أعلنت الولايات المتحدة قائمة بالدول المشاركة في تحالف بحري جديد لحماية الملاحة في البحر الأحمر من جماعة الحوثي اليمنية لكن غياب السعودية عن القائمة كان ملفتا للانتباه وربما مثيرا للدهشة.

والسعودية لديها جيش مزود بعتاد أمريكي وتشن حربا على الحوثيين منذ نحو تسع سنوات وتعتمد على موانئ البحر الأحمر في 36 % من الواردات.

لكن المملكة وحليفتها الخليجية الإمارات أعلنتا عدم اهتمامهما بالمشروع الأمريكي.

والسبب الرئيسي فيما يبدو لغيابهما هو قلقهما من أن تنتقص المشاركة من هدف استراتيجي طويل الأمد يتمثل في نفض يديهما من حرب عبثية في اليمن ونزاع مدمر مع إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين.

ويشن الحوثيون الذين يسيطرون على جزء كبير من اليمن هجمات على السفن في البحر الأحمر منذ أسابيع ردا على الحرب التي تخوضها إسرائيل مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة.

ولا يوجد تأثير مباشر كبير لهجمات الحوثيين على إسرائيل لأن شركات الشحن قالت إن عددا من السفن المستهدفة لم تكن متجهة إلى إليها، لكن الهجمات أضرت بحلفاء إسرائيل الغربيين بتعقيدها لمسار التجارة العالمية. وهدد زعيم الحوثيين اليوم الأربعاء بتوسيع هذه الحملة لتشمل السفن الحربية الأمريكية.

وتجنب مسؤولون أمريكيون القول بصراحة إن البلدين لن يشاركا، ولم يرد متحدثون باسم حكومتي السعودية والإمارات على طلبات من رويترز للتعليق.

لكن سواء امتنعا عن المشاركة تماما أو اضطلعا بدور في الدهاليز، يريد كلا البلدين تجنب الظهور بمظهر المشاركين في حملة قد تؤدي إلى الإخلال باستراتيجيتهما الإقليمية طويلة الأمد وتحويل الغضب العربي مما يحدث في غزة ضدهما.

اقرأ أيضاً

ميدل إيست آي: سوق النفط لم يتأثر بهجمات الحوثيين في البحر الأحمر.. وهذه هي الأسباب

وقال مصدران في الخليج مطلعان على الأمر إن الغياب السعودي والإماراتي كان بسبب رغبتهما في تجنب تصعيد التوترات مع إيران أو تعريض جهود السلام في اليمن للخطر من خلال الانضمام إلى أي عمل بحري.

وقال إياد الرفاعي من جامعة الملك عبد العزيز في جدة "إن حربا أخرى ستعني الانتقال من العملية السياسية إلى عملية عسكرية أخرى قد تفسد الخريطة الجيوسياسية للشرق الأوسط في الوقت الحالي".

وحاولت السعودية والإمارات لسنوات، بدافع من قلقهما بشأن الالتزام الأمريكي طويل الأمد، تغيير توجهات سياستهما الإقليمية، والبحث عن شركاء جدد، وإعادة النظر على العلاقات مع إسرائيل وتسوية التنافس مع إيران.

وتمثلت أكبر الخطوات في هذه العملية حتى الآن في اتفاق بوساطة صينية بين السعودية وإيران في فبراير شباط وإقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل والإمارات عام 2020.

لكن السعوديين يريدون أيضا إنهاء حربهم الدائرة منذ نحو تسع سنوات في اليمن والتي تحولت إلى مأزق أضر بسمعتهم وتسبب في زعزعة الأمن من خلال هجمات الحوثيين بطائرات مسيرة على مطارات ومحطات طاقة.

صحيح أن الإمارات سحبت الكثير من قواتها في اليمن في عام 2020 لكن السلام هناك مازال مهما لها. وما زالت الإمارات تدعم جماعات في اليمن، واستهدف الحوثيون عاصمتها أبوظبي بهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ العام الماضي.

استراتيجية إقليمية

كانت السعودية تأمل في أن يسمح حل هذه النزاعات الإقليمية بالتركيز على قائمة طموح للأولويات تشمل بناء مدن جديدة تستشرف المستقبل واحتلال مكانة أكبر في الساحة الدولية، بما في ذلك استضافة كأس العالم 2034.

وتخوض إسرائيل حربا في غزة بدعم أمريكي كامل بعد هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول. وتهدد هذه الحرب بتقويض هذا الحلم السعودي وإلقاء المنطقة في حقبة جديدة من عدم اليقين وإثارة الغضب العربي ضد الغرب وحلفائه في الخليج.

وأصاب الجفاء علاقات الإمارات وإسرائيل بسبب الحرب التي جعلت محادثات التطبيع السعودية الإسرائيلية تخرج عن مسارها، وجعلت أي اتباع للسياسة الأمريكية خيارا غير مريح للقادة العرب.

وفي الوقت نفسه، أشاد كثيرون من العرب بهجمات الحوثيين بطائرات مسيرة في استهداف لإسرائيل وبضربات الجماعة لحركة الشحن في البحر الأحمر كمثال نادر على العمل العربي لدعم الفلسطينيين.

وفي المقابل، تقف إيران على رأس ما تسميه محور المقاومة وهو تحالف فضفاض يضم حماس بالإضافة إلى جماعات شيعية مسلحة في أنحاء المنطقة تواجه إسرائيل وحلفاءها الغربيين عسكريا.

اقرأ أيضاً

هجمات الحوثيين البحرية.. 3 خيارات للغرب كلها سيئة

وتنفي إيران مزاعم سعودية وغربية بأنها تقدم دعما ماديا للحوثيين الذين يمثلون جزءا من محور المقاومة، أو توفر لهم الإرشاد والتوجيه. لكنها أوضحت وجهة نظرها بشأن تحالف البحر الأحمر.

وقال علي شمخاني، وهو مستشار للمرشد الأعلى الإيراني، في تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي، إن "أي دولة تنضم إلى التحالف الأمريكي للتصدي لهذا العمل (الحوثي) هي مشارك مباشر في قتل النظام الصهيوني للأطفال".

لكن التردد السعودي في العصف باستراتيجية إقليمية تقوم على الوفاق مع إيران والسلام مع الحوثيين ستوازنه حاجة المملكة إلى الأمن في البحر الأحمر عموما واعتمادها المستمر على المظلة الأمنية الأمريكية.

وقال السفير الأمريكي السابق لدى اليمن جيرالد فيرستاين إن الولايات المتحدة "ربما لا تكون سعيدة" لأن السعودية والإمارات لم تشتركا علنا في قوة المهام.

لكن فيرستاين أضاف أن البيت الأبيض "لا بد أنه كان أعمى وأصم وأبكم حتى لا يفهم ما يجري ويُفاجَأ برد الفعل من الجانب السعودي أو الإماراتي".

وما زالت الولايات المتحدة أهم حليف للسعودية ومزودها الرئيسي بالسلاح، على الرغم من سنوات من الخلافات حول عناصر السياسة الشرق الأوسط.

وقد يثير ذلك تساؤلات حول دور محتمل للسعودية في الدهاليز للعمل بشكل أكبر مع الولايات المتحدة بشأن أمن البحر الأحمر.

والسعودية والإمارات عضوان بالفعل في القوة البحرية المشتركة بقيادة الولايات المتحدة التي تعمل في الخليج والبحر الأحمر، على الرغم من قول الإمارات في مايو أيار إنها ستنسحب من القوة.

وردا على سؤال مباشر عن عدم المشاركة فيما يبدو من جانب الدولتين الخليجيتين، قال جون كيربي، المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض "أترك كل دولة عضو، سواء أرادت الإقرار بذلك أم لا، أن تتحدث هي عن نفسها".

وقال كيربي لاحقا، دون إشارة مباشرة إلى أي من البلدين، "هناك بعض الدول وافقت على المشاركة وعلى أن تكون جزءا من هذا لكن... لها أن تحدد رغبتها في مدى علنية ذلك".

اقرأ أيضاً

تصعيد هجمات البحر الأحمر.. صعوبة ردع الحوثيين تعقد جهود السلام في اليمن

المصدر | S W I

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: التحالف الدولي بالبحر الأحمر هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر السفن الإسرائيلية السعودية الإمارات السعودیة والإمارات الولایات المتحدة فی البحر الأحمر هجمات الحوثیین مع إیران فی الیمن

إقرأ أيضاً:

انتشال 68 جثة بعد غارة أمريكية على اليمن

صنعاء - الوكالات

ذكرت قناة المسيرة التابعة للحوثيين في اليمن إنه تم انتشال 68 جثة بعد أن أصابت ضربة أمريكية مركز احتجاز يؤوي مهاجرين أفارقة في محافظة صعدة، مضيفة أن 47 آخرين أصيبوا في الهجوم.

وتعد صعدة معقلا للحوثيين، وكانت هدفا لضربات أمريكية في السابق.

وقالت وزارة الداخلية اليمنية إن مركز الاحتجاز كان به 115 مهاجرا أفريقيا.

ويكثف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العمليات العسكرية ضد الحوثيين المتحالفين مع إيران. واستهدفت القوات الأمريكية في وقت سابق من هذا الشهر ميناء رأس عيسى النفطي المطل على البحر الأحمر مما أودى بحياة 74 شخصا على الأقل، في أكبر هجوم من حيث عدد القتلى حتى الآن.

وتتوعد واشنطن بمواصلة هجماتها على الحوثيين حتى يوقفوا هجماتهم على حركة الملاحة في البحر الأحمر.

وسيطر الحوثيون على مساحات واسعة من الأراضي في اليمن على مدى العقد الماضي، ويشنون هجمات عديدة بطائرات مسيرة وصواريخ على سفن في البحر الأحمر منذ نوفمبر تشرين الثاني 2023، قائلين إنهم يستهدفون سفنا على صلة بإسرائيل تضامنا مع الفلسطينيين وسط استمرار حرب غزة.

مقالات مشابهة

  • سقوط طائرة إف-18 من على متن حاملة طائرات أميركية بالبحر الأحمر
  • كيف تطورت الضربات الأميركية ضد الحوثيين في اليمن؟
  • البحرية الأمريكية: سقوط طائرة F-18 من على متن حاملة طائرات بالبحر الأحمر
  • الحوثيين يستهدفون حاملة طائرات أمريكية.. والبحرية تعلن سقوط طائرة عن متنها
  • السعودية تضع خططًا جديدة لمرحلة ما بعد الحوثيين: هل يشهد اليمن تحولًا جذريًا؟
  • انتشال 68 جثة بعد غارة أمريكية على اليمن
  • تأجيل محاكمة مسؤولي سفينة غرقت بالبحر الأحمر وحريق يلتهم لنشا بسفاجا
  • “أنصار الله” تحذر من تسرب نفطي هائل بالبحر الأحمر جراء الضربات الأمريكية
  • غارات أمريكية على سفينة إسرائيلية مُحتجزة لدى الحوثيين في اليمن
  • احتفالًا بيوم الأرض.. حملة تنظيف بمحمية الجزر الشمالية بالبحر الأحمر