ضبط الأسعار.. تحد كبير يواجه تحالف أوبك+
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
نيجيريا وأنجولا أعربتا عن امتعاضهما من حصتهما في الاقتطاعات خلال الاجتماع الوزاري في نوفمبر، على رغم خفضها الإنتاج على مدى أشهر وإعلان اقتطاعات جديدة في أواخر نوفمبر، تواجه منظمة الدول المصدّرة للنفط وحلفاؤها العشرة في تحالف "أوبك بلاس" صعوبة في رفع مستوى الأسعار عالميا.
إلى ذلك، يواجه التحالف ضغوطا إضافية على جبهات متعددة، مثل زيادة إنتاج الخام الأمريكي، والتوقع بأن تبدأ قريبا عملية التخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري، والتقارير عن تباينات بين أعضاء التحالف البالغ عددهم 23 دولة، 13 منها في "أوبك".
ولا تزال أسعار النفط عند أدنى مستوياتها في زهاء ستة أشهر على الرغم من إعلان التحالف أواخر الشهر الماضي، عزمه على خفض إضافي في الانتاج.
إلا أن الأسعار سجّلت زيادة طفيفة في الأيام الأخيرة بعد إعلان شركات نفطية وأخرى للنقل البحري، الامتناع عن المرور في البحر الأحمر في ظل الهجمات التي يشنّها المتمردون الحوثيون في اليمن على خلفية الحرب في غزة.
ومع أن الأسعار لا تزال دون 80 دولارا للبرميل، يبقى مستواها راهنا أعلى من معدلها في الأعوام الخمسة المنصرمة.
وضمن مسعاه لرفع الأسعار، عمد تحالف "أوبك بلاس" إلى خفض الإنتاج تدريجيا بكميات تجاوزت خمسة ملايين برميل يوميا منذ أواخر العام 2022.
وفي حين تحمّل السعودية، أبرز دول أوبك، المضاربين مسؤولية تراجع الأسعار عوضا عن انخفاض الطلب، يرى محللون أن غياب الوحدة في صفوف التحالف هو ما يثير الشكوك في الأسواق من التزامه بالاقتطاعات المعلنة.
اقرأ أيضاً
وسط التحديات.. هل تستطيع أوبك+ تعزيز أسعار النفط خلال العام المقبل؟
خلافاتوقالت المحللة في "سويسكوت" إيبك أوزكاردسكايا لوكالة فرانس برس: "إذا كانت الاقتطاعات قد مرّت دون أثر، فذلك لأن النقاشات الأخيرة كشفت النقاب عن خلافات داخل المجموعة".
أعربت كل من نيجيريا وأنجولا عن امتعاضهما من حصتهما في الاقتطاعات خلال الاجتماع الوزاري في نوفمبر، والذي تم إرجاؤه لأيام بسبب الخلافات بين الدول الأعضاء.
إلى ذلك، فشل تحالف "أوبك بلاس" في الاتفاق على خفض للإنتاج ينال دعم كل الأعضاء الـ23. عوضا عن ذلك، تمكنت السعودية وروسيا من إقناع ست دول أخرى للمضي في خفض طوعي للانتاج.
وشددت أوزكاردسكايا على أن "الوحدة هي المطلوبة من أجل منح مشروعية أقوى" للمجموعة وقراراتها.
تأسست منظمة الدول المصدّرة للنفط عام 1960، وتحالفت اعتبارا من 2016 مع عشر دول نفطية أخرى، في ما بات يعرف بـ"أوبك+"، في مسعى لزيادة هيمنتها على السوق.
وتعتبر أوزكاردسكايا أن توسعة أوبك كانت "سيفا ذا حدّين" لأن عملية اتخاذ القرار باتت أكثر تعقيدا.
وبرز دور أوبك في 1973 عندما اتخذت قرار حظر النفط العربي في خضم حرب أكتوبر 1973 بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا، ما تسبّب بأول صدمة نفطية عالميا.
في غضون أشهر فقط زادت أسعار النفط أربعة أضعاف، ما عكس سطوة المنظمة.
وفي مواجهة تزايد المنافسين في الثمانينات، اعتمدت المنظمة نظام الحصص الذي أتاح لها تعزيز هيمنتها. ومكّنتها هذه الاستراتيجية من تخطي تحديات عالمية كبرى مثل الأزمة المالية لعام 2008 وجائحة كوفيد-19، بأداء جيد نسبيا على رغم التوترات الداخلية.
وفي ظل خفض الإنتاج وأزمات سياسية في دول مثل فنزويلا وليبيا، تراجعت حصة تحالف "أوبك بلاس" من سوق النفط العالمية إلى 51 %، وهي الأدنى منذ تأسيس المنظمة، وفق أحدث تقرير للوكالة الدولية للطاقة.
تزامنا، تجاوز إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة عتبة 20 مليون برميل يوميا، مترافقا مع زيادة في انتاج البرازيل وغويانا.
ورأت الوكالة أن "انتقال المعروض العالمي من المنتجين الأساسيين في الشرق الأوسط إلى الولايات المتحدة ودول أخرى في الحوض الأطلسي (...) يؤثر بشكل عميق على تجارة النفط".
اقرأ أيضاً
غضب من حرب غزة.. أوبك+ تدرس المزيد من تخفيض إنتاج النفط
الانتقال الأخضرفي الأعوام الأخيرة، بات السؤال مطروحا بشأن مستقبل منظمة أوبك في ظل الدعوات المتزايدة من العديد من الدول من أجل التخلي تدريجيا عن استخدام الوقود الأحفوري بسبب تأثيره على التغير المناخي.
واعتبرت أوزكاردسكايا أن "الانتقال الأخضر هو عبء كبير على نشاط أوبك"، معتبرة أن للمنظمة "مصلحة في تأخير الانتقال الأخضر لأطول فترة ممكنة".
وخلال مؤتمر الأمم المتحدة بشأن المناخ (كوب28) الذي عقد مؤخرا في دبي، دعا الأمين العام لأوبك هيثم الغيص "بإلحاح" أعضاء التحالف إلى "الرفض الاستباقي لأي نص أو صياغة تستهدف الطاقة، أي الوقود الأحفوري بدلا من انبعاثات" غازات الدفيئة.
ويرجح محللون أن الرياض ترغب في ضمان تدفق الإيرادات الحكومية الناتجة عن تصدير النفط، على رغم سعي الحكومة السعودية الى تنويع مصادر الدخل.
وقال ستيفن إينز من شركة "أس بي آي" إن هذه الإيرادات النفطية "أساسية لتمويل برنامج السعودية الشامل والممتد أعواما لتنويع مصادر الدخل، بما يشمل مشاريع عملاقة".
من جهته، اعتبر المحلل لدي "يو بي أس" جيوفاني ستاونوفو أن الرياض تعمل على تنويع مصادر الدخل "لكن الانتقال لا يحصل بين ليلة وضحاها".
اقرأ أيضاً
تحالف غاز بقيادة روسيا وإيران.. هل ينافس أوبك ويتحكم بأوروبا؟
المصدر | رويترزالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أوبك النفط الأحفوري أسعار النفط أعضاء مجموعة أوبك أوبک بلاس
إقرأ أيضاً:
هًلْ تَصْمُد حُكوَمتا بُورتسُودان ونِيروْبي أمَام تَنَاقُضاتِهما الدَاخِليَّة القَاهِرة؟
Will the Port Sudan and Nairobi Governments Survive
Their Devastating Internal Contradictions?
بروفيسور/ مكي مدني الشبلي
المدير التنفيذي – مركز مأمون بحيري، الخرطوم
????تُعد التناقضات الداخلية داخل أي تحالف سياسي أو عسكري عامل ضعف جوهري بسبب تحورها إلى صراعات على السلطة، وانشقاقات عميقة تؤدي لفقدان القدرة على اتخاذ قرارات موحدة. ويشهد السودان الذي يعاني من الحرب المستعرة معاناة حكومتي بورتسودان ونيروبي من هذه التناقضات، مما يجعل استدامة تماسكهما محفوفاً بالشك والريبة.
????حكومة تحالف بورتسودان تعاني من تناقض داخلي رئيسي تؤججه نزعة كلا مكونيه العسكري والإسلامي الغريزية للانفراد بالسلطة، مما يرجح صدامهما الوشيك. ويؤكد ذلك ردة فعل الإسلاميين الهوجاء ضد الفريق أول البرهان عندما انتقد المؤتمر الوطني في فبراير الماضي. وذلك فضلاً عن بروز تيارات داخل الجيش قوامها بعض القيادات الوسيطة وصغار الضباط غير الراضين عن تحالف الجيش مع الإسلاميين الذي يقود للصدام مع المجتمع الدولي واستمرار العزلة والمقاطعة التي أقعدت السودان لخمسة وثلاثين سنة. ولذا تفضل هذه التيارات تعجيل التفاوض مع الدعم السريع لوقف الحرب، بينما الإسلاميون يرفضون هذا التيار الذي يقود لتسوية لا تضمن لهم مكاناً مرموقاً في السلطة.
???? وتتفاقم التناقضات الرئيسية في تحالف بورتسودان عند تسليط الضوء على مكوناته الأخرى التي تتآلف مرحلياً لتحقيق مكاسب ذاتية. ويشمل ذلك الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا التي لم تتخلَ عن حيادها في الحرب بين الجيش والدعم السريع إلا بعد دنو عام على اندلاعها، مما يؤكد طغيان المصلحة الذاتية في موقفها من التحالف مع الجيش. حيث تحالفت هذه الحركات مع الجيش مؤخراً للحفاظ على امتيازاتها عن طريق تقاسم السلطة، رغم عدم توافقها مع الإسلاميين الذين قتلوا مئات الآلاف من مواطنيهم أثناء حكم الإنقاذ. ولا يخفى أن عدداً من مكونات هذه الحركات قد انضم مسبقاً للدعم السريع في إطار تحالف نيروبي.
????وتتواصل هيمنة الاعتبارات المصلحية في تحالف بورتسودان في تأرجح ولاء قوات درع السودان بين طرفي الحرب الجيش والدعم السريع وفقاً لما تقتضيه المصلحة الذاتية، الأمر الذي ينذر بصدام محتمل حال تعارض مصالح هذه القوات مع مصالح المكونات الأخرى في تحالف بورتسودان الهش.
???? أما كيانات شرق السودان التي لعبت دوراً جوهريا في تهيئة البيئة السياسية والاقتصادية لانقلاب أكتوبر 2021 وإعادة الإسلاميين لواجهة السلطة، فضلاً عن استضافتها لتحالف بورتسودان، فإن زعماءها يشعرون بهضم حصتهم من النفوذ السياسي والاقتصادي مما قد يدفعهم للتمرد على هذا التحالف وسلبه حتى من الاستضافة الجغرافية. كما أن بعض الإدارات الأهلية في شرق السودان تدعم الجيش لأسباب قبلية رغم الخلافات حول توزيع المناصب والموارد، مما قد يؤدي إلى انسلاخ هذا المكون المهم في تحالف بورتسودان.
????ونظراً لتفاقم التناقضات الجوهرية بين مكونات تحالف بورتسودان فقد لجأ داعموه لاستغلال الإدارة الأهلية كأداة سياسية وقبلية لدعم التحالف الهش. بيد أن مكونات هذه الإدارة الأهلية تعاني هي الأخرى من تمايز الولاءات، فبعض هذه الزعامات القبلية تدعم الجيش، وبعضها يدعم الحركات المسلحة، بينما زعامات أخرى تتحالف مع الإسلاميين، إلى جانب الزعامات التي تدعم كيانات شرق السودان وقوات درع السودان. وبالتالي أصبح استقطاب الإدارة الاهلية عاملاً لتأجيج التناقضات الجوهرية داخل تحالف بورتسودان، بدلاً عن احتوائها.
????أما بالنسبة لحكومة تحالف نيروبي، فهي بدورها تكابد عبئاً ثقيلاً من التناقضات الجوهرية الداخلية التي تهدد تماسكها واستدامتها. فالدعم السريع الذي يمثل محور تحالف نيروبي يعاني من الاختراق المزدوج المتمثل في العسكريين المقاتلين المتفلتين، والاختراق السياسي المتمثل في الولاء القديم للإسلاميين لدى العديد من قياداته. كما أن استطالة الحرب قد أفرزت قيادات ميدانية طامحة في تقاسم السلطة والثروة مع عائلة قائد الدعم السريع المهيمنة. أما من حيث التكوين القبلي للدعم السريع، فعلى الرغم من تكوين معظم قواته من قبائل عربية دارفورية، لكن برزت نذر انقسامات بين الرزيقات والمحاميد والماهرية وغيرها، مما روَّع بعض ضباط الدعم السريع من التضحية بهم في أي تسوية مستقبلية لصالح قيادات قبلية عليا.
????ومن ناحية أخرى، فإن التناقضات الجوهرية بين الدعم السريع والحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال (الحلو) تطغى عليها الاعتبارات الأيديولوجية فالحركة الشعبية (الحلو) تتبنى مشروع علماني وفيدرالي، بينما الدعم السريع ليس لديه موقف واضح من هذه القضايا المحورية، حيث أن قواته تضم إسلاميين سابقين رغم خطابها المناهض لهم، مما يثير احتمالات الصدام الأيديولوجي في هذا التحالف. أما من الناحية العسكرية، فقد يسعى الدعم السريع لبسط نفوذه العسكري على أكبر مساحة جغرافية لتحالف نيروبي، بينما الحركة الشعبية تريد حكماً ذاتياً حقيقياً في جبال النوبة والنيل الأزرق. وتنذر هذه التناقضات الأيديولوجية والعسكرية الجوهرية بصدام مرجح بين الدعم السريع والحركة الشعبية.
????وبالنسبة للتناقضات الجوهرية داخل تحالف نيروبي المتعلقة بحزبي الأمة والاتحادي الديمقراطي الأصل، فانضمام كليهما لتحالف نيروبي قد صاحبه تناقضات جوهرية داخل الحزبين بين أجنحتهما المتصارعة. فالحزبان يعانيان من انقسامات بين تيار مؤيد للتحالف مع الدعم السريع، وتيار آخر لا يرغب في التحالف مع ما يعتبرها ميليشيا متهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة في حق الشعب السوداني. ومن ناحية أخرى، فإن كلا جناحي الحزبين المشاركين في تحالف نيروبي يكابدان أيضاً من التناقض المتعلق بالخلفية الدينية للحزبين التي لا تطيق التقارب مع الحركة الشعبية بسبب مواقفها العلمانية. وإلى جانب كل ذلك يبرز تناقض جوهري بين جناحي حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي الأصل يضرمه التنافس على موقع صداري داخل التحالف، مما يؤجج الصراع الخفي والعلني بين الحزبين، وبينهما وبين بقية المتنفذين في تحالف نيروبي.
????وفيما يتعلق بالتناقضات داخل التحالف المتعلقة بقوى الجبهة الثورية (الحركات المسلحة من دارفور والنيل الأزرق)
فيطغى عليها شمول الجبهة الثورية فصائل مسلحة لديها حسابات مختلفة مع الدعم السريع، وبعضها يخشى أن يصبح الدعم السريع القوة المهيمنة في دارفور سيما وأن الدعم السريع قد فتك بذويهم خلال حكم الانقاذ، مما يؤدي لتفضيل بعض هذه الفصائل التفاوض مع الجيش بدلاً عن الدعم السريع لضمان استمرار نفوذها وحصتها من الثروة.
???? وتتواصل أزمة التناقضات الداخلية بين مكونات تحالف نيروبي لتشمل مكون الإدارة الأهلية حيث أن بعض زعماء القبائل يدعمون الدعم السريع، بينما زعماء آخرون ترتبط مصالحهم الحقيقية بتحالف الجيش، مما حدا بالدعم السريع اللجوء للإغراء لكسب ولاءهم المُغْرِض. ومن ناحية أخرى، فإن بعض زعماء القبائل لا يثقون بالحركات المسلحة داخل تحالف نيروبي ويخشون إقدام هذه الحركات للسيطرة على مناطقهم. وذلك فضلاً عن أن بعض الإدارات الأهلية ترى أن اعتماد الدعم السريع على القوة العسكرية يهدد توازن القوى القبلية التقليدية.
???? أما بالنسبة لمكون الطرق الصوفية في تحالف نيروبي، فإن بعض شيوخها يتوجسون من خلفية تحالف الدعم السريع مع الإسلاميين مما يثير مخاوف حول توجهاته المستقبلية. كما يوجد تباين منهجي بين المكونين حول مستقبل الائتلاف. ففي حين يجنح الدعم السريع لحسم معارضيه بقوة السلاح، فإن قادة الطرق الصوفية يغلبون اللجوء للمناظرة والمساجلة السلمية. وفوق ذلك، فإن كل الطرق الصوفية المنضوية لتحالف نيروبي تخشى لجوء الحركة الشعبية لفرض أجندتها العلمانية، مما يؤدي إلى صراع ديني داخل التحالف.
????وحتى الأعضاء السابقين في مجلس السيادة المنتمين لتحالف نيروبي لا يخلو تواجدهم من تناقضات جوهرية مع الآخرين تهدد استدامة استمرارهم. فبعض هؤلاء الأعضاء التزموا سابقاً بتحقيق الحكم المدني الديمقراطي، بينما الدعم السريع والحركة الشعبية شمال لا يقدمان التزامات موثوقة حول مستقبل الحكم بلجوئهما لنهج غير شرعي في وضع الدستور وتكوين الحكومة.
???? وفي المحصلة فإن التناقضات الداخلية الجوهرية التي يكابدها تحالفا بورتسودان ونيروبي لا ترجح صمود أي من التحالفين أمامها بأدنى درجات اليقين، بل إن هذه التناقضات تثير الانتباه إلى أيهما سينهار قبل الآخر كعاقبة وازنة للتشرذم والانقسامات الداخلية الحتمية. ويكمن السبيل الوحيد لدرء هذا المآل القمطرير عن السودان البحث عن تحالف ثالث يستمد تماسكه وصموده من مسارات وقِيَم ثورة ديسمبر الشعبية.
melshibly@hotmail.com