الولايات المتحدة وسيناريو "يستبيح ليبيا لعقود"!
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
انفجرت فوق سماء اسكتلندا في 21 ديسمبر عام 1988 طائرة "بان أمريكان" البوينغ "747 – 121" لتصبح قضية كبرى بين الغرب وليبيا القذافي، إلا أنها أغلقت باتفاق سياسي وبإجراءات قضائية.
إقرأ المزيد "وصية" صدام للقذافي بشأن السلاح النووي!طائرة "بان أمريكان" في رحلتها رقم "103" المتجهة من العاصمة البريطانية لندن إلى نيويورك وعلى متنها 259 شخصا ينتمون إلى 21 دولة، كانت تعرضت لانفجار قنبلة كانت في عنبر الشحن بالطائرة في الساعة 19:02 وذلك بعد 58 دقيقة من مغادرتها مطار هيثرو.
اشتعلت خزانات وقود الطائرة وكانت مليئة بـ 91 طنا من الوقود بعد اصطدام بقايا الطائرة بالأرض وتهاوي الحطام وتناثره على مساحة واسعة وتعرضت مناول للدمار ما أدى إلى مقتل 11 شخصا من سكان بلدة لوكربي على الأرض، ما رفع عدد الضحايا في هذه الكارثة إلى 270 شخصا، من بينهم 190 أمريكيا.
عثر المحققون الأمريكيون والبريطانيون في موقع الكارثة الممتد على مساحة واسعة على بقايا جهاز لاسلكي زرع في راديو من نوع "توشيبا"، عليه آثار متفجرات بلاستيكية، وبقايا حقيبة سامسونايت بنية اللون، كان بها زوج من السراويل وسترة للأطفال.
تتبعت أجهزة الأمن البريطانية هذه الأدلة ووجدت أنها تقود إلى ليبيا وتحديدا إلى عبد الباسط المقرحي، الضابط في الاستخبارات الليبية والذي يعمل في مكتب الخطوط الجوية الليبية في العاصمة فاليتا، ويعيش قرب محل لبيع الملابس، كان تعرف عليه صاحبه بأنه الشخص الذي اشترى تلك الملابس المشبوهة!
وُجه الاتهام رسميا إلى ليبيين اثنين هما عبد الباسط المقرحي والأمين خليفة فحيمة في 13 نوفمبر عام 1991 ووصفا بأنهما يعملان في الاستخبارات الليبية، وعلى خلفية هذه الكارثة وأخرى حدثت لطائرة فرنسية فوق النيجر عام 1989 فرض مجلس الأمن في عام 1992 عقوبات قاسية على ليبيا، أوقفت بموجبها جميع المعاملات النقدية مع ليبيا، وفرض على البلد حظر صارم على توريد المعدات النفطية وقطع الغيار، وتوقفت بشكل تام رحلات الخطوط الجوية الليبية، ولم يعد بالإمكان لليبيين إلا السفر برا أو بحرا!
بعد مفاوضات طويلة، اتفقت ليبيا مع الولايات المتحدة وبريطانيا على محاكمة المقرحي وفحيمة على أرض محايدة، وعلى قبول ليبيا بالحكم الذي سيصدر من دون الاعتراف بالمسؤولية الجنائية!
الشخصان المشتبه بهما سُلما في 5 أبريل عام 1999 إلى الشرطة الأسكتلندية في مدينة أوتريخت الألمانية حيث جرت المحاكمة في قاعدة عسكرية أمريكية سابقة.
الحكم صدر في 31 يناير عام 2001 وقضى بإدانة عبد الباسط المقرحي وتبرأة رفيقه الأمين فحيمة. وحكم على المدان بالسجن لمدة 27 عاما، وكان للاتهام شاهد رئيس هو منشق ليبي وقتها يدعى عبد المجيد دعاكة، كان شهد بأنه شاهد المقرحي وهو يلتقط "حقيبة سامسونايت" بنية اللون من عربة الأمتعة في مطار لوكا في مالطا في 20 ديسمبر 1988، وذكر أن نفس الحقيبة التي لم تمر بأجهزة المراقبة حملت صبيحة اليوم التالي على متن رحلة إلى فرانكفورت، حيث حُملت على طائرة "بان أمريكان" التي بدورها كان يفترض أن تنقلها إلى لندن في رحلتها رقم 103.
بحسب اتفاق تم بين ممثلين عن ليبيا وبريطانيا والولايات المتحدة، دفعت طرابلس تعويضات قدرها 10 ملايين دولار لكل أسرة ضحية، مقابل الرفع التام للعقوبات الاقتصادية على ليبيا.
الجميع كان يعتقد أن القضية أغلقت تماما، وإن بقي البعض، بمن فيهم أسر ضحايا كارثة لوكربي يشككون في الأدلة الضعيفة التي استندت إليها المحكمة، ويعتقدون أن جهة أخرى غير ليبيا هي المذنب الحقيقي في الجريمة. هذا الأمر ظهر قبل أن تتوجه أصابع الاتهام إلى ليبيا، وهو يتواصل حتى الآن في كتابات بعض الخبراء والمهتمين.
المفاجاة أن القضية فتحت مجددا في الولايات المتحدة، وطرح اسم شخص ثالث وهو عضو سابق في الاستخبارات الليبية يدعى أبو عجيلة محمد مسعود خير المريمي ويبلغ من العمر 72 عاما، ويوصف بأنه خبير في صناعة المتفجرات وبأنه اعترف في سجنه الليبي بعد سقوط نظام القذافي بأنه المسؤول عن تفجير ملهى "لابيل" في برلين عام 1986.
قبل أن ينقل المريمي إلى الولايات لمتحدة من ليبيا فجأة وبطريقة غامضة في عام 2022، حذر مستشار الامن القومي الليبي إبراهيم بوشناف من مغبة إثارة البعض قضية طائرة "بان أمريكان" رقم 103، مشيرا إلى أن هذه القضية إن أُثيرت من جديد وأصبحت موضوعاً لتحقيق جنائي ستُدخل ليبيا في عقود من الاستباحة، لا يعلم إلا الله منتهاها".
السيناريو الأمريكي الجديد يفترض أن مسؤولا في الاستخبارات الليبية في عهد "الجماهيرية" التي لم يبق منها أي أثر منذ عام 2011، أمر في شتاء عام 1988 أبو عجيلة محمد مسعود خير المريمي "بالسفر إلى مالطا بحقيبة معدة. هناك قابله المقرحي وفحيمة في المطار. بعد عدة أيام، أمر المقرحي وفحيمة، مسعود بضبط المؤقت على الجهاز في الحقيبة بحيث يحدث الانفجار بعد إحدى عشرة ساعة بالضبط. كان المقرحي وفحيمة في المطار صباح يوم 21 ديسمبر1988، وسلم مسعود الحقيبة إلى فحيمة بعد أن تلقى من فحيمة إشارة للقيام بذلك. وضع فحيمة الحقيبة على الحزام الناقل المتحرك. بعد ذلك، استقل المريمي رحلة جوية ليبية إلى طرابلس أقلعت في الساعة 9:00 صباحا".
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف معمر القذافي الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
كاليفورنيا تنفصل عن الولايات المتحدة.. هل تندلع حرب أهلية؟
تناول تقرير لموقع "نيوز ري" الروسي إمكانية انفصال ولاية كاليفورنيا عن الولايات المتحدة مع الانطلاق في جمع التوقيعات لتحقيق هذه الغاية.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الحكومة المحلية وافقت على العريضة ذات الصلة التي يجب أن تجمع أكثر من نصف مليون توقيع للمضي قدما في اجراءات الانفصال.
وقد أعرب الناشطون عن ثقتهم في نجاح هذه المبادرة معلنين عن معارضتهم للقيادة الجديدة للولايات المتحدة.
ما المعروف عن انسحاب كاليفورنيا من الولايات المتحدة؟
في 27 كانون الثاني/ يناير، أعلنت وزيرة خارجية ولاية كاليفورنيا شيرلي ويبر عن موافقة الولاية على التماس الانفصال عن الولايات المتحدة. في الوقت الراهن، أصبح قرار التصويت لصالح البقاء أو الانفصال عن الدولة بيد سكان كاليفورنيا.
ومن أجل القيام بذلك ينبغي تأمين توقيع 546.651 مواطن على الوثيقة. ستستمر عملية التصويت الى حدود 22 تموز/ يوليو 2025. وفي حالة جمع التوقيعات اللازمة، سيتم إجراء استفتاء حول مستقبل كاليفورنيا في سنة 2028.
وأطلق على هذه المبادرة اسم "كالكسيت" في إشارة إلى "بريكست". وستنطلق عملية الانفصال في حال صوّت لصالحها ما لا يقل عن 55 بالمئة من الناخبين، مع مشاركة لا تقل عن 50 بالمئة.
وتعليقا على ذلك، كتبت صحيفة نيويورك بوست" أن حدوث ذلك بمثابة تصويت بسحب الثقة من الولايات المتحدة الأمريكية وتجسيد لإرادة شعب كاليفورنيا في أن تصبح ولايته دولة مستقلة". وقال أحد سكان كاليفورنيا الداعمين للمبادرة: "ولايتنا تدفع ضرائب تفوق حجم المساعدات الفيدرالية التي تتلقاها بـ 83 مليار دولار. نحن ندعم الولايات الأخرى. لماذا لا ننفصل؟".
لماذا تريد كاليفورنيا الانفصال عن الولايات المتحدة؟
تعد كاليفورنيا الولاية الأكثر كثافة سكانية على الساحل الغربي للولايات المتحدة.
ووفقا لتقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" الذي أعده صندوق النقد الدولي، احتل اقتصاد كاليفورنيا في نهاية سنة 2023 المرتبة الخامسة ضمن أكبر اقتصاد في العالم، متفوقًا على الاقتصاد البريطاني والهندي.
ويدعم غالبية سكان الولاية الحزب الديمقراطي. وفي الانتخابات الرئاسية الأخيرة المنعقدة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، دعم السكان المرشحة عن الحزب الديمقراطي ونائب الرئيس السابقة كامالا هاريس. وقد أثار نشطاء كالكسيت قضية انفصال كاليفورنيا عن الولايات المتحدة في سنة 2016 على إثر فوز ترامب.
ومع ذلك، أظهرت استطلاعات الرأي أن 14 بالمئة فقط من الناخبين المسجلين يؤيدون المبادرة. ويعتقد زعيم حركة كالكسيت ماركوس رويز إيفانز أن حظوظ الحركة في النجاح ارتفعت.
ونقل الموقع عن الخبير السياسي ورئيس الحركة الروسية المناهضة للعولمة ألكسندر إيونوف أن العملية التي أطلقت في كاليفورنيا ذات طابع سياسي.
ويرى إيونوف، أن "الديمقراطيين يحاولون الانتقام من ما يسمى بالجمهوريين الجدد بقيادة ترامب بسبب الانهيار الكامل لسياسة بايدن الداخلية".
لماذا يكره سكان كاليفورنيا ترامب؟
يجاهر الناشطون في ولاية كاليفورنيا بمشاعرهم العدائية تجاه الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة، ويشاركهم في ذلك أغلب للسياسيين في الولاية الذين يعارضونه بشكل علني.
ومن جانبه، تعهد حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسم، وهو ديمقراطي، بحماية الحقوق المدنية الأساسية للسكان المحليين من الجمهوريين.
وأشارت منظمة كالماترز إلى أنه خلال فترة ولايته الرئاسية الأولى، رفعت قيادات كاليفورنيا دعاوى قضائية ضد ترامب بمعدل واحدة كل 12 يوما.
وفي المجمل، رفعت الولاية 123 دعوى قضائية ضد الرئيس، بحيث تعارض السلطات قضية حظر الإجهاض التي يروج لها الجمهوريون، وخطاب ترامب القاسي تجاه المهاجرين، فضلاً عن السياسات البيئية للإدارة الجديدة، إلى جانب إعلان الرئيس عن خطط لزيادة إنتاج النفط، وإصداره أمرا تنفيذيا بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ.
وحسب تقارير إعلامية، تستعد حكومة ولاية كاليفورنيا بالفعل لرفع دعاوى قضائية جديدة ضد الزعيم الأمريكي.
وحسب إيونوف، فإن ترامب الذي أعلن عن خطط لتوسيع الأراضي الأمريكية لتشمل غرينلاند وكندا، سيحارب بشدة أي مشاعر انفصالية.
وتابع إيونوف: "حتى في عهد الديمقراطيين، عملت وكالات الاستخبارات الأمريكية عن كثب مع الكاليفورنيين وغيرهم من المؤيدين لاستقلال الولايات والأقاليم الفردية. وبعد كل حدث يتم استدعائهم للاستجواب ويقوم مكتب التحقيقات الفيدرالي بعمليات تفتيش في مكاتب المنظمات".
هل تنفصل كاليفورنيا عن الولايات المتحدة؟
ذكر الموقع أن القانون الأمريكي يفتقر إلى القوانين التي تنظم عملية انفصال الولاية، وفي سنة 1869، بعد الحرب الأهلية الأمريكية، قضت المحكمة العليا بأن قانون القبول نهائي ولا يمكن مراجعته أو إلغاؤه إلا "بالثورة، أو بموافقة الولايات".
وحيال هذا الشأن، يرى أستاذ قسم العلوم السياسية في الجامعة المالية التابعة للحكومة الروسية جيفورج ميرزايان أن نجاح مبادرة كالكسيت لا يصب على الإطلاق في مصلحة المؤسسة الحاكمة الأمريكية "فالجمهوريون الذين تولوا السلطة لا يريدون خسارة أغنى ولاية والأمر سيان بالنسبة للديمقراطيين نظرا لأن كاليفورنيا، إلى جانب نيويورك، تشكّلان أكبر قاعدة انتخابية للديمقراطيين في الولايات المتحدة. وعليه من الصعب على الديمقراطيين احتلال البيت الأبيض بعد ذلك". وأشار ميرزايان إلى أن "الميزان الانتخابي سوف يتأرجح بشكل خطير لصالح الجمهوريين".
وحسب إيونوف فإن هناك حجر عثرة يعطل طموحات أنصار كالكسيت وهو وجود حركة نشطة في شمال كاليفورنيا تدعو إلى الانفصال وإنشاء ولاية جيفرسون جديدة غير موجودة حاليًا، من شأنها توحيد كاليفورنيا وجزء من ولاية أوريغون.
وذكر الموقع أن السلطات الروسية تراقب الأحداث الجارية في الولايات المتحدة. وفي هذا الصدد، وصف رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس الاتحاد الروسي غريغوري كاراسين ما يحدث ومطالبات الولايات المتحدة بالأراضي الأجنبية بـ "السخافات".
هل تندلع حرب أهلية في الولايات المتحدة بسبب كاليفورنيا؟
وفي ربيع سنة 2024، أجرت مؤسسة راسموسن ريبورتس استطلاعا للرأي لمعرفة عدد الأميركيين الذين يحتملون وقوع حرب أهلية جديدة في البلاد.
وأجري الاستطلاع بعد إصدار فيلم "حرب أهلية"، الذي تجسد أحداثه اتحاد ولايتي كاليفورنيا وتكساس وإعلانهما التمرد ضد رئيس ديكتاتوري أدت سياساته إلى تقسيم المجتمع.
وأظهر الاستطلاع أن 41 بالمئة من المشاركين مقتنعون بأن صراعا أهليا جديدا سوف يندلع في الولايات المتحدة خلال السنوات الخمس المقبلة، في حين أرجح 16 بالمئة حدوث هذا السيناريو.
وبحسب الخبير السياسي مالك دوداكوف فإن هذه الولايات حاولت في العديد من المناسبات الضغط على الحكومة الفيدرالية وابتزازها بالانفصال عن البلاد.
وقال دوداكوف: "بالنسبة لأي احتمال نظري لانهيار الولايات المتحدة، فهذا لا يمكن أن يحدث إلا في حالة حدوث حرب أهلية أو صراع نووي وما إلى ذلك. وعليه، لا ينبغي توقع أي نوع من الانفصال السلمي، على الأقل في المستقبل القريب أو على المدى المتوسط".
وعلى النقيض من ذلك يرجح إيونوف احتمال اندلاع حرب أهلية في الولايات المتحدة مشيرا إلى أن "هناك العديد من الطوائف الدينية المختلفة والمؤثرة في الولايات المتحدة. يمكن استغلال هذا العامل لإخراج الناس إلى الشوارع بسرعة. هناك ديناميكيات خطيرة للغاية في ولايات مثل تكساس وكاليفورنيا وهاواي والأراضي المرتبطة ببورتوريكو".
ويرى إيونوف أن كاليفورنيا بمثابة قنبلة موقوتة. وعدم حدوث الانفصال اليوم لا يعني تجنبه في المستقبل القريب، مبينا أن حملة ترامب قسّمت المجتمع الأمريكي إلى نصفين، وأصبح المزاج السياسي المحلي يسوده التشاؤم.