حارس الازدهار: عنوان خائب لمعارك بحرية قادمة
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
تحرك الحوثيون لنصرة غزة، فقرروا منع السفن الاسرائيلية وحدها من عبور مضيق باب المندب، من دون ان يتسببوا بإزعاج السفن الأخرى، و اختزلوا مطالبهم في فقرتين:-
وقف إطلاق النار في قطاع غزة. . والسماح بتدفق الأغذية والأدوية والوقود إلى المحاصرين هناك. .لم تستجب لهم اسرائيل، ولم توقف عدوانها على المدنيين، ولم تتفاعل الولايات المتحدة مع تلك المطالب، وفشلت المفاوضات الجانبية عن طريق وسطاء من سلطنة عمان، فتكررت غارات الحوثيين في باب المندب، لكنها اقتصرت على السفن التالية ولم تشمل السفن كلها:- السفن التجارية التي ترفع العلم الاسرائيلي.
. السفن المملوكة لاسرائيليين. . السفن القادمة من الموانئ الاسرائيلية أو المتوجهة اليها. .
فكانت الولايات المتحدة أمام خيارين لا ثالث لهما:- اما سلوك طريق السلام، والإذعان والاستجابة للنداءات الجماهيرية حول العالم بوقف أطلاق النار؛ أو سلوك طريق الحرب، وتشكيل قوة بحرية دولية من الحاملات والفرقاطات والغواصات والمدمرات والبوارج، بذريعة تنظيم حركة مرور السفن التجارية بقوافل تحميها القوارب الحربية وطائرات الرصد والمراقبة. لكنها في حقيقة الأمر هرعت كعادتها لدعم المصالح الاسرائيلية. .
فجاء تشكيل القوة البحرية المشتركة في بيان اطلقه وزير الدفاع الأمريكي (لويد أوستن) من مكتبه في مملكة البحرين، اعلن فيه عن تنفيذ عمليات (حارس الازدهار) Prosperity Guardian، التي ستنضم اليها السفن الحربية التابعة إلى كل من: المملكة المتحدة وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا، والتحقت بركبهم البحرين. .
تزعم امريكا (ان القوة المشتركة غير معنية بخوض الحرب ضد اليمن، وإنما هبت لحماية قوافل السفن). لا ريب أنها البداية المتوقعة لكل الكوارث المحتملة التي ستعصف بالمنطقة وتقلب عاليها سافلها. .
لم تشترك معهم البلدان العربية المطلة على البحر الأحمر (السعودية ومصر والسودان وجيبوتي)، لكن تلك القوة المشتركة سوف تحتاج إلى قواعد على اليابسة، وتحتاج إلى مراكز ساحلية للمراقبة، وقد تستعين بقواعدها الموجودة الآن في أماكن متفرقة في الصحاري العربية القريبة. .
ولكي لا نغرق في التفاصيل، فان هذه القوة المشتركة هي الامتداد التعبوي للفرقة ( 153 ) التي تم تشكيلها في ربيع عام 2022 بذريعة صيانة الأمن البحري في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن. وتتألف من 39 دولة، وهذا يعني اتساع رقعة المشاركة الدولية. .
واستكمالاً لما تقدم، ومن أجل تفعيل النوايا المبيتة دعت الولايات المتحدة مجلس الأمن إلى اتخاذ الإجراءات الفورية الرادعة للحوثيين، لكنها لن تطلب من المجلس اتخاذ إجراءات رادعة ضد جيش الاحتلال وهجماته الهمجية على المدنيين في غزة. .
اما على الصعيد اليمني فقد اظهر الحوثيون استعدادهم لمواجهة التحديات في باب المندب وخليج عدن. وبات من المتوقع ان قناة السويس هي المتضرر الأول في هذا الصراع. فالفصائل اليمنية المسلحة ليس لديها ما تخسره، لذا فأن الدخول معها في معارك يعد مضيعة للوقت والمال والجهد. وليس أمام امريكا واخواتها سوى اللجوء إلى الحلول السلمية، والتوقف عن تنفيذ حملات الإبادة في غزة. .
تبقى لدينا تساؤلات كثيرة، من مثل: كيف سيكون شكل الاستقرار الملاحي في حوض البحر الأحمر وخليج عدن بعد انتشار هذه الأعداد الهائلة من السفن الحربية متعددة الجنسيات ؟. ومن ذا الذي يتحمل تكاليفها ونفقاتها ؟. وهل تستطيع السفن التجارية العمل في هذه الأجواء الحربية المتشنجة ؟. وكم سيكون حجم خسائر قناة السويس وميناء العقبة الأردني والموانئ الاسرائيلية ؟. .
ختاماً: لاحظوا السلوك المشين لبريطانيا، التي كانت (عظمى) لكنها تتحرك اليوم حيثما تتحرك جيوش الولايات المتحدة، فالعلاقة بين الطرفين صارت اشبه بعلاقة التابع الرخيص بالمتبوع المتغطرس. ولاحظوا كيف اندفعت الأساطيل الغربية ومعها لتأمين سلامة السفن المتوجهة إلى الموانئ الاسرائيلية. .
أليس هذا زمن العجائب والتناقضات ؟؟. . .
د. كمال فتاح حيدر
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
الرسوم الجمركية المتبادلة التي تفرضها الولايات المتحدة ستضرّ بالآخرين ونفسها أخيرًا
في يوم 2 أبريل/ نيسان، أعلنت الولايات المتحدة فرض "الرسوم الجمركية المتبادلة" على جميع الشركاء التجاريين، من بينها فرض الرسوم الجمركية الإضافية بنسبة 34% على الصين، وفرض الرسوم الجمركية التي تتراوح بين 10% و39% على قطر، والسعودية، والأردن، والعراق وغيرها من الدول العربية.
أثار هذا التصرف استياءً شديدًا في جميع أنحاء العالم، وحتى داخل الولايات المتحدة. في الواقع، من الصعب أن يساعد ما يسمى بـ"الرسوم الجمركية المتبادلة" على تحقيق هدفها المعلن "التوازن التجاري"، وبالمقابل، سيؤدي إلى ركود الاقتصاد الأميركي، وحتى الاقتصاد العالمي.
"الرسوم الجمركية المتبادلة" التي تفرضها الولايات المتحدة، ستؤثر على النظام الاقتصادي والتجاري الدولي الحالي. يدّعي الجانب الأميركي أنه خسر في التجارة الدولية، ويستخدم ذريعة "التبادل" لزيادة الرسوم الجمركية.
هذا التصرّف يتجاهل نتائج توازن المصالح، التي تم التوصل إليها في المفاوضات التجارية متعددة الأطراف منذ سنوات طويلة، ويتجاهل أيضًا حقيقة استفادة الجانب الأميركي كثيرًا من التجارة الدولية على المدى الطويل.
بناءً على التقييم الذاتي من جانبه فقط، اختار الجانب الأميركي ما يسمى بـ"الرسوم الجمركية المتبادلة"، هذا يشكّل انتهاكًا شديدًا لقواعد منظمة التجارة العالمية، ويضّر بالمصالح المشروعة للأطراف المعنية، حتى النظام التجاري متعدد الأطراف القائم على القواعد، ضررًا شديدًا.
إعلان"الرسوم الجمركية المتبادلة" التي تفرضها الولايات المتحدة، ستؤثر على التشغيل المستقرّ للاقتصاد العالمي. وفقًا للتقديرات الأولية لمنظمة التجارة العالمية، فإن الإجراءات الجمركية التي أطلقتها الولايات المتحدة منذ بداية العام الجاري، قد تؤدي إلى انكماش حجم التجارة السلعية العالمية بنحو 1% في عام 2025، بانخفاض يقارب 4 نقاط مئوية عن التوقعات السابقة.
وستقوّض "الرسوم الجمركية المتبادلة" استقرار سلسلة الصناعة والإمداد العالمية، وتؤثر على آفاق تنمية العولمة الاقتصادية، وتضرب بشدة دورة الاقتصاد العالمي، وحتى قد تثير أزمة مالية واقتصادية عالمية.
"الرسوم الجمركية المتبادلة" التي تفرضها الولايات المتحدة ستضرّ بها في نهاية المطاف. لقد عبر الاتحاد الأوروبي وكندا وغيرهما من الاقتصادات عن الاستعداد لإصدار التدابير المضادة على الولايات المتحدة.
وفقًا للتوقعات من مختبر الميزانية بجامعة ييل الأميركية، إذا اتخذت الدول الأخرى الإجراءات الانتقامية، فسيرتفع الإنفاق الاستهلاكي الفردي في الولايات المتحدة بنسبة 2.1%، وسينخفض معدل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 1%.
حاليًا، تنخفض ثقة المستهلكين الأميركيين باستمرار، وستزيد "الرسوم الجمركية المتبادلة" من إنفاق السلع المنزلية على نحو متزايد، مما يثقل كاهل العائلات الأميركية، كما سترفع أيضًا تكاليف التصنيع، وتضعف القدرة التنافسية للشركات الأميركية، حتى تدفع الاقتصاد الأميركي نحو الركود.
لا رابحَ في الحروب التجارية، ولا مخرجَ للحمائية. إن الجانب الأميركي يفرض الرسوم الجمركية تحت شعار "التبادل"، إن هذا يعد ممارسة التنمر أحادي الجانب الذي يضر بالآخرين وبأميركا، ويعارض الجانب الصيني ذلك بشكل قاطع، وسيتخذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على مصالحه الذاتية المشروعة بحزم.
إعلانإننا نحثّ الجانب الأميركي على تصحيح ممارساته الخاطئة، والتفاوض مع مختلف دول العالم بما فيها الصين؛ لتسوية الخلافات التجارية بالأسلوب القائم على المساواة والاحترام والمنفعة المتبادلة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline