موقع 24:
2025-02-03@23:35:11 GMT

الصيد في ماء الحرب العكر

تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT

الصيد في ماء الحرب العكر

فتحت الحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة، مجالاً واسعاً في المنطقة لخلط الكثير من الأوراق بعضها ببعض، واستغلت إيران ذلك فراحت تلعب في الفناء الخلفي لمنطقة الحرب، وراحت تحرك أذرعها في الإقليم حركة محسوبة، وبما يخدم المصالح الإيرانية وحدها.

ومن قبيل ذلك ما تمارسه الجماعة الحوثية تجاه سفن الحاويات العابرة في البحر الأحمر، وما ترتكبه من عبث في عرض البحر مع سفن حاويات لا علاقة لها في غالبيتها بإسرائيل، ولا بالأطراف المتصارعة، ولا بالقصة كلها من أولها لآخرها.


وحسب التصريح الصادر عن الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، يوم 16 من هذا الشهر، فإن 55 سفينة حاويات حولت طريقها من البحر الأحمر إلى طريق رأس الرجاء الصالح خلال الفترة من 19 من الشهر الماضي إلى يوم صدور التصريح، وفي المقابل استقبلت القناه 2128 سفينة حاويات خلال الفترة نفسها.
وتستطيع أن تجد في التصريح شيئين اثنين على وجه التحديد، أولهما أن التأثير على معدل المرور في قناة السويس ليس بالتأثير الكبير حتى اللحظة، والآخر أن لجوء هذا العدد من السفن إلى الدوران حول طريق رأس الرجاء الصالح، يعني أن العبث الحوثي يصيب حركة التجارة العالمية في مجملها، ولا يصيب إسرائيل بالذات. والدليل أنه لا شيء يقول إن هذه السفن التي غيرت طريقها سفن إسرائيلية لحماً ودماً، أو إنها كانت ذاهبة إلى الدولة العبرية، كما أنه ليس من المعقول أن يصل نصيب إسرائيل من السفن العابرة في البحر إلى كل هذا العدد.
فما المعنى؟... المعنى أن هذا العبث يتوجه منذ بدأ إلى أمن وسلامة حركة التجارة في العالم، وليس إلى أمن وسلامة التجارة الإسرائيلية في حدودها؛ لأنه ما أصغر ما يخص إسرائيل في هذه الحركة عبر هذا البحر، ولأن هذا ما تشير إليه الأرقام الواردة في تصريح رئيس القناه.
تقول الجماعة الحوثية إنها سوف تواصل أفعالها إلى أن تتوقف الحرب على غزة، وهذا معناه أنها تمارس ما تمارسه لوقف الحرب، وهذا بدوره خلط للأوراق ما بعده خلط، كما أنه تضليل ما بعده تضليل، وتوظيف لأوجاع غزة وجراحها ما بعده توظيف، ومتاجرة بالقضية الفلسطينية كلها ما بعدها في الحقيقة متاجرة.
هو كل ذلك لأن الحوثي يفعل ما يفعله منذ ما يقرب من الشهر، ولم يتبين إلى اليوم ولو بأي مقدار، أن ما يمارسه قد أثّر بأي درجة على قرار استمرار الحرب من جانب تل أبيب، أو أنه قد جعل إسرائيل تقرر وقف القتال.
ونحن نذكر أن الحوثي قد أرسل عدداً من الطائرات المُسيّرة في اتجاه إسرائيل منذ بدء الحرب، وكلها طائرات سقطت في مكانها، أو هناك في شمال البحر، وكلها أيضاً لم يحدث أن أصابت هدفاً، وكانت أقرب إلى الطلقات الطائشة منها إلى أي شيء آخر.
إنني يمكن أن أقف في صف تلك المسيّرات، لو كانت قد خدمت إخواننا في غزة بأي نسبة، ولكن بما أنها تشبه الرصاصات التي تنطلق في «فرح العمدة» حسب التعبير الشعبي المصري، أي أنها أقرب ما تكون إلى الطلقات «الفشنك»، فهي عمل عشوائي لا يؤدي إلى شيء له قيمة في ميزان وقف الحرب في النهاية، ولا يخدم في حقيقته سوى المصالح الإيرانية، ولا يُعبّر سوى عن انتهازية سياسية إيرانية مُفرطة ومُعتادة.
أما ما يقال عن أن الحوثي يريد أن ينتصر للقضية في فلسطين وللفلسطينيين في غزة بما يمارسه في عرض البحر، فهو كلام لا ينطلي على عاقل، لا لشيء، إلا أن الحكومة الإيرانية التي تحرك الحوثي في جنوب البحر من بعيد، وتضع السلاح في يده، إذا أرادت الانتصار حقاً للقضية ولأهل غزة، فأمامها ميدان المعركة نفسه في الشمال، وهو ميدان تستطيع أن تُبدي فيه مهاراتها القتالية كما تحب لو أرادت.
أمامها ميدان المعركة في الشمال، فهو ميدان يقع في مرمى نيران «حزب الله»، الذي هو ذراع إيرانية أخرى شأنها شأن الذراع الحوثية، ولكن طهران لسبب لا يخفى على أحد في المنطقة ولا في خارجها، تحرك الذراع البعيدة وتعطل الذراع القريبة؛ لأنها تريد المغنم في الموضوع من دون المغرم، ولأنها تريد تحقيق الكسب السياسي السهل بغير أن تدفع أي ثمن لما تريد أن تكسبه.
كل الطلقات التي أرسلها «حزب الله» كانت من قبيل الطلقات المنضبطة، وكانت تنطلق على سبيل ذر الرماد في العيون.
وحتى «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني، يرى ما ترتكبه إسرائيل في الضفة، حيث تقع القدس نفسها، ثم لا يحرك ساكناً من أجل المدينة التي يحمل اسمها، ويقف متفرجاً وكأنه لا يعرف القدس ولا تعرفه!
استهداف بعض سفن الحاويات في البحر الأحمر نوع من الصيد الإيراني في ماء الحرب العكر، ولا هدف له من جانب إيران سوى العمل على تعظيم قيمة الأوراق التي في يديها، ولا غرض من ورائه غير إضافة ورقة أخرى إلى أوراق الحكومة الإيرانية، إذا ما جلست على الطاولة يوماً مع الأميركيين، ولم يثبت إلى الآن أن هذا الاستهداف قد خدم القضية في غزة على أي مستوى.
إيران لا ترى في حرب غزة سوى فرصة لإعادة تقديم أوراقها في أنحاء الإقليم، ثم لإعادة تقييم هذه الأوراق، وكلها أوراق ذات عائد سياسي وغير سياسي في إيران، ولا عائد لها في غزة ولا بالطبع في الضفة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل فی غزة

إقرأ أيضاً:

خبير: إسرائيل تحاول نقل الحرب من غزة إلى الضفة الغربية تدريجيا

قال العميد خالد حمادة، الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، إن الاحتلال الإسرائيلي يحاول نقل ما جرى في قطاع غزة إلى الضفة الغربية تدريجيًا، موضحًا أن الاحتلال الإسرائيلي يستهدف المدن الفلسطينية، بما في ذلك طولكرم وجنين التي تعد من أكبر المدن، بالإضافة إلى استهداف مدينة رام الله.

كل ما تريد معرفته عن الأوراق المطلوبة لترخيص مزاولة مهنة الصيدلةالمصري للدراسات يناقش الذكاء الاصطناعي وتحليل الطلب بسوق العمل ..غدا


وأضاف الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية خلال مداخلة هاتفية عبر فضائية "القاهرة الإخبارية"، أن الهدف الإسرائيلي هو تدمير الحالة المدنية الفلسطينية في الضفة الغربية، بمعنى تعطيل الحياة الاقتصادية، وتهجير أكبر عدد ممكن من السكان، وإحداث أكبر قدر من التدمير.

وأشار إلى أن الاحتلال يسعى  من خلال هذه الإجراءات إلى ابتزاز المناخ العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية ومصر ودول الخليج العربي والأردن.


وتابع: "المناخ العربي متمسك بحل الدولتين ويسعى للوقوف ضد أي محاولة لتهجير الفلسطينيين، سواء من غزة أو في حال تم تنفيذ ذلك لاحقًا في الضفة الغربية".


ولفت، إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يراهن على مطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهجير الفلسطينيين، رغم الرفض العربي لهذا الموقف.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: قلقون من استخدام إسرائيل لـ تكتيك الحرب القاتلة في الضفة
  • هذه أبرز النزاعات التي تواجه العالم في عام 2025.. حروب ترامب من بينها
  • فرانشيكا ألبانيز: الأوضاع في غزة كارثية بسبب الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل
  • هل تذهب تركيا إلى الحرب مع إسرائيل من أجل سوريا؟
  • حسام زكى: اليمين المتطرف فى إسرائيل الأقل مرونة تجاه القضية الفلسطينية
  • خبير: إسرائيل تحاول نقل الحرب من غزة إلى الضفة الغربية تدريجيا
  • ‏حماس تطالب الوسطاء بإلزام إسرائيل بإدخال مواد الإغاثة التي نص عليها اتفاق غزة ووقف الانتهاكات
  • حازم عمر: صفقة الهدنة الحالية بغزة تطبيق حرفي لوثيقة مايو 2024 التي رفضتها إسرائيل
  • “قبور للأحياء”: الحالة الصحية التي يخرج بها المعتقلون الفلسطينيون من سجون إسرائيل تعكس تعذيبًا وتجويعًا ممنهجًا
  • زي النهارده.. توقيع معاهدة سلام تورون التي أنهت الحرب البولندية الليتوانية التوتونية