الخليج الجديد:
2025-01-05@06:22:50 GMT

يريدونها حربا دينية

تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT

يريدونها حربا دينية

يريدونها حربا دينية

يصر هذا الغرب (العلماني) على وصف حماس بالإرهابية لمجرد كونها تدافع عن وطنها المحتل.

هؤلاء قوم يخربون بيوتهم بأيديهم.. لن يكون لهم مستقبل إذا لم يجدوا من يجاريهم في غثيانهم وهيجانهم الذي لن يتوقف إلا بانقراضهم.

الخطاب الصهيوني قائم على الاستعلاء وتوظيف التراث الديني اليهودي بفجاجة.

ولا ندري كيف يثق الغرب العلماني في هؤلاء ويدعمهم، ويرى فيهم الديمقراطية الوحيدة بالشرق الأوسط!!

تعمل القوى الدينية الإسرائيلية المتطرفة بلا كلل ولا ملل على جر المقاومة إلى ساحة الحرب الدينية، لبلبلة الساحة الفلسطينية، وعزلها والانفراد بها من قبل قوى الداخل والخارج وتصفيتها.

* * *

الإسرائيليون في ورطة بسبب صعود اليمين الديني، وهيمنته على جزء هام من الفضاء السياسي والاجتماعي والقانوني وحتى العسكري، فهو المستفيد الأكبر من التحالف الحكومي الذي تم مع الليكود برئاسة نتنياهو.

وقد كشفت الهجرة العكسية لليهود من داخل إسرائيل إلى دول غربية والتي بدأت من قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، عن أسباب متعددة لهذه الهجرة، من بينها تراجع القوى العلمانية سياسيا واجتماعيا، مما ترتب عنه تغير موازين القوى لصالح الجماعات التي تريد تطبيق التعاليم التلمودية في الفضاء العام، وتحويل الكيان إلى دولة توراتية خالصة.

وما الصراع الذي حصل بين التيارين الديني والعلماني حول الإصلاح القضائي إلا دليل قاطع على عمق هذا الانقسام المجتمعي الكبير، وما حمله في طياته من تداعيات مستقبلية ضخمة سواء على البنية الداخلية للمجتمع الإسرائيلي الذي يتجه تدريجيا نحو التفكك.

كما أن غلبة اليمين الديني سيدفع بالصراع نحو وجهة دينية من الصعب التكهن بنتائجها. فمن بين رموزه إيتمار بن غفير، من حزب القوة اليهودية ووزير الأمن القومي، المعروف بعنصريته وتحريضه على الإرهاب.

وقد سبق الرئيس الإسرائيلي أن حذر منه وقال عنه "كل العالم يخافون منه". وتحدثت عنه صحيفة هاريتس بالقول: "لغة الفصل العنصري هي لغته الأم، لا يعرف غيرها. لقد نشأ على أفكار التفوق اليهودي واليوم في مرحلة البلوغ، يجسد رؤيته للعالم".

أما الشخصية الثانية فهو بتسلئيل سموتريش، رئيس حزب الصهيونية الدينية ووزير المالية، وهو أيضا من بين الرموز الشرسة لهذا التيار المتعدد التنظيمات والأحزاب.

هذا التيار الراديكالي هو المتسبب الرئيسي في تفجير الأوضاع، وعجّل بعملية طوفان الأقصى. وقد استغل نفوذه داخل الحكومة ليصعد من استهداف المقدسات الإسلامية وفي مقدمتها المسجد الأقصى، واعتقد بأن الظرف مناسب للشروع في تغيير معالمه تحت حراسة المؤسسة الأمنية وحمايتها، في استفزاز غير مسبوق لمشاعر الفلسطينيين بمسلميهم ومسيحييهم.

كما تولى بن غفير بنفسه توزيع الأسلحة على المستوطنين داخل الضفة من أجل إرهاب الفلسطينيين، ومكّنهم من صلاحية تهجيرهم بالقوة للتخلص من وجودهم داخل الضفة الغربية.

بقطع النظر إن كان كتاب "بروتوكولات حكماء صهيون" وثيقة حقيقية أم مزيفة روجها خصوم اليهود لتشويههم وتبرير اضطهادهم في أوروبا، فالأكيد أن بعض القادة الدينيين وحتى سياسيين في إسرائيل يرددون خطابا شبيها بما ورد في ذلك الكتاب بشكل مدهش.

يعتبر وزير الداخلية الحاخام أرييه درعي زعيم حزب "الشاش" في مقابلة مع موقع "هيدابروت" العبريأن "العرب هم دوابّ موسى، ويجب علينا فقط ركوبهم للوصول إلى الوجهة النهائية. فشراء سرج جديد وعلف جيد للدابة من واجب صاحبها، ولكن يجب أن ينظر صاحبها إليها كوسيلة للركوب فحسب.

مكان الدابة في الإسطبل ولا أحد يذهب بها إلى غرفة استقبال بيته. إن المسلمين سيبقون عدواً لليهود ما دام القرآن كتابهم، والعرب هم أبناء هاجر أَمَة إبراهيم لذلك يجب أن يكونوا عبيدا لليهود. الشعب اليهودي هو شعب الله المختار، وهو الشعب الحامل للرسالة وليس لغيره الحق في ذلك، وكل من يدعي ذلك يستحق العذاب".

من بين القادة رئيس الحكومة نتنياهو الذي أعلن في إحدى المناسبات "نحن أمة النور.. هم (يقصد غير اليهود) شعوب الظلام". وأكد على أن "الشعوب الأخرى ستكون الحارثين التابعين لنا، ستمتصون حليب الأمم، وإن ثرواتها ستكون من نصيبنا وسيعمها الظلام".

هذا الخطاب الصهيوني بامتياز، قائم على الاستعلاء وتوظيف التراث الديني اليهودي بشكل فج. ولا ندري كيف يثق الغرب العلماني في هؤلاء، ويتعامل معهم، ويدعمهم، ويرى فيهم الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط!! ويصر هذا الغرب العلماني في المقابل على وصف حماس بالإرهابية لمجرد كونها تدافع عن وطنها المحتل.

لا بد من مواجهة هذه النزعة التخريبية التي تهدف إلى تديين الصراع في فلسطين. لقد تبلور خطاب فلسطيني وطني غير معاد للإسلام والأديان، يعتبر الصراع مع الكيان الصهيوني صراعا سياسيا في جوهره، وحتى حركة حماس التي لا تخفي مرجعيتها الدينية تتجنب في خطابها الرسمي التورط في وصف الصراع بكونه دينا ضد دين.

وعلى القيادة أن تواصل التأكيد على ذلك، ولا تسمح لأي كان بتجاوز الثوابت الوطنية الجامعة لكل الفلسطينيين بتعددهم الديني والعقدي والسياسي.

فالقوى الدينية الإسرائيلية المتطرفة تعمل بدون كلل ولا ملل على جر المقاومة إلى ساحة الحرب الدينية، لأنها تعلم أن ذلك سيُدخل البلبلة في الساحة الفلسطينية، ويسهل الطريق إلى عزلها والانفراد بها من قبل كل القوى في الداخل والخارج من أجل التخلص منها.

ويكفي أن تعترف الدوائر الإسرائيلية بأن من بين العوامل التي جعلت رئيس الحركة يحيى السنوار "يحظى بشعبية كبيرة في الشارع الفلسطيني قبل وبعد إطلاق طوفان الأقصى، أنه كان يخاطب الشعب بكل ألوانه وفصائله".. لا يتدخل في خصوصيات أي طرف ولا يتعرض لعقيدته، يجمع ولا يفرق، وما يشغله هو الوطن والبحث عن سبل تخليص فلسطين من هذا الكابوس.

وكم كان جميلا وراقيا عندما رد أحد القسيسين في بيت لحم على سؤال أحدهم: ماذا لو لم يتمكن المسلمون من الأذان في مسجدهم، أجاب على الفور: أؤذن بدلا عنهم.. بهذه العقلية والروح يمكن تفويت الفرصة على دعاة تحريك الفتن والتعيّش منها، وقتل القضايا العادلة وتشويه النضال الصادق.

هؤلاء قوم يخربون بيوتهم بأيديهم.. لن يكون لهم مستقبل إذا لم يجدوا من يجاريهم في غثيانهم وهيجانهم الذي لن يتوقف إلا بانقراضهم، وكلما أصروا وتوغلوا في هذا الطريق ألّبوا العالم ضدهم، وسيتخلى عنهم حتى حلفاؤهم المقربون.

*صلاح الدين الجورشي كاتب وناشط في المجتمع المدني

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الغرب إسرائيل فلسطين حماس الحرب الدينية المسلمين اليهود المسجد الأقصى الخطاب الصهيوني إيتمار بن غفير من بین

إقرأ أيضاً:

تحذيرات من تعاظم تأثير الصهيونية الدينية في إسرائيل

أدى تعاظم نفوذ الصهيونية الدينية في "إسرائيل" لتفاقم أزمة الثقة العميقة بين الإسرائيليين وحكومتهم، فيما يهيمن الخوف من تداعيات الأزمة على الخطاب الإسرائيلي العام، ومخاوف من اقتراب خطر "الحرب الأهلية"، مع ما يصدره قادة اليهود المتدينين من تحريض دموي ضد عموم الإسرائيليين.

يوسي سبيربر، مدرس التاريخ والمواطنة، أكد في مقال نشره موقع "زمن إسرائيل"، أن "اليهود المتدينون، لا سيما من تيار الصهيونية الدينية، يدركون في هذه الأزمة فرصة تاريخية بالنسبة لهم، ولحظة نادرة للاستفادة من الوقت المتبقي للحكومة، من خلال الدفع نحو مزيد من التحركات التي تعمق الانقسام في الجمهور الإسرائيلي، ويخلقون واقعاً جديداً على الأرض، وفيما يجد معظم الإسرائيليين صعوبة في استيعاب هذه التطورات، فإن قادة الصهيونية الدينية يستغلون واقع الفوضى من أجل تحقيق أهدافهم، والترويج لأجندة أيديولوجية تقوض التماسك الاجتماعي، وتضرّ بالقيم المشتركة التي بنيت عليها دولة الاحتلال".

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "قادة الصهيونية الدينية يعملون على استغلال ضعف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لتعظيم إنجازاتهم السياسية بأي ثمن، وهو يعلم أن مصيره السياسي يعتمد عليهم بالكامل، مما يجعل تحالفهما ليس سياسيا فحسب، بل وجودي، لأنهم وحدهم يضمنون له المعارضة التلقائية لتشكيل لجنة تحقيق حكومية في فشل السابع من أكتوبر، وأي ممارسة أخرى تكشف إخفاقاته".



وأشار إلى أن "نتنياهو يجد نفسه اليوم مستسلماً لمطالب قادة الصهيونية الدينية خاصة بيتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، اللذين يدركان، بجانب شركائهما، أنه كلما اتخذا مواقفهما لأقصى الحدود، وعززا أجندة يمينية مسيحانية وقومية، كلما عززا سلطتهما السياسية، وموقعهما على الساحة الحزبية".

واستحضر الكاتب مثالا على ذلك يتمثل في "نشاط اللوبي من أجل تجديد مستوطنات غزة الذي تأسس في حزيران/ يونيو 2024 بمبادرة من أعضاء الكنيست ليمور سون هارمالك وتسفي سوكوت، ويعمل على تعديل قانون فك الارتباط لتشجيع هجرة الفلسطينيين من القطاع، وتعزيز سيطرة الاحتلال عليه، وتوضح أجندته التي يدعمها بن غفير، كيف أصبحت الأيديولوجيا اليمينية المسيحانية أداة مركزية لتعميق سيطرتهم على مراكز السلطة في الدولة، فيما يتم تقديم تحركاتهم بأنها خطوات لتعزيز الأمن القومي للاحتلال، وسط تجاهل الخلافات السياسية العميقة، والثمن الاجتماعي والأمني الذي سيدفعه الاحتلال".

وأوضح أنه "بدلاً من سدّ الفجوات بين الإسرائيليين، تعمل الصهيونية الدينية على تعميق الاستقطاب الداخلي، والإضرار باستقرار المجتمع الإسرائيلي، وتروج لأجندة تفضل الأيديولوجية على الوحدة الوطنية، وأصبح الحاخام آفي ماعوز نائب الوزير لشؤون الهوية القومية اليهودية بمكتب رئيس الوزراء شخصية رئيسية في تشكيل قيم جهاز التعليم في الدولة، وتخصيص ملايين الشواكل لإنشاء نظام الشفافية، وهي خطوة تقوض الاستقلال التربوي المتبقي لمديري المدارس".

وأشار إلى أن "ماعوز، الذي أعرب عن ازدرائه للمثليين والنساء والديمقراطية، يستخدم موقعه أداة لتصفية واستبدال البرامج التي تعزز التعددية والتسامح والمساواة، ولذلك فإن تعيينه ليس مجرد مسألة تعليمية، بل يعكس سياسة نتنياهو الكاملة بالاعتماد على شركائه المتشددين، وللحفاظ على حكمه، منح ماعوز صلاحيات واسعة كجزء من اتفاقيات الائتلاف، مما جعله شريكا مركزيا يؤثر على مستقبل نظام التعليم والمجتمع الإسرائيلي".

وأضاف أن "ماعوز لا يقوم بإعادة صياغة محتويات النظام التعليمي فقط، بل يؤكد على الثمن الذي يدفعه المجتمع الإسرائيلي، وبسبب اعتماد نتنياهو على الجماعات الأيديولوجية المتطرفة، فقد فتح المجال أمام الرقابة والإكراه الأيديولوجي، بما يهدد أسس الدولة، مما يجعل من هذا الاعتماد له عواقب بعيدة المدى عليها، لأنه بينما يواصل عشرات آلاف جنود الاحتياط القتال في الحرب المستمرة منذ 14 شهرًا، تعمل الأحزاب الدينية على الترويج لتشريع يسمح بالتهرب من الجيش، مما يوضح العبثية السياسية التي تعيشها الدولة".



وأوضح "أن تهرب المتدينين من الخدمة العسكرية تشكل عبئا كبيرا في الدفاع عن الدولة، لكن نتنياهو يختار عمليا الحفاظ على تحالفه السياسي معهم، بما يضمن استمرارية حكومته، وهي أولوية بالنسبة له، ولذلك فإن ضعفه لا يقتصر على تعزيز قوة المتدينين السياسية فحسب، بل على إعادة تشكيل شخصية الدولة القائمة على الإقصاء وعدم المساواة والعنصرية، ويلحق ضررا شديدا بالقيم السياسية والاجتماعية التي تأسست عليها، وهذا لا يشكل تهديدا لتماسكها الاجتماعي فحسب، بل قد يغيّر وجهها بشكل جذري، ويعزّز أجندة لا تتوافق مع القيم المشتركة لغالبية الإسرائيليين".

وأكد أن "دولة الاحتلال بسبب هذا التيار الديني المتعاظم تقف على مفترق طرق، وعند نقطة قرار تاريخية، فهل ستحافظ على طابعها الليبرالي، أم تستسلم للأيديولوجيات المتطرفة التي تشجع على الإقصاء والإكراه وانتهاك الحقوق الفردية، وهي لحظة حرجة توشك فيها سفينتها أن تغرق".


مقالات مشابهة

  • تحذيرات من تعاظم تأثير الصهيونية الدينية في إسرائيل
  • ديكتاتورية السلطة «الدينية» فى سوريا!
  • جمعة رجب.. مناسبة دينية تعزز الهوية اليمنية وترابطها مع القضايا الإسلامية
  • المفتي: بناء الكنائس أمر جائز على المستوى الديني
  • إفريقية النواب: تعديلات الأوقاف لخطبة الجمعة تتماشى مع تجديد الخطاب الديني
  • طائرة وزير الشؤون الدينية تحط بسلام بمطار المشرية
  • طائرة وزير الشؤون الدينية تفشل في الهبوط بمطار المشرية
  • عبدالغني هندي: الجماعات الدينية حولت الإسلام إلى إيديولوجية متطرفة
  • عياد رزق: مصر تخوض حربا ضد الشائعات ووعي الشعب صخرة تحطم أطماع أهل الشر
  • “تجديد الخطاب الديني والثقافي” ندوة بمركز إعلام الخارجة بالوادى الجديد