الخليج الجديد:
2025-02-07@18:57:25 GMT

يريدونها حربا دينية

تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT

يريدونها حربا دينية

يريدونها حربا دينية

يصر هذا الغرب (العلماني) على وصف حماس بالإرهابية لمجرد كونها تدافع عن وطنها المحتل.

هؤلاء قوم يخربون بيوتهم بأيديهم.. لن يكون لهم مستقبل إذا لم يجدوا من يجاريهم في غثيانهم وهيجانهم الذي لن يتوقف إلا بانقراضهم.

الخطاب الصهيوني قائم على الاستعلاء وتوظيف التراث الديني اليهودي بفجاجة.

ولا ندري كيف يثق الغرب العلماني في هؤلاء ويدعمهم، ويرى فيهم الديمقراطية الوحيدة بالشرق الأوسط!!

تعمل القوى الدينية الإسرائيلية المتطرفة بلا كلل ولا ملل على جر المقاومة إلى ساحة الحرب الدينية، لبلبلة الساحة الفلسطينية، وعزلها والانفراد بها من قبل قوى الداخل والخارج وتصفيتها.

* * *

الإسرائيليون في ورطة بسبب صعود اليمين الديني، وهيمنته على جزء هام من الفضاء السياسي والاجتماعي والقانوني وحتى العسكري، فهو المستفيد الأكبر من التحالف الحكومي الذي تم مع الليكود برئاسة نتنياهو.

وقد كشفت الهجرة العكسية لليهود من داخل إسرائيل إلى دول غربية والتي بدأت من قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، عن أسباب متعددة لهذه الهجرة، من بينها تراجع القوى العلمانية سياسيا واجتماعيا، مما ترتب عنه تغير موازين القوى لصالح الجماعات التي تريد تطبيق التعاليم التلمودية في الفضاء العام، وتحويل الكيان إلى دولة توراتية خالصة.

وما الصراع الذي حصل بين التيارين الديني والعلماني حول الإصلاح القضائي إلا دليل قاطع على عمق هذا الانقسام المجتمعي الكبير، وما حمله في طياته من تداعيات مستقبلية ضخمة سواء على البنية الداخلية للمجتمع الإسرائيلي الذي يتجه تدريجيا نحو التفكك.

كما أن غلبة اليمين الديني سيدفع بالصراع نحو وجهة دينية من الصعب التكهن بنتائجها. فمن بين رموزه إيتمار بن غفير، من حزب القوة اليهودية ووزير الأمن القومي، المعروف بعنصريته وتحريضه على الإرهاب.

وقد سبق الرئيس الإسرائيلي أن حذر منه وقال عنه "كل العالم يخافون منه". وتحدثت عنه صحيفة هاريتس بالقول: "لغة الفصل العنصري هي لغته الأم، لا يعرف غيرها. لقد نشأ على أفكار التفوق اليهودي واليوم في مرحلة البلوغ، يجسد رؤيته للعالم".

أما الشخصية الثانية فهو بتسلئيل سموتريش، رئيس حزب الصهيونية الدينية ووزير المالية، وهو أيضا من بين الرموز الشرسة لهذا التيار المتعدد التنظيمات والأحزاب.

هذا التيار الراديكالي هو المتسبب الرئيسي في تفجير الأوضاع، وعجّل بعملية طوفان الأقصى. وقد استغل نفوذه داخل الحكومة ليصعد من استهداف المقدسات الإسلامية وفي مقدمتها المسجد الأقصى، واعتقد بأن الظرف مناسب للشروع في تغيير معالمه تحت حراسة المؤسسة الأمنية وحمايتها، في استفزاز غير مسبوق لمشاعر الفلسطينيين بمسلميهم ومسيحييهم.

كما تولى بن غفير بنفسه توزيع الأسلحة على المستوطنين داخل الضفة من أجل إرهاب الفلسطينيين، ومكّنهم من صلاحية تهجيرهم بالقوة للتخلص من وجودهم داخل الضفة الغربية.

بقطع النظر إن كان كتاب "بروتوكولات حكماء صهيون" وثيقة حقيقية أم مزيفة روجها خصوم اليهود لتشويههم وتبرير اضطهادهم في أوروبا، فالأكيد أن بعض القادة الدينيين وحتى سياسيين في إسرائيل يرددون خطابا شبيها بما ورد في ذلك الكتاب بشكل مدهش.

يعتبر وزير الداخلية الحاخام أرييه درعي زعيم حزب "الشاش" في مقابلة مع موقع "هيدابروت" العبريأن "العرب هم دوابّ موسى، ويجب علينا فقط ركوبهم للوصول إلى الوجهة النهائية. فشراء سرج جديد وعلف جيد للدابة من واجب صاحبها، ولكن يجب أن ينظر صاحبها إليها كوسيلة للركوب فحسب.

مكان الدابة في الإسطبل ولا أحد يذهب بها إلى غرفة استقبال بيته. إن المسلمين سيبقون عدواً لليهود ما دام القرآن كتابهم، والعرب هم أبناء هاجر أَمَة إبراهيم لذلك يجب أن يكونوا عبيدا لليهود. الشعب اليهودي هو شعب الله المختار، وهو الشعب الحامل للرسالة وليس لغيره الحق في ذلك، وكل من يدعي ذلك يستحق العذاب".

من بين القادة رئيس الحكومة نتنياهو الذي أعلن في إحدى المناسبات "نحن أمة النور.. هم (يقصد غير اليهود) شعوب الظلام". وأكد على أن "الشعوب الأخرى ستكون الحارثين التابعين لنا، ستمتصون حليب الأمم، وإن ثرواتها ستكون من نصيبنا وسيعمها الظلام".

هذا الخطاب الصهيوني بامتياز، قائم على الاستعلاء وتوظيف التراث الديني اليهودي بشكل فج. ولا ندري كيف يثق الغرب العلماني في هؤلاء، ويتعامل معهم، ويدعمهم، ويرى فيهم الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط!! ويصر هذا الغرب العلماني في المقابل على وصف حماس بالإرهابية لمجرد كونها تدافع عن وطنها المحتل.

لا بد من مواجهة هذه النزعة التخريبية التي تهدف إلى تديين الصراع في فلسطين. لقد تبلور خطاب فلسطيني وطني غير معاد للإسلام والأديان، يعتبر الصراع مع الكيان الصهيوني صراعا سياسيا في جوهره، وحتى حركة حماس التي لا تخفي مرجعيتها الدينية تتجنب في خطابها الرسمي التورط في وصف الصراع بكونه دينا ضد دين.

وعلى القيادة أن تواصل التأكيد على ذلك، ولا تسمح لأي كان بتجاوز الثوابت الوطنية الجامعة لكل الفلسطينيين بتعددهم الديني والعقدي والسياسي.

فالقوى الدينية الإسرائيلية المتطرفة تعمل بدون كلل ولا ملل على جر المقاومة إلى ساحة الحرب الدينية، لأنها تعلم أن ذلك سيُدخل البلبلة في الساحة الفلسطينية، ويسهل الطريق إلى عزلها والانفراد بها من قبل كل القوى في الداخل والخارج من أجل التخلص منها.

ويكفي أن تعترف الدوائر الإسرائيلية بأن من بين العوامل التي جعلت رئيس الحركة يحيى السنوار "يحظى بشعبية كبيرة في الشارع الفلسطيني قبل وبعد إطلاق طوفان الأقصى، أنه كان يخاطب الشعب بكل ألوانه وفصائله".. لا يتدخل في خصوصيات أي طرف ولا يتعرض لعقيدته، يجمع ولا يفرق، وما يشغله هو الوطن والبحث عن سبل تخليص فلسطين من هذا الكابوس.

وكم كان جميلا وراقيا عندما رد أحد القسيسين في بيت لحم على سؤال أحدهم: ماذا لو لم يتمكن المسلمون من الأذان في مسجدهم، أجاب على الفور: أؤذن بدلا عنهم.. بهذه العقلية والروح يمكن تفويت الفرصة على دعاة تحريك الفتن والتعيّش منها، وقتل القضايا العادلة وتشويه النضال الصادق.

هؤلاء قوم يخربون بيوتهم بأيديهم.. لن يكون لهم مستقبل إذا لم يجدوا من يجاريهم في غثيانهم وهيجانهم الذي لن يتوقف إلا بانقراضهم، وكلما أصروا وتوغلوا في هذا الطريق ألّبوا العالم ضدهم، وسيتخلى عنهم حتى حلفاؤهم المقربون.

*صلاح الدين الجورشي كاتب وناشط في المجتمع المدني

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الغرب إسرائيل فلسطين حماس الحرب الدينية المسلمين اليهود المسجد الأقصى الخطاب الصهيوني إيتمار بن غفير من بین

إقرأ أيضاً:

حول القضية الفكرية – تعددية الأفكار خارج الإطار الديني في السودان

في حين يركز الخطاب التقليدي على الحركات الدينية كمحرك رئيسي للتغيير الفكري والسياسي في السودان، مثل المهدية وفكر محمود محمد طه ، فإن هناك تيارات فكرية مغايرة ظلت تُطرَح خارج الإطار الديني ، لكنها لم تحظَ بنفس الحضور في السردية التاريخية. يتناول هذا الطرح مشاريعَ فكريةً علمانيةً وثقافيةً واقتصاديةً ساهمت في تشكيل الهوية السودانية ، لكنها وُوجهت بتحديات الاستقطاب الديني والاستعمار.
السياق البديل: حركات التحديث خارج الإطار الديني
حركة “اللواء الأبيض” وتيارات التحديث العلماني
في أوائل القرن العشرين ، ظهرت نخب سودانية متأثرة بالتعليم الحديث والثقافة الغربية ، دعت إلى فصل الدين عن الدولة ، وتبني نموذج دولة مدنية. مثّلت جمعيات مثل “اللواء الأبيض” (التي قادها علي عبد اللطيف عام 1924م) محاولةً مبكرةً لبناء هوية سودانية قائمة على الانتماء الوطني لا الديني. رغم فشل هذه الحركة عسكرياً ، إلا أنها زرعت بذور الفكر العلماني ، الذي تطور لاحقاً في أحزاب مثل الحزب الشيوعي السوداني الذي طرح رؤيةً لعدالة اجتماعية بعيداً عن الخطاب الديني.
دور المرأة السودانية في تشكيل خطاب التحرر
لم تكن الحركات النسوية السودانية مجرد رد فعل على الأطر الدينية ، بل كانت مشروعاً فكرياً مستقلاً. ناشطات مثل فاطمة أحمد إبراهيم (أول امرأة تُنتخب في البرلمان السوداني 1965م) قدّمنَ رؤيةً تُعلي من المساواة الجندرية عبر تأصيل حقوق المرأة في الثقافة السودانية نفسها ، مستندات إلى التراث المحلي (كـ “سلطنة الفور” التي حكمتها الملكات) أكثر من الخطاب الديني. كتابات الكاتبة ستنا ديبلو في رواية “موسم الهجرة إلى الشمال” (1966م) كشفت عن صراع الهوية بين الحداثة والتقاليد دون اختزالها في ثنائية الدين والعلمانية.
الاقتصاد السياسي كمدخل للإصلاح
طرح الاقتصادي السوداني د. عبد الله علي إبراهيم في كتابه “ثقافة الاستبداد” نقداً جذرياً لربط الهوية السودانية بالدين ، مُركزاً على دور العوامل الاقتصادية في تشكيل الصراعات. فمثلاً ، أزمات الزراعة النيلية وتهميش مناطق الأطراف (كالجنوب ودارفور) فسّرت الصراعَ السوداني بشكل أكثر تعقيداً من التفسيرات الدينية. هذا المنظور يعيد قراءة التاريخ السوداني عبر عدسة العدالة الجغرافية والطبقية.
مقارنة مع الخطاب الديني : صراع الهيمنة
على عكس المهدية التي حوّلت الدين إلى أيديولوجيا دولة ، أو فكر محمود محمد طه الذي حاول إعادة تأويل الدين ، فإن هذه التيارات العلمانية والثقافية واجهت إشكاليةَ الشرعية في مجتمع تُهيمن عليه الرموز الدينية. يرى د. منصور خالد في كتابه “السودان : الأصولية أم التعددية؟” أن الهوية السودانية تعاني من “انفصام” بين خطاب ديني يُستخدم سياسياً وواقعٍ متعدد الثقافات والأديان.
التحديات والانتقادات
الإقصاء التاريخي- اتُّهمت النخب العلمانية بالانفصال عن واقع المجتمع المحافظ، وتبني أجندات غربية.
الاستعمار والاستشراق بعض المشاريع الحداثية ارتبطت بإدارة الاستعمار البريطاني ، مما شوّه سمعتها (كإنشاء المدارس المدنية في الخرطوم).
الصراع مع العسكر تحالفت بعض الحركات العلمانية (كالحزب الشيوعي) مع أنظمة عسكرية (كالنميري) لفترات، مما أضعف مصداقيتها.
نحو قراءة تعددية للفكر السوداني
التاريخ الفكري للسودان ليس ساحةً للصراع بين الإسلاميين والمجددين الدينيين فحسب ، بل هو فسيفساء من المشاريع المتنافسة : دينية، علمانية ، نسوية ، واقتصادية. إن إعادة اكتشاف هذه التيارات المهمشة قد يفتح الباب أمام حلولٍ لأزمات السودان المعاصرة ، كالحرب الأهلية والاستقطاب الهوياتي، عبر الاعتراف بتعددية الروافد الفكرية.

**مراجع رئيسية للطرح البديل**
– كتاب “ثقافة الاستبداد” – د. عبدالله علي إبراهيم.
– “السودان : الأصولية أم التعددية؟” – د. منصور خالد.
– “نساء السودان : صانعات التغيير” – فاطمة أحمد إبراهيم.
– “الحركة الوطنية السودانية” – د. حسن مكي.
– دراسات د. سونيا فاروق حول النسوية السودانية.
– “موسم الهجرة إلى الشمال” – الطيب صالح (كعمل أدبي يعكس صراع الهوية).
وهذا الطرح لا يلغي دور المهدية أو محمود محمد طه ، بل يوسع دائرة النقاش ليشمل أبعاداً غير دينية غالباً ما تُهمش في الخطاب السائد.

zuhair.osman@aol.com

   

مقالات مشابهة

  • كربلاء تعطل الدوام يوم 13 شباط لمناسبة دينية
  • فضل شهر شعبان .. اعرف أهم المميزات الدينية فيه
  • حول القضية الفكرية – تعددية الأفكار خارج الإطار الديني في السودان
  • الخطاب الديني
  • أمر تنفيذي جديد من ترامب لـتعزيز الحريات الدينية
  • ترامب: نعمل على وقف حرب غزة.. وسأنشئ لجنة رئاسية للحريات الدينية
  • الصين تأمل في اتفاق يجنبها حربا تجارية مع الولايات المتحدة
  • الإفتاء بين الإرشاد الديني والتوظيف السياسي
  • الإلحاد والتشدد الديني والنزاع الأسري.. ركن الفتوى بجناح الأزهر سبيل النجاة
  • البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني يشارك في ندوة عن الإعلام والاضطهاد الديني بواشنطن