنجازات لا تزال ماثلة حتى اليوم.

وأوضح أن كتاب "الحياة اليومية في مصر في عصر الرعامسة" يعد دراسة رائدة تبتعد عن السرد التاريخي التقليدي، وتقترب من تفاصيل الحياة اليومية للمصريين القدماء، متناولًا المساكن، الحرف، الفنون، النشاط الزراعي، الأسرة، والمعابد، ليقدم صورة أكثر حيوية وإنسانية عن المجتمع المصري القديم.

وأضاف أن مونتيه استند إلى مصادر أصلية غنية، وهو ما دفعه لاختيار عصر الرعامسة تحديدًا، إذ يتميز بوفرة الوثائق والنقوش التي تسجل ملامح الحياة خلال تلك الحقبة التي شهدت ازدهارًا حضاريًا واسع النطاق.


من جانبه، أكد الدكتور ميسرة عبد الله حسين، أن الكتاب يشكل علامة فارقة في دراسات التاريخ المصري، حيث يتناول عصر الرعامسة، وهو العصر الذي شهد استعادة أمجاد الإمبراطورية المصرية بعد تأسيسها في الأسرة الثامنة عشرة.

عمق الدراسات الأثرية 

وأوضح أن بيير مونتيه ينتمي إلى المدرسة الفرنسية في علم المصريات، وهي إحدى أهم المدارس الأثرية التي أسهمت بعمق في دراسة الآثار المصرية، حيث كان على رأسها جان فرانسوا شامبليون، مكتشف رموز حجر رشيد. كما أشار إلى أن علم الآثار المصرية كان يُصنّف في الماضي ضمن الآثار الشرقية، إلا أن جهود علماء مثل مونتيه جعلته مجالًا مستقلاً بذاته.

وسلط الدكتور ميسرة عبد الله حسين الضوء على الرحلة البحثية لـبيير مونتيه، حيث بدأ اهتمامه بالآثار الشرقية، ثم انتقل إلى مصر عام 1932، وتوجه إلى منطقة تانيس حيث أجرى أهم اكتشافاته. وكان من أبرز إنجازاته العثور على المقابر الملكية للأسرتين الحادية والعشرين والثانية والعشرين، حيث اكتشف خمس مقابر ملكية بحالة جيدة الحفظ عام 1939. وعلى الرغم من أهمية هذه الاكتشافات، إلا أنها لم تحظ بالاهتمام الإعلامي الكافي بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية، مقارنة بمقبرة توت عنخ آمون التي اكتُشفت في ظروف أكثر استقرارا.

وأوضح الدكتور ميسرة عبد الله، أن مونتيه اتبع منهجية دقيقة في دراسة الحياة اليومية، حيث اختار فترة تاريخية محددة بدلًا من التعميم الذي لجأ إليه بعض الباحثين. فبدلًا من تقديم صورة شاملة عن مصر القديمة بكل عصورها، ركّز على عصر الرعامسة، مستعرضًا تأثير الظروف الاجتماعية والسياسية على تفاصيل الحياة اليومية.

وأشار إلى أن الكتاب يختلف عن الدراسات التقليدية من حيث التعمق في تفاصيل معيشة المصريين القدماء، إذ يناقش جوانب مثل أنماط السكن، أساليب الزراعة، النشاط الحرفي، وشكل الحياة الأسرية، مقدمًا بذلك صورة نابضة بالحياة عن المجتمع المصري في تلك الفترة.

مقالات مشابهة

  • خلال ندوة بالمعرض.. كيف كانت الحياة اليومية في عصر الرعامسة؟
  • "أبوظبي للغة العربية" يفتح باب التسجيل في"ورشة القصة القصيرة"
  • “أبوظبي للغة العربية” يبدأ تلقي طلبات المشاركة في برنامجه للمنح البحثية
  • خلال لقائه السفير المصري في الڤاتيكان.. قداسة البابا: علاقاتنا طيبة مع كافة الكنائس والكنيسة القبطية تمسكت بالإيمان المستقيم عبر العصور
  • بطولة الشراع الدولية لجمال الخيل العربية تنطلق الخميس في أبوظبي
  • تصفية أمير سعودي جديد بطريقة غامضة
  • "أبوظبي للغة العربية" يستقبل طلبات "المنح البحثية"
  • «أبوظبي للغة العربية» يطلق الدورة الخامسة من برنامج المنح البحثية 2025
  • بطريقة مختلفة.. أشرف عبد الباقي يكشف عن موعد عرض مسرحية «صلة» (فيديو)
  • جيش الاحتلال: أعدنا انتشار قواتنا بمواقع مختلفة في جنوب لبنان خلال الفترة الأخيرة