تساؤلات بشأن غياب السعودية عن المشاركة في تحالف لحماية الملاحة بالبحر الأحمر من الحوثيين
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
أثار غياب السعودية عن قائمة أعلنت عنها الولايات المتحدة بأسماء الدول المشاركة في تحالف بحري لحماية الملاحة في البحر الأحمر من جماعة الحوثي اليمنية، تساؤلات عدة.
والسعودية لديها جيش مزود بعتاد أمريكي، وتشن حربا على الحوثيين منذ نحو 9 سنوات، وتعتمد على موانئ البحر الأحمر في 36% من الواردات. لكن المملكة وحليفتها الخليجية الإمارات أعلنتا عدم اهتمامهما بالمشروع الأمريكي.
ويشن الحوثيون الذين يسيطرون على جزء كبير من اليمن هجمات على السفن في البحر الأحمر منذ أسابيع، ردا على الحرب التي تخوضها إسرائيل مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة.
وهدد زعيم الحوثيين الأربعاء بتوسيع هذه الحملة، لتشمل السفن الحربية الأمريكية.
وتجنب مسؤولون أمريكيون القول بصراحة إن البلدين لن يشاركا، ولم يرد متحدثون باسم حكومتي السعودية والإمارات على طلبات من رويترز للتعليق.
لكن سواء امتنعا عن المشاركة تماما أو اضطلعا بدور في الدهاليز، يريد كلا البلدين تجنب الظهور بمظهر المشاركين في حملة قد تؤدي إلى الإخلال باستراتيجيتهما الإقليمية طويلة الأمد، وتحويل الغضب العربي مما يحدث في غزة ضدهما.
وقال مصدران في الخليج مطلعان على الأمر، إن الغياب السعودي والإماراتي كان بسبب رغبتهما في تجنب تصعيد التوترات مع إيران، أو تعريض جهود السلام في اليمن للخطر، من خلال الانضمام إلى أي عمل بحري.
وقال إياد الرفاعي من جامعة الملك عبد العزيز في جدة، "إن حربا أخرى ستعني الانتقال من العملية السياسية إلى عملية عسكرية أخرى قد تفسد الخريطة الجيوسياسية للشرق الأوسط في الوقت الحالي".
وحاولت السعودية والإمارات لسنوات، بدافع من قلقهما بشأن الالتزام الأمريكي طويل الأمد، تغيير توجهات سياستهما الإقليمية، والبحث عن شركاء جدد، وإعادة النظر في العلاقات مع إسرائيل، وتسوية التنافس مع إيران.
وتمثلت أكبر الخطوات في هذه العملية حتى الآن في اتفاق بوساطة صينية بين السعودية وإيران في شباط/فبراير، وإقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل والإمارات عام 2020.
لكن السعوديين يريدون أيضا إنهاء حربهم الدائرة منذ نحو تسع سنوات في اليمن، التي تحولت إلى مأزق أضر بسمعتهم، وتسببت في زعزعة الأمن من خلال هجمات الحوثيين بطائرات مسيرة على مطارات ومحطات طاقة.
صحيح أن الإمارات سحبت الكثير من قواتها في اليمن في عام 2020، لكن السلام هناك مازال مهما لها. وما زالت الإمارات تدعم جماعات في اليمن، واستهدف الحوثيون عاصمتها أبوظبي بهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ العام الماضي.
تقويض الحلم السعودي
كانت السعودية تأمل في أن يسمح حل هذه النزاعات الإقليمية بالتركيز على قائمة طموح للأولويات، تشمل بناء مدن جديدة تستشرف المستقبل، واحتلال مكانة أكبر في الساحة الدولية، بما في ذلك استضافة كأس العالم 2034.
وتخوض إسرائيل حربا في غزة بدعم أمريكي كامل بعد هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول. وتهدد هذه الحرب بتقويض هذا الحلم السعودي، وإلقاء المنطقة في حقبة جديدة من عدم اليقين، وإثارة الغضب العربي ضد الغرب وحلفائه في الخليج.
وأصاب الجفاء علاقات الإمارات وإسرائيل، بسبب الحرب التي جعلت محادثات التطبيع السعودية الإسرائيلية تخرج عن مسارها، وجعلت أي اتباع للسياسة الأمريكية خيارا غير مريح للقادة العرب.
وفي الوقت نفسه، أشاد كثيرون من العرب بهجمات الحوثيين بطائرات مسيرة في استهداف لإسرائيل، وبضربات الجماعة لحركة الشحن في البحر الأحمر، كمثال نادر على العمل العربي لدعم الفلسطينيين.
وفي المقابل، تقف إيران على رأس ما تسميه محور المقاومة، وهو تحالف فضفاض يضم حماس، بالإضافة إلى جماعات شيعية مسلحة في أنحاء المنطقة تواجه إسرائيل وحلفاءها الغربيين عسكريا.
وتنفي إيران مزاعم سعودية وغربية بأنها تقدم دعما ماديا للحوثيين الذين يمثلون جزءا من محور المقاومة، أو توفر لهم الإرشاد والتوجيه. لكنها أوضحت وجهة نظرها بشأن تحالف البحر الأحمر.
وقال علي شمخاني، وهو مستشار للمرشد الأعلى الإيراني، في تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي، إن "أي دولة تنضم إلى التحالف الأمريكي للتصدي لهذا العمل (الحوثي) هي مشارك مباشر في قتل النظام الصهيوني للأطفال".
الولايات المتحدة "ربما لا تكون سعيدة"
لكن التردد السعودي في العصف باستراتيجية إقليمية تقوم على الوفاق مع إيران والسلام مع الحوثيين، ستوازنه حاجة المملكة إلى الأمن في البحر الأحمر عموما، واعتمادها المستمر على المظلة الأمنية الأمريكية.
وقال السفير الأمريكي السابق لدى اليمن جيرالد فيرستاين، إن الولايات المتحدة "ربما لا تكون سعيدة"، لأن السعودية والإمارات لم تشتركا علنا في قوة المهام.
لكن فيرستاين أضاف أن البيت الأبيض "لا بد أنه كان أعمى وأصم وأبكم حتى لا يفهم ما يجري ويفاجأ برد الفعل من الجانب السعودي أو الإماراتي". وما زالت الولايات المتحدة أهم حليف للسعودية ومزودها الرئيسي بالسلاح، على الرغم من سنوات من الخلافات حول عناصر السياسة في الشرق الأوسط.
وقد يثير ذلك تساؤلات حول دور محتمل للسعودية في الدهاليز للعمل بشكل أكبر مع الولايات المتحدة بشأن أمن البحر الأحمر.
والسعودية والإمارات عضوان في القوة البحرية المشتركة بقيادة الولايات المتحدة التي تعمل في الخليج والبحر الأحمر، على الرغم من قول الإمارات في مايو/ أيار إنها ستنسحب من القوة.
وردا على سؤال مباشر عن عدم المشاركة فيما يبدو من جانب الدولتين الخليجيتين، قال جون كيربي، المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض: "أترك كل دولة عضو، سواء أرادت الإقرار بذلك أم لا، أن تتحدث هي عن نفسها".
وقال كيربي لاحقا، دون إشارة مباشرة إلى أي من البلدين: "هناك بعض الدول وافقت على المشاركة وعلى أن تكون جزءا من هذا، لكن... لها أن تحدد رغبتها في مدى علنية ذلك".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن الس التحالف الدولي البحر الأحمر الحوثي السعودیة والإمارات الولایات المتحدة فی البحر الأحمر فی الیمن مع إیران
إقرأ أيضاً:
السعودية تفاجئ وكلاءها في اليمن: استعدوا للتصالح مع الحوثيين
رئيس وفد صنعاء ووزير الدفاع السعودي (وكالات)
في خطوة أربكت المشهد السياسي اليمني وأعادت ترتيب الأوراق على نحو مفاجئ، كشفت مصادر دبلوماسية أن السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، أبلغ القوى اليمنية الموالية للمملكة بأن اتفاقًا قريبًا مع حركة أنصار الله (الحوثيين) بات على وشك الإبرام، في تطور قد يُحدث زلزالًا سياسيًا داخل معسكر "الشرعية" وحلفاء الرياض في عدن.
جاءت التصريحات خلال اجتماع مسائي عُقد في الرياض مساء الإثنين، وجمع السفير السعودي بقيادات هيئة التشاور والمصالحة، إلى جانب قيادات من مختلف الأحزاب والمكونات اليمنية المتحالفة مع التحالف.
اقرأ أيضاً تقرير صيني يكشف الأمر الذي يُرعب أمريكا إن فكرت بحرب برية في اليمن 22 أبريل، 2025 ضوء أخضر لإسقاط مأرب.. السعودية تسدل الستار على آخر قلاع "الإصلاح" شمال اليمن 22 أبريل، 2025ووفقًا للمصادر، فإن آل جابر طالب تلك القوى بتوحيد صفوفها استعدادًا "للاستحقاق القادم"، دون أن يكشف عن تفاصيل الاتفاق المرتقب مع الحوثيين.
الاجتماع، الذي لم يدم سوى دقائق معدودة، هو الأول من نوعه منذ تشكيل المجلس الرئاسي في 2022، ما يعكس خطورة اللحظة وتعقيد المرحلة المقبلة.
هل تجاوزت الرياض حلفاءها في عدن؟:
الخطوة السعودية فُسّرت على نطاق واسع بأنها تخلي تدريجي عن مشروع الحرب في اليمن، وربما بداية مرحلة سلام تُدار مباشرة مع صنعاء، بعيدًا عن القوى اليمنية التي دعمتها الرياض لسنوات.
وتأتي هذه التطورات في ظل تقارير عن فشل الحملة العسكرية التي أُطلقت قبل أكثر من عام، دون أن تحقق أهدافها المعلنة، ما دفع المملكة لإعادة تقييم استراتيجيتها في الملف اليمني.
المثير أن هذا التحول السعودي جاء بعد زيارة مهمة قادها وزير الدفاع خالد بن سلمان إلى طهران، التقى خلالها بكبار المسؤولين الإيرانيين، بمن فيهم المرشد الأعلى علي خامنئي، في لقاء وصفه مراقبون بأنه نقطة تحوّل في العلاقة السعودية-الإيرانية، وتحديدًا في ما يخص الملف اليمني.
ويُعتقد أن زيارة آل جابر لطهران، ولقائه الأخير بالقوى اليمنية في الرياض، جزء من صفقة إقليمية أوسع، تُنهي حالة الاستنزاف وتفتح الباب أمام ترتيب جديد للمشهد اليمني بعد سنوات من الحرب والدمار.