الأب رومانوس الكريتي يفسر أيقونة الميلاد
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
يقول الأب رومانوس الكريتي راعي كنيسه الروم الارثوذكس في اليونان، ان وجود الثور و "الحمار" في أيقونة الميلاد الأرثوذكسية، حيث يظهر خلف المذود، ثورٌ وحمار، نراهما يتطلّعان إلى المسيح الطفل المُضطجع فيه. وجودهما في الأيقونة ليس لمجرد الإشارة إلى أن المسيح ولد في مغارةٍ وضيعة فيما بين البهائم، التي قد تكون إحتوت على حيواناتٍ أخرى كالخِراف والماعز والدجاج وغيرها.
لماذا إذًا هذين الحيوانين بالذات؟
لطالما كانت الأيقونة الأرثوذكسية "مدرسة لاهوتية" بكل ما تحتويه من تفاصيل، فترمي إلى أخذنا إلى أعماقٍ بعيدة من وراء الحدث، وتهدف إلى تعليمنا حقائق لاهوتية وكتابية عبر كل ما تكتبه لنا بألوانها، وتسمو بنا إلى التأمُّل في عظمة السرّ الإلهي المُعلَن لنا. فوجود "الحمار والثور" هنا بالذات، له مدلولٌ روحي ولاهوتي عميق، لأنهما يشيران إلى نبؤة أشعيا النبي في العهد القديم، الذي عاش في القرن السابع قبل الميلاد، وكتب في نبؤته يقول:
«عَرفَ الثورُ قانِيهِ، والحمار مَعلفَ صاحِبه، أمّا شعبي فلم يعرف وإسرائيل لم يَفهم» (أشعيا 1: 3).
وهذه الآية فيها توبيخٌ لبني إسرائيل الذين بغالبيتهم رفضوا المسيح، وتنكّروا له ولم يؤمنوا به "جاءَ إِلَى خَاصَّتِهِ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ" (يوحنا1: 11) فيقول لهم الربّ على لسان النبي أشعيا، أن "الثور والحمار" يستطيعان أن يعرفا الإنسان الذي يمتلكهما ويهتمّ باطعامهما، أما أنتم يا بني إسرائيل فقد أُغلِقَت عيونكم عن رؤية وإدراك الفداء والخلاص الذي صنعته لكم، وتقَسَّت قلوبكم عن معرفتي أنا الإله الذي ظهر على الأرض متجسّدًا، والذي كُتِبَ عني في الناموس الذي عندكم، وتنبّأ عني الأنبياء الذين تؤمنون بهم وتقرؤون أسفارهم...
هذا التوبيخ الموجّه لليهود من جهة، يمكننا أيضًا أن نرى فيه توبيخًا لكل واحد منا على قساوة قلبه، وذلك عندما نتنكّر لكل إحسانات الرب لنا في حياتنا، وتنغلق أذهاننا عن فهم كل ما يُدبّره ويصنعه باستمرار من أجل خيرنا وخلاصنا، فنقابل مراحمه وإحسانه لنا بالنكران والجحود والابتعاد عنه، عندئذٍ تصبح البهائم غير العاقلة، حافظةً للجميل أكثر منا نحن البشر المخلوقين على صورة الله ومثاله!
ومن جهة أخرى يشير الثور إلى الناموس وذبائح العهد القديم التي كانت تُقدّم في هيكل أورشليم، والتي كانت الثيران أشهرها، بالتالي يرمز "الثور" إلى أمّة اليهود المرتبطة بالله عبر شريعة موسى وذبائح الناموس الطقسية، بينما يشير "الحمار" إلى الأمم الوثنية التي لم تكن تعرف الله، والذين كانوا سالكين في عبادة الأصنام وعمل الرجاسات الكثيرة، حيث أن الحمار كان من الحيوانات "النجسة" والمحرّم أكلها بحسب شريعة موسى (لاويين 11) وهذا ما يُبيّنه لنا القديس غريغوريوس النيصَصي في قوله: "الثور إشارة إلى اليهود المرتبطين بالناموس، والحمار إشارة إلى الأمم الرازحين تحت وطأة عبادة الأوثان."
هكذا فإن المسيح بميلاده يدعو الجميع، من اليهود والأمم لكي يعرفوه متجسدًا آتيًا إلى العالم لخلاص الكل، ويوحّدهم ويجمعهم معًا في كنيسة واحدة، وهذا ما رأينا التعبير عنه في أيقونة الميلاد الأرثوذكسية، حيث جاء الرعاة يُمثّلون باكورة شعب اليهود، وجاء المجوس من بلاد الفُرس يمثّلون باكورة الوثنيين.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أقباط
إقرأ أيضاً:
عبد المسيح: لا يجوز تعديل حدود المناطق الإدارية الا بقانون
كتب النائب اديب عبد المسيح عبر حسابه الخاص على منصة "اكس" :"نذكر المتفاوضين الكرام أنه بالإضافة لعدم دستورية التفاوض من دون رئيس جمهورية بحسب المادة 52 وضرورة الموافقة من الحكومة حسب المادة 65 وإطلاع المجلس النيابي على كل هذا لأنه صاحب السيادة بحسب مقدمة الدستور، الآن نسمع أصداء خسارة لبنان أمتارا من حدوده أسوة بما حصل في إتفاق الترسيم. لذا نذكركم بالمادة 3 من الدستور وفيها لا يجوز تعديل حدود المناطق الإدارية إلا بقانون. كما نذكركم بالمادة 80، و أترك لكم متعة البحث عنها".