وسط أجواء احتفالية، وانبهار السائحين بعظمة القدماء المصريين؛ احتفلت محافظة الأقصر بتعامد قرص الشمس على مقصورة قدس الأقداس بمعابد الكرنك؛ إيذانًا ببدء فصل الشتاء رسميًا.

الاحتفالية التي تحرص محافظة الأقصر على تنظيمها كل عام؛ احتفالًا بالتعامد؛  بهدف تنشيط حركة السياحة بالإقليم، تسحر الحاضرين في كل مرة وكأنها المرة الأولى يرون فيها تلك الظاهرة الفلكية، فقبل شروق الشمس، تنطلق عروض الصوت والضوء عن تاريخ التعامد على مقصورة قدس الأقداس فى واجهة الصرح الرئيسي لمعابد الكرنك بعدة لغات أجنبية منها الإنجليزية والفرنسية والالمانية، ثم تليها موسيقى شروق الشمس المميزة التى أبهرت جمهور الحضور.

دكتور الطيب غريب، مدير معابد الكرنك، قال إن ظاهرة تعامد الشمس هي إحدى الظواهر الفلكية المهمة،  التي يتم رصدها كل عام،  فتشرق الشمس لتتعامد في حوالي الساعة السادسة والنصف صباحا على قدس أقداس "مقصورة الزورق المقدس" وسط معابد الكرنك، مبينًا أن هذا اليوم يتغير كل أربعة سنوات ويتواكب هذا التعامد مع  الانقلاب الشتوي والذي يقع في نفس اليوم،  إيذانا بدخول وبداية فصل الشتاء رسميًا وفلكيًا، الأمر الذي يعكس نجاح وبراعة المصري القديم رغم قلة الإمكانيات والأدوات، في علوم  الفلك  ورصد مجموعة من الظواهر الفلكية المهمة،  والتي منها ظاهرة تعامد الشمس.


وأشار غريب في تصريحاته للوفد،  إلى أن أول رصد لهذه الظاهرة كان عام 2008، عن طريق مجموعة من المرشدين والمتخصصين في علم الفلك،  ثم كانت أول احتفالية في عام  بعد ثلاثة سنوات من أعمال الرصد والمتابعة والبحث والدراسات العلمية لهذه الظاهرة.

وأوضح مدير معابد الكرنك، أنه يقام كل عام مجموعة من الاحتفالات والفعاليات الفنية،  والعلمية،  يشارك فيها المعهد القومي للبحوث الفلكية؛  لرصد هذه الظاهرة وقيادات محافظة الأقصر ولفيف من القيادات الأثرية هذا بالإضافة لمجموعة كبيرة من الزائرين والسائحين الأجانب المهتمين بمثل هذه الظاهرة الفريدة،  الأمر الذي يمثل فرصة عظيمة للدعاية للسياحة المصرية بتسجيل ورصد مثل هذه الظواهر التي تبهر المشتغلين بالعلوم الفلكية في شتي أنحاء العالم،  والزائرين والسائحين الأجانب، مثل: ظاهر تعامد الشمس على قدس الأقداس بمعابد الكرنك، وظاهرة تعامد الشمس على قدس أقداس معبد حتشبسوت، وظاهرة تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثاني في معبده بأبو سمبل، وظواهر الكسوف والخسوف التي يتم رصدها من داخل بعض المناطق الأثرية في ربوع مصر، لافتًا إلى أنه يمكن الاستفادة من هذه الظواهر في الترويج لنوع جديد من السياحة التي لا توجد إلا في مصر وفي الآثار المصرية وهي سياحة الفلك أو سياحة رصد الظواهر الفلكية الفريدة من هذا النوع.
وخلال الاحتفالية، حرص محمد عبد القادر، نائب محافظ الأقصر على الحديث مع السائحين الأجانب حول هذه الظاهرة واستمع لرأيهم، وسط انبهارهم  بعظمة الحضارة المصرية القديمة وبراعتهم فى علوم الفلك.

حضر الاحتفال عبد الحارث زياده مدير عام التنمية السياحية وجمال عبدالعزيز مدير التنمية الاثرية وحاتم الصغير مدير عام الصوت والضوء و مصطفى الصغير مدير عام معابد الكرنك والمشرف العام على طريق الكباش، والدكتور صبرى خالد وكيل وزارة التربية والتعليم

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: تعامد الشمس قدس الأقداس الكرنك الأقصر السائحين معابد الكرنك سياحة تعامد الشمس على معابد الکرنک هذه الظاهرة

إقرأ أيضاً:

رايات الشمس البنفسجية

يستبشر أصحاب بساتين النخيل خيراعندما ترتفع درجات الحرارة في موسم الصيف؛ كونها تسارع في إنضاج التمور، وفي هذه يشتركون مع الشاعر اللبناني إيليا أبو ماضي (1889-1857م) في الترحيب بشمس الصيف، فهو يرى أن صبا الأرض يعود مع الصيف، والفتنة والجمال، حيث الخضرة التي تتسع كلما سقطت أشعة الشمس عليها، فهو يقول:

عادَ لِلأَرضِ مَعَ الصَيفِ صِباها

فَهي كَالخَودِ الَّتي تَمَّت حُلاها

صُوَرٌ مِن خُضرَةٍ في نَضرَةٍ

ما رَآها أَحَدٌ إِلّا اِشتَهاها

ذَهَبُ الشَمسِ عَلى آفاقِها

وَسَوادُ اللَيلِ مِسكٌ في ثَراها

ويبدو أنه قال ذلك بتأثير البيئة التي نشأ فيها الشاعر المولود في قرية (المحيدثة) في جبل لبنان، وفيها أمضى طفولته، وغادرها عام 1992 وكان قد دخل الثالثة عشرة من عمره، ليتّجه إلى الإسكندرية، وسواحلها التي يصطاف فيها السيّاح، قبل أن يهاجر إلى أمريكا، عام 1912م ويستقرّ في نيويورك، ويموت ويدفن فيها، وللبيئة تأثيراتها على ساكنيها، كما يعرف المختصّون، لذا تغنّى أبو ماضي بالصيف، وشمسه الساطعة، بينما يخالفه الشاعر العباسي أبو بكر الصنوبري الذي اشتهر شعره بوصف الطبيعة، وعاش متنقّلا بين حلب ودمشق واستقرّ وتوفي فيها عام 945م، فيرى أن الأرض تتحوّل في الصيف إلى موقد، وتنوّر يفور من شدّة حرارة الشمس، دون أن ينسى نضج الثمار في الصيف، بقوله:

إن كان في الصيف ريحان وفاكهة

فالأرض مستوقد والجوّ تنّور

ما الدهرُ إلا الربيعُ المستنيرُ إِذا

أتى الربيعُ أتاكَ النَّورُ والنور

هذا البنفسجُ هذا الياسمينُ وذا الـ

نّسرينُ ذا سوسنٌ في الحُسْنِ مشهور

وورد البنفسج الذي يسهب الصنوبري بوصف جماله في الربيع، يتحوّل اسمه إلى نقمة ورعب في الصيف، عكس الشعور بالارتياح الذي يخلّفه البنفسج، ملهم الشعراء والمغنين، ومنهم المطرب ياس خضر الذي غنى للبنفسج واحدة من أجمل الأغاني التي كتب كلماتها الشاعر مظفر النواب هي «يا ليلة من ليل البنفسج» مشيرا للّيلة المقمرة التي تفوح فيها رائحته، وتلهب خياله، بينما لون البنفسج في الصيف ينذر بالخطر، فحين تصل درجات الحرارة إلى درجة تهدّد حياة الإنسان، وتستهدف سلامته، تُرفع الراية البنفسجية، كما فعلت الشركات الأجنبية المستثمرة في حقل غرب القرنة وحقول نفطية في البصرة، قبل أيّام قليلة، بعد أن تخطّت درجات الحرارة حاجز الـ 52 درجة، فاللون البنفسجي مأخوذ من الأشعة فوق البنفسجية القصيرة، التي إذا ما تعرّض لها الإنسان، فسيصاب بضربة شمس، وهي كفيلة بقتل خلاياه الحية، لذا تحذّر الشركات العاملين من خطرها للحيلولة دون ما لا يحمد عقباه، وتطلب منهم الابتعاد عن الشمس في ساعات الظهيرة، تلك التي تكون فيها الشمس عمودية، إذ يشتدّ الحر في «الهاجرة» ويوصي الأطباء بتجنّب التعرّض للشمس وقت الهجير الذي هو شدّة الحر في منتصف النهار، وفي ذلك يقول الأصمعي، كما جاء في كتاب (المحاسن والمساوئ) للبيهقي: «بينا أنا ذات يوم قد خرجتُ في الهاجرة والجو يلتهب ويتوقّد حرّا، إذ أبصرتُ جارية سوداء قد خرجتْ من دار المأمون ومعها جرّة فضة تستقي فيها ماء، وهي تردّد هذا البيت بحلاوة لفظ وذرابة لسان:

حرُّ وجدٍ وحرُّ هجرٍ وحرُّ

أيّ عيشٍ يكونُ من ذا أمرُّ؟»

وإذا كانت حرارة الوجد تزيد من سخونة الجو في البيت الذي ذكرته الجارية، فالراية البنفسجية التي تناقلت أخبارها وكالات الأنباء ترفع درجات الخوف وهذه تزيد درجات الحرارة بدلا من تخفيضها، ويتّفق الجميع أن الإكثار من شرب الماء في مثل هذه الأيام ضروري، للتعويض عن السوائل المفقودة، وكذلك تناول اللبن مع حبّات التمر التي تكون قد نضجت بفعل حرارة الشمس، لقطع المراحل الثلاث المطلوبة لنضجه التي كما يقول المزارعون: (صباغ اللون)، و(طباخ التمر) و(جداد النخل)، وحتى يصل المرحلة الثالثة تكون الأرض قد رفعت أكثر من راية بنفسجية !.

عبدالرزّاق الربيعي شاعر وكاتب عماني

مقالات مشابهة

  • رايات الشمس البنفسجية
  • بالفيديو.. البحوث الفلكية: اقتران القمر بالمشترى ظاهرة ليست نادرة
  • محاق شهر محرم يُزين سماء مصر في هذا الموعد
  • صحيفة بيزنز انسايدر: دهشة امريكية من الزورق اليمني المسير
  • هلال شهر محرم.. أهم الظواهر الفلكية خلال شهر يوليو
  • القمر والمشترى والثريا في اقتران ثلاثي بديع.. الثلاثاء
  • دليل الظواهر الفلكية لشهر يوليو 2024.. السماء تتزين بزخات شهب الدلويات
  • 3 ظواهر غريبة تثير حيرة العلماء.. «كائن البرق وحرائق الزومبي والسحابة المثقوبة»
  • أول توثيق علمي يرصد ظاهرة الشفق القطبي في سلطنة عُمان
  • الحوثيون يستعرضون قدرات الزورق طوفان المدمر.. أصاب سفينة بشكل مباشر (شاهد)