اليوم العالمي للغة العربية.. لغة الضاد كائن حي يرتقي بمرور الزمن
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
اليوم العالمي للغة العربية، هو يوم للاحتفال باللغة العربية، ويصادف 18 ديسمبر من كل عام، وتقرر الاحتفال باللغة العربية في هذا التاريخ لأنه اليوم الذي اعتمدت فيه لغة الضاد لتكون من اللغات الست الرسمية بالمنظمة العالمية، فعلى الرغم من تعدد لغات العالم إلا أننا نجد أن اللغة العربية هي من أكثر اللغات المنتشرة بين العالم لما لها من أهمية كبرى، فاللغة العربية لها أهمية كبرى ويرجع ذلك لأسباب كثيرة أولها أنها لغة القرآن وساهمت في نقل وحفظ تاريخ العرب منذ العصر الجاهلي وحتى الآن وتتفرد بكثير من المفردات والمعاني والصور الفنية والجمالية التي لا تراها في أي لغة أخرى
يقول الكاتب جورجي زيدان في كتابه اللغة العربية كائن حي : عن اللغة العربية لم يمر عليها عصر على ألفاظها وتراكيبها مثل تأثير النهضة الأخيرة في أواسط القرن الماضي، لأنها جاءتها على غرة دفعة واحدة، فانهالت فيها العلوم انهيال السيل ففيها الطب والطبيعيات والرياضيات والعقليات وفروعها، ولم تتر للناس فرصة للبحث عما تحتاج إليه تلك العلوم من الألفاظ الاصطلاحية مما وضعه العرب أو اقتبسوه في نهضتهم الماضية، ولا لوضع الأوضاع الجديدة، والسبب في ذلك أن الذين اشتغلوا في ميادين العلوم الحديثة عند أول دخولها مصر والشام في أواسط القرن الماضي لم يكونوا على سعة من علم اللغة، فلم ترجموا تلك العلوم إلى اللغة العربية لم يهتدوا إلى مصطلحاتها القديمة، أو اهتدوا إلى بعضها ووضعوا للبعض الآخر ألفاظا لا تنطبق على المراد بها تمام الانطباق، لكنها صًقلت بتوالي الأعوام وصارت تدل على المراد كما أصاب أمثالها في أثناء النهضة العباسية وغيرها.
وتابع زيدان : لما انتهت وانقضت تلك البغتة وتكاثرت المدارس ونشأ الكتاب وعلماء اللغة عادوا إلى النظر فيما دخل للغة من المصطلحات العلمية أو الإدارية الجديدة وقلما استطاعوا تبديل شيء منه لتأصله وشيوعه في الكتب والجرائد والأندية وغيرها، على أنهم لم يعدموا وسيلة في اصطلاح الأشياء والرجوع بعباراتهم إلى نحو ما كانت عليه في صدر الدولة العربية لأنهم تحدوا فطاحل الكُتاب في تلك العصور مع مراعاة الذوق والسهولة فنبغ بيننا كُتاب لا يفضلهم ابن المقفع ولا ابن خلدون ولا غيرهما من صفوة الكُتاب وعمدة المنشئين في شيء وقد اغلفوا الشجع البارد وقللوا من الإطناب وأبطلوا المترادف وهم عاملون على تنقية اللغة مما خالطها من الأجماش والأردان وما أصابها من الضعف في عصر الانحطاط واذا تدبرت لغة الكُتاب والمنشئين في أول هذه النهضة وقابلتها بلغة كتابنا اليوم رأيت الفرق كبيرا وتوقعت أن تعود إلى اسمى ما بلغته من درجات الكمال في عصر زهوها وشبابها ، على أننا لا نظنهم مع ذلك قادرين على تنقيتها مما داخلها من الألفاظ العربية الجديدة على ما اقتضاه التمدن الحديث من العادات الجديدة والآداب الجديدة ، وقد دثر من اللغة كثير من الاصطلاحات القديمة وقام مقامها مصطلحات جديدة ، شأن الكائنات الحية الخاضعة لناموس الإرتقاء.
يوضح زيدان أن التغيير الذي أصاب اللغة العربية في النهضة الأخيرة قد أصاب ألفاظها وتراكيبها وبعضه دخله في اللغات ، الأجنبية والبعض الآخر تولُد فيه التنوع والتفرع وهذا ما يبين أن أحوال اللغة العربية فيما توالى عليها من العصور والأدوار في أثناء نموها وإرتقائها من زمن الجاهلية إلى يومنا هذا أنها سارت في كل ذلك سير الكائنات الحية بالدثور والتجدد المعبر عنه بالنمو الحيوي، فقد تولدت في العصور التالية ما لم يكن فيما قبلها ، وفي الأخير تولدت في نهضتنا الأخيرة من الألفاظ والتراكيب ما لم يكن معهودا من قبل والوقوف في سبيل هذا النمو مخالف للنواميس الطبيعية ، فضلا عن أنه لا يجدي نفعا، فاللغة كائن حي نام خاضع لناموس الارتقاء ،ولابد أن توالى الدثور والتولد فيها أراد أصحابها ذلك أو لم يريدوا، فتتولد ألفاظ جديدة وتندثر ألفاظا قديمة على مقتضيات الأحوال لحكمة شملت سائر الموجودات.
ذكر زيدان أيضا أننا لابد ان نتخلص من قيود الجاهلية ونخرج أقلامنا من سجن البداوة وإلا فلا نستطيع البقاء في هذا الوسط الجديد فلا ينبغي أن نحتقر كل لفظ لم ينطق به أهل البادية منذ بضعة عشر قرنا، لأن لغة البراري والخيام لا تصلح للمدن والقصور إلا إذا ألبسناها لباس المدن ، فلا بأس من استعمال الألفاظ المولدة التي لا يقوم مقامها لفظ جاهلي لأن معناها لأن معناها لم يكن معروفا في الجاهلية، أو التي كان لها لفظ وتُرك فأصبح غريبا مهجورا ، فاستعمال اللفظ المولد خير من إحياء اللفظ الميت واستبقاء المولود الجديد أولى من إحياء الميت القديم وإذا عُرض لنا تعبير اجنبي لم تستعمل العرب ما يقوم مقامه لا بأس من اقتباسه .
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: اللغة العربية اليوم العالمي للغة العربية لغة الضاد جورجي زيدان اللغة العربیة
إقرأ أيضاً:
جمال بن حويرب: «العربية» وعاء معرفـي للعلوم والحضارات
قال المستشار والمؤرخ جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة ورئيس مركز جمال بن حويرب للدراسات، إن اللغة العربية انطلقت إلى العالم بأبجديتها المتطورة والمرنة لتقدم شكلاً حياً من اللغة التي ساعدت في انتشار المعرفة.
وأضاف أن اللغة العربية لغة عظيمة لها تاريخ طويل حملها الفينيقيون من ساحل صور إلى الكثير من الدول، ومن بعدها تطورت الكثير من اللغات، فهي لغة العلوم ولغة المعارف، ومثلما كانت بعض اللغات السائدة في عصرنا الحالي كالألمانية التي كانت لغة العلم لأكثر من مئة عام قبل الحرب العالمية الثانية، ثم الإنجليزية مع ظهور قوى كبرى في العالم كالولايات المتحدة الأمريكية، لكن اللغة العربية كانت حاضرة لقرون طويلة كلغة علم استمرت في نحو ثمانية قرون وهي وعاء معرفي تنقل من خلاله العلوم والحضارات بين شعوب الأرض.
جاء ذلك خلال أمسية رمضانية أقامها مركز جمال بن حويرب للدراسات، بعنوان «ما لا نعرفه عن تاريخ اللغة العربية» شهدها لفيف من المثقفين والأدباء والمهتمين وأدارها الشاعر والإعلامي حسين درويش، حيث عَرّف بالمحاضر قائلاً إنه باحث وشاعر وإعلامي، ونائب رئيس جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة وأمينها العام منذ 2016، وله اهتمامات واسعة في البحث والتأليف ويقدم برنامجاً تلفزيونياً ناجحاً على قناة دبي بعنوان «الراوي».
وتناول بن حويرب خط مسند المتفرع عن الأبجدية الكنعانية.
وأضاف أن هناك مفردات عربية مازالت حاضرة منذ ألفي سنة ويمكن فهم ذات اللغة والمعنى وضرب المحاضر مثلاً بكلماته من اللغة الإنجليزية عمرها نحو 600 سنة لم يفهمها أحد، ومن تجربته الذاتية قال إنه سأل الذكاء الاصطناعي (أيُّ اللغات ستكون خالدة؟) كان الرد هو اللغة العربية، أي أن اللغة العربية مستمرة في معانيها وزادها القرآن الكريم في حضورها عبر الزمن باعتبارها لغة الدين الإسلامي.