سجون ستنفجر في لبنان.. ماذا يجري في أروقة القضاء؟
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
لم يكن العام 2023 جيداً بالنسبة للجسم القضائي في لبنان، وتقولُ مصادر قضائية عنها إنها كانت "كارثة" جداً. نكسات متنوعة سواء اقتصادية، عملية، ميدانية، وحتى سياسية نخزت عمل القضاة من أعلى الهرم إلى أسفله.. عملياً، من يدخلُ في صلب العمل القضائي اللبناني يُدرك تماماً أن هناك عجزاً كبيراً عن القيام بكل ما هو مطلوب لاسيما أن الأزمة أثرت على عمل القضاة.
وسط كل ذلك، فإن ما يجري في دهاليز غرف القرار مُرعب، فالمشهدية قاتمة ويسودها الكثير من الضبابية.. فما الذي يحدث في أروقة القضاء؟
سجون ستنفجر
أزمة السجناء والمحاكمات تتفاقم ولم نتنهِ.. لا يُخفي مصدرٌ قضائي تحدّث عبر "لبنان24" هول المصيبة التي تتفاقم بشكل يومي، وسط ازدياد معدلات الجريمة.
وبأرقام حصل عليها "لبنان24"، فإنّه داخل 229 نظارة في لبنان يتوزع بشكلٍ متفاوت ما يقارب 2550 موقوفًا، ما قد يؤدي إلى حالة انفجار واسعة ستعاني منها النظارات، نسبة لقدرتها الإستيعابية المحدودة، إضافةً إلى حاجتها الماسة للصيانة، ووصولا إلى المشكلة الأساسية والجوهرية المرتبطة بعدد العناصر الأمنية المحدود.
في الواقع، أفقدت الأزمة الإقتصادية هذه المراكز روتين الرقابة المعتمد، حيث بات عدد حرّاس بعض المراكز غير كاف لإتمام الحماية الكاملة، علمًا أن هؤلاء مجبرون على تمرير أيام العمل بين بعضهم البعض.
المشكلة هذه يتحمل قسم كبير منها الجسم القضائي، إذ إنّ تأخير المحاكمات، وتكديس الملفات بسبب الإضرابات المتتالية منعت القوى الأمنية من إزاحة عبء كبير عن كاهلها. كذلك، فإنّ الإضرابات المتتالية شلت عمل القضاء في لبنان، ومنعت الآلاف من إنهاء معاملاتهم، أو الخروج من السجن بعد قضاء محكوميتهم.
المشكلة الأكثر تأثيراً وصعوبة هي التي ترتبطُ بأماكن التوقيف، إذ يشتكي عدد كبير من القضاة بالتوازي مع المساجين وأهاليهم من عدم قدرة القوى الأمنية على ايصال الموقوفين إلى المحاكم في الأوقات المحددة، نظراً لعددهم الكبير، أو لأمور خارجة بشكلٍ كليّ عن إرادتهم، وهذا ما يؤجّج هذه المشكلة.
بحسب معلومات "لبنان24"، فإن ما نسبته 82% من الموقوفين، هم من دون محاكمة، ويصل عدد الجرائم مجتمعة إلى ما يقارب 40 ألف جريمة، موزعة على ما يفوق حتى يومنا هذا على 2250 موقوفًا، يشكل الأجانب منهم 40% ويصل عدد السوريين إلى 30% من نسبة هؤلاء الأجانب، 630 منهم موقوفون بتهم المخدرات. كلّ ذلك دفع إلى توزيع الموقوفين على مختلف المراكز على كافة الأراضي اللبنانية، بغض النظر عن مكان ارتكاب عناصر الجرم.
محاكم تفرغ
بالتوازي، وعلى بعد سنوات من عدم افتتاح أي دورة للقضاة، فإن غرف المحاكمة باتت قاب قوسين أو أدنى من الفراغ، مع انخفاض عدد القضاة بشكلٍ رهيب. هنا، يوضح مصدر قضائي لـ"لبنان24" أن ما يقارب الـ 250 قاضياً فقط يعملون اليوم بشكل فعلي لحلّ قضايا ما يزيد عن 5 مليون لبناني وأكثر من مليوني ونصف مليون سوري. هذا الرقم الصادم دفع بالعديد من الجهات إلى ابتكار الحلول وإيجاد مخارج تسرّع المحاكمة، إلا أن أيًا منها لم ينجح، خصوصاً أن رواتب القضاة في بعض المراكز بات لا يتعدى الـ 200$، وهذا ما يبرّر سبب التلويح المستمر بالإضراب.
الأمر الأكثر تأثيراً يرتبط بالفراغ الذي قد يطالُ مراكز متقدمة ضمن السلطة القضائية، والإمتحان الأكبر يرتبط بالقدرة والخطوات التي ستؤدي إلى ملء تلك المراكز. حالياً، فإن مركز المدعي العام التمييزي والذي يشغله حاليًا القاضي غسان عويدات قد "قطع قطوعه" من خلال وجود البديل المتمثل بالقاضية ندى دكروب، باعتبارها القاضي الأعلى درجة التي ستستلم المهام في شباط المقبل، علماً أنّه في حال رفضت دكروب فإن هناك 4 قضاة جاهزون مؤهلون للمنصب. ما حصل على صعيد مركز المدعي العام لا يمنع فتح ملف النقص على مصراعيه لأن النقص المستمر في عدد القضاة قد يمنع خطوة إشغال الشواغر الجديدة، طالما أن العدد الأكبر من القضاة الموجودين اليوم باتوا بدائرة التقاعد، وهذا ما يضع السلطة أمام تحدي وضع الرجل المناسب في المكان المناسب... المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: فی لبنان
إقرأ أيضاً:
الشغور في الجسم القضائي 30% والنزيف مستمرّ
كتبت ندى ايوب في " الاخبار": تحدّيات كثيرة تنتظر وزير العدل عادل نصّار، بدءاً من التشكيلات القضائية وملء الشواغر، مروراً بتحسين أوضاع القضاة والعدليات، إلى تسريع المحاكمات وتخفيف اكتظاظ السجون، وإقرار قانون استقلالية القضاء، وليس انتهاءً بوقف محاكمة المدنيين أمام المحكمة العسكرية.وتُقدّر نسبة الشغور في السلك القضائي بحوالي 30%. وإلى التعيينات المطلوبة في مناصب رئاسة التفتيش القضائي والمدّعي العام المالي ومدّعي عام التمييز، فإن الرؤساء الأوائل لمحاكم الاستئناف الخمس في المحافظات كافة معيّنون بالتكليف لا بالأصالة. كما أن جميع أعضاء مجلس القضاء الأعلى، وعددهم عشرة، انتهت مدة ولايتهم، إضافة إلى الهيئة العامة لمحكمة التمييز، والشغور الواقع في عدد كبير من غرف ديوان المحاسبة.
هذا الواقع وما يتركه من أثرٍ على عمل قصور العدل، حيث تتراكم الملفات أمام القضاة، يزيده تعقيداً استمرار النزيف في السلك القضائي، إذ استقال هذا العام ثلاثة قضاة، آخرهم القاضي أنطوان طعمة قبل ثلاثة أسابيع، ليصل عدد القضاة الذين قدّموا استقالاتهم أو طلبات استيداع في سنوات ما بعد الأزمة الاقتصادية إلى نحو 25 قاضياً. وللمرة الأولى، يتوقّف المعهد العالي للقضاء عن فتح أبوابه لدورات التدرّج الملزمة للقضاة، والتي تستمر ثلاث سنوات، قبل تعيينهم قضاة أصيلين. وهو توقّف قسري ناجم عن انعدام المخصّصات والاعتمادات اللازمة للمعهد، ما يعني أن السلك القضائي لن يُرفد بقضاةٍ أصيلين جدد إلا بعد ثلاث سنوات من تاريخ استعادة المعهد لنشاطه، علماً أن آخر دفعة من القضاة خرّجها المعهد كانت عام 2023. ويُعدّ تدنّي قيمة الرواتب هو السبب الأول لمغادرة القضاة السلك.
ففي حين كان راتب القاضي قبل الانهيار المالي يراوح بين 3000 و4000 دولار، تراجع إلى ما بين 300 و400 دولار، وبعد اعتكافٍ قضائي هو الأطول في تاريخ لبنان استمر خمسة أشهر عام 2022، حصل القضاة على مساعدة مالية من صندوق تعاضد القضاة بقيمة 1000 دولار تُضاف إلى الراتب. لكنّ الصندوق نفسه لم يعُد قادراً على تغطية نفقات الاستشفاء والتعليم للقضاة وعائلاتهم إلا بحدود متدنية جداً.
الإصلاح القضائي الذي تحدّث عنه رئيس الجمهورية جوزاف عون في خطاب القسم، ووعد به نصار لدى تسلّمه الوزارة، يستلزِمُ أولاً إصلاح أوضاع القضاة تمهيداً لوقف النزف، ورفع مستوى الإنتاجية الذي بالكاد يصل إلى 50% في ظل «نزوح» داخلي للقضاة داخل جسم الدولة نفسها، إذ انتقل عددٌ منهم للعمل في إدارات الدولة كمحافظين ومدراء عامين ووزراء، علماً أن قانون القضاء العدلي الذي أُقرّ في خمسينيات القرن الماضي حدّد عدد القضاة بـ 500 حينها، عندما كان عدد سكان لبنان لا يتجاوز ثلاثة ملايين. وبشكلٍ مترابط، يتطلب النهوض بالسلطة القضائية النهوض بقصور عدلها. فجميع محاكم لبنان تفتقد لأدنى شروط العمل، من القرطاسية والإنارة، ما يضطر القضاة إلى العمل على ضوء الهواتف، إلى انعدام مادة المازوت لتشغيل المولدات أو للتدفئة، سيما في المناطق الجبلية، وصولاً إلى غياب المراحيض وانقطاع المياه وانتهاء عقود التنظيف والصيانة.
أمام هكذا واقع كيف يمكن تحقيق هدف أساسي يتمثّل بتسريع المحاكمات وتخفيف اكتظاظ السجون التي وصلت إلى نسبة 300%، وحيث 70% من الموقوفين لم تصدر أحكام في حقهم، ناهيك عن مشكلة السجناء السوريين الذين يبلغ عددهم 2500 من أصل 9000، أي ما نسبته 35% من السجناء.
وعلمت «الأخبار» أنّ إشكالاً وقع بين فريق نصار فور تسلّمه الوزارة، والمدير العام للوزارة محمد المصري الذي احتجّ على ما سمّاه تعدياً على صلاحياته، قبل أن يتوصّل وزير العدل إلى آلية للتنسيق بين الطرفين