هدّد زعيم الجماعة الحوثية المدعومة من إيران عبد الملك الحوثي، أميركا بمصير مشابه لما حدث لها في أفغانستان وفيتنام، وذلك رداً على التحالف الدولي الذي شكلته واشنطن لحماية الملاحة في البحر الأحمر من الهجمات المتصاعدة للجماعة الموالية لإيران.

في الأثناء، يسابق المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ الزمن، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية، متنقلاً بين الرياض ومسقط، متكئاً على جهود الوساطة التي تقودها السعودية بمشاركة عمانية.

ووفقاً لمصادر يمنية تحدثت لصحيفة«الشرق الأوسط» فإن المبعوث الأممي لليمن تسلم مسودة خريطة السلام المزمع توقيعها بين الأطراف اليمنية برعاية الأمم المتحدة، وأجرى رحلات مكوكية عدة لسلطنة عمان للقاء الوفد الحوثي لاستيعاب أي ملاحظات، قبل أن يعود للرياض الثلاثاء.

المصادر اليمنية القريبة من الملف، التي رفضت الإفصاح عن هويتها، أكدت أن خريطة السلام هي نفسها التي تمت مناقشتها منذ رمضان الفائت، وشهدت ملاحظات وتعديلات عدة من الأطراف، وربما وصلت لمرحلة نهائية في ظل تسليمها للمبعوث الأممي. وأضافت: «نعتقد أن الأمور الآن في يد المبعوث الأممي وتحركاته».

وتمسكت الجماعة الحوثية باستمرار الهجمات ضد السفن الدولية في البحر الأحمر رغم التحذيرات، حيث تزعم أنها تناصر القضية الفلسطينية وتستهدف السفن المتجهة من وإلى إسرائيل فقط.

وأدت هجمات الجماعة إلى عزوف جماعي لشركات الملاحة الدولية عن البحر الأحمر باتجاه رأس الرجاء الصالح، وسط مخاوف من تأخر سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، وتأثر اليمن على الصعيد الغذائي.

وقلل الحوثي في خطبة بثتها قناة «المسيرة»، الأربعاء، من أهمية التحالف الذي شكلته واشنطن أخيراً لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وتوعدها بمصير مشابه لما حدث لها في أفغانستان وفيتنام إذا قررت مهاجمة جماعته.

وفي شأن عدم فاعلية الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر جراء التصدي الأميركي للمسيرات، قال الحوثي إن ذلك سيدفع أميركا لخسارة كبرى؛ إذ إن قيمة الطائرة المسيّرة التي تطلقها جماعته تعادل ألفي دولار، بينما تبلغ قيمة الصواريخ الاعتراضية مبالغ أكبر بكثير.

وحذر زعيم الجماعة الحوثية من أن أي استهداف لجماعته من قبل أميركا سيقابله استهداف البوارج والمصالح والملاحة الأميركية بالصواريخ والطائرات المسيرة والعمليات العسكرية الأخرى.

تنديد دولي

تصريحات الحوثي جاءت غداة بيان أصدرته الولايات المتحدة الأميركية، والممثل الأعلى جوزيب بوريل نيابة عن الاتحاد الأوروبي، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ نيابة عن الحلف، ومجموعة تمثل 44 دولة، وذلك للتنديد بهجمات الحوثيين العديدة في الأسابيع الأخيرة وتدخلهم في الحقوق والحريات الملاحية في المياه المحيطة بشبه الجزيرة العربية.

وقال الموقعون على البيان إنهم يدينون تدخلات الحوثيين في الحقوق والحريات الملاحية في المياه المحيطة بشبه الجزيرة العربية، خصوصاً البحر الأحمر، بما في ذلك هجمات 3 ديسمبر (كانون الأول) ضد ثلاث سفن تجارية في جنوب البحر الأحمر مرتبطة بـ14 دولة، ووصفوا ذلك بأنه «يهدد التجارة الدولية والأمن البحري».

وأشار البيان إلى أن استيلاء الحوثيين على سفينة «غالاكسي ليدر» في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) واحتجاز طاقمها الدولي المكون من 25 فرداً «أمر مروع»، ووصف هذا السلوك بأنه «يهدد أيضاً حركة الغذاء والوقود والمساعدات الإنسانية وغيرها من السلع الأساسية إلى مختلف الوجهات والسكان في جميع أنحاء العالم».

ودعا الموقعون على البيان، الحوثيين مرة أخرى إلى إطلاق سراح طاقم سفينة «غالاكسي ليدر» على الفور وعدم شنّ مزيد من الهجمات على السفن التجارية في الممرات المائية الحيوية في المنطقة.

وكان وزير الدفاع الأميركي قد أعلن، في وقت سابق، عن تشكيل تحالف دولي لردع هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، بمشاركة دولة عربية واحدة وهي البحرين، إلى جانب دول غربية من بينها بريطانيا وفرنسا.

من جهته، عبّر المتحدث باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام فليتة، في تغريدات على منصة «إكس» عن تحدي جماعته، وقال إنها مستمرة في تنفيذ الهجمات، وإن «من يسعى لتوسيع الصراع فعليه تحمل عواقب أفعاله».

ووصف فليتة المقيم في سلطنة عمان، التحالف المشكل أميركياً لحماية الملاحة بأنه «لحماية إسرائيل وعسكرة للبحر دون أي مسوغ»، وشدد على أن جماعته لن توقف عملياتها، وأنه لا خطر إلا على السفن التي لها علاقة بإسرائيل.

ورأى المتحدث الحوثي الذي يعد وزير خارجية الجماعة الفعلي في التحذير الدولي من خطر جماعته أنه مجرد «دعاية أميركية مغرضة ومجافية للواقع تسعى إلى بناء جدار دولي يحمي إسرائيل في البحر بعد سقوط جدرانها الأسمنتية أمام طوفان الأقصى»، وفق قوله.

مخاوف عرقلة المساعي الأممية

في خضم التداعيات التي تسببت فيها الهجمات الحوثية في البحر الأحمر ضد سفن الشحن الدولية، يسابق المبعوث الأممي هانس غروندبرغ الزمن أملاً في التوصل إلى اتفاق يمني للسلام، مستعيناً بالدعم والوساطة السعودية والعمانية لهذه الجهود.

وتخشى الأمم المتحدة أن يؤدي التصعيد في البحر الأحمر مع الحوثيين إلى تهديد مسار السلام، بينما يقول مراقبون يمنيون إن الحوثيين لا يهمهم السلام بقدر ما يهمهم الاستثمار في حرب غزة لكسب مزيد من المؤيدين وإرضاء توجهات إيران.

في هذا السياق، أنهى المبعوث غروندبرغ زيارتين إلى الرياض ومسقط، وقال مكتبه، في بيان، إنه التقى في الرياض، رئيس المجلس الرئاسي اليمني رشاد العليمي، وعضو مجلس القيادة الرئاسي عثمان مجلي، ودار النقاش حول الخطوات المقبلة نحو التوصل إلى اتفاق بشأن تدابير لتحسين الظروف المعيشية في اليمن، ووقف إطلاق نار مستدام، واستئناف عملية سياسية بقيادة اليمنيين برعاية الأمم المتحدة.

كما التقى غروندبرغ في الرياض السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، ومسؤولين سعوديين كباراً آخرين، والسفير الإماراتي لدى اليمن محمد الزعابي، وأعرب عن تقديره للدعم الإقليمي القوي لجهود الوساطة التي تضطلع بها الأمم المتحدة، وناقش التقدم المحرز للتوصل إلى اتفاق، وشدد على الحاجة إلى دعم إقليمي مستمر ومتضافر.

وأفاد مكتب المبعوث الأممي بأنه التقى في الرياض، سفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن لمناقشة الحاجة إلى استمرار الدعم الدولي للسلام المستدام في اليمن. وأكد «حساسية الفترة الحالية»، في إشارة إلى تداعيات الهجمات الحوثية ضد الملاحة، وحثّ جميع الأطراف المعنية على الحفاظ على بيئة مواتية لاستمرار الحوار البناء.

إلى ذلك، قال مكتب غروندبرغ، في بيان منفصل الأربعاء، إن المبعوث اختتم زيارة إلى مسقط، وخلال اجتماعه مع مجموعة من كبار المسؤولين العمانيين، أعرب عن تقديره للدعم القوي الذي تقدمه سلطنة عُمان لجهود الوساطة التي تضطلع بها الأمم المتحدة في اليمن.

كما التقى المبعوث الأممي في مسقط، كبير مفاوضي الجماعة الحوثية محمد عبد السلام، وركّزت المناقشات، بحسب البيان، على الجهود المبذولة لتعزيز التقدم نحو تنفيذ تدابير لتحسين الظروف المعيشية في اليمن، وتحقيق وقف إطلاق نار مستدام في أنحاء البلاد، وإحراز تقدم ملموس نحو عملية سياسية جامعة برعاية الأمم المتحدة

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: الجماعة الحوثیة فی البحر الأحمر المبعوث الأممی الأمم المتحدة فی الیمن

إقرأ أيضاً:

مباحثات حاسمة في واشنطن بين اليمن وصندوق النقد الدولي

شمسان بوست / خاص:

عقد وزير المالية اليمني سالم بن بريك، ومحافظ البنك المركزي أحمد المعبقي، اليوم في العاصمة الأمريكية واشنطن، اجتماعًا مع رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى اليمن، السيدة إستر بيريز رويز، لمناقشة آخر التطورات الاقتصادية والإنسانية في اليمن.


وجرى اللقاء على هامش مشاركة الوفد اليمني في اجتماعات الربيع السنوية لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي لعام 2025، حيث ناقش الجانبان التحديات الاقتصادية الراهنة، لا سيما الانكماش الحاد في الإيرادات العامة نتيجة توقف إنتاج وتصدير النفط الخام، والطلب المتزايد على العملات الأجنبية لتغطية واردات السلع الأساسية، وما يترتب على ذلك من ضغوط مالية ونقدية كبيرة.

كما تناول الاجتماع سبل تعامل الحكومة اليمنية مع القرار الذي أصدرته الإدارة الأمريكية في أواخر يناير الماضي، والذي صنّف ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران كمنظمة إرهابية أجنبية، وما ينجم عن هذا القرار من تداعيات سياسية واقتصادية.

وفي السياق ذاته، انطلقت في واشنطن اليوم ورشة عمل تستمر ثلاثة أيام، بمشاركة وزير المالية ومحافظ البنك المركزي ورئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى اليمن، وذلك ضمن مشاورات المادة الرابعة. وتهدف الورشة إلى بحث سبل تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي، والتطرق إلى مستجدات السياسات المالية والنقدية، ومناقشة مديونية اليمن واحتياجاته من الدعم الفني، بما يتماشى مع أهداف خطة التعافي الاقتصادي التي وضعتها الحكومة اليمنية.

شارك في اللقاء والورشة كل من مستشار رئيس الوزراء السفير مجيب عثمان، ونائب السفير اليمني لدى الولايات المتحدة عماد بامطرف، بالإضافة إلى عدد من وكلاء وزارة المالية والبنك المركزي اليمني.

مقالات مشابهة

  • لضرب الحوثي.. الجيش الأمريكي ينشر 4 مقاطع فيديو من البحر
  • إقــــرار أمــريــكي بـالـفـشل
  • صفقة البحر الأحمر.. السفير الأمريكي يفجّر مفاجأة بشأن التسوية الشاملة في اليمن
  • ترامب يضع المليشيا الحوثية أمام خيار واحد لإيقاف العمليات العسكرية ضدهم
  • تقرير: هجمات الحوثيين في اليمن تمثل تهديدا مباشرا للولايات المتحدة
  • اليمن وكسر الردع الأمريكي: البحر الأحمر نموذجًا لفشل الهيمنة
  • تقرير صيني : عمليات اليمن في البحر الأحمر “حرب استخباراتية مفاجئة”
  • مباحثات حاسمة في واشنطن بين اليمن وصندوق النقد الدولي
  • “الحوثي” تكشف تفاصيل عملية استهداف عسقلان و”إيلات” بالمسيّرات والصواريخ
  • الحوثي تكشف تفاصيل عملية استهداف عسقلان وإيلات بالمسيّرات والصواريخ