للوهلة الأولى، لا يبدو أن ثمة الكثير من القواسم المشتركة بين حربي أوكرانيا وغزة. فالقتال في أوكرانيا هو نزاع تقليدي يضع دولتين، واحدة في مواجهة الأخرى، بينما حرب غزة تضع قوة عسكرية تقليدية في مواجهة منظمة مسلحة.

شن الهجمات عملية صعبة خصوصاً في المدن، حيث توفر المباني غطاءً للمدافعين وللمدنيين


ومع ذلك، بحسب ما يقول كاتب العمود في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية ماكس بوت، إنه بعدما تحدث في الأسابيع الأخيرة مع جنرالات أمريكيين حاليين ومتقاعدين ومحللين مدنيين ممن يدرسون النزاعين، توصل إلى استنتاج يعزز الدروس ذاتها، والتي يحتاج الجيش الأمريكي إلى استيعابها على نحو عاجل.


ويرى أن حماس، علاوة على كل شيء، ليست منظمة إرهابية فحسب. إنها كيان حكومي بالأمر الواقع دخلت الحرب بـ30 ألف مقاتل -وعلى غرار الجيش الروسي في أوكرانيا، انخرطت في ارتكاب جرائم حرب فظيعة". وفي الحالتين، فإن العنف الضاري يرمي إلى إرهاب الأعداء وحملهم على الاستسلام. ويبدو أن قادة حماس لا يكترثون للثمن الكبير الذي يدفعه المدنيون-وحتى من مقاتليهم- من خلال الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر (الملاحظ أنهم لم يفتحوا الأنفاق لحماية المدنيين من القصف الإسرائيلي). وعلى نحو مماثل لم يعر الكرملين أهمية كبيرة لتفادي قتل المدنيين وكذلك بالنسبة لجنوده، الذين ضحى بهم في هجمات "طاحنة"، من أجل كسب بضعة أمتار من الأرض.

أفضلية عسكرية


وفي رأي بوكس أن الحربين في غزة وأوكرانيا يجب أن تذكرا القادة الغربيين الراضين عن أنفسهم، بأن "أعداءنا لا يتشاركون في قيمنا الغربية، ولذلك هم أقل حساسية بكثير من الجيوش الغربية بالنسبة لعدد الإصابات. وهذا ما يمنحهم أفضلية عسكرية أساسية".

 

Gaza and Ukraine are very different wars, but they teach similar lessons, @MaxBoot writes. https://t.co/inXg8OTawh

— Washington Post Opinions (@PostOpinions) December 20, 2023


ومؤخراً، اعترف قائد الجيش الأوكراني الجنرال فاليري زالوجني في مقابلة مع مجلة "إيكونوميست" البريطانية، بأنه كان مخطئاً عندما اعتقد بأنه يمكنه وقف الهجوم الروسي من خلال إلحاق خسائر فادحة بالغزاة. وعلى رغم أن الاستخبارات الأمريكية تقدر بأن 315 ألف جندي روسي قتلوا أو جرحوا، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يواصل الهجوم. وهكذا أيضاً، فإن القادة الإسرائيليين مخطئون إذا ما كانوا يعتقدون بأن آلام الفلسطينيين ومعاناتهم، ستؤدي بحماس إلى وقف القتال.
وقال قائد القيادة المستقبلية للجيش الأمريكي الجنرال جيمس إي. ريني مؤخراً، إن نزاعي أوكرانيا وغزة يجب أن يذكرا بأن "الحرب تظل في المقام الأول مسعى إنساني، والأرض هي العامل الحاسم، والصراع في المناطق الحضرية لا مفر منه بقدر ما هو غير مرغوب فيه، وبأن الكفاءة القتالية المباشرة على مستوى الوحدة الصغيرة أمر مطلوب وحاسم".

قتال من مسافة قريبة


قد تبدو مثل هذه الاستنتاجات واضحة، لكنها تتعارض مع الاتجاه الحديث في الغرب، بما في ذلك القوات المسلحة الإسرائيلية والأمريكية، لمحاولة تقليص الحرب إلى تمرين استهداف بعيد المدى باستخدام أنظمة توجيه الضربات الدقيقة. وتظل هذه القدرات مهمة، لكن أوكرانيا وإسرائيل تتعلمان من جديد، الحاجة إلى قوات برية قادرة على الاقتراب من قوات العدو، وتدميرها في قتال من مسافة قريبة.

 

“Our defense industrial base has atrophied over the past 30 years and has now become a critical vulnerability,” Lt Gen (ret) Doug Lute noted. The war in Gaza should reinforce the message of Ukraine about the need to reinvigorate defense production. https://t.co/lZR5OAiLvC

— Max Boot ???????????????? (@MaxBoot) December 20, 2023


إن شن الهجمات عملية صعبة خصوصاً في المدن، حيث توفر المباني غطاءً للمدافعين وللمدنيين الذين يوجدون على خط النار. وشهدت أوكرانيا سلسلة من المعارك الدامية التي اندلعت في المدن أو حولها مثل ماريوبول وباخموت وأفدييفكا وخيرسون. والآن في قطاع غزة، تقاتل القوات الإسرائيلية في منطقتين حضريتين معاً -في مدينة غزة وخان يونس-، حيث تشكل شبكة الأنفاق الواسعة لحماس بعداً تهديدياً آخر. وإذا ما اخذنا في الاعتبار أن 68% من سكان العالم يتجهون للعيش في المدن بحلول سنة 2050، فإنه من الحيوي جداً اتقان ما يسميه الجيش الأمريكي العمليات العسكرية في الأراضي الحضرية.


الفلوجة والرمادي


خاضت القوات الأمريكية في العقود الأخيرة قتالاً في الفلوجة والرمادي، وقدمت الدعم للقوات المحلية في القتال ضد تنظيم داعش الإرهابي في الموصل والرقة، لكنها لم تواجه نوع التحديات الذي يواجهه الجيش الإسرائيلي في مناطق حضرية أكثر تحصيناً. ويتساءل اللفتنانت جنرال الأمريكي المتقاعد ديفيد دبليو بارنو والمحللة العسكرية نورا بنساهيل في كتاب "حرب على الصخور" "متى آخر مرة أجلت فيها قوات المشاة الأمريكية مستشفى – أو ناطحة سحاب".
وأضافا أن "القوات المسلحة الأمريكية لن تكون قادرة على الاعتماد على تكتيكات المواجهة والضربات الدقيقة وحدها، خلال عمليات حضرية في مدينة كبيرة... وهذا يعني أن القوات الأمريكية البرية يجب أن تكون أكثر تنظيماً وتدريباً وتجهيزاً، من أجل قتال حضري عنيف".
وهناك درس آخر جرى تعمله في أوكرانيا وعززته غزة، وهو بحسب ما قال القائد الأمريكي السابق لقوات الحلفاء في أوروبا الأدميرال البحري المتقاعد جيمس ستافريديس، إنه "يجب أن ننخرط ونفوز بمعركة المعلومات، وهذا يعني السيطرة على دائرة الأخبار، وإنتاج محتوى مرئي مقنع، وتقديم متحدثين ذوي كفاءة وصدقية".
وتعول كل من إسرائيل وأوكرانيا على الولايات المتحدة في تجديد مواردهما العسكرية. ومع ذلك، حتى لو تمكن الكونغرس من توحيد جهوده لتوفير الدعم المطلوب بشدة (وهو أمر محل شك كبير في الوقت الحاضر)، فإن صناعة الدفاع الأمريكية لا تستطيع إنتاج ما يكفي من الذخائر. وأشار اللفتنانت جنرال الأمريكي المتقاعد دوغلاس لوت إلى أن "قاعدتنا الصناعية الدفاعية تراجعت على مدى الأعوام الثلاثين الماضية وأصبحت الآن نقطة ضعف خطيرة". لذلك، "إن الحرب في غزة يجب أن تعزز رسالة الحرب في أوكرانيا حول الحاجة إلى إعادة تنشيط الإنتاج الدفاعي الأمريكي".

 

 

 

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية فی أوکرانیا فی المدن یجب أن

إقرأ أيضاً:

كيف يسير بايدن نحو الحرب في أوكرانيا والشرق الأوسط؟

قال الخبير السياسي الأمريكي، جاستن لوغان، إنه "بدون الدعم العسكري من جانب الولايات المتحدة، لا يمكن لأوكرانيا أو إسرائيل مواصلة الحروب التي تخوضها حاليا".

وأوضح لوغان، عبر تقرير نشره معهد كاتو الأمريكي، أنه "منذ اليوم الأول لغزو روسيا لأوكرانيا، اعتمدت أوكرانيا تماما على الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية الأمريكية، من أجل الدفاع عن نفسها".

وتابع: "بالمثل، اعتمدت إسرائيل على مليارات الدولارات من الأسلحة الأمريكية لخوض حملتها على غزة. وحرب إسرائيل مع حزب الله سوف تعتمد على مساعدات أمريكية أوسع نطاقا للدفاع عن إسرائيل في مواجهة الصواريخ وغيرها من الذخائر، وكذلك لمحاولة ردع إيران".

"للولايات المتحدة مصالح في أوكرانيا وإسرائيل، ولكن هذه المصالح ليست متوائمة مع مصلحة أي من الدولتين في حد ذاتها" أضاف  لوغان، عبر التقرير نفسه، مستطردا بأن "إدارة بايدن غير قادرة على الدفاع عن المصالح الأمريكية عندما تختلف مع مصالح شركائها. وتبدو واشنطن مشاهدا سلبيا للتصعيد في الحربين على الرغم من التداعيات بالنسبة للأمريكيين".

وأكّد أنه "بالنسبة لأوكرانيا، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي، جاك سوليفان، إن مهمتنا هي دعم الأوكرانيين. وهم الذين سوف يحددون الأهداف العسكرية. وهم الذين سوف يحددون الأهداف على مائدة التفاوض". 


واسترسل: "لن نقوم بتحديد نتيجة هذا للأوكرانيين. فهم عليهم التحديد وعلينا دعمهم في ذلك". فيما أبرز أنه "من جهة أخرى، رفضت الولايات المتحدة طلبات الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، المتكررة بأن تدخل الولايات المتحدة الحرب عن طريق منطقة محظور الطيران فيها".

وتابع: "بالمثل، عندما ألقى زيلينسكي باللوم على روسيا بسبب صاروخ طائش قتل مواطنين بولنديين، أوضحت إدارة بايدن علانية أن صاروخا أوكرانيا هو الذي قتل البولنديين، رافضة مرة أخرى فرصة تصعيد الحرب".

وأردف: "عندما خطط الأوكرانيون للقيام بهجوم واسع النطاق في موسكو خلال الذكرى الأولى للحرب، طلب منهم الأمريكيون عدم القيام بذلك. وفيما يتعلق بغزو أوكرانيا البرّي لروسيا من الواضح أن أوكرانيا لم تخطر واشنطن بأنها سوف تقوم بغزو الأراضي الروسية خوفا من أن يرفض الأمريكيون ذلك أو أن يقوموا بتسريب الخطة".

إلى ذلك، يشير لوغان إلى أن "نفس الأسلوب اتبعته إسرائيل في حربها على غزة. فغزو رفح كان أحد الأمثلة التي قامت فيها الإدارة الأمريكية بعمل شىء ملموس لمحاولة احتواء بنيامين نتنياهو، لكنها لم تنجح. إذ قامت إدارة بايدن بتأجيل شحنة قنابل للإعراب عن معارضتها لاجتياح رفح. وفي نهاية الأمر أفرجت عن جزء من الشحنة التي تم تأخيرها".


وتابع: "إسرائيل أيضا تعلمت عدم سؤال الادارة الأمريكية عندما تعرف أن الاجابة ستكون بالرفض. وفيما يتعلق بعملية تفجير أجهزة البيجر في لبنان، أبلغ وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، لنظيره الأمريكي فقط قبل العملية مباشرة؛ دون الكشف عن أي تفاصيل؛ وفقا لما نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال".
 
وأردف: "بالمثل لم تبلغ إسرائيل الأمريكيين عن قرارها الخاص ببدء قصف بيروت في 20 أيلول/ سبتمبر الجاري". فيما أكد أنه: "في أوكرانيا وإسرائيل، يقوم شركاء أمريكا بدفع الولايات المتحدة نحو نتائج تقول إنها لا تريدها، وغالبا ما تفعل الدولتان ذلك دون إخطار الإدارة الأمريكية بقراراتها التصعيدية".

مقالات مشابهة

  • أوكرانيا: تسجيل 153 اشتباكا على طول خط المواجهة مع الجيش الروسي خلال 24 ساعة
  • الجيش الأمريكي يحذّر إيران ويعزز جاهزيته في الشرق الأوسط
  • البنتاغون: الولايات المتحدة تخطط لتعزيز الدعم الجوي في الشرق الأوسط
  • القوات الروسية: القضاء على 2870 عسكريا أوكرانيا
  • كيف يسير بايدن نحو الحرب في أوكرانيا والشرق الأوسط؟
  • القوات الروسية تقضي على أكثر من 370 عسكرياً أوكرانياً في كورسك
  • الدفاع الروسية: القضاء على نحو 1990 عسكريا أوكرانيا خلال الساعات الـ24 الماضية
  • مصرع 33 شخصًا جراء الإعصار هيلين في الولايات المتحدة الأمريكية
  • وزير الخارجية الأمريكي: الولايات المتحدة لا تزال تجمع المعلومات عن أحداث الساعات الماضية في الضاحية الجنوبية
  • وزير الخارجية الأمريكي يحذر من مغبة استهداف مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط