الخليج الجديد:
2025-03-05@02:03:38 GMT

رسالة إلى مفاوِضي المقاومة الفلسطينية

تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT

رسالة إلى مفاوِضي المقاومة الفلسطينية

رسالة إلى مفاوِضي المقاومة الفلسطينية

لا ينبغي أن يُترك مصير إنجاز المقاومة في أيدٍ عبثت بحقوق الفلسطينيين، أو تواطأت ضدهم لأجل مكاسب شخصية، وهذا واجب متصل بطوفان الأقصى.

هجمة المقاومة في 7 أكتوبر أوصلت كيان العدو مُنْبَتِّ الجذور لحافة الهاوية، فعمد إلى القوة العسكرية لإعادة ترسيخ صورة الدولة القوية، وهيهات أن تعود!

طرح سياسي سيمنع الأطراف المتواطئة والمتخاذلة من فرض تسوية مجحفة على قضية فلسطين تحظى بالصفة الدولية، وهي التسوية التي ستعقِّد من وضع القضية المأزوم أصلا.

لا ينبغي للمقاوِم ترك الساحة السياسية للمؤامرات والاكتفاء بالشجب لمجرد أنه غير موافق على المسار المطروح، بل لا بد له من طرح سياسي يعرضه على المجتمع الفلسطيني والعربي الحاضن للمقاومة.

المقاومة هي التي قررت هذه المرة أن تستخدم الحرب وسيلة لنيل حقوق سياسية مُهدَرة منذ 75 عاما، ونجحت في جذب الانتباه إلى حقوق الفلسطينيين، وعليها أن تستمر إلى أن تحقق جزءا كبيرا من آمالهم.

إذا كانت حركات المقاومة لا تعترف بشرعية وجود إسرائيل وتؤمن بأن فلسطين من النهر إلى البحر حق لأهلها، فيمكنها تقديم طرح سياسي لـ"هُدنة" مع الاحتلال لنقاش قضايا الحل النهائي.

* * *

تشتهر بين الساسة كلمة كلاوزفيتز بأن "الحرب هي استمرار للسياسة ولكن بوسائل أخرى"، وإذا كانت الكلمة صدرت عن عسكري شارك في حروب كبرى، فإنها أصبحت واقعا سياسيا نظرا لما يسميه مُنَظِّرو العلاقات الدولية "غياب سلطة عليا تفرض القانون على الدول".

وغايةُ الدولة من تحركها وقدرتُها على تحقيق الغاية، يحددان المدى الذي يمكن أن تذهب إليه في علاقتها بغيرها من الفاعِلِين الدوليين، سواء كان الفاعل دولةً مثلَها، أم فاعلا دون الدولة كالحركات المسلحة أو المنظمات الدولية وما إلى ذلك.

تتحرك دولة الاحتلال الصهيوني في إطار هذا الفكر الحربي لتشكيل الواقع السياسي، مع وجود سمة لصيقة بها، وهي أن الحرب لدى الاحتلال هي الوسيلة السياسية الوحيدة، فلا مجال لوسائل أخرى في علاقاتها الدولية بمحيطها الإقليمي، وذلك منذ نشأتها على يد العصابات الصهيونية التي ارتكبت مجازر لا حصر لها.

وثقافة الحرب الدائمة والضربات الاستباقية لا تعني سوى أننا أمام عدو متغطرس لا يفهم إلا لغة القوة، دون أي مبالغة في هذه النتيجة البادية للعيان، ولا أَدَلَّ على هذا من تقديمه التنازلات في سيناء ثم جنوب لبنان ثم الانسحاب الأحادي من غزة، عقب حروب واستنزاف عسكري.

يستنفر جيش الاحتلال شراسته العسكرية على أهالي قطاع غزة للانتقام من الهجمة القوية للمقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، خاصة أنها هجمة أوصلت كيانه المُنْبَتِّ الجذور إلى حافة الهاوية، فعمد إلى القوة العسكرية لإعادة ترسيخ صورة الدولة القوية، وهيهات أن تعود بعد إذلال المقاومة لها في هجمتها الكبرى، وقتالها على الأرض في طبيعة جغرافية سهلة الاجتياح، لكنها أصبحت عصيَّة بفعل ضربات المقاوِمين وصمودهم.

ما يُعلنه قادة الاحتلال بجلاء أنهم بصدد تغيير سياسي وجغرافي جديد في الأراضي الفلسطينية، وهي خطوات تجري على قدم وساق بعنف غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية، وفي ظل انعدام تكافؤ مطلق في القدرات العسكرية، وتزامنا مع تواطؤ دولي وعربي للأسف، فحتى إدخال المساعدات وإخراج الجرحى أصبحَا رهنا بالإرادة الإسرائيلية، ودون ضغط حقيقي لإيقاف العدوان المتواصل منذ أكثر من شهرين، فأصبحت الحرب هي مسار الاحتلال للتفاوض على ما سيحدث في "اليوم التالي".

هناك ملفان أساسيان يحكمان ما سيحدث في "اليوم التالي" للحرب؛ الأول: ملف وقف إطلاق النار، والثاني: ملف الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية. ورغم أن وقف إطلاق النار تتفرع عنه كل الملفات، فإن ملف الأسرى يحتل مكانة مهمة بين الملفات العاجلة، وتفاصيلُه غير متاحة سوى لأطراف التفاوض فقط.

أمَّا ما يتعلق بوقف إطلاق النار فإنه سيتحدد وفقا للمعطيات العسكرية على الأرض، ومدى إخفاق الاحتلال في تحقيق نصر عسكري وفرض النزوح الجماعي لأهالي غزة. والإخفاق يعني أن الحركات المقاوِمة ستبقى رقما في مستقبل القضية الفلسطينية، وهذا أمل المتعلقين بالقضية وبقائها.

ستتسارع عملية التفاوض لأجل "حل الدولتين"، وغالبا سيحدث اختراق واضح فيها لإقرار اتفاق، والمطروح على الطاولة أمران في غاية الخطورة، الأول تراجع الاحتلال إلى حدود ما قبل يوم 5 حزيران/ يونيو 1967، والثاني إعلان دولة فلسطينية منزوعة السلاح في هذه الحدود. وبالطبع ستتزامن هذه التسوية مع ترتيبات أمنية تكفل للاحتلال تفوقه، أيضا تحكُّمه في الاقتصاد الفلسطيني ومنافذه البرية والجوية والبحرية.

إذا كانت حركات المقاومة لا تعترف بالوجود الإسرائيلي، وتؤمن بأن فلسطين من النهر إلى البحر حق للفلسطينيين، فعلى الأقل يمكنهم تقديم طرح سياسي يُناقش "هُدنة" مع الاحتلال، وعلى أساس الهدنة يجري النقاش حول ما تُسمى بقضايا الحل النهائي. وطرحُ الهدنة لا يخالف المبادئ التأسيسية لتلك الحركات من جهة، كما يقطع الطريق على التنازلات التي قد يطرحها قادة العرب من جهة أخرى.

خاصة أن مصر مثلا تسبَّب رئيسها الراحل أنور السادات في استقالة وزيرين للخارجية قبيل وفي أثناء مفاوضات "السلام" مع الاحتلال، بسبب وصفهما لسلوك السادات بأنه يقدم تنازلات كبيرة دون مقابل يوازيها، فإذا قُدِّمت التنازلات في الملف الداخلي، فكيف سيكون التنازل في الملف الفلسطيني وهو ملف خارجي!

بل إن رأس النظام السياسي المصري سبق له التصريح بقبوله لإنشاء دولة منزوعة السلاح، وسبق أن أعلن أمام ترامب قبوله صفقة القرن السريَّة ملامحها.

ما يمكن لمفاوِضي المقاومة الفلسطينية طرحه: تقديم مقترح لإحدى ثلاث فترات زمنية مختلفة لهدنة تتوقف على أساسها جميع العمليات القتالية في جميع الأراضي الفلسطينية.

الأولى: فترة قصيرة حال انسحاب الاحتلال من غزة وإنهاء حصارها، ووقف عمليات الاستيطان الجديدة في الضفة وإخراج الأسرى الفلسطينيين من السجون، وبالطبع مناقشة ملف المسجد الأقصى وما يتعلق بالترتيبات الأمنية فيه وعمليات الحفر أسفله وفي محيطه.

والثانية: فترة متوسطة، وتكون حال انسحاب الاحتلال من جميع الأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967، وتفكيك المستوطنات في جميع تلك الأراضي، بالإضافة إلى نفس ملفات الفقرة السابقة.

أما الفترة الثالثة، وهي بيت القصيد، تكون حال الانسحاب إلى الحدود المقررة في قرار التقسيم رقم 181 لعام 1947، وحينها يمكن للمقاومة أن تطرح فترة هدنة طويلة قد تمتد إلى عقود.

كل هذه التصورات لن تحدث في ظل التفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي، لكن من المهم أن تقطع المقاومة السبيل على تصفية القضية الفلسطينية إما بمفاوضين فلسطينيين خانعين لا يملكون وزنا لتمثيل الشعب الفلسطيني، أو بمفاوضين عرب لا يأبهون بتحقيق تطلعات شعوبهم التي يحكمونها أصلا، ويهتمون ببقائهم على عروشهم أكثر من أي شيء، ويعلمون تمام العلم أن البقاء مرهون بالرضا الدولي لا الشعبي، ومفتاح هذا الرضا هو القضية الفلسطينية والعلاقة مع الاحتلال.

طرح الحدود الموجودة في قرار التقسيم لعام 1947 مرتبط بأن هذا القرار هو أصل نشأة الكيان الغاصب، وأنه قرار دولي وأممي، ولا مبرر لتجاهل هذا القرار المؤسِّس والانصراف إلى قرار متعلق بوقف الحرب عام 1967، فنحن أمام قرارين أمميين، ولا علاقة لهما ببعضهما، فلم ينسخ الثاني الأول، ولم يقيده، بل حتى إذا كان القرار الثاني ناسخا للأول أو مقيدا له، فإن تغيُّر الحدود عقب 1947 نَتَجَ عن حرب، ما يعني قبول الأمم المتحدة لثقافة اكتساب الأرض بطريق القوة العسكرية، ليكون المنطق حينها: إذا كانت القوة العسكرية تسمح بتحديد الحدود فلْتَبْقَ البنادق متكلمة ليفرض كل طرف ما يريد.

كذلك لا ينبغي تجاهل قضايا اللاجئين وحق العودة، وحدود القدس وبالطبع وفقا للقرار 181، بل وطلب تعويضات عن التهجير منذ عام 1947 حتى الآن، فضلا عن التمسك بالسيادة الفلسطينية الكاملة على حدود الدولة الفلسطينية المستقلة؛ بدءا من السيادة السياسية والقانونية على المجتمع وفي ظل النطاق الجغرافي المحدد، وانتهاء بالحق في تشكيل قوات شرطة وجيش دون تقييد لحركتها أو تسليحها.

هذا التصور السياسي في ظل "هدنة" أو أي رؤية يطرحها المقاومون، لن يكون محل قبول لأي طرف محلي أو إقليمي أو دولي، لكنه طرح سياسي سيمنع الأطراف المتواطئة والمتخاذلة من فرض تسوية إذلالية على القضية الفلسطينية تحظى بالصفة الدولية، وهي التسوية التي ستعقِّد من وضع القضية المأزوم أصلا، كما ينبغي للمقاوِم ألا يترك الساحة السياسية للمؤامرات ويكتفي بالشجب من بعيد لمجرد أنه غير موافق على المسار المطروح.

بل لا بد أن يكون له طرح سياسي يعرضه على المجتمع الفلسطيني والمجتمعات العربية الحاضنة للمقاومة، فضلا عنه أنه يعرِّي أصحاب المؤامرات بوضع طرح جاد لتهدئة المنطقة، وللحفاظ على الأرواح، ولإعادة بناء القدرات، ثم يترك الرفض للجانب المتعنت والمتغطرس، إذ يستند طرح المفاوِض المقاوِم على محددات متماسكة وتُناسِب "مُرِيدي" ما تسمى بالشرعية الدولية.

ما صنعه المقاومون على مدار التاريخ الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، وصولا إلى ذروة الفعل المقاوِم في 7 أكتوبر، لا ينبغي أن يُترك مصيره في أيدٍ عبثت دائما بحقوق الفلسطينيين، أو تواطأت ضدهم لأجل مكاسب شخصية، وهذا واجب متصل بطوفان الأقصى، فالمقاومة هي التي قررت هذه المرة أن تستخدم الحرب وسيلة لنيل حقوق سياسية مُهدَرة منذ 75 عاما، وقد نجحت في جذب الانتباه إلى حقوق الفلسطينيين، وعليها أن تستمر إلى أن تحقق جزءا كبيرا من آمالهم.

*شريف أيمن كاتب وباحث سياسي مصري

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: فلسطين مفاوضات الاحتلال المقاومة الفلسطينية المقاومة الفلسطینیة القضیة الفلسطینیة حقوق الفلسطینیین القوة العسکریة مع الاحتلال المقاو م إذا کانت لا ینبغی

إقرأ أيضاً:

استعراض واعتماد الخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة.. الرئيس السيسي يدعو إلى إطلاق مسار سياسي لحل القضية الفلسطينية ويثق في دور ترامب

بطلب من دولة فلسطين، ترأس الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الثلاثاء، أعمال القمة العربية غير العادية التي عُقدت في العاصمة الإدارية الجديدة.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن القمة شهدت نقاش القادة العرب بشأن سبل دعم القضية الفلسطينية، حيث أكدوا رفضهم المطلق لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم أو لتصفية القضية الفلسطينية، مشددين على ثبات الموقف العربي في ما يتعلق بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، كونه السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم في المنطقة.

وأضاف السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أن القمة تناولت أيضًا استعراض واعتماد الخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير سكانه، حيث أعرب القادة العرب عن دعمهم الكامل لهذه الخطة، وهو ما تجلى في البيان الختامي للقمة.

وأشار المتحدث الرسمي إلى أن الرئيس ألقى كلمة خلال الجلسة الافتتاحية، أكد فيها على الثوابت المصرية تجاه القضية الفلسطينية. وفيما يلي نص الكلمة:

"بسم الله الرحمن الرحيم

أخى جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة.. ملك مملكة البحرين، رئيس الدورة العادية الثالثة والثلاثين

لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة،

الأشقاء أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.. ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية الشقيقة،

معالى السيد أحمد أبو الغيط.. الأمين العام لجامعة الدول العربية،

أخى فخامة الرئيس جواو لورنزو.. رئيس جمهورية أنجولا، رئيس الاتحاد الإفريقى،

معالى السيد أنطونيو جوتيريش.. سكرتير عام الأمم المتحدة،

معالى السيد أنطونيو كوستا.. رئيس المجلس الأوروبى،

السيد حسين إبراهيم طه.. أمين عام منظمة التعاون الإسلامى،

السيد جاسم محمد البديوي … الامين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي

السيدات والسادة.. رؤساء المنظمات الدولية والإقليمية،

﴿ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ﴾

أتوجه بداية، بخالص التحية وجزيل الشكر، لأخى جلالة الملك "حمد بن عيسى آل خليفة"، عاهل مملكة البحرين الشقيقة .. على جهوده المقدرة، طوال فترة رئاسته لمجلس جامعة الدول العربية، على مستوى القمة.

ويطيب لى، أن أهنئكم جميعا، وشعوبنا العربية والإسلامية، بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

كما يسعدنى أن أرحب بكم، فى بلدكم الثانى "مصر"، أرض الكنانة، التى تقف دوما مع الحق والعدل.. مهما اشتدت الخطوب، وعظمت الكروب. إن مشاركتكم اليوم، فى هذه القمة غير العادية، فى خضم أزمة إقليمية بالغة التعقيد .. واستجابة لنداء فلسطين الشقيقة، تؤكد التزامكم الذى لا يتزعزع، تجاه قضايا أمتنا المشروعة.

 تحديات جسام تكاد تعصف بالأمن والاستقرار الإقليميين

يجمعنا اليوم، واقع مؤلم، فى ظل ما تواجهه منطقتنا من تحديات جسام، تكاد تعصف بالأمن والاستقرار الإقليميين، وتبدد ما تبقى من مرتكزات الأمن القومى العربى، وتهدد دولا عربية مستقرة، وتنتزع أراضى عربية من أصحابها.. دون سند من قانون أو شرع.

إن ذاكرة الإنسانية ستتوقف طويلا، أمام ما حدث فى غزة، لتسجل كيف خسرت الإنسانية قاطبة، وكيف خلف العدوان على غزة، وصمة عار فى تاريخ البشرية، عنوانها: "نشر الكراهية وانعدام الإنسانية، وغياب العدالة".

إن أطفال ونساء غزة، الذين فقدوا ذويهم، وقتل ويتم منهم عشرات الآلاف، ينظرون إليكم اليوم بعيون راجية، لاستعادة الأمل فى السلام العادل والدائم.

حقوق الشعب الفلسطيني

إن الحرب الضروس على قطاع غزة، استهدفت تدمير أوجه وسبل الحياة، وسعت بقوة السلاح، إلى تفريغ القطاع من سكانه، وكأنها تخير أهل غزة، بين الفناء المحقق.. أو التهجير المفروض .. وهو الوضع الذى تتصدى له مصر، انطلاقا من موقفها التاريخى، الداعم لحقوق الشعب الفلسطينى على أرضه، وبقائه عليها عزيزا كريما .. حتى نرفع الظلم عنه، ولا نشارك فيه.

لقد أوهنت الممارسات اللاإنسانية، التى تعرض لها أهلنا فى فلسطين عزائم البعض .. إلا أننى كنت دائما، على يقين بثبات وبسالة الشعب الفلسطينى الأبى، الذى ضرب مثالا فى الصمود والتمسك بالأرض.. ستقف عنده الشعوب الحرة، بالتقدير والإعجاب.

وأقول لكم وبكل الصدق:  "إن عزيمة الشعب الفلسطينى، وتمسكه بأرضه.. هو مثل فى الصمود، من أجل استعادة الحقوق".

مصر لا تعرف سوى السلام القائم على الحق والعدل

إننى أستذكر معكم، فى هذا الظرف الدقيق، أن مصر التى دشنت السلام، منذ ما يناهز خمسة عقود فى منطقتنا، وحرصت عليه، وصانت عهودها حياله .. لا تعرف سوى السلام القائم على الحق والعدل، الذى يحمى المقدرات، ويصـون الأرض ويحفــظ السـيادة ..

ولعل هذا ما ورد - بشكل لا يقبل التأويل - فى معاهدة السلام التى أبرمتها مصر عام ١٩٧٩ .. وألزمت كل طرف، باحترام سيادة الآخر وسلامة أراضيه ..  

وبما يفرض التزاما قانونيا، بعدم خلق واقع طارد للسكان خارج أراضيهم، كونه يمثل انتهاكا.. للالتزام باحترام قدسية الحدود الآمنة.

ومن منطلق حرصها، على الأمن والاستقرار الإقليميين، سعت مصر منذ اليوم الأول للحرب على غزة، إلى التوصل لوقف لإطلاق النار، بالتعاون مع الأشقاء فى قطر، والأصدقاء فى الولايات المتحدة ..  

وما كان ذلك ليتحقق، من دون الجهود المقدرة للرئيس "دونالد ترامب" وإدارته .. والتى نأمل أن تستمر وتتواصل، بهدف تحقيق استدامة وقف إطلاق النار فى غزة، واستمرار التهدئة بين الجانبين، وبعث الأمل للشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة، من أجل سلام دائم فى المنطقة بين جميع الشعوب.

 تشكيل لجنة إدارية من الفلسطينيين المهنيين والتكنوقراط المستقلين

عملت مصر كذلك، بالتعاون مع الأشقاء فى فلسطين، على تشكيل لجنة إدارية من الفلسطينيين المهنيين والتكنوقراط المستقلين، توكل إليها إدارة قطاع غزة، انطلاقا من خبرات أعضائها .. بحيث تكون تلك اللجنة، مسئولة عن الإشراف على عملية الإغاثة، وإدارة شئون القطاع لفترة مؤقتة، وذلك تمهيدا لعودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع.

كما تعكف مصر، على تدريب الكوادر الأمنية الفلسطينية، التى يتعين أن تتولى مهام حفظ الأمن داخل القطاع، خلال المرحلة المقبلة.

القدس رمز لهويتنا وقضيتنا.. نص كلمة السيسي أمام القمة العربية غير العاديةبرلماني: كلمة الرئيس السيسى بالقمة العربية تضمنت رسائل مهمة للعالم لرفض التهجير

وعملت مصر، بالتعاون مع دولة فلسطين الشقيقة والمؤسسات الدولية، على بلورة خطة شاملة متكاملة، لإعادة إعمار قطاع غزة، دون تهجير للفلسطينيين .. تبدأ بعمليات الإغاثة العاجلة والتعافى المبكر، وصولا لعملية إعادة بناء القطاع.

وتدعو مصر، إلى اعتماد هذه الخطة فى قمتنا اليوم، وحشد الدعم الإقليمى والدولى لها .. فهى خطة، تحفظ للشعب الفلسطينى، حقه فى إعادة بناء وطنه، وتضمن بقاءه على أرضه.

وأؤكد أن هذه الخطة، يجب أن تشهد على التوازى، مسار خطة للسلام من الناحيتين السياسية والأمنية، تشارك فيها دول المنطقة، وبدعم من المجتمع الدولى، وتهدف إلى تسوية عادلة وشاملة ومستدامة للقضية الفلسطينية.

ومن هذا المنبر، أدعو كافة الدول الحرة والصديقة، للإسهام فى هذا المسار، والمشاركة بفاعلية، فى مؤتمر إعادة الإعمار، الذى سوف تستضيفه مصر الشهر القادم.

فلنجعل جميعا من توجيه الدعم، إلى الصندوق المزمع إنشاؤه لهذا الغرض، غاية سامية.. وواجبا إنسانيا ..وحقا لكل طفل فلسطينى، ولكل عائلة فلسطينية، فى العيش فى بيئة آمنة حضارية، مثل باقى شعوب العالم.

تحذير من مغبة استمرار الاعتداءات على المسجد الأقصى

فى خضم الأحداث المتلاحقة، يتعين علينا جميعا، إعلاء رفضنا القاطع، وإدانتنا للاعتداءات والانتهاكات، التى يتعرض لها شعبنا الفلسطينى، فى الضفة الغربية المحتلة .. بما فى ذلك الاقتحامات العسكرية، لمدن ومخيمات الضفة المحتلة، والأنشطة الاستيطانية ومصادرة الأراضى.

وفى هذا السياق، نرفض مجددا وبشدة ونحذر من مغبة استمرار الاعتداءات على المسجد الأقصى، والانتهاك المتعمد لحرمته، والمساس بالوضع القائم به.

ونقولها بكل وضوح: "إن القدس ليست مجرد مدينة.. بل هى رمز لهويتنا وقضيتنا".

وإن الحديث عن التوصل إلى السلام فى الشرق الأوسط، دون تسوية الصراع الإسرائيلى الفلسطينى.. هو لغو غير قابل للتحقق.

فلن يكون هناك سلام حقيقى، دون إقامة الدولة الفلسطينية.. ودعونى أؤكد: "أن السلام لن يتأتى بالقوة.. ولا يمكن فرضه عنوة".

لابد من إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على خطوط الرابع من يونيو لعام ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية .. مع توفير كافة الضمانات اللازمة فى الوقت ذاته، لحفظ أمن اسرائيل.

ما نشهده من تكرار لحلقات العنف المفرغة، واستمرار لمعاناة الشعب الفلسطينى على مدار أكثر من سبعة عقود..  يوجب علينا النظر بعين موضوعية، نحو الواقع والتعاطى مع الحقائق .. ويحتم علينا أن نتحد جميعا، للتوصل إلى السلام الدائم المنشود، وبالتالى الاستقرار والرخاء الاقتصادى، والتعايش الطبيعى، فيما بين شعوب المنطقة.

ولننظر إلى معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، التى تم التوصل إليها بوساطة أمريكية عام ١٩٧٩، كنموذج يحتذى به، لتحويل حالة العداء والحرب والرغبة فى الانتقام.. إلى سلام دائم، وعلاقات دبلوماسية متبادلة.

لقد آن الأوان لتبنى إطلاق مسار سياسى جاد وفعال .. يفضى إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، وفقا لقرارات الشرعية الدولية .. ولدى يقين بأن الرئيس "ترامب".. قادر على القيام بذلك، فى ظل رغبتنا الصادقة، فى وضع نهاية للتوترات والعداءات فى منطقتنا.

مقالات مشابهة

  • مصر أكتوبر: كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية تؤكد دعم مصر الثابت للقضية الفلسطينية وتدعو لحل سياسي عادل
  • استعراض واعتماد الخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة.. الرئيس السيسي يدعو إلى إطلاق مسار سياسي لحل القضية الفلسطينية ويثق في دور ترامب
  • هل تستطيع أوروبا تعويض كييف عن المعدات العسكرية التي أوقفتها واشنطن؟.. خبراء يجيبون
  • هل تستطيع أوروبا تعويض كييف المعدات العسكرية التي أوقفتها واشنطن.. خبراء يجيبون
  • سياسي أنصار الله: إغلاق العدو الإسرائيلي معابر غزة تصعيد خطير
  • باحث سياسي: مصر تتصدر جهود العرب في الدفاع عن القضية الفلسطينية
  • عشية القمة العربية…. رسالة من “العمل الإسلامي” للقادة العرب
  • أفغانستان ترد على ترامب: المعدات العسكرية التي تركتها اميركا هي “غنائم حرب”
  • سياسي يعلق على رسالة أوجلان: تُجهض حلم الدولة الكردية
  • سياسي يعلق على رسالة أوجلان: تُجهض حلم الدولة الكردية - عاجل