انضم بيل غيتس إلى جوقة الأسماء الكبيرة في مجال التكنولوجيا الذين طرحوا وجهة نظرهم في مسألة المخاطر المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، وبدا أنه ليس قلقا كثيرا، بحسب تقرير لموقع "إم آي تي تكنولوجي ريفيو" (MIT Technology Review).

وقدم رجل الأعمال رأيه في منشور على مدونته الشخصية "غيتس نوتس" (GatesNotes) حيث كتب: "أريد أن أتكلم عن المخاوف التي أسمعها وأقرؤها في أغلب الأحيان، وأشارك الكثير منها، وأشرح كيف أفكر بها".

ووفقا لغيتس، يعد الذكاء الاصطناعي "أكثر التقنيات المؤثرة التي نراها في حياتنا"، وهذا يضعه فوق الإنترنت والهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب الشخصية، وهي التقنيات التي كان له فضل في جلب معظمها إلى العالم.

وكان غيتس واحدًا من عشرات الشخصيات البارزة التي وقعت على بيان صادر عن مركز أمان الذكاء الاصطناعي -ومقره سان فرانسيسكو- قبل بضعة أسابيع، ونص على أنه "يجب أن يكون التخفيف من خطر الانقراض بسبب الذكاء الاصطناعي أولوية عالمية، إلى جانب المخاطر المجتمعية الأخرى مثل الأوبئة والحرب النووية".

لكن لا يلاحظ في المنشور بالمدونة هذه النبرة المتخوفة. في الواقع، لم يتطرق غيتس في حديثه إلى المخاطر الوجودية، وبدلا من ذلك، جعل النقاش يصب في مواجهة المخاطر "الفورية"، واختار التركيز على "المخاطر الموجودة بالفعل أو التي ستوجد قريبا".

وينقل التقرير عن ديفيد ليزلي مدير أبحاث الأخلاق والابتكار في معهد آلان تورينغ (Alan Turing) بالمملكة المتحدة قوله: "كان غيتس من الفئة المتخوفة من هذه التكنولوجيا منذ فترة طويلة".

ويضيف ليزلي: "لقد كان غيتس أكثر اهتماما بالذكاء الاصطناعي الخارق منذ زمن، لكن يبدو أنه ربما خفف من تخوفاته قليلا".

الذكاء الاصطناعي "أكثر التقنيات المؤثرة التي نراها في حياتنا" بحسب غيتس (رويترز)

ولم يتجاهل غيتس -في تدوينته- المخاطر الوجودية تماما، بل تساءل عما يمكن أن يحدث عندما "يتم تطوير ذكاء اصطناعي يمكنه تعلم أي موضوع أو مهمة"، ويقول "سواء وصلنا إلى هذه النقطة خلال عقد أو قرن، فسنحتاج إلى التفكير في أسئلة عميقة، مثل ماذا لو حدد الذكاء الاصطناعي الخارق أهدافه الخاصة؟ ماذا لو تعارضت مع الإنسانية؟ هل علينا أصلا أن نصنع ذكاءً اصطناعيًا فائقًا؟ لكن التفكير في هذه المخاطر الطويلة المدى ينبغي ألا يأتي على حساب المخاطر الأكثر إلحاحًا".

ويمكن اعتبار موقف غيتس هذا وسطا بين رائد التعلم العميق جيفري هينتون الذي ترك غوغل (Google) وأعلن مخاوفه بشأن الذكاء الاصطناعي في مايو/أيار الماضي، وآخرين مثل يان لوسين وجولي بينووي في "ميتا إيه آي" (Meta AI) اللذين يعتقدان أن الحديث عن المخاطر الوجودية هي مسألة "سخيفة بشكل غير معقول"، أو ميريديث ويتاكر من سيغنال (Signal) التي تعتقد أن المخاوف التي يتقاسمها هينتون وآخرون هي "قصص أشباح".

ويتساءل التقرير عن المساهمة التي يقدمها غيتس من خلال تدوينته، في وقت يقول فيه ليزلي: "مع حديث الجميع عن ذلك، نحن مشبعون نوعا ما بالمخاوف".

تهديدات

يشير غيتس إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل بالفعل تهديدا في العديد من المجالات الأساسية للمجتمع، من الانتخابات إلى التعليم إلى التوظيف، وهي مخاوف ليست جديدة.

ففي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، غيرت الآلات الحاسبة كيفية تعلم الطلاب للرياضيات، مما سمح لهم بالتركيز على ما يسميه غيتس "مهارات التفكير وراء الحساب"، بدلا من الحساب الأساسي نفسه، ويرى الآن أن تطبيقات مثل "شات جي بي تي" تفعل الشيء نفسه مع مواضيع أخرى، بحسب موقع إم آي تي تكنولوجي ريفيو.

غيتس يرى أن تطبيقات مثل "شات جي بي تي" لها تأثير الآلات الحاسبة التي ساعدت البشر، لكن في مواضيع أخرى (رويترز)

وفي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، غيرت تطبيقات معالجة الكلمات وجداول البيانات العمل المكتبي تغييرات كانت مدفوعة بشكل كبير من شركة غيتس الخاصة "مايكروسوفت" (Microsoft).

وينظر غيتس مرة أخرى إلى كيفية تكيف الناس مع هذه الاختراعات، ويدّعي أنه يمكننا القيام بذلك مرة أخرى، ويقول: "تطبيقات معالجة الكلمات لم تلغِ العمل المكتبي، لكنها غيرت طريقته إلى الأبد ويضيف: "التحول الناجم عن الذكاء الاصطناعي سيكون انتقالا صعبا، لكن هناك كل الأسباب للاعتقاد بأنه يمكننا تقليل الاضطراب الذي يلحق بحياة الناس وسبل عيشهم".

ويضيف "مثل ذلك التعامل مع المعلومات المضللة، لقد تعلمنا كيفية التعامل مع البريد العشوائي، لذلك يمكننا أن نفعل الشيء نفسه بالنسبة للتزييف العميق".

خطوات للحدّ من مخاطر الذكاء الاصطناعي

وبحسب موقع إم آي تي تكنولوجي ريفيو، يحث غيتس على اتخاذ إجراءات سريعة وحذرة لمعالجة جميع الأضرار، لكنه لا يقدم أي جديد، ويدعو إلى هيئة عالمية لتنظيم الذكاء الاصطناعي، على غرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ويعتقد أن هذه ستكون طريقة جيدة للتحكم في تطوير الأسلحة الإلكترونية للذكاء الاصطناعي، لكنه لم يذكر ما الذي يجب أن تحدده هذه اللوائح أو كيف ينبغي تنفيذها.

ويقول إن الحكومات والشركات بحاجة إلى تقديم الدعم، مثل برامج إعادة التدريب للتأكد من عدم تخلف الناس عن الركب في سوق العمل، ويضيف أنه يجب دعم المعلمين للانتقال إلى عالم تكون فيه تطبيقات مثل "شات جي بي تي" هي القاعدة، لكن غيتس لم يحدد كيف سيبدو هذا الدعم.

ويرى غيتس أننا بحاجة إلى تحسين طرق اكتشاف التزييف العميق، أو على الأقل استخدام الأدوات التي تكتشفه لنا، لكن المشكلة الحالية أن أحدث مجموعة من الأدوات لا يمكنها اكتشاف الصور أو النصوص التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي.

ويقول غيتس إنه يجب إعطاء الأولوية للمخاطر الفورية، ويرى أن البشرية واجهت بنجاح الاضطرابات التكنولوجية من قبل، ويمكنها القيام بذلك مرة أخرى. لكن كيف؟

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

كيف وقع الذكاء الاصطناعي ضحية كذبة أبريل؟

اعتاد الصحفي بن بلاك نشر قصة كاذبة في الأول من أبريل/نيسان من كل عام على موقعه الإخباري المحلي "كومبران لايف" (Cwmbran Life)، ولكنه صُدم عندما اكتشف أن الذكاء الاصطناعي الخاص بغوغل يعتبر الأكاذيب التي كتبها حقيقة ويظهرها في مقدمة نتائج البحث، وفقا لتقرير نشره موقع "بي بي سي".

وبحسب التقرير فإن بلاك البالغ من العمر 48 عاما بدأ بنشر قصصه الزائفة منذ عام 2018، وفي عام 2020 نشر قصة تزعم أن بلدة كومبران في ويلز سُجلت في موسوعة غينيس للأرقام القياسية لامتلاكها أكبر عدد من الدوارات المرورية لكل كيلومتر مربع.

ورغم أنه عدل صياغة المقال في نفس اليوم ولكن عندما بحث عنه في الأول من أبريل/نيسان، صُدم وشعر بالقلق عندما رأى أن معلوماته الكاذبة تستخدمها أداة الذكاء الاصطناعي من غوغل وتقدمها للمستخدمين على أنها حقيقة.

يُذكر أن بلاك قرر كتابة قصص كاذبة في يوم 1 أبريل/نيسان من كل عام بهدف المرح والتسلية، وقال إن زوجته كانت تساعده في إيجاد الأفكار، وفي عام 2020 استلهم فكرة قصته من كون كومبران بلدة جديدة حيث يكون ربط المنازل بالدوارات من أسهل طرق البناء والتنظيم.

وقال بلاك: "اختلقت عددا من الدوارات لكل كيلومتر مربع، ثم أضفت اقتباسا مزيفا من أحد السكان وبعدها ضغطت على زر نشر، ولقد لاقت القصة استحسانا كبيرا وضحك الناس عليها".

إعلان

وبعد ظهر ذلك اليوم أوضح بلاك أن القصة كانت عبارة عن "كذبة نيسان" وليست خبرا حقيقيا، ولكن في اليوم التالي شعر بالانزعاج عندما اكتشف أن موقعا إخباريا وطنيا نشر قصته دون إذنه، ورغم محاولاته في إزالة القصة فإنها لا تزال منشورة على الإنترنت.

وقال بلاك: "لقد نسيت أمر هذه القصة التي مر عليها 5 سنوات، ولكن عندما كنت أبحث عن القصص السابقة في يوم كذبة نيسان من هذا العام، تفاجأت بأن أداة غوغل للذكاء الاصطناعي وموقعا إلكترونيا لتعلم القيادة يستخدمان قصتي المزيفة ويظهران أن كومبران لديها أكبر عدد للدوارات المرورية في العالم".

وأضاف "إنه لمن المخيف حقا أن يقوم شخص ما في أسكتلندا بالبحث عن الطرق في ويلز باستخدام غوغل ويجد قصة غير حقيقية" (..) "إنها ليست قصة خطيرة ولكن الخطير حقا هو كيف يمكن للأخبار الكاذبة أن تنتشر بسهولة حتى لو كانت من مصدر إخباري موثوق، ورغم أنني غيرتها في نفس اليوم فإنها لا تزال تظهر على الإنترنت -فالإنترنت يفعل ما يحلو له- إنه أمر جنوني".

ويرى بلاك أن الذكاء الاصطناعي أصبح يشكل تهديدا للناشرين المستقلين، حيث تستخدم العديد من الأدوات محتواهم الأصلي دون إذن وتعيد تقديمه بأشكال مختلفة ليستفيد منها المستخدمون، وهذا قد يؤثر سلبا على زيارات مواقعهم.

وأشار إلى أن المواقع الإخبارية الكبرى أبرمت صفقات وتعاونت مع شركات الذكاء الاصطناعي، وهو أمر غير متاح له كناشر مستقل.

ورغم أن بلاك لم ينشر قصة كاذبة هذا العام بسبب انشغاله، فإن هذه التجربة أثرت عليه وجعلته يقرر عدم نشر أي قصص كاذبة مرة أخرى.

مقالات مشابهة

  • خدعة أبريل التي صدّقها الذكاء الاصطناعي
  • بيل غيتس يكشف عن 3 مهن ستصمد في وجه الذكاء الاصطناعي
  • بيل غيتس يحدد 3 وظائف ستنجو من سطوة “الذكاء الاصطناعي”
  • غيتس يحدد المهن التي ستبقى خارج سيطرة الذكاء الاصطناعي
  • كيف وقع الذكاء الاصطناعي ضحية كذبة أبريل؟
  • مخاوف من تأثير الذكاء الاصطناعي على جودة الأبحاث وأخلاقيات النشر العلمي
  • مهن ستنجو من التحول إلى الذكاء الاصطناعي.. «بيل غيتس» يكشفها
  • بيل غيتس يكشف المهن التي ستظل بعيدة عن تأثير الذكاء الاصطناعي: 3 فقط
  • بيل غيتس يستثني 3 مهن من هيمنة الذكاء الاصطناعي
  • بيل غيتس: 3 مهن ستصمد في وجه الذكاء الاصطناعي