هل كانت 2023 سنة كبيسة على الأميركيين سياسيا واقتصاديا؟
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
واشنطن- تميز عام 2023 في الولايات المتحدة بزيادة شكوك الأميركيين في النظام السياسي القائم، سواء ارتبط ذلك بالثقة والرضا عن أداء الرئيس أو الثقة في فعالية المؤسسات السياسية، وصولاً لتراجع الثقة في النظام القضائي، وعلى رأسه المحكمة الدستورية العليا.
وتشير كل المؤشرات إلى أن وجهات نظر الأميركيين في السياسة والمسؤولين المنتخبين والمؤسسات سلبية، مع أمل ضئيل في حدوث تحسن في الأفق، في ظل استقطاب سياسي حاد وغير مسبوق بين الحزبين في مختلف القضايا، وهو ما امتد معه هذا الاستقطاب لقطاعات واسعة من الناخبين.
وافتتحت أحداث العام بحرب أهلية داخل الحزب الجمهوري، حول هوية المرشح الجديد لمجلس النواب، لم تنته إلا في نهاية أكتوبر، كما تميز العام بإثارة ودراما مثول دونالد ترامب ليتهم جنائيا أمام محاكم فدرالية ومحاكم ولايات، كأول رئيس أميركي سابق والمرشح للانتخابات المقبلة، في سابقة لم يشهد لها التاريخ الأميركي مثيلاً.
ولم تقتصر الآثار القانونية على الجمهوريين، إذ واجه هانتر، نجل الرئيس جو بايدن، اتهامات جنائية قد تكون لها تبعات سياسية خطيرة على حظوظ والده الانتخابية عام 2024.
وعلى مدار العام الماضي، أثبت ترامب -بلا جدال- أنه ملك للجمهوريين، في وقت اتسع فيه الفارق بينه وبين بقية المرشحين الجمهوريين الساعيين لنيل بطاقة ترشح الحزب لانتخابات 2024، بصورة يصعب معها تصور وصول أي مرشح جمهوري للسباق الانتخابي باستثناء ترامب.
فوضى في الكونغرسبدأ عام 2023 في واشنطن بماراثون اختيار رئيس جديد لمجلس النواب، بعدما انتقلت الأغلبية في المجلس للجمهوريين، عقب انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وبعد 15 محاولة فاشلة، تم انتخاب النائب كيفن مكارثي كرئيس لمجلس النواب، وهو ثالث أهم منصب في النظام السياسي الأميركي، لكن مكارثي بقي في منصبه لمدة 270 يوما فقط.
وتمكن عدد ضئيل من النواب اليمينين الجمهوريين من خلق تمرد داخل الحزب الجمهوري، أطاح بمكارثي على خلفية موقفه من أزمة سقف الديون الفدرالية، وتجنب الحزبان في اللحظات الأخيرة في شهر سبتمبر/أيلول حالة الإغلاق الحكومي، بعدما تم التوصل لصفقة حول الميزانية الفدرالية، وتم إقالة مكارثي في 3 أكتوبر/تشرين الأول.
وبعد محاولات فاشلة لتعيين رئيس جديد للمجلس، تم اختيار النائب الجمهوري مايك جونسون رئيسا جديدا للمجلس في 25 أكتوبر/تشرين الأول، وذلك بعدما ظل المنصب شاغرا لأسابيع، مما تسبب في شل عمل المجلس.
قضايا ومحاكمأصبح الرئيس السابق دونالد ترامب أول رئيس يتهم بارتكاب جريمة، حيث صوّتت هيئة محلفين كبرى في مانهاتن بولاية نيويورك، لاتهامه بـ34 تهمة بتزوير السجلات التجارية في مارس الماضي.
وقال ألفين براج المدعي العام لمنطقة مانهاتن إن ترامب زوّر سجلات تجارية للتستر على مدفوعات "أموال سرية" لمساعدة حملته الانتخابية عام 2016، ثم وجهت محكمة اتحادية الاتهام إلى ترامب في 37 تهمة تتعلق بسوء التعامل المزعوم مع الوثائق السرية وعرقلة جهود التحقيق في الوثائق المفقودة بولاية فلوريدا.
وجاءت لائحة الاتهام بعد أن داهم مسؤولون مقر إقامة ترامب في مارالاغو في فلوريدا، وصادروا عشرات الصناديق، التي يزعم أن بعضها تضمن وثائق سرية للغاية من رئاسته، أعقب ذلك توجيه ولاية جورجيا اتهامات جنائية لترامب على خلفية مزاعم محاولته التدخل لتغيير نتائج أصوات الولاية في انتخابات 2020، وطلبه من مسؤولي الولاية الجمهوريين التصرف والعثور على 11 ألف صوت إضافي له.
وفي سبتمبر/أيلول، وجّهت محكمة فدرالية لترامب اتهامات جنائية لدوره المزعوم في أحداث 6 يناير/كانون الثاني 2021، عندما اقتحم الآلاف من أنصاره مبنى الكونغرس الأميركي "الكابيتول"، في محاولة لعرقلة تصديق الكونغرس على فوز منافسه جو بايدن بانتخابات 2020، وهو ما نتج عنه قتل وإصابة العشرات من شرطة الكونغرس.
وفي جانب الديمقراطيين، وجّه المدعون الفدراليون لهانتر نجل الرئيس بايدن، 3 تهم تتعلق بالتهريب الضريبي، وامتلاك أسلحة نارية بطرق مخالفة للقانون. ودفعت المخالفات المالية لهانتر بايدن بمجلس النواب ذي الأغلبية الجمهورية لبدء محاولة تحقيق لعزل الرئيس بايدن بسبب مزاعم تورطه في صفقات ابنه التجارية، خلال فترة توليه منصب نائب الرئيس بين عامي 2008- 2016.
ترامب ملك الجمهوريينورغم ظهوره المتكرر منذ بداية العام الجاري أمام المحاكم واحتمال تعرضه للسجن حال إدانته، لم يتغير ولاء ودعم أغلبية الكتلة التصويتية الجمهورية لترامب، بل تظهر استطلاعات الرأي المتكررة والمحايدة، استمرار تقدمه الواسع على بقية الساعين لنيل بطاقة الحزب الجمهوري للترشح في انتخابات 2024.
ويحصل ترامب في متوسط الاستطلاعات على أصوات 62% من الناخبين الجمهوريين، متقدما بنسبة 47% من الأصوات على أقرب منافسيه رون ديسنتيس، حاكم ولاية فلوريدا الذي يحصل على 15% من الأصوات على أقصى تقدير، في حين حصل بقية المرشحين على نسب أقل.
يذكر أن القانون الفدرالي لعام 1978 ينص على أن الإدانة بارتكاب جرائم، باستثناء الخيانة، لا يمكنها أن تجرد المدعَى عليه من حق "شغل أي منصب حكومي في الولايات المتحدة"، ولا تشمل قائمة معايير الدستور للترشح للرئاسة سوى معايير ترتبط بالسن والجنسية ومقر الإقامة، ولا يتطرق الدستور إلى ذكر الإدانة الجنائية كسبب لمنع الترشح لمنصب الرئيس.
الثقة بالنظام السياسي الأميركيتقول أغلبية الأميركيين إن العملية السياسية تهيمن عليها مصالح خاصة، وتغمرها أموال الحملات الانتخابية، وتغرق في حرب حزبية، وهو ما لم يسمح بظهور منافسين أقوياء لتجنب صراع بين متنافسين من كبار السن، جو بايدن البالغ 81 عاما، ودونالد ترامب البالغ 77 من العمر، ومع احتدام الحملة الرئاسية، يقول 63% من الأميركيين إنهم غير راضين عن الاضطرار للاختيار بين ترامب وبايدن للمرة الثانية في غضون 4 سنوات.
وأشار استطلاع أجراه مؤخرا مركز بيو للأبحاث، إلى أكثر من 13 ألف شخص في مختلف أنحاء الولايات الخمسين، وجهوا انتقادات واسعة النطاق لفروع الحكومة الثلاثة، سواء الأحزاب السياسية، وكذلك القادة السياسيون والمرشحون للمناصب.
وجاء في الاستطلاع أن 4% فقط قالوا إن النظام السياسي يعمل بشكل جيد للغاية أو جيد جدا، في حين يقول 23% آخرون إنه يعمل بشكل جيد إلى حد ما، ولا يثق 63% على الإطلاق في مستقبل النظام السياسي لبلادهم.
ووصلت النسب الإيجابية في العديد من المؤسسات الحكومية والسياسية إلى أدنى مستوياتها التاريخية، ويقول 16% فقط من الأميركيين إنهم يثقون بالحكومة الفدرالية، وهناك نسبة متزايدة من الجمهور تكره كلا الحزبين السياسيين.
ويقول 86% من الأميركيين إن الجمهوريين والديمقراطيين يركزون على محاربة بعضهم بعضا أكثر من التركيز على حل المشكلات، ويرى 72% أن لديهم وجهة نظر سلبية عن الكونغرس، ويرى 54% أن لديهم وجهة نظر سلبية عن المحكمة العليا، في الوقت ذاته لم تزد نسبة الرضا عن أداء الرئيس جو بايدن على 40% خلال كل أشهر عام 2023.
وفي النهاية، كانت سنة 2023 سنة كبيسة على أغلب الأميركيين سياسيا واقتصاديا، داخليا وخارجيا، ومع ذلك يغيب التفاؤل عما قد يحمله عام 2024، في وقت لم تنته أو تحسم بعد أغلب القضايا والصراعات التي سببها أو دعمتها السياسات والمواقف الأميركية في العام الماضي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: النظام السیاسی الأمیرکیین إن جو بایدن
إقرأ أيضاً:
%20 نمو التصرفات العقارية بالدولة خلال 2024
سيد الحجار (أبوظبي)
بلغت قيمة التصرفات العقارية في 4 إمارات بالدولة، خلال العام الماضي، نحو 918 مليار درهم، مقابل نحو 765.1 مليار درهم خلال العام 2023، بنمو يصل إلى %20.
وأظهرت الإحصاءات الرسمية الصادرة عن إمارات أبوظبي ودبي والشارقة وعجمان، نمواً ملحوظاً في مبيعات العقارات خلال العام الحالي، فضلاً عن زيادة كبيرة في أعداد المستثمرين الجدد بالدولة لاسيما من الأجانب.
وقال مسؤولون وخبراء عقاريون لـ «الاتحاد»، إن السوق العقاري بالدولة يشهد زيادة ملحوظة في الطلب مع توالي إطلاق المزيد من المشاريع الجديدة الجاذبة لفئات متنوعة من المستثمرين، خاصة من الأجانب، متوقعين أن يواصل القطاع خلال العام الحالي تسجيل معدلات نمو قوية. وارتفعت قيمة التصرفات العقارية في أبوظبي خلال العام 2024 إلى 96.2 مليار درهم، بنمو 10.45% مقارنة بعام 2023، والذي شهد تسجيل تصرفات عقارية بقيمة 87.1 مليار درهم. وأفاد مركز أبوظبي العقاري أن القطاع العقاري بأبوظبي سجل العام الماضي 16.735 صفقة بيع بقيمة 58.5 مليار درهم، إضافة إلى 11.514 معاملة رهن عقاري بقيمة 37.7 مليار درهم.
عقارات دبي
وخلال عام 2024، حيث سجّل القطاع العقاري في دبي أداءً استثنائياً، إذ تم إنجاز 2.78 مليون معاملة عقارية، وهو الرقم الأعلى على الإطلاق في تاريخها من حيث التعاملات العقاريّة الإجماليّة (بما يشمل التصرفات العقاريّة والمعاملات الإيجاريّة)، محققاً زيادة بنسبة 17% مقارنة بالعام 2023، في حين بلغ عدد التصرفات العقارية 226 ألف تصرف بقيمة إجمالية بلغت 761 مليار درهم، بنمو نسبته 36% من حيث العدد و20% من حيث القيمة مقارنة بالفترة ذاتها، حيث تجاوز حجم التصرفات العقارية بالإمارة حاجز 634 مليار درهم خلال العام الماضي. وحقّقت المبيعات العقاريّة في دبي نموّاً لافتاً بعد تسجيل 217 ألف مبايعة بقيمة 526 مليار درهم، وبنمو وصل إلى 38% في عددها و27% في قيمتها على التوالي، في حين استقطبت دبي 110 آلاف مستثمر جديد في القطاع العقاري بنمو 55%.
تداولات الشارقة
وحقق القطاع العقاري في إمارة الشارقة خلال عام 2024، نمواً استثنائياً غير مسبوق بحجم تداولات بلغ 40 مليار درهم، بنسبة نمو وصلت إلى 48% مقارنة بعام 2023، والذي شهد تسجيل تداولات بقيمة 27.1 مليار درهم. وشهدت إمارة الشارقة زيادة ملحوظة في عدد الجنسيات المستثمرة العام الماضي، وبلغ عدد الجنسيات المتداولة 120 جنسية خلال 2024، مقارنة بعدد 103 جنسيات متداولة في العام 2023، كما ارتفع عدد العقارات التي تداول عليها المستثمرون من مختلف الجنسيات إلى 45.676 عقاراً مقارنة بـ 31.229 عقاراً في 2023، وتم تسجيل 14 مشروعاً جديداً في الشارقة خلال 2024.
تصرفات عجمان
وبلغ عدد التصرفات العقارية في إمارة عجمان العام الماضي 15125 تصرفاً بقيمة إجمالية تجاوزت 20.5 مليار درهم، وبنمو ملحوظ 21% مقارنة بعام 2023، والذي بلغت فيه قيمة التصرفات العقارية 16.9 مليار درهم.
وشهد عام 2024 تسجيل 11880 عملية تداول بقيمة إجمالية تجاوزت 14.37 مليار درهم، بنمو بلغ 40%، مقارنة بعام 2023.
جذب المستثمرين
وأكد مسعود العور، الرئيس التنفيذي لشركة «ميداليان أسوشيت» الاستثمارية أن السنوات الأخيرة شهدت زيادة ملحوظة في مبيعات العقارات بالإمارات، لاسيما في ظل السياسة الحكيمة لحكومة دولة الإمارات، والتي كان لها دور مهم في جذب المزيد من المستثمرين، في ظل إنشاء بنية تحتية متطورة لجميع القطاعات التجارية والعقارية والسياحية، والتوسع في استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ورقمنة القطاع العقاري.
وأضاف، أن إطلاق العديد من المبادرات لاستقطاب المستثمرين والمواهب، وتسهيلات الإقامة طويلة المدى، أسهم في جذب المزيد من رؤوس المال والشركات العالمية، حيث تعد الإمارات ملاذاً أمناً للاستثمارات بمختلف القطاعات، وللأثرياء من مختلف دول العالم، فضلاً عن تحقيق عوائد مجزية.
وأوضح، أن القطاع العقاري في الإمارات يتميز بالتنوع من حيث المناطق، فضلاً عن الفئات من وحدات سكنية وتجارية ومكتبية، وهو ما أسهم في جذب فئات متنوعة من المستثمرين.
وأشار إلى أن الفترة الأخيرة شهدت تحقيق الدولة لنمو اقتصادي بالعديد من القطاعات، وفي مقدمتها 4 قطاعات رئيسية، وهي التجارة والنقل والسياحة والتكنولوجيا، وهو ما يسهم في جذب المزيد من رؤوس الأموال، لاسيما مع استقرار وتطور البيئة التشريعية والقانونية بالدولة.
نمو القطاع
وأوضح الدكتور عبدالرحمن محمود العفيفي، الرئيس التنفيذي لشركة تمكن العقارية، أن استمرار النمو في حجم التداولات العقارية في مختلف إمارات الدولة، يعكس استدامة نمو القطاع العقاري، لاسيما مع توالي إطلاق المزيد من المشاريع الجديدة، والتي تلبي متطلبات شرائح متنوعة من المستثمرين. وحقَّقت أبوظبي في عام 2024، رقماً قياسياً في عدد المشاريع العقارية بلغ 38 مشروعاً جديداً طُرِحَت للبيع على المخطط، إلى جانب اكتمال 12 مشروعاً رئيساً.
وارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال عام 2024 بنسبة 125%، حيث اجتذب القطاع أكثر من 7.86 مليار درهم، وجاءت هذه الاستثمارات من 2302 مستثمر من 105 دول، منها الولايات المتحدة الأميركية، والمملكة المتحدة، وكازاخستان، وروسيا، وفرنسا، والصين. وتوقع العفيفي أن يواصل السوق العقاري أداءه القوي خلال العام الحالي، في ظل الطلب المرتفع على شراء العقارات بمختلف مناطق الدولة، لاسيما مع توالي إطلاق العديد من المبادرات المحفزة للنمو الاقتصادي بمختلف القطاعات، وفي مقدمتها القطاع العقاري.