نحس "النهضة" يطارد نهر النيل.. 12 عاما من الجدل والتفاوض دون حل
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
على مدار 12 عامًا من الزمن، فرضت قضية سد النهضة نفسها وسط تقديم القاهرة مقترحًا فنيا عادلًا يراعي مصالح إثيوبيا التي وضعت حجر أساس سد النهضة بسعة 74 مليار متر مكعب، بدلا من 14 مليارًا كانت مقررة في السابق، وواصلت البناء حتى أنهت الملء الرابع بكمية تقدر بنحو 41 مليار متر مكعب، في خطوات أحادية أكدت مصر أن استمرارها يشكل "خطرًا وجوديًا".
أعلنت وزارة الموارد المائية والري، أمس الثلاثاء 19 ديسمبر، انتهاء "المسارات التفاوضية" بشأن سد النهضة بعد سنوات من استغلال الغطاء التفاوضي "لتكريس الأمر الواقع على الأرض"، ورفضت إثيوبيا الأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسطى التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا)، وفق بيان وزارة الري، الذي أشار إلى أن أديس أبابا تمادت في "النكوص عما جرى التوصل إليه من تفاهمات لتلبية مصالحها".
وفق البيان، اتهمت القاهرة، أديس أبابا بالتفاوض من أجل استخلاص صك موافقة من دولتي المصب (مصر والسودان) على التحكم الإثيوبي المطلق في النيل الأزرق بمعزل عن القانون الدولي.
وتقدم "صدى البلد" التسلسل الزمني لأزمة سد النهضة خلال 12 عامًا بداية من وضع حجر الأساس حتى إعلان القاهرة انتهاء مفاوضات سد النهضة من دون أي نتيجة.
أبرز محطات جولات المفاوضات حول سد النهضة- فبراير 2011، إثيوبيا تعلن إنشاء سد الألفية (تحول لاحقًا إلى سد النهضة).
- أبريل 2011، وضع رئيس الوزراء الإثيوبيا الراحل، ميليس زيناوي، حجر أساس سد النهضة.
- سبتمبر 2011، تشكيل لجنة دولية لدراسة آثار سد النهضة على دولتي المصب (مصر والسودان).
- مايو 2012، بدأت اللجنة أعمالها بفحص الدراسات الإثيوبية الهندسية وتأثير السد على مصر والسودان.
- مايو 2013، شرعت إثيوبيا في تحويل مجرى نهر النيل الأزرق للبدء في البناء.
- لجنة الخبراء الدوليين أصدرت تقريرها بضرورة إجراء دراسات تقييم لآثار السد على دولتي المصب.
- يونيو 2014: الاتفاق على الاستئناف الفوري للمفاوضات بعد توقفها خلال ثورة 30 يونيو.
- أغسطس 2014: الاتفاق على تنفيذ توصيات اللجنة الدولية من خلال مكتب استشاري عالمي، وتشكيل لجنة خبراء رباعية من الدول الثلاث.
- سبتمبر 2014: انعقاد الاجتماع الأول للجنة الخبراء الفنية الثلاثية، والاتفاق على قواعد عملها، وعلى معايير اختيار المكتب الاستشاري العالمي.
- أكتوبر 2014: الاستقرار على شركتين استشاريتين لإجراء الدراسات الفنية التي دعت إليها اللجنة الدولية.
جولات في عام 2015
وفي 23 مارس 2015 عقدت جولة في الخرطوم وقعت خلالها الدول الثلاث إعلان المبادئ الذي يحدد إطار التزامات وتعهدات تضمن التوصل إلى اتفاق كامل يشمل 10 مبادئ أساسية تتسق مع القواعد العامة في مبادئ القانون الدولي الحاكمة للتعامل مع الانهار الدولية بجانب ارفاق ورقة شارحة حول إيجابيات الاتفاق وانعكاساته على علاقات الدول الثلاث، وتمثل هذه الوثيقة الجسر الواصل بين أطراف القضية للوصول إلى اتفاقات تفصيلية بين الدول الثلاث حول القضايا المرتبطة بالسد .
في 22 يوليو 2015 تم عقد جولة لاجتماعات اللجنة الفنية في الخرطوم، وأصدرت بيانا يتضمن قواعد وأطر عمل المكتبين الاستشاريين الدوليين معًا في إجراء الدراسات المطلوبة لسد النهضة الإثيوبي وحددت موعد 12 أغسطس 2015 لاستلام العرض الفني المعدل.
وفي نوفمبر 2015 عقدت الجولة التاسعة للجنة الوطنية لسد النهضة الأثيوبي في القاهرة لبحث سبل دفع مسار الدراسات الموصي بها في تقرير لجنة الخبراء الدوليين بخصوص تحديد تأثيرات سد النهضة الإثيوبي على كل من مصر والسودان، وبحث النقاط الخلافية بين الشركتين الاستشاريتين التي تم توضيحها للدول الثلاث ورفع نتائج الاجتماعات الى الوزراء بالدول الثلاث للاعتماد واستعراض البدائل المختلفة المقدمة من خبراء الدول الثلاث لحل الخلافات، ورفضت مصر قيام شركة بمفردها بتنفيذ الدراسات الفنية الخاصة وفقا لما تم الاتفاق عليه بين الوزراء في الجولة الخامسة للجنة الوطنية الثلاثية التي عقدت في أديس أبابا في ابريل 2015 ، وهو اختيار شركتين " بي . ار. ال " الفرنسية و" دلتارس الهولندية " لتنفيذ الدراسات بنسبة 70 % للأولى و30 % للثانية.
وخلال ديسمبر 2015 تم عقد اجتماعات لبحث الشواغل المصرية من سد النهضة وأسفرت عن التوقيع على وثيقة الخرطوم والتي تعد وثيقة قانونية وملزمة للدول الثلاث والتي تضمنت الرد على جميع الشواغل التي أثارتها الدول الثلاث، وتم الاتفاق على الشركات الدولية التي ستجرى الدراسات الفنية لسد النهضة الإثيوبي، فضلا عن الاتفاق على الاستمرار في إجراءات بناء الثقة بين الدول الثلاث.
جولات 2016
- التوقيع على وثيقة الخرطوم، والاتفاق على اختيار مكتب استشاري فرنسي ثانٍ، وعلى توقيع عقد الأعمال الاستشارية في الأول من فبراير 2016 لتنتهي الدراسات خلال 8 أشهر.
- فبراير 2016: تأجيل توقيع العقود مع المكتبين الاستشاريين؛ لإجراء مزيد من التشاور حول صيغته.
- سبتمبر 2016: توقيع العقود مع المكتبين الاستشاريين على أن ينهيا الدراسات خلال 11 شهرا، مع إرسال تقرير ربع سنوي عن سير العمل.
جولات 2017
في أكتوبر 2017 عقد الاجتماع الوزاري للدول الثلاث لمناقشة التقرير الاستهلالي للمكتب الاستشاري الفرنسي، المكلف بتنفيذ الدراسات الفنية
في نوفمبر 2017 استضافت القاهرة الاجتماع الوزاري للجنة الفنية الثلاثية لم يتوصل فيه إلى اتفاق بشأن اعتماد التقرير الاستهلالي الخاص بالدراسات، على الرغم من موافقة مصر المبدئية على التقرير الاستهلالي على ضوء أنه جاء متسقاً مع مراجع الإسناد الخاصة بالدراسات، والتي تم الاتفاق عليها بين الدول الثلاث، إلا أن طرفي اللجنة الأخرين لم يبديا موافقتهما على التقرير وطالبا بإدخال تعديلات على التقرير تتجاوز مراجع الإسناد المتفق عليها.
- يناير 2018: إثيوبيا ترفض مقترحا مصريا بمشاركة البنك الدولي في أعمال اللجنة الثلاثية.
- أبريل 2018: عقد اجتماع لوزراء الخارجية والمياه ورؤساء أجهزة المخابرات في مصر والسودان وإثيوبيا لأول مرة.
- مايو 2018: الاجتماع التساعي الثاني ينتهي إلى توجيه ملاحظات الدول إلى المكتب الاستشاري بشأن التقرير الاستهلالي، وعقد القمة الثلاثية كل ٦ أشهر، وإنشاء صندوق للاستثمار المشترك، وتشكيل مجموعة علمية مستقلة لتحقق التقارب حول السد.
- يونيو 2018: أكد رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، في مؤتمر صحفي مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالقاهرة أن بلاده لن تلحق ضررا بالشعب المصري.
- عقد أول اجتماع للمجموعة العلمية المستقلة، في العاصمة السودانية الخرطوم لمناقشة خيارات واستراتيجيات ملء بحيرة سد النهضة.
- سبتمبر 2019: مصر تدعو إثيوبيا للانخراط في مفاوضات فنية جادة للتوصل لاتفاق في أقرب فرصة ممكنة.
جولات بوساطة أمريكية- أكتوبر 2019: الولايات المتحدة تعلن دعمها للمفاوضات للوصول إلى اتفاق مستدام يحقق تبادل المنفعة.
- أكتوبر 2019: الولايات المتحدة تدعو مصر والسودان وإثيوبيا لاجتماع في واشنطن على مستوى وزراء الخارجية.
- نوفمبر 2019: الاتفاق على عقد أربعة اجتماعات عاجلة للدول الثلاث على مستوى وزراء الموارد المائية، بمشاركة ممثلين عن الولايات المتحدة والبنك الدولي، للوصول إلى اتفاق بحلول 15 يناير 2020.
- يناير 2020: وزارة الري تعلن انتهاء الاجتماع الرابع دون اتفاق.
- إثيوبيا تستبق اجتماع واشنطن بالترحيب بجنوب إفريقيا وسيطا في مفاوضات سد النهضة.
- اجتماع وزراء الخارجية والري في واشنطن لتقييم مفاوضات سد النهضة.
- التوصل لاتفاق مبدئي يتضمن 6 نقاط تتعلق بكيفية الملء والتشغيل.
- الاتفاق على توقيع الاتفاق النهائي خلال 30 يوما.
- فبراير 2020: الاتفاق على تسهيل الولايات المتحدة إعداد الاتفاقية النهائية.. والتوقيع عليها نهاية فبراير.
- إثيوبيا تعلن عدم المشاركة في الاجتماعات المقررة لتوقيع الاتفاقية النهائية في واشنطن.
- مصر توقع بالأحرف الأولى على مسودة اتفاقية سد النهضة.
أعلنت مصر أن التوقيع بالأحرف الأولي على الاتفاق الذي طرحته الولايات المتحدة حول ملء وتشغيل سد النهضة تأكيداً لجدية الدولة المصرية، وعلى ضوء ما يحققه الاتفاق من الحفاظ على مصالح مصر المائية وضمان عدم الإضرار الجسيم بها والتزاماً بإعلان المبادئ ومصالح كل الأطراف.
- مارس 2020: إثيوبيا تعلن منفردة بدء ملء سد النهضة بحلول يوليو متوقعة حجز 4.9 مليار متر مكعب.
- السودان يتحفظ على قرار الجامعة العربية الداعم لمصر في قضية سد النهضة.
- رئيس وزراء السودان يعلن اعتزامه زيارة مصر وإثيوبيا لحث الطرفين على استئناف مفاوضات سد النهضة
- أبريل 2020: رئيس وزراء إثيوبيا يجدد التصريح باعتزام بلاده ملء خزان سد النهضة في موسم الأمطار المقبل، الذي يتزامن مع الفترة بين يونيو وسبتمبر المقبلين.
- وزير المياه الإثيوبي يعلن إنهاء 72.4% من إنشاءات سد النهضة ويؤكد أن الأعمال في المشروع تجري على قدم وساق.
- يونيو 2020: مصر تدعو مجلس الأمن الدولي إلى التدخل من أجل استئناف مفاوضات سد النهضة.
ثوابت مصر تضمنت الآتي:-مطالبة إثيوبيا بالإعلان أنها لن تتخذ أي إجراء أحادي بالملء لحين انتهاء التفاوض والتوصل لاتفاق.
-مرجعية النقاش هي وثيقة 21 فبراير 2020 التي أعدتها الولايات المتحدة والبنك الدولي بناء على مناقشات الدول الثلاث.
-أن يكون دور المراقبين كمسهلين.
أن فترة المفاوضات ستكون من 9- 13 يونيو 2020 للتوصل الى الاتفاق الكامل للملء والتشغيل.
وأعلنت مصر أنها تقدمت بطلب إلى مجلس الأمن بالأمم المتحدة حول سد النهضة الأثيوبي تدعو فيه المجلس إلى التدخل من أجل تأكيد أهمية مواصلة الدول الثلاث مصر وأثيوبيا والسودان التفاوض بحسن نية تنفيذاً لالتزاماتها وفق قواعد القانون الدولي من أجل التوصل إلى حل عادل ومتوازن لقضية سد النهضة الإثيوبي، وعدم اتخاذ أي إجراءات أحادية قد يكون من شأنها التأثير على فرص التوصل إلى اتفاق.
- يوليو 2020: استئناف المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الإفريقي.
وعقدت قمة إفريقية مصغرة بشأن سد النهضة، وأكدت الرئاسة المصرية التوافق على الامتناع عن أي إجراءات أحادية بما في ذلك ملء سد النهضة قبل التوصل إلى اتفاق وإرسال خطاب بهذا المضمون إلى مجلس الأمن.
- يوليو 2020: السودان يعلن خروج عدد من محطات الشرب عن الخدمة لانحسار مفاجئ في مياه النيل.
- إثيوبيا تنفي ثم تؤكد إتمام الملء الأول لسد النهضة بنحو 4.9 مليار متر مكعب.
- 26 ديسمبر 2020 تباحث الرئيس السيسي تليفونيا مع رئيس جنوب إفريقيا حول مفاوضات سد النهضة في إطار المفاوضات الثلاثية تحت رعاية الاتحاد الأفريقي برئاسة جنوب إفريقيا للوصول إلى اتفاق عادل.
- يناير 2021: تعثر الاجتماعات التي دعت إليها جنوب إفريقيا في التوصل لاتفاق حول كيفية استئناف المفاوضات.
- السودان يقترح وساطة رباعية تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى جانب الاتحاد الإفريقي.. ومصر تؤيد وإثيوبيا ترفض.
- إثيوبيا تعلن اكتمال 78.3% من أعمال بناء السد.
- مارس 2021: مصر والسودان يؤكدان في بيان مشترك أهمية التوصل لاتفاق قانوني ملزم بشأن سد النهضة.
- الرئيس السيسي يؤكد أن المساس بحق مصر في مياه النيل خط أحمر وسيكون له تأثير على استقرار المنطقة.
- أبريل 2021: إثيوبيا تدعو إلى الاتفاق على الملء الثاني لخزان سد النهضة ثم الشروع في اتفاق شامل بشأن "استخدام مياه النيل".. ومصر ترفض.
- مصر تعلن أن اجتماعات كينشاسا لم تحقق أي تقدم ولم تفض إلى اتفاق حول إعادة إطلاق المفاوضات.
- مصر تخطر مجلس الأمن بتعثر مفاوضات سد النهضة تحت رعاية الاتحاد الإفريقي.
- يونيو 2021: مصر والسودان يعلنان وصول المفاوضات التي يرعاها الاتحاد الإفريقي إلى طريق مسدود بسبب التعنت الإثيوبي.
- مصر تعترض لدى مجلس الأمن على إعلان إثيوبيا نيتها الملء الثاني وتودع ملفا كاملا عن رؤيتها تجاه الأزمة.
-تضامن عربي مع مصر والسودان بشأن أمنهما المائي والجامعة العربية تدعم موقفهما وتدعو مجلس الأمن لبحث أزمة سد النهضة.
- يوليو 2021: الأمين العام للأمم المتحدة يحث مصر والسودان وإثيوبيا على الامتناع عن أي أفعال أحادية الجانب.
- إثيوبيا تخطر مصر ببدء الملء الثاني بشكل أحادي.
- مجلس الأمن ينعقد لبحث أزمة سد النهضة.
- سبتمبر 2021: مجلس الأمن يصدر بيانا رئاسيا يشجع الدول الثلاث على استئناف المفاوضات بشأن سد النهضة.. ومصر ترحب.
- رئيس الوزراء يؤكد حرص على استئناف المفاوضات في أقرب وقت للتوصل لاتفاق يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث.
- فبراير 2022: إثيوبيا تعلن اكتمال 80% من سد النهضة.
في 7 فبراير 2022 أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الجيبوتي إسماعيل جيلة، أن مصر تتحلى بإرادة سياسية، تهدف للتوصل لاتفاق قانوني ملزم، حول ملء وتشغيل "سد النهضة"
- إثيوبيا تحتفل ببدء إنتاج الكهرباء من التوربين الأول بسد النهضة.
- أغسطس 2022: إثيوبيا تعلن اكتمال الملء الثالث.
- مصر تسجل لدى مجلس الأمن اعتراضها ورفضها التام لاستمرار ملء سد النهضة بشكل أحادي دون اتفاق.
- إثيوبيا تعلن تشغيل التوربين الثاني لتوليد الكهرباء من سد النهضة.
- مارس 2023: إثيوبيا تعلن انتهاء 90% من أعمال البناء.
- 13 يوليو 2023: اتفاق الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس وزراء إثيوبيا على استئناف المفاوضات للتوصل لاتفاق في غضون 4 أشهر.
- 27 أغسطس 2023: انعقاد جولة أولى من المسار التفاوضي بالقاهرة.
- 10 سبتمبر 2023: إثيوبيا تعلن اكتمال الملء الرابع.
وأصدرت الخارجية المصرية بيانا قالت فيه "اتصالاً بما تم الإعلان عنه يوم الأحد 10 سبتمبر 2023 حول إتمام إثيوبيا عملية الملء الرابع لخزان سد النهضة، فإن ذلك يعد استمرارا من جانب إثيوبيا في انتهاك إعلان المبادئ الموقع بين مصر وإثيوبيا والسودان عام 2015.
- 19 ديسمبر 2023: انتهاء الجولة الرابعة والأخيرة من المسار التفاوضي.
انتهى في أديس أبابا الاجتماع الرابع والأخير من مسار مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا الذي سبق إطلاقه في إطار توافق الدول الثلاث على الإسراع بالانتهاء من الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد في ظرف أربعة أشهر. ولم يسفر الاجتماع عن أية نتيجة نظراً لاستمرار ذات المواقف الإثيوبية الرافضة عبر السنوات الماضية للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: النهضة سد النهضة قضية سد النهضة مصر والسودان وإثيوبيا نهر النيل مصر والسودان وإثیوبیا إثیوبیا تعلن اکتمال سد النهضة الإثیوبی استئناف المفاوضات مفاوضات سد النهضة الاتحاد الإفریقی الولایات المتحدة للوصول إلى اتفاق الدراسات الفنیة ملیار متر مکعب بشأن سد النهضة للتوصل لاتفاق التوصل لاتفاق الدول الثلاث الاتفاق على على استئناف مجلس الأمن التوصل إلى لسد النهضة أدیس أبابا من أجل
إقرأ أيضاً:
هل يُفقد سد النهضة مصر ثلث مساحتها الزراعية سنويا؟
بينما حذرت دراسة حديثة لباحثين بجامعة "تكساس إيه آند إم" الأميركية من أن سد النهضة قد يتسبب في فقدان مصر لثلث مساحتها الزراعية سنويا خلال سنوات الجفاف، يرى خبراء استطلعت "الجزيرة نت" آراءهم، أن هذه التقديرات مبالغ فيها إلى حد كبير، ولا تعكس الواقع بدقة.
وأشارت الدراسة التي قادها الأستاذ بمركز دراسات إمدادات المياه بقسم العلوم الفيزيائية والبيئية بجامعة "تكساس إيه آند إم" د.محمد أحمد، إلى أن مصر والسودان لم تشعرا حتى هذه اللحظة بتأثيرات كبيرة لسد النهضة الإثيوبي، وذلك نتيجة الهطول الغزير للأمطار الناجم عن التغيرات المناخية في منطقة حوض النيل، مما أسهم في تعويض كميات المياه التي حجزها السد حتى الآن.
ومع ذلك، أشارت الدراسة المنشورة في دورية "جورنال أوف هيدرولوجي"، إلى أن هذه الظروف الإيجابية قد لا تستمر على المدى الطويل، حيث قد تواجه الدولتان تأثيرات سلبية كبيرة خلال فترات الجفاف المستقبلية، مما سيؤدي إلى انخفاض حصتهما من مياه النيل ليظهر بشكل أكثر وضوحا الآثار السلبية للسد، وهو ما يتطلب ضرورة الاتفاق على إدارة للموارد المائية في حوض النيل بشكل فعال ومنصف.
واستخدم الباحثون 8 أنواع من البيانات المستندة إلى تقنيات الاستشعار عن بعد لتقييم تأثيرات عملية ملء خزان السد على الموارد المائية في إثيوبيا والسودان ومصر خلال الفترة ما بين 2013 و2022، وتم التركيز على تحليل التغيرات المكانية والزمنية في مساحة السطح وحجم المياه وكميات الأمطار والتخزين المائي لـ5 خزانات رئيسية تشمل سد النهضة في إثيوبيا، وسدود الروصيرص ومروي في السودان، وبحيرة ناصر وتوشكى في مصر.
صور أقمار صناعية من شركة "ماكسار" الأميركية تظهر عملية الإنشاءات والتعلية في سد النهضة أثناء تجهيزه للتعبئة الرابعة (وكالات) نتيجة مطمئنة وقتياووفقا للدراسة، فقد بدأت 3 مراحل رئيسية لملء خزان سد النهضة في يوليو/تموز 2020، يوليو/تموز 2021، وأغسطس/آب 2022 على التوالي، وفي بداية هذه المراحل الثلاث، غطى خزان سد النهضة مساحات تقدر بنحو 110 و233 و544 كيلومترا مربعا على التوالي.
إعلانوتقول الدراسة، إنه قد "لوحظ انخفاض في مساحة سطح خزان سد النهضة بنسبة 24 إلى 49% بعد المرحلتين الأولى والثانية، وذلك نتيجة لزيادة معدلات التسرب والتبخر في موقع السد"، وهي مشكلة يعاني منها سد النهضة بسبب طبيعة الأرض التي أُنشئ عليها، وكانت قد أشارت لها دراسة أخرى، سبق أن قدمت "الجزيرة نت" تقريرا عنها.
وفي الوقت نفسه، لم تظهر تغييرات كبيرة في مساحة سطح خزاني الروصيرص ومروي، في حين لوحظت زيادة طفيفة في مساحة سطحي بحيرة ناصر وتوشكى، وهو ما عزته الدراسة إلى زيادة معدلات الأمطار (6-10%) والفيضانات الكبيرة التي حدثت خلال فترة ملء سد النهضة.
بيد أن هذه النتيجة التي قد تبدو في ظاهرها مطمئنة، تحمل في طياتها بذور الخطر، إذ حذرت الدراسة، من أن استمرار عمليات ملء السد بالمعدلات الحالية خلال فترات الجفاف المستقبلية لعدة سنوات أخرى، وفي ظل ارتفاع معدلات التسرب والتبخر، فإن حصة مصر من مياه النيل قد تتراجع بنسبة تصل إلى 35.47%، مما قد يؤدي إلى فقدان نحو 33.14% من المساحات الزراعية سنويا، أي ثلث المساحة تقريبا.
وخلص الباحثون من ذلك، إلى أنه لضمان استدامة الموارد المائية للأجيال القادمة، يجب أن يكون هناك اتفاق فعال ومنصف لإدارة الموارد المائية.
تقديرات مبالغ فيهاويؤيد أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، الرسالة التي أرادت الدراسة إيصالها في النهاية، وهي ضرورة التوصل إلى اتفاق فعال ومنصف لإدارة سد النهضة، إلا أنه يختلف بشكل كبير مع المقدمات التي تم صياغتها للوصول إلى هذه النتيجة، والمتمثلة في التقديرات المبالغ فيها لتأثير السد، والتي يراها منافية تماما للواقع.
ويقول شراقي للجزيرة نت: "لا شك أن للسد تأثيرات سلبية على مصر، حتى في فترات الأمطار والفيضانات، ويزداد هذا التأثير بالطبع خلال فترات الجفاف، ولكن وجود السد العالي في مصر يمنع السيناريو الكارثي الذي تشير إليه الدراسة".
إعلانوأوضح أن "الزيادة الطفيفة التي لوحظت في مساحتي بحيرة ناصر وتوشكى بمصر، بالتزامن مع فترات ملء السد، لم تكن نتيجة لزيادة معدلات الأمطار والفيضانات الكبيرة كما ورد في الدراسة، بل حدثت بسبب سياسات ترشيد الاستهلاك التي تبنتها مصر".
ومن أبرز معالم هذه السياسات تقليص مساحات زراعة الأرز الذي يستهلك كميات ضخمة من المياه، إلى جانب تنفيذ مشروعات معالجة مياه الصرف الزراعي لإعادة استخدامها، ولولا هذه التوجهات، التي كلفت مصر نحو 500 مليار جنيه، لشعر المصريون بتأثيرات سد النهضة رغم زيادة معدلات الأمطار والفيضانات التي أشارت إليها الدراسة.
وأضاف شراقي أن "سياسة الترشيد والمشروعات التي تم تنفيذها ووجود السد العالي في مصر يمنع التأثيرات الكارثية التي أشارت إليها الدراسة في فترات الجفاف الممتد، لكن هذا لا يلغي الحاجة إلى اتفاق فعال ومنصف يضمن حقوق مصر المائية، لا سيما أن تلك الحقوق لا تتعارض مع أهداف التنمية التي بُني سد النهضة من أجلها".
وأشار أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة إلى أن سد النهضة بُني لأغراض توليد الكهرباء، وليس للزراعة، وبالتالي، فإن المياه المستخدمة في تشغيل التوربينات لتوليد الكهرباء ستصرف لتصل إلى مصر، حتى يتسنى للسد الممتلئ حاليا بـ60 مليار متر مكعب من المياه استيعاب الكميات الإضافية التي ستأتي في المواسم المقبلة.
واختتم بقوله: "ليس أمام إثيوبيا خيار سوى التصرف بهذه الطريقة، وإلا فما الذي ستفعله بكميات المياه الإضافية التي ستصلها حتى في مواسم الجفاف؟ وهذا يعني أن تأثيرات السد خلال تلك المواسم لن تكون بالدرجة الكارثية التي صورتها الدراسة".
ويشدد: "لكن لا يمكن ترك الأمر رهنا للإرادة الإثيوبية، ولابد من التوصل لاتفاق فعال ومنصف، يضمن لمصر حقوقها، ويحقق لإثيوبيا أهدافها التنموية".
لا شك أن للسد تأثيرات سلبية على مصر، حتى في فترات الأمطار والفيضانات (الفرنسية) إدارة أفضل للمياه الزائدةومثل شراقي، لا يبدي الباحث في جامعتي ميشيغان وأريزونا الأميركيتين د.كارم عبد المحسن، حماسا للتقديرات التي ذهبت إليها الدراسة، والتي وصفها بـ"السيناريو الأسوأ"، الذي يصعب تحققه.
إعلانوقال عبد المحسن للجزيرة نت: "لا جدل على وجود تأثيرات لسد النهضة، لكن الحديث عن فقدان مصر ثلث مساحتها الزراعية سنويا بسبب تأثيرات مواسم الجفاف، هو تقدير أو تصور لأسوء السيناريوهات التي قد يمكن توقعها من خلال صور الأقمار الصناعية في ظل نقص البيانات الأرضية، إذ يعني أنه خلال 3 سنوات ستفقد مصر رقعتها الزراعية بالكامل، في حين أن دراسات أخرى قد قامت بعمل تقييم مماثل وتوقعت تأثيرات أقل على دول حوض النيل".
وأضاف أن فترة التأثيرات السلبية الكبيرة لسد النهضة قد تم تجاوزها بعد أن اكتمل ملء خزان السد خلال فترات الملء السابقة بأكثر من 60 مليار متر مكعب من المياه، ومن ثم فإن إثيوبيا ستضطر إلى تصريف كميات المياه التي ستأتي لاحقا إلى دول المصب، أي أننا تجاوزنا الفترة الأصعب (فترات الملء الكبيرة)، وأي تأثير سيأتي بعد ذلك لن يكون كبيرا بحيث يتسبب في السيناريو الكارثي الذي رصدته الدراسة.
ومن جهة أخرى، يختلف عبد المحسن مع ما ذهب إليه شراقي في التقليل من تأثير الزيادة التي أحدثتها مياه الأمطار والفيضانات على مساحتي بحيرة ناصر وتوشكى بمصر، وإرجاع التأثير الكبير لسياسات ترشيد استهلاك المياه، وقال: "رصدنا في دراسة نشرت بدورية (كومينيكيشنز إيرث & إينفيرومينت)، وصول المياه المخزنة في بحيرات توشكى إلى ما يقارب الـ(60 مليار متر مكعب) من المياه، وذلك بسبب مياه الفيضانات التي استقبلتها خلال مواسم الهطول المطري الشديد خلال فترتين هما (من 1998 إلى 2002)، ومن (2019 إلى 2022)".
ويعيد عبد المحسن المقترح الذي خلصت إليه دراستهم، والذي يعتبر أحد الحلول الممكنة من أجل إدارة أفضل للمياه، لتعويض ولو جزء من المياه التي يمكن أن تفقدها مصر خلال سنوات الجفاف الممتد.
ويقول: "رصدنا في الدراسة ضياع كميات كبيرة من المياه الزائدة خلال مواسم الأمطار، والتي تم تخزينها في منطقة بحيرات توشكى، بسبب التبخر، دون استغلالها في شحن الخزان الجوفي بتلك المنطقة، وذلك لأن الطبيعة الجيولوجية لهذه المنطقة، تتكون من صخور ليست عالية المسامية، مما لا يسمح بتسرب هذه الكمية الهائلة من المياه، ومن ثم لا يكون أمامها سوى التبخر، ولا يتم استغلال سوى كمية محدودة فقط في شحن الخزان الجوفي".
إعلانوالحل الذي اقترحته الدراسة هو مسار إضافي لمفيض توشكى، يضمن استغلال تلك المياه في شحن الخزان النوبي الجوفي، إذ أن الطبيعة الجيولوجية للمنطقة المقترحة لتخزين المياه، وصخورها ذات النفاذية العالية، ستساعد على تسريب أكثر من 70% من المياه إلى الأرض ليعاد شحن هذا الخزان، الذي أصبحت المياه التي تسحب منه سنويا، والمقدرة بنحو 980 مليون متر مكعب، أكبر بكثير من المياه الجديدة التي تشحن داخله.
وتقول الدراسة إن هذا المسار البديل يمكن تدشينه بشق قناة صغيرة تنقل المياه من بحيرة السد إلى المنطقة المنخفضة القريبة منها، والتي يقع أسفلها الخزان النوبي الجوفي.
تعريف الجفاف الممتدوتميل دراسة قادها الأستاذ في كلية فيتربي للهندسة بجامعة جنوب كاليفورنيا د.عصام حجي، إلى ضرورة التوصل لحل جذري للمشكلة، ينطلق من حل للنقطة الخلافية التي تسببت في تعثر المفاوضات بشأن إدارة سد النهضة خلال مواسم الجفاف الممتد.
ووفقا لهذه الدراسة التي سبق أن قدمت الجزيرة نت عرضا لها، فإن سد النهضة يمكنه توليد كميات من الطاقة المثلى دون تأثير سلبي ملحوظ على تدفق المياه إلى دول المصب خلال الفترات الرطبة، والمتوسطة، وحتى خلال فترات الجفاف المؤقت، غير أن المشكلة الكبيرة التي تسببت في تعثر المفاوضات وعلى مدار عقد من الزمن ، وسعت الدراسة لحلها، تكمن في فترات الجفاف الممتدة.
وحددت الدراسة سياسة تشغيل مثلى للسد تُمكنه من توليد نحو 87% من الطاقة الكهرومائية خلال فترات الجفاف الممتد دون التأثير على تدفق المياه إلى دول المصب، واعتمدت هذه السياسة على تقديم تعريف جديد للجفاف الممتد.
وتريد مصر أن يكون تعريف "الجفاف الممتد" هو "4 سنوات متتالية يكون فيها محصلة التدفق السنوي أقل من أو يساوي 39 مليار متر مكعب من المياه"، بينما تقترح إثيوبيا أن يكون "4 سنوات متتالية يكون فيها محصلة التدفق السنوي أقل من أو يساوي 35 مليار متر مكعب"، وتقترح دراسة د.حجي، اعتماد تعرف الجفاف الممتد على مستوى المياه في السد العالي بأسوان، حيث يُعتبر السد، وفقا للتعريف الجديد، في حالة "جفاف ممتد" إذا انخفض منسوبه عن 165 مترا، وهو ما يُتيح، وفقا لهذه الدراسة، دمجا للتدفق من كل من النيل الأزرق والنيل الأبيض، مما يعكس الحالة الهيدرولوجية الكاملة لحوض النيل، التي تشير إلى التفاعل بين جميع العناصر المرتبطة بحركة المياه داخل حوض نهر النيل.
إعلانوقدمت الدراسة، استنادا لهذا التعريف الجديد، مجموعة من السياسات التشغيلية المقترحة لإدارة السدود الضخمة على النيل خلال فترات الجفاف الممتد، وتشمل هذه السياسات 7 نماذج تشغيلية جرى تقييمها باستخدام بيانات تاريخية تمتد لأكثر من 100 عام.
وفي النهاية، يظل التوصل إلى اتفاق فعال وعادل بشأن إدارة سد النهضة ضرورة ملحة لضمان استدامة الموارد المائية في منطقة حوض النيل.
فبالرغم من أن التقديرات حول تأثير السد قد تبدو متباينة بين الخبراء، فإن التأكيد على الحاجة إلى تنسيق مشترك وإدارة متكاملة لمياه النيل يعد السبيل الأمثل لتجنب التأثيرات السلبية المحتملة على الأمن الغذائي والزراعي لمصر والسودان، مع مراعاة متطلبات التنمية المشروعة لإثيوبيا.