يحتوي فيلم "Whispers of Fire and Water" همسات النار والماء.. على تركيبات مذهلة للمصور السينمائي كينيث سايروس، والتي تتضمن لقطات طبيعية للمنجم الوحشي بالإضافة إلى الجمال الطبيعي الذي يكمن خلفه. الفيلم معروض ضمن مهرجان الجونة السينمائي فى دورته السادسة.

 يدور في القرى القريبة من المنجم وفي الغابة المجاورة، يجد شيفا مزاجًا مختلفًا تمامًا يهدئه ويزعجه، تدور أحداثه في مدينة التعدين، وتجربة غامرة عن شيفا، فنان تركيب صوتي، الذى يزور أكبر مناجم الفحم في شرق الهند والتي تعاني من استنزاف الموارد الطبيعية والنار المشتعلة في بطنها.

ومع ذلك، فإنه يستسلم للنظام الاجتماعي والسياسي المعقد للغاية وينتقل إلى قرية قبلية في الغابة. هناك، يشكك في وجهة نظره الحضرية ومفهومه الأساسي عن الذات. يشكل الماء، كعنصر، متاهة بحثه عن الحقيقة. وللأسف أننى تمنيت أن يسير الفيلم مع تعامل بطل الرواية، شيفا، مع نظام نهب الموارد الطبيعية لسنوات. أردت أن تتمزق واجهة هويته الحضرية المنسوجة بعناية عندما يتعرف على طريقة الحياة القبلية. 

يسافر فنان من كولكاتا إلى منجم جاريا للفحم في جهارخاند لالتقاط الأصوات من أجل تركيب صوتي. تخلق معدات التسجيل الخاصة بشيفا حاجزًا بينه وبين الأشخاص الذين يقابلهم.

في بداية الفيلم ، يكون شيفا (ساجنيك موخيرجي) بعيدًا عن العالم. يمشي شيفا عبر حقول الألغام حيث تشتعل النيران بلا انقطاع، مما يؤدي إلى تسخين الأرض. الدخان يملأ الأفق ويستقر على الناس والبيوت. يتساءل شيفا لماذا لا يتحدث العمال معه. هل هم خائفون، ربما؟ حذر من هذا الدخيل الذي يتجول دون إذن؟

يعد اللقاء مع ضابط شرطة، الذي تم تصويره بشكل مخيف خلال لقطة مطولة في غرفة فندق شيفا، أحد التلميحات التي تشير إلى أن شيفا قد دخل إلى حقل ألغام. وسط الحديث عن حالات الاختفاء غير المبررة، والمخاوف الصحية لعمال المناجم، ونقص المرافق الأساسية للقرويين، تتقلص المسافة بين شيفا وما يسعى للاحصول عليه.

فى همسات النار والماء التدخل البشري في الطبيعة يُرى بوضوح كما يُسمع. يجمع التصميم الصوتي الشجاع بين أصوات الموقع والمؤثرات التي تنقل المشاهدين إلى مواقع الفيلم. في الغابة، يسأل أحد القرويين شيفا بشكل عجيب لماذا يأتي الناس إلى معرض فني للاستماع إلى أصوات الطبيعة.

الفيلم يكون في أقوى حالاته عندما يفسح الكلام البشري المجال للصوت. يدعونا همسات النار والماء إلى رؤية وسماع والتفكير في ما نفعله بالطبيعة، وما نكسبه ونخسره في الصفقة.

يبدأ الفيلم بأسلوب وثائقي تقريبًا، ويظهر الجمال القاسي والمخيف لمجتمع التعدين، والذي أصبح خرابًا مروعًا للمدينة، حيث يتم التخلص من النفايات السامة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع والحرائق الضارة تشتعل إلى ما لا نهاية. ومع ذلك، في منتصف الفيلم، يبدأ الفيلم في تغيير الاتجاه، حيث يصبح بطله السلبي متناغمًا مع الألغاز الطبيعية الكامنة في الغابة المجاورة. 

يلتقي شيفا بالكثير من السكان المحليين في رحلته، ولا سيما الأستاذ الذي يقضي وقته هناك على أمل تثقيف السكان للخروج من الفقر. يلتقي أيضًا بالشرطي المحلي، الذي كان مستمتعًا في البداية بمهنة شيفا العالية.

 Whispers of Fire & Waterيحكي "قصة الهند الساطعة"، ويصور التفاؤل الكاذب للثورة الصناعية المتأخرة في البلاد. بعد تلك الفترة الفاصلة، تقابل شيفا صحفية غاضبة من مومباي، والتي تواجه مندوبًا راضيًا من شركة التعدين المحلية، وتقول له "إما أن هناك أفعال أو أعذار". وبعد ذلك، الأمر الأكثر غرابة على الإطلاق، هو قيام شيفا بإجراء مقابلة مع أحد كبار السن المحليين الذي يتحدث عن "شجرة المعرفة" الغامضة ويكشف أنه في كل عام تختفي مجموعة من سكان البلدة.

عند هذه النقطة يظهر المحقق مرة أخرى لزيارة شيفا في منزله الرديء. والغريب أننا لا نراه منذ فترة؛ يركز تشاترجي على وجه شيفا الخالي من التعبيرات بينما يقتحم الشرطي مساحته، ويصدر أصوات طبول غريبة بأصابعه. كانت هناك جريمة قتل في المنطقة، وربما كان شيفا شاهدًا غير مقصود، ولكن يبدو أن الشرطي ، وهو في حالة سكر ويشرب من زجاجة صغيرة من الكحول ، يشير إليه كمشتبه به، ويتصرف بشكل غريب للغاية لدرجة أن المشهد ينتهي بحادثة قتل. ذعر القفز المقلق، مما يدل على نهاية مفاجئة للنصف الأول من الفيلم.

من هنا، يدخل الفيلم إلى ما يمكن وصفه عمومًا بمنطقة الرعب الشعبي المعتدل، حيث يغامر شيفا بشكل أعمق وأعمق في الغابة، حيث يبدو أن طلقات الرصاص تختلط مع الموسيقى التصويرية للطبيعة البرية. إنها قصة مثيرة للاهتمام، حيث تترك الواقعية لشيء روحي حيث يبدو أن شيفا يسمع نداء صفارة الإنذار الذي جذب الكثير من القرويين بعيدًا وانجرف بعيدًا عن العقل، وفي النهاية تخلى عن أدوات التسجيل الخاصة به وبالتالي سلم درعه كفنان. ما يعنيه كل هذا ليس واضحًا تمامًا ، وتراكم الكثير من الغموض يؤدي إلى مكافأة بسيطة لا تؤدي على الأقل إلى حل مرتب لنا. ومع ذلك، فإن أفكاره  البيئية واضحة بشكل غريب، ويتم التعامل معها بأسلوب مرئي مدهش

تعد منطقة جاريا، حيث تم تصوير جزء كبير من الفيلم، واحدة من أكبر مناطق مناجم الفحم في الهند، وهي مشتعلة تحتها منذ أكثر من 100 عام حتى الآن. تخيل كيف كان يمكن أن يكون هذا المكان قبل قرنين من الزمان. إن التناقض الصارخ في هاتين الصورتين لزمنين مختلفين يتحدث كثيرًا عن موقفنا كمجتمع في الوقت الحاضر مع التحديات الوشيكة التي يجب علينا مواجهتها دون تأخير".

إن قصة دخول بطل الرواية إلى المناطق الداخلية لغابات وسط الهند الغنية بالموارد للاستماع إلى أصوات المجتمعات القبلية وتضخيمها كان لها تأثير كبير علينا. وبما أن الشركات القوية للغاية والدولة منخرطة في الاقتصاد الاستخراجي، فإننا لا نواجه بعض التغطية لهذا الفضاء إلا عندما تصل الأمور إلى نقطة اشتعال دموية، إما بمشاركة الجماعات الماوية أو قوات الدولة أو السكان المحليين الذين يقاومون الاستيلاء الكامل على أراضيهم ومواردهم. لا تواجه المجتمعات المحلية النزوح من مساكن أجدادها فحسب، بل يتعين عليها أيضًا أن تعيش حياة الموت والمرض. يعمل العمال في المناجم تحت الأرض والمكشوفة بدون معدات واقية. السكان المحليون معرضون لأمراض الجهاز التنفسي نتيجة التعرض للهواء السام وانهيار المنازل بسبب هبوط الأرض. لقد وجدت دراسات موثوقة أن مدينة جاريا، المكان الرئيسي لفيلمنا، هي المدينة الأكثر تلوثًا في الهند.

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مهرجان الجونة السينمائى الهند حنان أبو الضياء فی الغابة

إقرأ أيضاً:

نجاة عبد الرحمن تكتب: التوحد

كثيرون يعتقدون أن التوحد إعاقة ذهنية، يجهلون انه ليس مرضا بل اضطرابا عصبيا يصيب الجهاز العصبي خلال سنوات النمو الأولي للطفل، و للبنين النصيب الأكبر من تلك الإصابات، و مازال يعجز العلم حتى الآن عن اكتشاف سبب ذلك الاضطراب العصبي الذي بنفسم إلى ثلاث مستويات :

المستوى الأول يطلق عليه متلازمة اسبرجر، وأصحاب ذلك المستوى تكون درجة ذكائهم حادة للغاية و يتقنون الحفظ بكافة أشكاله، لكنهم يفتقدون التفاعل الاجتماعي و انعدام المهارات الحياتية، بشكل اشبه بالروبوت الآلي الذي يتم تحريكه بالريموت كنترول.

المستوى الثاني: يواجه طفل التوحد ذات الدرجة المتوسطة صعوبة كبرى مع البيئة المحيطة في التواصل فيقتصر حديثه على عبارات بسيطة، كما ينخرط في سلوكيات متكررة، ويحتاج إلى رعاية ودعم نفسي و اجتماعي كبير.


المستوى الثالث: هو أشد درجات التوحد وفيه يحتاج الطفل إلى رعاية متكاملة شاملة، لما يعانيه أصحاب ذلك المستوي من صعوبة شديدة في التواصل، وعدم القدرة على التحدث بوضوح بل يصدر أصوات همهمات و زائير يشبه زائير الأسد، ونادرًا ما يتفاعل مع الآخرين، كما تظهر عليه الأعراض السلوكية بصورة أكثر حدة، خاصة تجاه نفسه حيث يميل لإيذاء نفسه بعض كلتا اليدين و ضرب الرأس في جسم صلب عند التعبير عن الغضب أو الفرح لعدم تلقيه لغة تعبير أخرى.

و مؤخرا أصبح التوحد يصيب الأطفال في سن العاشرة بسبب التعمق في استخدام السوشيال ميديا و الانغلاق و الانعزال التام بعيدا عن جو الأسرة.

نصائح للتعايش مع التوحد و تعد خلاصة تجربتي و دراستي مع أصحاب اضطراب طيف التوحد.

توجد بعض الإجراءات التي يمكن للوالدين القيام بها التي تقدم الدعم والرعاية للطفل المصاب، وتتضمن هذه الإجراءات ما يلي:

التركيز على الإيجابيات: يستجيب صاحب اضطراب طيف التوحد للتعزيز الإيجابي، مثل المكافآت وتقديم الهدايا عند القيام بسلوك جيد، ويساعد مدح الطفل على زيادة شعوره بالرضا.
الحفاظ على روتين محدد: يفضل اصحاب اضطراب طيف التوحد الروتين وعدم التغيير؛ لذا يفضل الالتزام بروتين محدد ليسهل على الطفل تطبيق ما تعلمه.


اللعب: تساعد مشاركة الأنشطة واللعب مع الطفل في تحسين مهارات التواصل.
منح الطفل الوقت اللازم للاستجابة: قد يحتاج الطفل تجربة عدة طرق علاجية لاكتشاف الطريقة المناسبة له؛ لذا ينبغي على الأهل التحلي بالصبر وعدم الاستسلام إذا لم يستجب الطفل لأسلوب علاجي معين.
اصطحاب الطفل خارج المنزل: يساهم اصطحاب الطفل عند الخروج من المنزل أثناء القيام بالمهام اليومية، مثل التسوق في اندماج الطفل مع العالم الخارجي.

تمت دعوتي كضيف متحدث في عدد من الندوات حول التوحد خلال الأيام الماضية، وجدت أنه أصبح هناك اهتماما كبيرا من الدولة و المجتمع تجاه البحث و المعرفة حول التوحد و كيفية التعايش معه، و كانت من اكثر الندوات ثراءً ثلاث ندوات الأولي بمؤسسة إيزيس للخدمات الاجتماعية لدعم و تدريب و تعليم و تأهيل و توظيف ذوي القدرات الخاصة بالتعاون مع الجمعية المصرية العلمية للعلاج التنفسي التي يرأسها أ.د محيي الدين عبد الظاهر خليفه، ثم ندوة تم تنظيمها بالمجلس الأعلى للثقافة دعاني لها آ.د عماد محجوب أستاذ و رئيس قسم علم النفس بجامعة القاهرة و أستاذ علم التفس الإكلينيكي فئات خاصة، ثم ندوة بحزب حماة وطن أمانة شرق القاهرة دعاني لها د. جمال حمدان أحد قيادات الحزب.


سعدت كثيرا بالندوات الثلاث و الحفاوة بأصحاب اضطراب طيف التوحد و مدى حرص و اهتمام الحضور بمعرفة كل تفصيله تتعلق بأولادنا من اصحاب اضطراب طيف التوحد، و لكن ما أثار إستيائي ما صدر عن أحد الأساتذة دكتور جامعي ربما كان رئيسا لجامعة عريقة ذات يوم عندما قال " ربنا خلق المعاقين ليه؟ علشان أهاليهم تتعذب بيهم؟ ! هذه كانت كلمته خلال الندوة.

لا أنكر أنني لم أندهش لان كثيرا ما أسمع ذلك من الجهلاء و عديمي الثقافة و المعرفة و مسطحي الفكر و الأميين، و لكنني صعقت عندما سمعته من قامه كبيرة و قدوة عليها واجب تجاه المجتمع و يجب عليها تثقيفه و توعيته و ليس العكس.

الذي صدر عن ذلك الأستاذ هو نتاج جهل مجتمعي تجاه أولادنا من ذوي القدرات الخاصة.

بالرغم من الطفرة العلمية و التقدم و اهتمام الدولة المصرية بذلك الملف إلا إنه مازال هناك تقصيرا كبيرا تجاه توعية المجتمع و تثقيفه بأهمية الاهتمام بأولادنا من ذوي القدرات الخاصة، الأزهر الشريف يجب أن يتدخل بسلسلة ندوات إرشاديه حول الصبر على أولادنا و حسن التعامل معهم و فضل ذلك عند رب العالمين.

و لا أنكر التقصير الصحفي و الإعلامي تجاه ذلك الملف الهام، فلا يعقل أن تنتفض الدولة المصرية من أجل حقوق هؤلاء الأبناء و في الوقت ذاته يتجاهل الإعلام و الأزهر حملات التوعية و التثقيف.

و هنا يجب أن أنوه لفضل وجود ملاك في بيتنا انه منحه من الله و ليس محنة، منحة اختارنا الله حتى ندخل بها الجنة دون عناء.

ليس كل متعلم مثقف و ليس كل جاهل أعمى، المقصود بالأعمى هو أعمى البصيرة و الفطنة و الثقافة و القناعة و الصبر على أولادنا، كم من أم غير متعلمة بل أمية تحسن إلى أولادها من ذوي القدرات الخاصة، و خير مثال أحب أن أحدثكم عنه هي " ماما زوزو " تلك المرأة الحديدية الصبورة الحنونة، التي تجاوزت السبعين عاما و كان قد رزقها الله بأبن معاقً ذهنيا صبرت عليه و كبرته و رعته خير رعاية ثم زوجته من فتاة من نفس ظروفه لترزق بثلاث أبناء معاقين ذهنيا تقوم على رعايتهم جميعا تلك البطلة " ماما زوزو " النموذج الذي استمد منه قوتي و أدعو القادرين و أصحاب القلوب الرحيمة لتقديم المساعدة لتلك المرأة الحديدية بتوفير مسكّن آدمي لها و لأحفادها و ابنها و زوجته المعاقين ذهنيا حيث أنهم يعيشون في غرفة متواضعة ذات سقف من الخوص و بقايا الكرتون و الخشب بحمام مشترك مع الجيران، و دعمها ماديا و تحقيق أمنيتها بزيارة بيت الله الحرام.

مقالات مشابهة

  • كريمة أبو العينين تكتب: البحث عن الانسان
  • علي الحاج طلعت حنان حسن أفضل منه رؤيةً ووضوحاً
  • بوراص: درنة تكتب فصولاً جديدة من الأمل
  • ضجة في مصر.. أنباء عن وجود عصابة لـ«تجارة الأعضاء» والشرطة تكشف الحقيقة!
  • حنان تطلب الخلع.. زوجي بيسرق ملابس بنت خالتي من الحمام
  • هل أُطلِقَ سراح منفذ عمليّة دهس الدركي؟.. هذا الخبر يُوضح الحقيقة
  • استجابة لمطالب المواطنين.. إصلاح ماسورة مياه بجسر السويس
  • صورة مسربة من زفاف رونالدو وجورجينا.. ما الحقيقة
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: التوحد
  • يوتيوبر عالمي يُشعل الجدل باستئجار الأهرامات.. ومصر توضح الحقيقة