تواصل كبرى الصحف العالمية تسليط الضوء على الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ 75 يوما وتداعياتها على المشهدين الإقليمي والدولي، وتبرز عجز الاحتلال عن تحقيق هدفه بالقضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وخلفيات ذلك ومآلاته.

وقال مقال بصحيفة "واشنطن بوست" إن شدة تحصين حماس يصعّب هزيمتها، حتى مع شن إسرائيل واحدة من أكثر الحملات العسكرية عنفا في التاريخ، حيث لم تتمكن من التأثير سوى في جزء بسيط من قدرة الحركة العسكرية، لكنها في المقابل دمرت قطاع غزة وشردت نحو 90% من سكانه.

فيما ترى مجلة إيكونومست أن إسرائيل لا تعرف ما الذي يتعين عليها فعله في ما يتعلق بأزمة المحتجزين، وأن الخيارات أمامها محفوفة بالمخاطر ويبدو موقف الحكومة من المفاوضات مرتبكا، مضيفة بأن إسرائيل عاجزة عن التوفيق بين أهدافها في حربها على حماس أكثر من أي وقت مضى.

بينما توقع مقال في صحيفة هآرتس أن يبدأ نطاق رفض الحرب بين الإسرائيليين في التوسع ليشمل أكثر مؤيديها قريبا، وخلص إلى أن الغضب والصدمة من هجوم السابع من أكتوبر/تشرين أول الماضي غير كافيين لضمان الدعم الشعبي لحرب دموية طويلة الأمد.

زلزال سياسي

أما صحيفة جيروزاليم بوست، فتوقعت حدوث زلزال سياسي كبير في إسرائيل بعد الحرب، ورأى مقال فيها أن ثقة إسرائيل بنفسها تضررت كما تحطمت الثقة بالقادة السياسيين والعسكريين، مضيفا بأن تشكيلة الأحزاب التي ستتنافس في الانتخابات المقبلة ستكون مختلفة تماما عن المشهد في الانتخابات الأخيرة.

وانتقد تقرير في صحيفة لوموند استهداف قوات الجيش الإسرائيلي لمستشفيات غزة الواحد تلو الآخر متسببا بذلك في خسائر بشرية ومادية لا حصر لها، ويستنتج أن حجم الدمار والضرر من مساعي ملاحقة مقاتلي حماس وجمع المعلومات عنهم لا يتناسبان مع النتائج التي أعلن عنها الجيش الإسرائيلي.

فيما تناول تقرير في صحيفة تلغراف مساعي المسؤولين الأميركيين لردع الحوثيين وتأمين مرور سفن الشحن عبر البحر الأحمر، وذكر أن مستشارين بالبنتاغون حذروا من أن تنفيذ ضربات مباشرة ضد أهداف لهم في اليمن قد يؤدي إلى تأجيج التوترات مع إيران، كما يشعرون بالقلق بشأن تكلفة عمليتهم الدفاعية في البحر الأحمر.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

مقال لضابط إسرائيلي سابق: الأوهام تُسير الحرب بغياب أية إستراتيجية

انتقد الضابط الإسرائيلي السابق ورئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه ديان بجامعة تل أبيب مايكل ميلشتاين حالة "غياب الإستراتيجية" التي تعيشها إسرائيل في ظل الحرب الجارية في قطاع غزة والتوترات الإقليمية المتصاعدة.

واعتبر أن إسرائيل دخلت في مرحلة أصبحت فيها الحرب "حقيقة دائمة" وليست وسيلة لتحقيق هدف سياسي أو أمني واضح، بل غاية بحد ذاتها.

وفي مقال نشره بصحيفة "يديعوت أحرونوت" تحت عنوان "الحرب هي الإستراتيجية"، قال ميلشتاين إن القيادة الإسرائيلية الحالية "تحافظ على الصراع" دون هدف أو إطار زمني، وترفض من حيث المبدأ صياغة أي إستراتيجية، لأن ذلك قد يتطلب اتخاذ قرارات تمس بنية الائتلاف الحاكم.

وأضاف أن "الحكومة تحولت إلى إدارة أزمات دائمة، تقود عمليات عسكرية في غزة ولبنان وسوريا، وتستعد لاحتمال مواجهة مع إيران، دون أن تطرح للجمهور أو لصناع القرار تساؤلات أساسية عن الهدف من كل ذلك، أو التكلفة المتوقعة".

بحسب كاتب المقال فإن الحكومة تحولت إلى إدارة أزمات دائمة (الأوروبية) الأوهام بدل الإستراتيجيات

ويرى الضابط الإسرائيلي أن غياب الإستراتيجية دفع القيادة الإسرائيلية إلى الاعتماد على "أوهام" وأحلام غير واقعية، وعلى رأسها "تحقيق نصر مطلق" على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة، استنادا إلى الفرضية الخاطئة بأن استخدام المزيد من القوة سيجعل الحركة أكثر مرونة أو يدفعها إلى الانهيار.

إعلان

ومن هذه الأوهام أيضا، كما يقول، الاعتقاد بإمكانية تنفيذ ما يُعرف بـ"خطة ترامب" لإعادة إعمار غزة في غياب أي دولة مستعدة للتعاون، حتى في ظل فتور متزايد من قبل واشنطن تجاهها، وكذلك "الاعتقاد بأن سحق مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية سيقضي على الذاكرة الجمعية الفلسطينية ويُنهي التطرف".

وأشار إلى أن صناع القرار في إسرائيل يتصرفون كما لو أنهم بصدد تشكيل شرق أوسط جديد، أكثر استقرارا وودا لإسرائيل، متجاهلين الوقائع على الأرض والمواقف المعلنة من دول رئيسية كالمملكة العربية السعودية التي ترفض التطبيع دون مسار سياسي مع الفلسطينيين.

وحمّل ميلشتاين جزءا من هذا "التيه الإستراتيجي" إلى عودة النزعة نحو "الاستيلاء على الأراضي" باعتبارها وسيلة ردع.

ووفق رأيه، تُظهر الجبهات في غزة وسوريا، وحتى جزئيا في لبنان، أن هناك قناعة متزايدة في إسرائيل بأن "العرب لا يفهمون إلا إذا أُخذت منهم أراض"، وهو ما اعتبره تبنيا لمفهوم بائد أثبت التاريخ فشله، كما في أعقاب حرب 1967، التي أثبتت أن احتلال الأراضي لم يؤد إلى الردع.

وأوضح أن هذه النظرة تجد دعما من أوساط اليمين الديني الصهيوني، خاصة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي صرح مؤخرا بأن هدفه هو "تغيير الحمض النووي" للضفة الغربية، وأنه مستعد لقبول ضم رسمي لأراض فيها بموافقة أميركية.

وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش (الأناضول) فشل في فهم العدو والبيئة

وأكد ميلشتاين أن إسرائيل لا تزال تعاني من "فقر في فهم العدو"، سواء كان حماس أو حزب الله أو إيران، معتبرا أن القيادة تستخف بهذه الأطراف رغم أنها "تلقت ضربات مؤلمة ونجت"، وتتجاهل جوهر منطقها وهويتها، وتخوض مواجهتها معها بأدوات كلاسيكية لا تصلح للصراع غير المتكافئ.

وحذر من أن "الإنجازات الإستراتيجية الدراماتيكية التي تحققت بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول بدأت تتآكل، نتيجة الإصرار على استمرار القتال من دون رؤية واضحة"، منتقدا ما وصفه بانعدام الشفافية بين القيادة والجمهور الإسرائيلي.

إعلان

واستشهد الضابط بالمثال التاريخي لرئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل خلال الحرب العالمية الثانية، الذي خاطب شعبه بعبارات صريحة عن التضحيات، قائلاً: "دم وعرق ودموع"، داعيا القيادة الإسرائيلية اليوم إلى تبني النهج ذاته، بدلا من إدارة الحرب كـ"عملية كوماندوز سرية" بعيدا عن حوار وطني صريح.

وأوضح أن التوجه نحو "احتلال قطاع غزة" -إن حصل- سيحتاج إلى موارد ضخمة، وقد يعني استحالة التوصل إلى صفقة لتحرير "الرهائن"، لكنه رغم ذلك يُدفع قدما دون نقاش علني حول تداعياته أو كلفته، وحتى دون وجود توافق داخلي حوله.

وختم ميلشتاين مقاله بالتشكيك في قدرة القيادة السياسية والعسكرية الحالية على خوض هذه المعركة، مشيرا إلى أن "من كان مسؤولا عن كارثة 7 أكتوبر يصعب أن يكون هو من يصوغ المستقبل"، خاصة في ظل تصدعات في صفوف الاحتياط وغياب الدعم الشعبي، وشعور متزايد بأن "الاعتبارات السياسية للبقاء في السلطة" تتفوق على أي اعتبارات مهنية أو وطنية.

وفي حين دعا الحكومة إلى "التخلي عن الشعارات والأوهام التي تسببت في أضرار جسيمة، وتقديم أهداف إستراتيجية واضحة في كل ساحة"، فقد قال إن "على الجمهور الإسرائيلي على أن يُدرك أنه لم يعد بوسعه الوثوق بتلك النخبة الحاكمة التي تقول له ببساطة: نحن نعرف ما نفعل".

مقالات مشابهة

  • دبلوماسي فلسطيني سابق: إسرائيل تسعى لفرض نفوذ أوسع بغزة
  • دبلوماسي فلسطيني سابق: إسرائيل تفشل في إنهاء حماس وتسعى لفرض نفوذ أوسع بغزة
  • إسرائيل تزعم: حماس تمتنع عن القتال في الأنفاق وتُركز على هذا الأمر
  • إعلام العدو: “إسرائيل” فشلت في تحقيق أهداف الحرب وحماس لا تزال تتسيد غزة
  • ضمن سياسة تفكيك الجغرافيا الفلسطينية وضغطًا على «حماس».. إسرائيل تمحو رفح من الخريطة وتحولها لمنطقة عازلة
  • منسق شؤون الأسرى بإسرائيل: مفاوضات التبادل تجري وسط تعتيم شديد
  • مقال بهآرتس: أطفال غزة أمام 3 خيارات أحلاها مر
  • مقال لضابط إسرائيلي سابق: الأوهام تُسير الحرب بغياب أية إستراتيجية
  • ما وراء اتساع دائرة رفض الخدمة العسكرية بإسرائيل
  • صاحب خطة الجنرالات: ثلاثة أسباب لفشل “إسرائيل” في الحرب على غزة