محللون وخبراء: إسرائيل تعيش فوضى داخلية والمقاومة مستعدة لكل السيناريوهات
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
تبدو إسرائيل مقبلة على اتفاق هدنة جديدة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بالنظر إلى الضغوط الكبيرة التي تتعرض لها حكومة الحرب جراء فشلها في تحقيق الأهداف والتزايد المستمر في خسائر قواتها، رغم تصعيدها المتواصل لقصف المدنيين في قطاع غزة، كما يقول خبراء ومحللون.
وزادت إسرائيل من وتيرة هجماتها على المدنيين في غزة خلال الأيام القليلة الماضية، لكن الخبير العسكري اللواء فايز الدويري، يقول إن أي عملية تفاوض غالبا ما تسبقها موجة تصعيد عسكرية؛ لوضع الطرف الآخر تحت ضغط خلال المفاوضات وخفض سقف مطالبه.
وخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال الدويري إن إسرائيل حاولت خلال الأيام الثلاثة الماضية خلق واقع جديد في غزة منها منطقة آمنة بطول الواجهة الشرقية للقطاع.
كما تحاول قوات الاحتلال فصل مخيم جباليا عن بيت لاهيا وتعمل على اختراق المنطقة الواقعة بين حيي التفاح والشجاعية لإرسال رسالة بأن لديها أوراق قوة وبإمكانها فعل أكثر مما فعلت لكي تجبر المقاومة على تقديم تنازلات، وفق الدويري الذي يرى أن هذا كله ربما يكون مقدمة لوقف إطلاق نار.
انقسام داخلي متزايد
وبعيدا عن لي ذراع المقاومة، يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى، إن إسرائيل تعاني انقساما داخليا عميقا حول جدوى الحرب وإمكانية تحقيق أهدافها، مؤكدا أن "هذا الانقسام الحاد لم يكن موجودا عندما بدأت المعارك".
ففي حين تحاول شريحة غير يمينية داخل إسرائيل التفكير من جديد في هذه الحرب وطريقة إدارتها، تطالب شريحة أخرى بمواصلة العمليات، وهو تناقض "يعكس الفوضى والتململ وعدم وضوح الرؤية وتراجع الثقة في قدرة الحكومة الحالية على إنجاز أهدافها"، كما يقول مصطفى.
ويرى مصطفى أن عدم وضوح موقف الحكومة الحقيقي من ملف استعادة الأسرى واتهامها بالكذب من جانب البعض، "يعني أن المجتمع الإسرائيلي مقبل على مزيد من الانقسام".
على الجانب الآخر، تبدو المقاومة جاهزة لكل السيناريوهات المقبلة كما يقول المحلل السياسي حسام شاكر، الذي لفت إلى أن الأمور "وصلت إلى مرحلة اختبار لمدى حصافة حكومة الاحتلال وتعاملها مع المتغيرات الكبيرة التي تحدث".
ولفت شاكر إلى أن حلفاء إسرائيل الغربيين يشعرون بأن المهمة لن تنجز قريبا وأن الأمور "ربما تنفلت على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة (لبنان)، فضلا عن التصعيد الحاصل في البحر الأحمر".
ومع ذلك، يقول شاكر، تواصل إسرائيل التصعيد الوحشي لكي "تفاوض بالنار"، بينما تبدي المقاومة ردودا مؤلمة جدا للاحتلال ولأهدافه المعلنة، وتعزز فرضية أن إسرائيل "ربما تغرق في رمال غزة".
خسائر موجعة
وأعلن "أبو عبيدة" الناطق باسم كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- عن تدمير 41 آلية إسرائيلية كليا أو جزئيا خلال الأيام الثلاثة الماضية، فضلا عن قتل 25 جنديا وإصابة عشرات آخرين.
وفي ظل هذه الخسائر الفادحة، فإن إسرائيل تواصل التصعيد العسكري لأن بعض أعضاء حكومة الحرب يدافعون عن مصالحهم وبالتالي هم يريدون مزيدا من القصف والتدمير والتجويع للقطاع بغض النظر عن قضية الأسرى، حسب مصطفى.
لكن هذا السلوك القائم على المصالح السياسية للبعض يزيد من حالة الانقسام الداخلية غير المسبوقة؛ لأنه يتناقض مع هدف إعادة الأسرى الذي يدفع البعض للمطالبة بهدنة جديدة أو بوقف كامل لإطلاق النار.
الرأي نفسه ذهب إليه شاكر بقوله إن حكومة الاحتلال التي تواصل القفز للأمام "ستصل إلى لحظة الحقيقة؛ لأن مؤشرات الإخفاق الميداني والصراخ الميداني تتصاعد، وفي لحظة معينة سيواجه الناس الحقائق".
ورغم كل هذه المعطيات، فإن الدويري يرى أن الهدنة المحتملة قد تكون بعيدة لأن الولايات المتحدة ما تزال مقتنعة بقدرة إسرائيل على اجتثاث حماس.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
ما الذي يمكن خسارته من تشكيل حكومة مدنية موازية لحكومة بورتسودان؟
بقلم: إبراهيم سليمان
ما الذي يمكن خسارته من تشكيل حكومة مدنية موازية لحكومة بورتسودان؟
عند الحديث عن خسارة أمرٍ ما، لابد من توضيح الحساب بكافة المعطيات، ورصد الناتج والمحصلة النهائية التي لا تقبل الجدل، ورغم ذلك هنالك تقديرات، يمكن النظر إليها من زوايا مختلفة، ولا يحمد السوق إلا من ربح. وقديما قيل، "الجمرة بتحّرق واطيها" وقيل أيضا "من يده في الماء ليس كمن يده في النار"
يبدو أن حكومة بورتسودان، بقيادة الجنرال البرهان، تشمر، للتعري من ثيابها، وتستعد للخروج عن طورها، من خلال اتخاذها عدة إجراءات تعسفية، تنم عن اليأس وعدم المسؤولية الوطنية، منذ اندلاع الحرب الحالية، قطعت خدمات الاتصالات عن أقاليم غرب السودان، وحرمت مواطنين على الهوية من الأوراق الثبوتية، حظرت عليهم خدمات السجل المدني، وأخيراً عمدت الإتلاف الإجمالي للعملة والوطنية في حوالي أكثر من ثلثي أقاليم البلاد، من خلال تغيرها في مناطق سيطرة الجيش على ضآلتها، حرمان الآخرين منها، وأخراً الإصرار على إجراء امتحانات الشهادة السودانية لحوالي مائتي ألف طالب طالبة، وحرمان حوالي أربعمائة آخرين في بقية أرجاء البلاد!
بهذه الخطوات المتهورة، وغير المسؤولة، لم تترك حكومة بورتسودان، للمستهدفين من أبناء الشعب السوداني، الذين يمثلون الغالبية العظمي، سوى المضي قدماً ودون التردد أو الالتفات إلى الوراء، في المناطق التي تقع خارج سيطرة الجيش، والمحررة من عنف وظلم دولةـــ 56 لتضلع بمهام توفير الخدمات الضرورية لحياتهم اليومية والملحة لأن يعيشوا بكرامة وعدالة. وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للذين يستحقونها، بدلاً من المتاجرة فيها من قبل تجار الحرب في بورتسودان.
لماذا يدفع أبناء الولايات، التي يستهدفها الطيران الحرب لحكومة بورتسوان، وتحرمها من حقوقها الإنسانية والدستورية، تكاليف بقاء السودان موحداً؟ طالما أن هذه الحكومة غير الشرعية تدفع بعنف وإصرار لتمزيق وحدة البلاد!، وما هي قيمة الوحدة الوطنية، التي تزهق أرواح عشرات الملايين من مكونات بعينها؟ وطالما أن هنالك خمس ولايات فقط، بإدارة مواطنيها أو بغيرها، غير مباليين، بهموم وآهات بقية الإقليم، فلينفصلوا هم إن أرادوا ويتركوا الآخرين وشأنهم.
وليس هناك ما هو أغلى من أرواح الأبرياء، والحفاظ عليها، وحقن دماء أبناء الشعب السوداني مقدم على أي اعتبارات أخرى بما فيها والوحدة الوطنية القسرية. لذا نرى أن تشكيل حكومة مدنية في المناطق المحررة والتي هي الآن خارج سيطرة الجيش، وهي المناطق التي لا تعني شيئا لحكومة بورتسودان الانقلابية، ضرورة حياتية، ويعتبر التقاعس عنه، أو التردد فيه حماقة، وخذلان في حق عشرات الملايين المستهدفين، من قبل الحكومة العنصرية في بورتسودان، وجيشها القاتل.
المنوط بالحكومة المدنية المرتقبة، توفير خدمات التربية والتعليم، وخدمات السجل المدني والأوراق الثبوتية، وفتح معابر تجارية لتصدير المنتجات واسترداد كافة الضروريات المنقذة للحياة، وطباعة عملة وطنية مبرأة للذمة، استباقاً للكارثة الاقتصادية التي تلح في الأفق، ونزع الشرعية من حكومة بورتسودان التي تصر على استمرار الحرب، وترفض كافة النداءات الوطنية الدولية للجلوس للتفاوض بشأن وقف الحرب وإحلال السلام في البلاد، وتقول أنها مسعدة لمواصلة الحرب مائة عام!
وطالما أن هنالك صراع بين قوتين عسكريتين، فليكن هنالك تنازع بين حكوميتين، لتتعادل الكفتتين، وربما يسرع ذلك إيجاد حلول للحكومتين، لكن لا ينبغي أن تتوقف حياة أغلبية الشعب السوداني، من أجل خاطر الحفاظ على وحدة البلاد، التي لم يحرص عليها دعاة الحرب.
ولا نظن أن تشكيل الحكومة المدنية المرتقبة في الخرطوم، ستضر بوحدة البلاد، أكثر حرب كسر العظام الدائرة حالياً، وتأجيج نيران خطاب الكراهية الممنهجة، من دعاة دويلة النهر والبحر، الذين يعادون كافة مكونات البلاد، يرفضون المساواة بين مكوناتها!
ليس هناك ما يمكن خسارته، من تشكيل حكومة موازية مرتقبة بالخرطوم، حتى إن لم يعترف بها أحد، يكفي أن المأمول منها، فك ارتهان مصير غالبة مكونات الشعب السوداني، لمزاج ورعونة حكومة بورتسودان غير المسؤولة. ومما لا شك فيها أن الأوضاع الإنسانية في ليبيا واليمن، وحتى جمهورية أرض الصومال، أفضل ألف مرة منها في معظم أرجاء البلاد. تمزيق وحدة السودان المسؤول عنه حكومة بورتسودان بإجراءاتها التعسفية وقائد الجيش، الذي أعلن على رؤوس الأشهاد، استهداف حواضن قوات الدعم السريع، ويظل يمطرهم بالبراميل المتفجرية بشكل يومي.
وفي الحقيقة، فإن حكومة بورتسودان المعزولة دولياً، قد مزّقت وحدة البلاد فعلياً، بالتصعيد المنتظم من قبلها بشأن اتخاذ إجراءات مست جوهر قومية الدولة السودانية، وأن تشكيل الحكومة المدنية المرتقبة ما هو إلا تحصيل حاصل.
والغريق لا يخشى البلل.
ebraheemsu@gmail.com
//إقلام متّحدة ــ العدد ــ 181//