كيف حققت حرب غزة مكاسب سياسية لروسيا؟
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
رأى نيكيتا سماغين، الخبير بالشؤون الإيرانية في مجلس الشؤون الدولية الروسي، أن الصراع الدائر في منطقة الشرق الأوسط هو الأزمة المثالية لروسيا التي تحقق لها مجموعة كبيرة من المنافع السياسية.
تشكل الحرب بين إسرائيل وحماس بعض المعضلات الداخلية للكرملين
وقال سماغين في مقال بصحيفة "موسكو تايمز" إن المواجهة بين إسرائيل وحماس لم تُعزز آمال الكرملين في تغيير الأجواء التي تكتنف الحرب في أوكرانيا وحسب، وإنما عززت اعتقاد قادته أيضاً بأن منظومة العلاقات الدولية المتمركزة حول الغرب تنهار وتتداعى.
ووحدت الحرب الأوكرانية الغرب ضد روسيا، غيرَ أن الحرب بين إسرائيل وحماس أدت إلى ظهور الانقسامات مجدداً بين تلك الدول.
ففي حين تصرُّ الولايات المتحدة على أنّ لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، تظهر الخلافات بين الدول الأوروبية حول الموقف الذي يجب أن يتخذه الاتحاد الأوروبي.
انقسامات مجتمعية
وظهرت أيضاً انقسامات مجتمعية، إذ انطلقت احتجاجات لمعارضي إسرائيل ومؤيديها في الشوارع من واشنطن حتى ستوكهولم.
وحتى داخل الحكومات، إذ أوردت تقارير إعلامية استياءً واسعَ النطاق بين المسؤولين الأمريكيين من موقف البيت الأبيض المؤيد لإسرائيل.
"A vision of the world in which morals and ideologies are irrelevant... has long been the dominant one in the Kremlin," writes @NikitaSmagin. "This logic dictates that there is no better outcome for ???????? than the continuation of the Middle East conflict."https://t.co/gBQCHD8OOl
— Carnegie Russia Eurasia (@CarnegieRussia) December 16, 2023
وعلى هذه الخلفية، تراجع الاهتمام بالحرب الدائرة في أوكرانيا في جدول أعمال المجتمع الدولي.
وصرّحت الولايات المتحدة بأنها ستُقدِّم المساعدات لكلٍ من إسرائيل وأوكرانياـ ولكن إلى متى يمكنها أن تشارك في صراعين كبيرين؟
وأضاف الباحث أن موقف واشنطن المؤيد لإسرائيل يقوّض شرعية الأسباب التي تدعو الغرب إلى دعم أوكرانيا في نظر الكثيرين، وتبدو الحجة الأخلاقية التي يجادل بها المعارضون لروسيا الآن وكأنها كلمات خاوية، خاصةً في دول الشرق الأوسط.
#WeekendRead: The confrontation between Israel and Hamas has not only boosted the Kremlin’s hopes of changing the mood around the war in Ukraine, argues @NikitaSmagin of @CarnegieEndow.https://t.co/IFcqyNtyBY
— Frank Elbers (@franckelbers) December 16, 2023
وأشار الكاتب إلى أنه بالنسبة لكثيرين كانت الولايات المتحدة تنتقد روسيا عندما قتلت مدنيين في أوكرانيا، غير أنها تلتزم الصمت الآن عندما تفعل حليفتها إسرائيل الشيء نفسه في غزة.
وهذا المنطق، يقول الكاتب، إنه "لا توجد نتيجة أفضل لموسكو من استمرار الصراع في الشرق الأوسط، الذي يدمر استراتيجية الغرب تجاه روسيا، ولا يتعين على موسكو حتى أن تُحرك ساكناً. فمن غير المرجح أن تنتهي العملية البرية الإسرائيلية في غزة في أي وقتٍ قريب، وعندما يحدث ذلك، ستبقى هناك قضايا مُستعصية مُعلَّقَة".
ويضيف الكاتب "التصعيد في غزة لا يخلو من المخاطر التي تُهدد روسيا، فإذا استُقْطبت القوات الموالية لإيران في ذاك الصراع، فقد يمثل هذا الاستقطاب مشكلة كبيرة للكرملين".
فالعلاقة القوية التي تجمع موسكو بإيران، لا تعني أنها مُستعدة لدعمها في حربها مع إسرائيل، وأي تصعيد من شأنه أن يجبر روسيا على اختيار أحد الجانبين، بحسب الكاتب.
لكن، في الوقت الراهن، يبدو من غير المرجح، برأي الكاتب، أن تندلع مواجهات عسكرية أوسع نطاقاً في منطقة الشرق الأوسط.
معضلات داخلية للكرملين
وتشكل الحرب بين إسرائيل وحماس معضلة داخلية للكرملين. فبحسب التصريحات التي أدلى بها المسؤولون، كانت المذبحة المعادية للسامية التي وقعت في أكتوبر (تشرين الأول) في داغستان مؤرقة للغاية للقيادة الروسية، فالنزعة القومية والجمهوريات العرقية في روسيا من بين القضايا التي كانت سابقاً تثير قلق الكرملين، حسب الكاتب، والآن، سيتعين على القيادة الروسية أن تنظر بعين الاعتبار لردود الأفعال المحلية المحتملة فضلاً عن العوامل الأخرى عندما تصنع قرارات تمس تصرفاتها في المنطقة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية بین إسرائیل وحماس الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
ما خسرته إيران ربحه العرب
آخر تحديث: 22 يناير 2025 - 9:42 صبقلم: فاروق يوسف إذا كانت لديك مشكلة في لبنان فعليك الذهاب إلى إيران التي لها رأي لا يستهان به في مستقبل سوريا. أما حركة حماس فإنها لا تخطو خطوة واحدة إلا بعد أن تعرضها على الولي الفقيه. ذلك كله صار من الماضي. لقد تم فك الأنشوطة الإيرانية التي لُفّت حول رقبة الشرق الأوسط. أما العراق فإنه وإن كان يبدو كما لو أنه حكاية أخرى فإن مستقبله الإيراني على وشك الأفول. إيران اليوم تفكر في مستقبلها لا في مستقبل العراق. لم يعد العراق جزءا من أوراقها التي تمارس من خلالها الضغط على الولايات المتحدة التي لم تعد من جهتها مالكة لقرار التمسك به أو التخلي عنه. لقد دخلت إسرائيل على الخط بعد أن صار استهدافها من العراق عملا تحريضيا إيرانيا. وهكذا لم يعد التفكير في صورة الشرق الأوسط الجديد بنسخته الأميركية ملزما بقدر ما صارت ضرورات الأمن الإسرائيلي هي التي ترسم الخرائط السياسية لمنطقة آن لها أن تستريح من الصداع الإيراني الذي هو عبارة عن متاهة، كل دروبها مغلقة. بين السابع من أكتوبر عام 2023 والسابع من ديسمبر عام 2024 امتد خط الزلزال الذي اعتقدت إيران أن نتائجه ستكون لصالحها. فعلت ما كانت تراه مناسبا لمستقبلها في المنطقة وكانت تعرف أنها لن تخسر شيئا على مستوى وجودها السياسي داخل أراضيها. غامرت إيران بالآخرين الذين أبدوا استعدادا للانتحار من أجلها. غير مرة نفت إيران صلتها بما حدث في غزة كما أن حسن نصرالله زعيم حزب الله السابق كان قد أكد مرارا أن إيران لم تأمره بشن حرب على إسرائيل. وقد لا تكون إيران قد أخبرت بشار الأسد بأن موعد رحيله عن السلطة بات قريبا بعد أن تم استبعادها من الصفقة الأميركية – الروسية التي قامت تركيا بتنفيذ بنودها على الأرض السورية. نكون سذجا إذا ما اعتقدنا أن علي خامنئي كان مهتما بمصير بشار الأسد. لقد تم استهلاك الفصل السوري من الحكاية سريعا بعد أن فقد الإيرانيون وبشكل نهائي درة تاجهم في المنطقة وهو حزب الله الذي بات نسيا منسيا بالنسبة إلى صناعة القرار في لبنان. هل يعني ذلك أن إيران في طريقها إلى المسافة صفر من مشروعها التوسعي الذي ظن البعض أنه صار واحدة من الحقائق الراسخة في منطقة الشرق الأوسط؟ بالنسبة إلى صناع القرار السياسي والعسكري ومنفّذيه لم تكن هناك إمكانية لإعادة رسم الخرائط السياسية في المنطقة إلا إذا كانت تلك العملية تُجرى لصالح تكريس النفوذ والهيمنة الإيرانية إلى زمن ليس بالقريب. كان الحديث عن إمبراطورية فارس التي عادت إلى الوجود وهي تطل على بحرين وتتحكم بخط سير جزء مهم من التجارة العالمية هو واقع حال لا يقبل جدلا بحيث صار أنصار إيران ينتظرون الساعة التي يعترف فيها العالم بها قوة إقليمية عظمى تستأذنها القوى الكبرى في ما يتعلق بالشرق الأوسط. ربما كان السلوك الروسي بما انطوى عليه من نفاق سياسي قد وهبها مكانة لا تستحقها حين كانت جزءا من مباحثات كانت تُجرى لتصريف الشأن السوري. وربما لعبت الولايات المتحدة دورا في تكريس ذلك الوهم حين ظلت تغض النظر عن الأبواب العراقية المفتوحة على إيران لإنقاذ اقتصادها. لقد ظن الكثيرون أن مستقبل الشرق الأوسط سيكون موزعا بين ثلاث قوى، إيران وإسرائيل وتركيا. تلك قراءة تلغي بشكل تام تأثير العامل العربي، وعلى أساسها لن يكون العرب سوى كتلة بشرية لن يكون لها دور في التأثير على مستقبل الشرق الأوسط الجديد الذي ليست فكرة التبشير بولادته جديدة، بل تعود إلى عقود ماضية. تلك قراءة أثبتت أنها لا تتمتع بالعمق والدراية والتمعن في المستجدات التي يمكن أن تقع بطريقة صادمة كما حدث حين سمح المجتمع الدولي لإسرائيل بأن تفعل ما تراه مناسبا لأمنها وبالطريقة التي تناسبها بل والأنكى من ذلك أن جزءا مهما من العالم فتح لإسرائيل مخازن أسلحته ليعينها في مشروعها. إذا كان موقف الولايات المتحدة وأوروبا محسوما لصالح إسرائيل فماذا عن موقفي الصين وروسيا؟ ما صار واضحا أن هناك قرارا دوليا يقضي بإعادة إيران إلى حدودها وإنهاء أسطورتها التي لم تكن سوى ورقة خاسرة في لعبة هي أكبر منها بل وحتى أكبر من تركيا أما إسرائيل وهي دولة صغيرة، قليلة السكان فإن ما يهمها سوى أن يكون لها مكان آمن في ذلك الشرق التي تعرف أنها لن تقوى على حكمه. وما لا يمكن إنكاره أن الجهد العربي في إفشال المشروع الإيراني سيعيدهم إلى الخارطة السياسية بطريقة تتناسب مع رغبتهم المؤكدة في صنع مستقبل حيوي للمنطقة بعيدا عن الشعارات الجوفاء.