رذيلة الكذب تترسخ في النظام الأمريكي
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
رذيلة الكذب تترسخ في نظام الحكم الأمريكي
أصبحت أمريكا مؤخراً أبرز من يمثل ظاهرة الكذب بكل ألوانها ومستوياتها وألاعيبها.
ترسخت رذيلة الكذب في النظام السياسي والأمني الأمريكي وأصبح النظام نظاماً كذاباً.
منذ الحرب العالمية الثانية، تمارس أمريكا الكذب لتبرر كل صراعاتها وحروبها وابتزازاتها وتلاعبها باقتصاد العالم واستقراره المالي النقدي.
نثق في العدالة الإلهية بأن هذا النظام سيكتب عند الله أيضاً نظاماً كذاباً، ويواجه مستقبلا عدالة الأرض وعدالة السماء. ويا ويلهم عندما يتمكن العالم كله منهم بمباركة من عدالة السماء.
* * *
إذا كان من رذيلة تتميز في هذا الزمن الذي نعيشه، فهي رذيلة الكذب الذي أصبح مرض العصر بصورة وبائية قاتلة، والذي لا يبدو أن له علاجا في الأفق القريب.
وقد أصبح لهذه الرذيلة جماعات ودول ومراكز إعلام ومؤسسات بحوث تدعم بعضها بعضا، وتغطي مساوئ بعضها بعضا، وتطوع الأزلام لنشرها على نطاق واسع جنوني بواسطة شبكات التواصل الاجتماعي، التي لا تترك أحداً إلا وتغويه وتنهكه لتصديق ذلك الكذب.
وإذا كان لا بد من تسمية جهة قيادة لذلك التوجه في عالمنا فإن الأصابع تتجه نحو الولايات المتحدة الأمريكية، إذ أصبحت مؤخراً أفضل من يمثل ظاهرة الكذب بكل ألوانها ومستوياتها وألاعيبها. فهذه الدولة، منذ الحرب العالمية الثانية، وهي تمارس الكذب لتبرر كل صراعاتها وحروبها وابتزازاتها وتلاعبها باقتصاد العالم واستقراره المالي النقدي.
فقد خاضت حروب فيتنام وكوريا وكمبوديا وهندوراس، وخططت وأشرفت على قتل مئات الألوف في إندونيسيا، وغزت ودمرت أفغانستان والعراق، وتآمرت على سوريا وليبيا والسودان واليمن، وتدخلت في شؤون أمريكا الجنوبية على نطاق واسع، ودمرت كل محاولات دولها للخروج من تحت عباءتها، وأدخلت مؤخراً العالم في جحيم الحرب الأوكرانية، وافتعلت الحروب الاقتصادية مع الصين وروسيا وغيرهما.
فعلت كل ذلك، وغيره الكثير، تحت أغطية ومبررات من الكذب والادعاءات وأصباغ الفضيلة التي لا توجد إلا في شعاراتها المخادعة، تارة باسم حماية العالم الحر، وتارة باسم حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان وحماية الأقليات والمحافظة على السلم الأهلي والعالمي، بينما الجميع كان يعرف أنها كانت حروب نهب واستعمار.
ولم تعتذر قط عن كل تلك الأفعال التي قامت بها والتي قادت إلى موت الملايين وإلى حرق أراضي الغير، وإلى تدمير بنيتها التحتية وأنظمتها السياسية والأمنية والاقتصادية، بل بالعكس، كانت وما زالت تنصب نفسها الدولة المسؤولة عن أمن ونظام هذا العالم، وبالتالي يحق لها أن تكون القاضي والمحامي والسجّان، بينما هي في كثير من الأحيان الجاني الذي يجب أن يحاكم ويحاسب.
نضطر أن نذكّر بكل ذلك، رغم احترامنا الشديد للشعب الأمريكي، لنقول بأن المسؤول الأول هو نظام الحكم الأمريكي، والدولة العميقة التي تملكه وتحركه وتوظّفه ليفعل كل ذلك باسم أمريكا، وأمريكا التي نعرفها جيداً براء من كل ذلك، وإنما هي أيضاً ضحية من ضحايا نظام الحكم ذاك ودولته العميقة.
ونبرز كل ذلك لنقول بأن تلك القائمة من الممارسات الأمريكية المجنونة واللاأخلاقية والمستهترة بكل القيم الإنسانية والحقوقية، والمتدثّرة بألف كذبة وكذبة، تلك القائمة قد وصلت خلال الشهرين الماضيين إلى أقبح صورها وأكثرها إجراماً وتوحشاً في المشهد الفلسطيني الحزين، يفضحها ويعرّيها مشهد الألوف من أطفال فلسطين ونساء فلسطين وكبار السن في فلسطين، المدنيين العزّل، المستنجدين يطلبون الرحمة، بينما يقوم نظام الحكم في أمريكا بإمداد المجرم الصهيوني، جيشاً ومستوطنين، بالسلاح والعتاد والمال والدعم الأعمى السياسي والمعنوي في كل محفل من محافل العالم.
وهذا الدعم كله يتم تحت عباءة الكذب الأمريكي الشهير، فهي تدّعي أنها ضد موت المدنيين وضد تجويع ملايين الفلسطينيين، وضد تدمير المستشفيات والمدارس والمساجد، وضد إلقاء القنابل العشوائية لتدمير مئات المباني على رؤوس ساكنيها… إنها ضد كل ذلك، وهي تحاول إقناع الكيان الصهيوني بعدم ممارسة كل ذلك… لكنها لا ترى تعارضاً بين إمداد الكيان بكل ما يسمح له بارتكاب جرائمه، ومنع العالم من إيقاف الحرب.
ما على من يريد أن يعرف طبيعة الكذب المتأصّلة في نظام الحكم الأمريكي، إلا أن يقارن بين ما تقوله وتفعله وتعد به لتطمين الكيان الصهيوني، والدروس والتهديدات والفهلوانية التي تمارسها تجاه من يتجرأ لمساعدة الفلسطينيين المغلوبين على أمرهم، وتجاه أي محاولة دولية لإيقاف الحرب الإجرامية المجنونة في غزة.
كنا نعرف بأن كتب العالم ووسائل المعرفة فيه قد كشفت منذ زمن طويل ترسخ رذيلة الكذب في النظام السياسي والأمني الأمريكي وسمّت النظام نظاماً كذاباً. لكننا الآن نثق في العدالة الإلهية بأن هذا النظام سيكتب عند الله أيضاً نظاماً كذاباً، وسيواجه في المستقبل، طال الزمن أو قصر، عدالة الأرض وعدالة السماء. ويا ويل أمريكا عندما يتمكن العالم كله منها، بمباركة من عدالة السماء.
*د. علي محمد فخرو سياسي بحريني، كاتب قومي عربي
المصدر | الشروقالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أمريكا الكيان الصهيوني المشهد الفلسطيني نظام الحکم کل ذلک
إقرأ أيضاً:
أحمد المسلماني: نعيش في عالم متقلب مع تولي ترامب رئاسة أمريكا
رئيس الهيئة الوطنية للإعلام أحمد المسلماني:
- الرئيس السيسي عبّر عن رؤية مصر في قضية غزة منذ بداية الحرب
- النزاع المباشر بين الصين وأمريكا سيشكل خطرًا على العالم
- إيلون ماسك عبقري لكنه عبثي في أفكاره
- نعمل على ترجمة مسلسلات مصرية إلى اللغات الأفريقية
- مصر تمتلك قوة ناعمة تفوق أي دولة أخرى في العالم
استضافت القاعة الرئيسية في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السادسة والخمسين لقاء للكاتب الكبير أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام بعنوان "حالة المعرفة في عالم متغير"، وأدارت اللقاء الإعلامية ريهام الديب، بحضور الدكتور أحمد بهي الدين رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب.
في البداية تحدث الدكتور أحمد المسلماني عن تطور النظام العالمي الذي بدأ منذ تاريخ 1492 وما بعده، حيث كان ذلك تاريخ وصول كريستوفر كولومبوس إلى أمريكا، والذي أدى إلى إبادة ملايين من السكان الأصليين في قارة أمريكا، وهو ما ساهم في التغيير الجذري الذي نعيش فيه اليوم. بعدها خرج المسلمون من الأندلس، وانتهى العصر الإسلامي في إسبانيا والبرتغال، ليتم اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح عام 1498، وكان هذا الاكتشاف يشكل تحولًا في الفكر الجغرافي حيث كان الاعتقاد أن السفن التي تعبر من خلاله ستغرق في الفضاء."
وتابع المسلماني: "مصر كانت الأكثر ازدهارًا في ذلك الوقت، لكن مركزها الاستراتيجي تراجع ما أدى لدخول العثمانيين إليها، وفي عام 1648 حدثت حرب كاثوليكية بين الكاثوليك والبروتستانت، وهي الحرب التي عُرفت بحرب الثلاثين عامًا وانتهت بمعاهدة أسست للدولة الوطنية الحديثة التي تأسست على الحدود، والشرطة، والقضاء. أما في مصر، فقد كانت في حالة سائبة جغرافيا."
وأضاف المسلماني: "في عام 1815، اكتسح نابليون أوروبا بعد أن عانت القارة من العديد من الحروب، وانتهت بمعاهدة سميت معاهدة السلام الذي أنهى كل الحروب، وعاشت أوروبا في سلام نسبي حتى الحرب العالمية الأولى والثانية. كان هناك مقهى في فيينا حيث كان يجتمع المثقفون والمشاهير، وكان من بين هؤلاء فرويد، وجوزيف ستالين، وجوزيف تيتو، وأدولف هتلر، وصحفي يبحث عن مشروع لليهود هو هرتزل."
وأشار إلى أن "الثقافة هي المحرك الرئيسي للتاريخ كما يرى أنطونيو جرامشي. وقد بدأت الحرب العالمية الثانية وازدهرت الشيوعية، وشارك فيها سبعون مليون إنسان قتلوا، ثم تبعتها الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي، واليوم نعيش في عالم متقلب مع تولي دونالد ترامب الرئاسة."
واستعرض المسلماني تطور القوة العالمية قائلاً: "عام 1900 كانت أمريكا هي الأكثر تعليمًا، وعام 1920 كانت أقوى دولة في العالم، ومن عام 2020 فصاعدًا، سيكون القرن المقبل صراعًا بين أمريكا والصين.
وفي هذا السياق يرى مؤرخو العلم أن القرن التاسع عشر كان عصر الهندسة المعمارية، والعشرون كان عصر الهندسة الكهربائية، والحادي والعشرون هو عصر الاتصالات."
وتابع المسلماني بالحديث عن صعود الصين كقوة نووية، وأوضح أن هناك جدلاً كبيرًا حول قدراتها النووية، حيث تقول الصين إنها لم تتجاوز بضع رؤوس نووية بينما تؤكد أمريكا أن الصين لديها آلاف الصواريخ النووية.
وأضاف: "الصين استعادت هونغ كونغ وماكاو، وهي ترى تايوان جزءًا منها، وتسعى لاستعادتها، مستفيدة من استراتيجية الصبر الاستراتيجي بعيد المدى."
كما تحدث عن المشروع الاقتصادي الصيني "الحزام والطريق"، الذي يهدف إلى ربط الصين بالعالم عبر بنية تحتية ضخمة، مشيرًا إلى أن الهند تحاول منافسة الصين في هذا المجال.
وأضاف: "الصين تحيي ثقافتها القديمة وتراثها، وقد عملت على إعادة إحياء كونفوشيوس من جديد من خلال وسائل الإعلام والسينما، حيث أصبح التراث مكونًا رئيسيًا في الثقافة الصينية، وإذا وصل الصراع بين الصين وأمريكا إلى مرحلة من النزاع المباشر، فإن ذلك سيشكل خطرًا على العالم أجمع."
وتحدث عن التحديات التي تواجهها روسيا، قائلاً: "روسيا تواجه تحديًا تاريخيًا، إذ أن لديها تاريخًا إمبراطوريًا من الإمبراطورية الروسية القيصرية، مرورًا بالاتحاد السوفيتي، وصولًا إلى روسيا الاتحادية، هي دولة لا يمكن أن تعود إلى الوراء، ولهذا تسعى لتوسيع مجالها الجغرافي."
وأشار إلى الهند قائلًا: "الهند أصبحت قوة اقتصادية مهمة بفضل التعليم المنتظم والبحث العلمي الدقيق، حيث يعد المعهد الهندي للتكنولوجيا من أبرز المعاهد العلمية في العالم. كما أن كوريا الجنوبية صعدت بفضل الاستثمار في التعليم والبحث العلمي."
وتطرق المسلماني أيضًا إلى التحديات التي تواجهها أوروبا، قائلاً: "أوروبا لو استمرت في هذه السلبيات الليبرالية، فإن مستقبلها سيكون مجهولًا، حيث أن المسيحية في أوروبا أصبحت في تراجع مستمر، وهو ما يعكس تأثير الثورة الفرنسية وانتشار الإلحاد.
وأضاف: أظهرت إحصائيات في بريطانيا أنها لم تعد دولة مسيحية، حيث أصبح المسيحيون أقل من 50%. كما يتوقع أن المسيحيين في أمريكا سيشكلون أقل من 30% بحلول عام 2070."
وأشار المسلماني إلى أن العالم يعيش في حالة من "اللا يقين" أكثر من اليقين، وأن الرؤية أصبحت صعبة في ظل التطورات الحالية. وقال: "إيلون ماسك عبقري لكنه عبثي في أفكاره."
وتحدث عن السياسة العالمية، قائلاً: "النظام العالمي لا يبالي، والسياسيون الكبار لا يستشيرون في قراراتهم، وعندما غزت أمريكا العراق، قالوا إنهم يبحثون عن أسلحة دمار شامل، لكن اتضح لاحقًا أن ذلك كان خطأ، وتم الاعتذار. وكذلك في فيتنام، حيث مات 4 ملايين مواطن، وانتهى الأمر باعتذار بعد كل تلك الأرواح."
وفيما يتعلق بمستقبل الإعلام في مصر، قال المسلماني: "الرئيس عبدالفتاح السيسي عبّر عن رؤية مصر في قضية غزة منذ بداية الحرب، وكان الشعب المصري واضحًا في موقفه تجاه القضية الفلسطينية، مصر أعلنت تأييدها للحق الفلسطيني بوضوح."
وأوضح المسلماني أن مصر تمتلك قوة ناعمة تفوق أي دولة أخرى في العالم، وأنها من بين أفضل 10 دول في العالم من حيث ترتيب القوة الناعمة، حيث تحتل مصر المركز السابع عالميًا.
وأشار المسلماني إلى أن الهيئة الوطنية للإعلام تسعى لإعادة "ماسبيرو" إلى مكانته المرموقة، وقال: "هدفنا هو إعادة ماسبيرو إلى مستواه العالي، ونحن في مفارقة بين مطالب اقتصادية واجتماعية في المبنى ومطالب الشعب، لذلك نتطلع إلى تحقيق توازن في هذا الأمر."
وأوضح المسلماني أن الهيئة الوطنية للإعلام تولي اهتمامًا خاصًا بالقارة الافريقية، حيث أكد أن مصر لم تكن موجودة بما فيه الكفاية في مجال الدراما والبرامج هناك.
وأضاف: "نعمل على ترجمة مسلسلات مصرية إلى اللغات الأفريقية، مثل مسلسل "أم كلثوم"، و"ليالي الحلمية"، و"الإمام الليث بن سعد"، ونهدف إلى تقديم مصر بتراثها الثقافي والحضاري إلى العالم."
وختامًا، أكد المسلماني أن مصر تسعى إلى تعزيز قوتها الناعمة على الساحة العالمية، مشيرًا إلى أن الإعلام المصري سيعزز من ثقافته عبر زيادة اهتمامه بالثقافة والتاريخ، وسيعمل على رفع كفاءة برامج الأطفال مع تطوير قناة ماسبيرو الثقافية.