«بيشربوا من البحر».. معاناة أهل غزة للحصول على كوب ماء يروي عطشهم
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
في غزة لا رفاهية هناك لتركيب فلتر ينقي المياه المليئة بالشوائب والأمراض، بل لا وجود لكوب ماء عذب من الأساس، شريان الحياة توقف في غزة، ظمأ لم يحن انتهائه، إلا برحلة شاقة يقطعها الأهالي كل يوم، أملا في الفوز بكوب ماء نظيف بعد ساعات من الانتظار في طابور لا نهاية له، حتى وصل الأمر إلى الشرب من مياه البحر المالحة.
الحرب في قطاع غزة التي دخلت يومها الخامس والسبعين، غيرت ملامح الحياة في غزة تماما، و بات شرب الماء حٌلمًا للآلاف من سكان القطاع المحتل، بعد أن توقفت محطات المياه الرئيسية في غزة عن العمل إثر القصف المستمر، فضلا عن توقف محطات رفع المياه والمواتير إثر انقطاع الكهرباء بحسب رواية الفتاة الغزاوية آلاء أبو قاسم لـ«الوطن».
منذ أسابيع طويلة باتت مياه البحر المالحة ملاذا للمئات بل الآلاف من سكان قطاع غزة للشرب، وذلك لندرة تواجد المياه العذبة في القطاع المحاصر منذ أكثر من شهرين متواصلين، حيث تعتمد غزة على مياه الآبار ، إلا أنها هي الأخرى أصبحت ملوثة بأثار القصف والمخلفات الصلبة التي تركتها الحرب في القطاع، فضلا عن خطورة ملوحتها على الجهاز الهضمي والكلى، وفي وقت سابق، أعلنت منظمة اليونيسيف أن أكثر من مليون طفل في غزة يعانون من أزمة نقص المياه.
يعاني الأطفال من تقلصات في المعدة وقيء وإسهال بسبب ملوحة المياه التي يقفون ضمن طوابير طويلة للحصول عليها، وصل مخاوف من تفشي الأمراض لا سيّما في ظل قلة الخدمات الطبية.
في متابعة مستمرة للوضع الصحي في قطاع غزة، الدكتور صالح الهمص، مدير التمريض بمستشفى غزة الأوروبي لـ«الوطن»، أن القطاع دخل بالفعل في دائرة الوباء والأمراض المعدية سواء التنفسية أو المعوية، حيث انتشرت النزلات المعوية والإسهال والجفاف والسعال بين الأطفال، خاصة مع دخول فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة دون وجود ملابس ثقيلة ولا مياه نظيفة ولا علاج ولا طعام: «اللي مماتش من القصف هيموت من الأنيميا والمرض والبرد»، حسب تعبيره.
تدمير الآبار الجوفية المصدر الرئيسي للمياهبحسب بيانات رسمية من سلطة المياه الفلسطينية وهي مؤسسة حكومية، تعتمد غزة في توفير المياه على الآبار الجوفية كمصدر رئيسي يغطي نحو 97 في المئة من الاستهلاك السنوي للسكان، ولكن مع تصاعد حدة الحرب لم يعد هناك مياه مناسبة للاستخدام الآدمي أو المنزلي لسكان غزة بسبب عمليات القصف المستمرة وتدمير البنية التحتية في القطاع، وبالتالي لجأ الأهالي إلى شرب مياه البحر.
شهر كامل دون مياه نظيفة«بقالهم شهر لا في مياه ولا في حياة من الأساس» بكلمات قليلة اختصرت الأم الغزاوية التي تقيم في مصر إيمان بعلوشة، الوضع الذي يعيشه أشقائها الثلاثة في غزة، حسب روايتهم لها كلما أتيحت لهم الفرصة للتواصل هاتفيا.
يذهب في الصباح الباكر أبناء شقيقها وبحوزتهم الأواني والزجاجات البلاستيك الفارغة إلى شاطئ بحر غزة لملء الأواني من مياه البحر، بعد أن بات الحصول على مياه نظيفة رفاهية غير متوفرة في القطاع المحتل، وبحسب روايتها لـ«الوطن» يستخدمون مياه البحر لغسل الأواني والملابس والاستحمام وأيضا الشرب داخل المخيمات التي يقيمون بها رغم خطورتها على الكلى والجسد بشكل عام، «كل ما بتصل عليهم عم يحكولي عن الوضع هناك، مأساة مرعبة»، حسب وصفها.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: غزة فلسطين أهل غزة میاه البحر فی القطاع فی غزة
إقرأ أيضاً:
تجارب سعودية رائدة لاستخلاص الليثيوم الثمين من مياه البحر
توصل علماء من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) إلى تقنية جديدة لاستخلاص معدن الليثيوم مباشرة من المحلول الملحي الموجود في حقول النفط ومياه البحر، حيث يوجد الليثيوم بتركيزات منخفضة للغاية.
وتستعرض الدراسة -التي نشرت مؤخرا في المجلة العلمية ساينس- التقنية الجديدة التي تنافس التقنيات التقليدية التي لم تثبت فعاليتها مع التركيزات المنخفضة من المحلول الملحي، مما قد يسهم في زيادة كبيرة في توافر هذا المنتج عالميا وتحويل المملكة العربية السعودية إلى دولة منتجة لهذا العنصر الهام.
وقد ارتفع الطلب على الليثيوم مع ارتفاع الطلب على السيارات الكهربائية نتيجة السياسات المناخية التي بدأت تطبّق حول العالم، حيث تشكّل المركبات الكهربائية بأنواعها التكنولوجيا الأساسية لخفض انبعاثات الكربون في قطاع النقل البري، وهو القطاع الذي يمثل نحو سدس الانبعاثات العالمية.
يعد الليثيوم جزءا أساسيا من بطاريات الليثيوم أيون المستخدمة في المركبات الكهربائية، حيث تُفضَّل بطاريات الليثيوم أيون لمحركات السيارات الكهربائية، على بطاريات الصوديوم أو المغنيسيوم أو الهيدروجين.
والليثيوم هو معدن ناعم فضي اللون، وأقل كثافة بين جميع المعادن، ويتفاعل بقوة مع الماء، وينتج طاقة أعلى بكثير من المعادن الأخرى، مما يتيح إنتاج بطاريات فعّالة خفيفة الوزن وبكفاءة عاليّة ضمن حيز صغير، وبالتالي تقليل وزن المركبات الكهربائية وتقليل استهلاك الوقود الكهربائي فيها، وجعلها تقطع مسافات أطول.
كما يعد الليثيوم جزءا أساسيا من التكنولوجيا التي تعمل على تشغيل الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر والأدوات الكهربائية وتخزين الطاقة المولدة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، كما يستخدم الليثيوم في العلاج الطبي للاكتئاب وللاضطراب ثنائي القطب ويجري النظر في استخدامه لعلاج الخرف ومرض ألزهايمر.
يوضح البروفيسور زيبينغ لاي، الأستاذ في "كاوست" والرئيس المشارك لمركز التميّز للطاقة المتجددة وتقنيات التخزين في الجامعة، والباحث الرئيسي في مشروع استخلاص الليثيوم، في حديث للجزيرة نت، جوهر التقنية الجديدة المتمثلة في استخدام فوسفات الليثيوم والحديد في عملية امتصاص أيونات الليثيوم بشكل انتقائي من المحلول الملحي ثم إطلاقها في محلول الاسترداد.
إعلانوفوسفات الليثيوم والحديد هي مادة الكاثود القياسية في بطاريات أيون الليثيوم، وتتميز ببنية طبقية تسمح لأيونات الليثيوم بالتحرك داخل وخارج المساحات بين الطبقات، وتخزين وإطلاق الطاقة في عملية واحدة.
والأمر المهم -حسب الباحث- هو أن هذه الطبقات مصممة بحيث تناسب أيونات الليثيوم الصغيرة فقط، في حين تستبعد أيونات الشوائب الأكبر (مثل الصوديوم والبوتاسيوم والمغنيسيوم والكالسيوم)، وتمكن هذه الانتقائية من استخراج الليثيوم حتى من المحاليل الملحية التي تحتوي على تركيزات عالية من الشوائب.
وتتميز التقنية الجديدة، حسب الباحث، بكفاءة طاقة عالية، فمن خلال الربط بين عمليتي الامتصاص والإطلاق في خطوة واحدة تعمل عملية إطلاق الليثيوم كخطوة شحن، وتعمل عملية الامتصاص كخطوة تفريغ، وتُستخدم الطاقة المنبعثة في أثناء الشحن لدفع التفريغ، وبالتالي توفير الطاقة.
كما تتميز الطريقة الجديدة، باستغلال اختلافات الملوحة، حيث عادة ما تكون محاليل الليثيوم عالية الملوحة بسبب وفرة أيونات الشوائب، في حين أن محلول الاسترداد أقل ملوحة بكثير، ويخلق هذا الاختلاف في الملوحة جهدا تناضحيا بين أقطاب الأكسدة والاختزال، والتي يمكن تسخيرها لتقليل استهلاك الطاقة بشكل أكبر.
اقتصادية وصديقة للبيئةتعتمد طرق استخراج الليثيوم التقليدية على التبخير الشمسي لتركيز المحلول الملحي، يليه الترسيب الكيميائي لأيونات الليثيوم على شكل كربونات الليثيوم.
وبحسب لاي، تستخدم هذه الطريقة مواد كيميائية سامة، وتؤدي إلى هدر كميات كبيرة من الماء، وهي بطيئة عموما، علاوة على ذلك، تصبح غير فعالة عندما يكون تركيز الليثيوم أقل من 200 جزء في المليون أو عندما تتجاوز نسبة المغنيسيوم إلى الليثيوم القيمة 8، وعلى الرغم من استكشاف تقنيات ناشئة، مثل الامتصاص الفيزيائي، وتبادل الأيونات، وعمليات الأغشية، فإنها أقل كفاءة في ظل ظروف تركيز الليثيوم المنخفض والملوحة العالية.
ويضيف أنه على النقيض من ذلك، تستخرج الطريقة الجديدة الليثيوم بكفاءة عالية من المحاليل الملحية بتركيزات منخفضة تصل إلى 20 جزءا في المليون مع الحفاظ على الجدوى الاقتصادية القوية، وتتحقق هذه الكفاءة من خلال الانتقائية العالية بالتقاط أيونات الليثيوم فقط، حتى في وجود شوائب وفيرة، وانخفاض استهلاك الطاقة، وانخفاض تكاليف الإنتاج، حيث تقل الحاجة إلى المواد باهظة الثمن وتقليل مراحل عمليات الإنتاج.
إعلانكما تعتمد العملية على الكهرباء فقط، وتتجنب استخدام المواد الكيميائية السامة وتقلل فقدان المياه، مما يجعلها أكثر صداقة للبيئة.
حقول النفط كمناجم ليثيومتحتوي معظم الصخور الحاملة للنفط والغاز على الماء، وعند استخراج النفط أو الغاز من هذه الصخور، تخرج "المياه المنتجة" وهي منتج ثانوي لجميع عمليات استخراج النفط والغاز، وتختلف كميات المياه المنتجة على نطاق واسع باختلاف أماكن الآبار.
وعن إمكانية إنتاج كميات وفيرة من الليثيوم من المياه المنتجة من حقول النفط في المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، يوضح البروفيسور لاي للجزيرة نت، أنه على الرغم من أن المملكة تشتهر بامتلاكها بعضا من أفضل حقول النفط في العالم لإنتاج النفط، فإن هذه الحقول أقل مثالية لاستخراج الليثيوم لأن حجم المياه المنتجة لكل برميل من النفط منخفض نسبيا وتركيز الليثيوم في تلك المياه متواضع، لكن ومع ذلك، ونظرا للحجم الهائل لإنتاج النفط، فمن المقدر أنه يمكن استخراج ما يصل إلى 100 ألف طن من كربونات الليثيوم سنويا من المياه المنتجة.
وفي حين تحتوي حقول النفط في دول الخليج الأخرى، غالبا على تركيزات ليثيوم أعلى، ونسب مياه إلى نفط أكبر، فإن من شأن هذه الظروف أن تحسّن بشكل كبير من الجدوى الاقتصادية للتقنية الجديدة، مما يجعل إنتاج الليثيوم على نطاق واسع أكثر جدوى.