رغم مرور أيام على الجلسة التشريعية التي أفضت إلى "التمديد" لقائد الجيش العماد جوزيف عون، لا تزال هذه الجلسة تخضع للتحليلات والتفسيرات، وحتى التكهنات، وتتمحور حولها كلّ النقاشات السياسية الدائرة في البلاد، بل يُبنى عليها لوضع المزيد من الرهانات، ربطًا بالاستحقاقات السياسية "المجمّدة"، ولا سيما منها استحقاق الانتخابات الرئاسية، الذي يراوح مكانه منذ ما قبل بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.


 
في هذا السياق، خرجت بعض الأصوات لتدعو إلى "ترجمة" مشهد الجلسة التشريعية، التي تصاعد في نهايتها "الدخان الأبيض"، عبر جلسة انتخابية طال انتظارها، لا تنتهي سوى بانتخاب رئيس للجمهورية، ولا سيما أنّ الجلسة التشريعية بيّنت أنّ التفاهم بين مختلف الكتل السياسية أكثر من وارد، بغضّ النظر عن الاختلافات والتباينات في ما بينها، الأمر الذي يتيح انتظام المؤسسات الدستورية، ويضع حدًا للفراغ القاتل في سدّة الرئاسة.
 
في المقابل، خرج من يعتبر جلسة التمديد لقائد الجيش بمثابة "استفتاء رئاسي" لصالح قائد الجيش، الذي لا يزال مصنَّفاً من أبرز المرشحين للرئاسة، إلى جانب رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، وتوقف هؤلاء عند نسبة الأصوات "المعبّرة" التي حصل عليها، والتي توازي الأكثرية المطلقة من الأصوات، فهل "يبشّر" ذلك بانفراجة رئاسية آتية؟ هل عزّزت جلسة التمديد حظوظ عون أم أضعفتها؟ وهل اقترب موعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي؟
 
اختلافات وفروقات
 
يحلو للبعض اعتبار أنّ جلسة التمديد لقائد الجيش شكّلت "استفتاءً رئاسيًا" لصالحه في مكانٍ ما، وذلك للكثير من الأسباب والاعتبارات، بدءًا من نسبة الأصوات التي حصل عليها، والتي تنطوي على "رمزية استثنائية"، فضلاً عن كون الجلسة عكست وجود "غطاء" داخلي وخارجي للرجل، في مواجهة الحملة التي تعرّض لها من جانب رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل، الذي لم ينجح في تحقيق هدفه بـ"إزاحته" من المشهد السياسي.
 
لكن، مع ذلك، يتحدّث العارفون عن جملة من الاختلافات والفروقات بين الجلستين التشريعية والانتخابية، إذ إنّ الكثيرين ممّن صوّتوا لصالح التمديد لقائد الجيش، لن تصبّ أصواتهم بالضرورة لصالحه في حال التحوّل إلى جلسة انتخابية، ومن بين هؤلاء مثلاً نواب يجاهرون بدعمهم لترشيح رئيس تيار "المردة" في مواجهة عون، وأنّ هؤلاء صوّتوا لصالح التمديد من منطلق "وطني محض"، تفاديًا لأيّ شغور من شأنه أن يهزّ المؤسسة العسكرية.
 
ولا يستبعد العارفون أن يكون هناك بين المصوّتين لصالح التمديد لعون، من أراد توجيه رسالة واضحة وصريحة إلى رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل، لا تتبنى "نظرية المؤامرة" التي يروّج لها الأخير، الذي وضع إقرار التمديد في إطار "سياسة النكاية به وبالتيار"، ولكنّها تدعوه إلى "المزيد من الليونة والمرونة" في التعبير عن موقفه، بعدما اتضح أنّه وحده غير قادر على فرض "وجهة" الاستحقاق الرئاسي.
 
سيناريوهات محتملة
 
في الحديث عن "رسائل" جلسة التمديد لعون الموجّهة إلى باسيل تحديدًا، ثمّة من يتحدّث عن بقاء قائد الجيش في المعادلة، خلافًا لرغبات عون، لكن ثمّة من يذهب أبعد من ذلك، ليتحدّث عن "خيار" وُضِع فيه باسيل، قوامه "فرنجية أو عون"، انطلاقًا من "رهان" البعض على أنّ باسيل سيقتنع بأنّ الطريقة الوحيد لمواجهة "خيار" قائد الجيش، الذي أضحى واضحًا أنّه المرشح "الأكثر استفزازًا" له، لن يكون سوى بدعم فرنجية ضمنًا.
 
ولعلّ ما أثير عن اللقاء الذي جمع فرنجية وعون بعيد الجلسة التشريعية، والأجواء "الودّية" التي عكستها كل التسريبات الصحافية حول اللقاء، جاء ليزيد من أهمية هذه "الرسائل" بالنسبة إلى "التيار الوطني الحر" الذي يدرك، وفق العارفين، أنّ المعادلات السابقة لحرب غزة انتهى مفعولها، ولا سيما أنّ التقاطع مع قوى المعارضة أصبح "في خبر كان"، بعدما تكتّلت هذه القوى، لإلحاق "الهزيمة" به، علنًا ومن دون أيّ مراعاة لخواطره.
 
لكن، رغم كلّ ذلك، يقول العارفون إنّ الاستحقاق الرئاسي يبقى مفتوحًا على "كلّ السيناريوهات"، إذ إنّ من يدّعي أنّه وُضِع "على نار حامية" بعد الجلسة التشريعية لا يستند إلى أيّ معطيات واقعية أو حسّية، وإن سرت بعض الأنباء عن "تفعيل" للوساطات الدبلوماسية على خطّه، ومن بينها المبادرة الفرنسية، لكنّ كلّ ذلك يبقى مؤجَّلاً لما بعد رأس السنة بالحدّ الأدنى، وهي مدّة كافية لإعادة "خلط" كلّ الأوراق، وفق بعض الأوساط.
 
لا يمكن اعتبار جلسة التمديد لقائد الجيش "استفتاءً رئاسيًا" إذًا، فالتصويت للتمديد ليس بالضرورة اقتراعًا لشخص "القائد"، والرسائل الكامنة خلفه قد تحمل في طيّاتها "شدّ حبال" على مستوى الاستحقاق الرئاسي "المجمَّد". وبالمعنى نفسه، قد لا تمهّد جلسة التمديد لقائد الجيش لجلسة انتخابية تبدو بعيدة، وإن طال انتظارها، ليبقى السؤال مشروعًا عمّن "يحرّر" الاستحقاق من "القيود" التي تكبّله، وتكبّل معه البلد بأسره! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: جلسة التمدید لقائد الجیش الاستحقاق الرئاسی الجلسة التشریعیة

إقرأ أيضاً:

أحمد موسي: كلمة أبو العينين بمجلس النواب اليوم كشفت التحديات التي تواجه الدولة

أكد الإعلامي أحمد موسى، أن جلسة مجلس النواب اليوم شهدت انتقادات من بعض النواب لأداء الحكومة، وهو أمر طبيعي يعكس حرية الرأي والتعبير تحت قبة البرلمان، مشيرًا إلى أن هناك نوابًا آخرين أعربوا عن تقديرهم لجهود الحكومة.

أبو العينين: الحساب الختامي يكشف كفاءة الدولة في الإنفاق ..تحديات خارجة عن إرادة الحكومة حملتنا أعباء كبيرة

وقال موسى، خلال تقديمه برنامج «على مسئوليتي» المذاع على قناة صدى البلد:"البرلمان دائمًا فيه مؤيد ومعارض، وده مش جديد على الحياة النيابية في مصر، من سنة 1987 والبرلمانات بتشهد هذا التنوع في الآراء، ولو حكينا اللي بيحصل جوه البرلمان ممكن نعمل كتب عن تاريخ البرلمان المصري".

وتحدث موسى عن كلمة النائب محمد أبو العينين، وكيل مجلس النواب، والتي جاءت خلال جلسة اليوم، حيث استعرض فيها أبرز التحديات التي واجهت الدولة خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى رؤيته حول فرص الاستثمار في مصر وضرورة جذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة من دول الاتحاد الأوروبي.

وأشار موسى إلى أن أبو العينين يمتلك شبكة علاقات دولية قوية مضيفًا: "النائب محمد أبو العينين علاقاته واسعة جدًا، وعنده خبرات ومعلومات نقدر نستفيد منها في دعم الاقتصاد وتعزيز العلاقات الدولية".

مقالات مشابهة

  • جبالي: قانون العمل من الإنجازات التشريعية التي تمس قطاعا عريضا من المواطنين
  • "صحار الدولي" ينظم جلسة نقاشية للمستثمرين لعرض الأداء المالي المدقق 2024
  • 8 أسباب وراء تأييد الحكم على مخرج سينمائي بالسجن 7 سنوات لاتهامه بالتزوير
  • أحمد موسي: كلمة أبو العينين بمجلس النواب اليوم كشفت التحديات التي تواجه الدولة
  • «وزير التعليم» يشارك في جلسة «تمكين التوافق مع سوق العمل » في مؤتمر تنمية القدرات البشرية
  • رئيس النواب: جلسة اليوم «ساخنة».. وهذا الاختلاف يمثل المعنى الصحيح للديمقراطية
  • جلسة ساخنة لمجلس النواب أثناء مناقشة الحسابات الختامية
  • جلسة ساخنة لمجلس النواب.. جبالي: الاختلاف يعكس إفساح المجال للرأى الآخر
  • العرموطي يكشف تفاصيل تمرير المادة 4 من قانون المرأة والمخالفات التي حصلت
  • استحداث محافظة حلبجة وقانون التربية.. تفاصيل جلسة مجلس النواب غداً