الابتزاز الجنسي في الشرق الأوسط: الوصمات تمنع النساء من العدالة
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
سلطت مجلة "فورين بوليسي" الضوء على أزمة "الابتزاز الجنسي" التي تعاني منها النساء في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن الوصمات الاجتماعية تمنعهن من الإبلاغ عن الاعتداء الجنسي الذي يتعرضن له عبر الإنترنت، وبالتالي يضيع حقهن في الوصول إلى العدالة.
وعرضت المجلة قصصا لحالات من اليمن ومصر وسوريا، باعتبارها الدول الثلاث ذات النسب المرتفعة من جرائم الابتزاز الجنسي.
روت المجلة قصة امرأة يمنية بعد تغيير اسمها حفاضا على سلامة المصادر، موضحة أنها كانت تتبادل مع زوجها صورا خاصة بعد سفره للعمل في السعودية، ثم تمت سرقة هاتفها المحمول وهددها اللص بنشر صورها على الإنترنت ما لم تدخل معه في علاقة.
ووفقا للمجلة، رغم أن هذه المرأة الشابة، البالغة من العمر 27 عاما، أصبحت ضحية لما تسميه السلطات في العديد من البلدان "الابتزاز الجنسي"، وهو التهديد بنشر صور خاصة مقابل الابتزاز المالي أو الأفعال الجنسية، لكنها تحولت أيضا إلى قتيلة على يد شقيقها الأصغر الذي تم الضغط عليه من والدهما لارتكاب ما يسمى بجريمة الشرف في عام 2022.
وأكد ضابط تحقيق جنائي في اليمن مقتلها، رغم عدم توجيه أي اتهامات لشقيقها، كما هو الحال في كثير من الأحيان مع مثل هذا النوع من جرائم القتل.
وذكرت "فورين بوليسي" أنه حذر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي ووكالة إنفاذ القانون الدولية التابعة له، العام الجاري، من أن الابتزاز الجنسي أصبح أزمة عالمية.
ويقول الناشطون للمجلة إن التقاليد الأبوية المتجذرة جعلت النساء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عرضة بشكل خاص لهذا الابتزاز.
ووفقا للمجلة، رغم أنه لا يتم إبلاغ السلطات إلا بعدد محدود من الحالات، فقد وجد استطلاع أجرته منظمة الشفافية الدولية عام 2019 أن واحدا من كل خمسة أشخاص شملهم الاستطلاع في الأردن ولبنان وفلسطين قد تعرضوا للابتزاز الجنسي أو عرفوا شخصا تعرض له، وهو من بين أسوأ المعدلات في العالم.
وأوضحت المجلة أن التقاليد والأعراف المجتمعية التي تضع عبء الحفاظ على شرف العائلة على كاهل المرأة كثيرا ما تمنع الضحايا من اللجوء إلى العدالة، وبالتالي، وكما هو الحال في حالة الشابة اليمنية، يمكن أن يكون للابتزاز عواقب مأساوية.
وذكرت أن هذه القواعد المجتمعية الصارمة تتجلى بشكل خاص في اليمن، التي احتلت المرتبة الأخيرة في مؤشر الفجوة بين الجنسين التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي لمدة 15 سنة متتالية (من 2006 إلى 2020) ولها تاريخ مضطرب فيما يسمى بجرائم الشرف.
وقال الناشط اليمني، مختار عبد المعز، مؤسس سند، وهي منظمة غير ربحية في اليمن تدعم ضحايا الجرائم الإلكترونية من خلال شبكة تضم حوالي 400 خبير رقمي متطوع، إنه عندما بدأ إطلاق المنظمة في مارس 2020، لم يكن يتوقع أن يجد كثيرا من حالات الابتزاز الجنسي، لكن وصله حوالي 17 ألف بلاغ عن جرائم إلكترونية حتى الآن، وتم الإبلاغ عن 6 آلاف منها في عام 2023، ويقدر عبد المعز أن حوالي واحدة من كل أربع حالات تندرج تحت الابتزاز الجنسي.
وأشارت المجلة إلى أن الأرقام الرسمية أقل بكثير، وقال مسؤول في وزارة الداخلية في الحكومة التي يقودها الحوثيون في صنعاء، طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام، إنه تم الإبلاغ عن 114 جريمة إلكترونية، بما في ذلك الابتزاز الجنسي، في عام 2022.
ووفقا لـ"فورين بوليسي"، احتلت مصر المرتبة 134 من بين 146 دولة في مؤشر الفجوة بين الجنسين لعام 2023.
ونقلت المجلة عن الناشط المصري، محمد اليماني، مؤسس مبادرة "قاوم" لدعم ضحايا التحرش والابتزاز الجنسي، قوله إن مجموعته تلقتا تقارير عن أكثر من 100 ألف حالة ابتزاز جنسي منذ عام 2020، لكنه يعتقد أن هذا ليس سوى جزء صغير من الجرائم المرتكبة.
وأضاف اليماني أن مصر تعتبر رائدة إقليميا في معالجة مشكلة الابتزاز الجنسي، حيث أنشأت السلطات وحدات تحقيق رقمية في جميع أنحاء البلاد للتعامل مع مثل هذه الجرائم، وأصدرت قوانين لضمان بقاء هويات الضحايا الذين يتقدمون مخفية.
ووفقا لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، تُقدر الأمم المتحدة في سوريا أن "ما يصل إلى 3.7 مليون سوري حاليا، والغالبية العظمى منهم من النساء والفتيات، يحتاجون إلى خدمات تتعلق بالعنف الجنسي".
وفي عام 2020، ألغت الحكومة السورية قانون "جرائم الشرف"، ومع ذلك، لا تزال المادة 192 من قانون العقوبات تمنح القضاة سلطة تقديرية واسعة لتخفيف العقوبات بشكل كبير إذا انطبقت ظروف مخففة، بما في ذلك عندما يكون للجريمة دافع "مشرِّف"، أو إذا ارتكبت جريمة القتل بدافع الغضب، وبدافع فعل غير قانوني أثارته الضحية.
وتوجد تقارير من جميع أنحاء البلد تتحدث عن قتل النساء أو الفتيات على أيدي الأقارب "لاستعادة شرف الأسرة" في سياق مزاعم سلوك غير أخلاقي، وانخفاض معدل الملاحقات القضائية على "جرائم الشرف" رغم أنه لا توجد إحصاءات أو تقديرات رسمية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی عام
إقرأ أيضاً:
اليوم التالي في الشرق الأوسط؟
لا شيء يلوح في الأفق رغم المبادرات العديدة لوقف الجنون الدائر في الشرق الأوسط، وواضح أن إسرائيل تريد الحفاظ على الوضع الراهن الذي فشل حتى قبل الحرب في ضمان أمنها، مثلما ذاق الإسرائيليون الأمر بصورة مروعة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الدامي 2023، وعلى كل حال تحاول إدارة بايدن -الضعيفة- الحركة في المكان في لحظاتها الأخيرة في السلطة.
فقد كشف موقع "أكسيوس" الأمريكي نقلاً عن ثلاثة مسئولين إسرائيليين، قولهم، إن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز، طرح مقترحاً لوقف إطلاق النار في غزة لمدة 28 يوماً، وأشار الموقع إلى أن المقترح يتضمن وقفاً لإطلاق النار في غزة لمدة 28 يوماً، وإطلاق سراح نحو 8 رهائن محتجزين لدى حركة حماس، وإطلاق سراح عشرات السجناء الفلسطينيين لدى إسرائيل.وأضاف الموقع، أن بيرنز ناقش الفكرة خلال اجتماع عقده يوم الأحد الماضي مع نظيريه الإسرائيلي والقطري، ووفقاً لموقع "أكسيوس"، فإن خطة بيرنز "لا تتناول مطلب حماس الرئيسي بأن يتضمن أي اتفاق انسحاباً إسرائيلياً من غزة وإنهاء الحرب".
وأوضح الموقع أن الخطة تتضمن إطلاق سراح 8 نساء من المحتجزين لدى حماس أو رجال فوق سن الخمسين.
وفي الوقت نفسه يتم تداول أفكار عن اليوم التالي، ويدور الحديث عن نشر قوة حفظ سلام دولية أو عربية من المفترض أن تملأ فراغ السلطة في قطاع غزة بعيداً عن حماس، إلا أنه ما زال سقف الأهداف الإسرائيلي متحركاً ويتسع، وما يعلن عنه من أهداف حتى الآن؛ سواء في غزة أو لبنان هو أهداف مرحلية تكتيكية.
وبات واضحاً أنه لا نتانياهو ولا منافسيه السياسيين ولا وزير الدفاع يوآف غالانت يريدون التخلي عن السيطرة الأمنية الإسرائيلية على قطاع غزة في فترة ما بعد الحرب، وبحسب رأيهم يجب أن يبقى قطاع غزة معزولاً عن بقية العالم.
وإسرائيل لا تريد الاستمرار في السيطرة فقط على كلِّ ما يخرج من قطاع غزة وما يدخل إليه، بل تريد السيطرة على المجال الجوي فوق قطاع غزة والبحر الممتد أمامه.
وفضلا عن ذلك، هناك الآن ممر نتساريم الأمني الذي أنشأته إسرائيل في وسط قطاع غزة، وهو عبارة عن شريط يمتد بين الحدود الإسرائيلية حتى البحر الأبيض المتوسط، ويفصل قطاع غزة إلى جزأين شمالي وجنوبي ويضمن للجيش الإسرائيلي الوصول بسرعة إلى المنطقة، ويريد الجيش الإسرائيلي الاحتفاظ بحق تنفيذ المزيد من الحملات والمداهمات العسكرية، أو حتى القصف بالقنابل، وأن يستمر الاحتلال لقطاع غزة.
وبات من الواضح أن نتانياهو لن يوقف الحرب الآن، حتى لو أعلنت حماس وحزب الله القبول بالشروط الإسرائيلية والأمريكية، فمشروعه يجمع ما بين منطلقات أيديولوجية دينية، وأبعاد جيوسياسية ومصالح سياسية.
ويرى كثير من الخبراء أن الحرب على غزة ابتداء، ثم توسيعها إلى لبنان، وربما إلى ساحات أخرى لاحقاً، لم تكن عملية انتقام مما جرى في السابع من أكتوبر، بل هي حرب لتصفية الحقوق الوطنية الفلسطينية، وحسم للصراع.
ووسط حالة القبول ثم الرفض لاتفاقيات وقف إطلاق النار، فقد برز تياران داخل إسرائيل، بات يتولد بينهما صراع بعد السابع من أكتوبر، الأول يتزعمه نتانياهو واليمين المتطرف، وينادي بضرورة تحقيق الانتصار التام، والثاني تتزعمه الأجهزة الأمنية، ويدعو للتوصل إلى ترتيبات اليوم التالي للحرب لعدم قدرة تحقيق الانتصار الحاسم.
وترى الكثير من الدوائر المطلعة أن الإنجازات التي حققها نتانياهو هي إنجازات مؤقتة، لأن الأزمة الإسرائيلية أبعد وأعقد من أن تحل بضربة قاضية أو ضربات سريعة كالتي وجهت لحزب الله.
وعلى الجانب الآخر، يقول الخبراء إنه لا يمكن فصل الجبهات عن بعضها بعضاً، إذ لم يعد هذا القرار تكتيكياً، بل بات يمثل إستراتيجية مفروضة على الأطراف، ورغم أهمية كل جبهات الإسناد العراقية واليمنية، فإن قوة الثقل الأساسية هي الجبهة اللبنانية، وبالتالي فإن المواجهة مع حزب الله هي من سيرسم المشهد المستقبلي.
ويبقى أن اليوم التالي للحرب ما زال بعيداً وغائماً، ومفتوحاً على احتمالات عدة، ولكن سوف تشكله بلا شك نتائج الانتخابات الأمريكية، وهل سيقوم ترامب -لو فاز- بفرض تجميد للحرب أم إطلاق يد نتانياهو، أم محاولة فرض تسوية مؤلمة.
وفي المقابل هل ستستمر كامالا هاريس في موقف الإدارة الضعيف بعدم القدرة على التوصل لوقف لإطلاق النار، وبدء مفاوضات تسوية سياسية، ومما لا شك فيه أن تطورات الصراع على الأرض سوف تلعب دوراً في تشكيل ملامح اليوم التالي.
وربما وجهت إيران في آخر هجوم لها على إسرائيل تحذيراً حازماً لأمريكا، مقابل ما تقوم به إسرائيل، وقد فسره البعض محاولة هروب إيرانية من الدخول في مواجهة شاملة، لكن شكل وطبيعة الرد الإسرائيلي الأخير على طهران، والرد المنتظر أو عدم الرد من جانب طهران على هجوم إسرائيل الأخير ضدها، وتواجه جميع السيناريوهات الخاصة باليوم التالي، فحتى الآن لا يريد بنيامين نتانياهو أن يترك غزة حتى بعد التوصُّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، كما أن أي خطة لما بعد الحرب هي "هروب إلى الأمام" دون حل المسألة الملحة وهي وقف القتال والدمار في قطاع غزة، وأحسب أن ذلك كله سوف يحسم التوجه المقبل للأحداث في المنطقة.