على أكثر من نار، يجري تسخين طبخة الحل السياسي في ليبيا، وبينما تزدحم البلاد بالعديد من الأزمات الاقتصادية والسياسية والأمنية، تزدحم الأروقة بلقاءات، ثنائية وثلاثية وأحيانا أكثر من ذلك، تخرج منها إشارات توحي بأن الجميع يشعر بالحرج من انسداد الأفق السياسي في هذا البلد الذي ينتظر حلا شاملا يوحد ترابه وحكوماته كما هو شعبه.

تحضر أمريكا وبريطانيا وتركيا ومصر في المشهد السياسي الليبي، عبر مجموعة من اللقاءات، التي جرت مؤخرا، وعلى أجندة الجميع، محاولات معلنة لجمع العقد الليبي بقوى الأمر الواقع الخمسة الرئيسية، وبدء مرحلة جديدة عنوانها الرئيسي الوصول إلى الإنتخابات عبر بوابة حكومة متفق عليها من الجميع.

ولا تغيب الأمم المتحدة ومبعوثها عبد الله باتيلي عن المشهد، بل يبدو أن كل ما يجري هو من تدبير هذا الأخير، الذي دعا الأطراف الليبية الأساسية لاجتماع يتم فيه تداول الأمور الخلافية تمهيدا لحلها وفتح الباب أمام العملية السياسية المنتظرة، لكن وإن التقت الأقوال والتصريحات على مبدأ الجميع يريد الانتخابات، إلا أن مجريات الأمور لا تبدو مشجعة لحد الآن فكل يضع شروطه (حسب قول باتيلي) والترحيب لا يكفي بل لابد من السير خطوة باتجاه الآخر الشريك.

وهذه جردة سريعة لأبرز تطورات المشهد الليبي، سياسيا، خلال الأسابيع الأخيرة، وكلها تُوحي بأن هناك من يحرك الطبخة، لكن لا أحد يعلم على أي نار ستنضج، هل على نار المبعوث الدولي أم المبعوث الأمريكي أم السفير البريطاني أم التركي أم المصري.

المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند والقائم بالأعمال في السفارة الأمريكية لدى ليبيا جيرمي برنت، التقيا خليفة حفتر، في مدينة بنغازي، وتم بحث السبل لتعزيز العمل الحيوي الذي يقوم به الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بحسب السفارة الأمريكية والهدف حل المسائل السياسية التي تقف عائقا أمام الانتخابات وحكومة وطنية موحدة، وتوحيد الجيش الليبي.

وفي نفس اليوم استقبل النائبان بالمجلس الرئاسي موسى الكوني وعبد الله اللافي، بالعاصمة طرابلس، المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، والقائم بأعمال السفارة الأمريكية في ليبيا جيرمي برنت.

وكذلك الأمر، تم استعراض تفاصيل مبادرة المبعوث الأممي والمصالحة الوطنية وتضافر الجهود لإنجاح العملية السياسية، تمهيداً لإنجاز الاستحقاقات الانتخابية.

قبل هذا وذاك استضافت القاهرة اجتماعا ضم رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس مجلس النوّاب عقيلة صالح وخليفة حفتر.

ودون شك أكد الجميع، أهمية الجهود التي تقودها بعثة الأمم المتحدة وأهمية دعم الحل الليبي الليبي المتوازن لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة.

وقبل هذا وذاك، التقى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان، في أنقرة وتم التأكيد على ضرورة تشكيل حكومة جديدة مهمتها الإشراف على الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة.

وردا على كل ما سبق، وحتى لا يغيب أحد عن مهرجان اللقاءات عقد رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة والنائبين بالمجلس الرئاسي عبد الله اللافي وموسى الكوني ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، اجتماعا مطولا في طرابلس شددوا فيه على أن الحل في ليبيا يكمن في إيجاد قوانين انتخابية عادلة ونزيهة تعبر مباشرة لمرحلة الاستقرار بإنهاء المرحلة الانتقالية الحالية والرحيل المتزامن لكل الأجسام الحالية.

وطالب المجتمعون في بيانهم، جميع الأطراف بالترفع الكامل عن أي حساسيات ذات بعد جهوي أو فئوي، وعدم الرضوخ لسطوة السلاح والاستبداد، أو التورط في صفقات مشبوهة لغرض تشتيت الجهود المحلية المدعومة بتوافق دولي.

كل هذا الحراك السياسي واللقاءات تجري تحت سماء واحدة، لكن هل تتجه نحو نية واحدة، من حيث المنطوق، الكل أكد على الانتخابات، والكل عبر عن استعدادها للمشاركة فيها، لكن هل الكل مستعد لتسهيل مرور قانون الانتخابات الرئاسية البرلمانية الذي وضع العقدة في المنشار، هل سيقبل أحد أن يتم استبعاده، وهل يقبل أحد أن يكون كبش الفداء لليبيا، لأن خسارة منصب ومكسب وجاه، لا تقارن بخسارة وطن مهدد بالتقسيم، إذا استمر الجمود الحالي.

لنذهب إلى المبعوث الأممي، الذي بدا متفائلا جدا عندما قال “إن المناخ الوطني في ليبيا مهيأ الآن للتوصل إلى اتفاق سياسي جديد وإدارة جديدة لمستقبل أكثر إشراقاً للبلاد” وعندما يقول مهيأ فهذا يعني أنه واثق من مواقف جميع الأطراف.

لكن باتيلي نفسه يقول، أمام مجلس الأمن الدولي: “لا يجب السماح لمجموعة واحدة من المسؤولين الليبيين غير الراغبين في إجراء الانتخابات ممن يتمسكون بمقاعدهم بخذلان الشعب الليبي وتعريض المنطقة لخطر المزيد من الفوضى” هل هذا ينسجم مع الجو المهيأ وهل يرى باتيلي أن التخلي عن المقاعد أمرا هينا في هذه البقعة من الأرض التي تسمى ليبيا.

ومن مجلس النواب جاءت العصا الكبيرة لتوضع في العجلة، عندما أعلن في قرار رسمي، رفض مشاركة المجلس في أي حوار سياسي بمشاركة حكومة الوحدة الوطنية، ولا أحد يعلم كيف سيقنع المجلس البعيد عن طرابلس حكومة الدبيبة بالتنحي الآن بينما الجميع يبدو متحفزا حتى لا يخرج من مولد التشكيلات الجديد بلا (لحم أو أرز).

تبدو نهاية عام 2023 ساخنة سياسية، لكن الليبيين تعودوا خلال السنوات الماضية أن يتريثوا في الحكم، فالتصريحات الحارة والساخنة، يعقبها أحيانا صمت طويل وكأن شيئا لم يكن، وإذا كان ولابد من باب يفتح لحل الأزمة السياسية الليبية، فإن هذا الباب يجب أن يفتحه الليبون بمباركة دولية، أما أن يفتحه الخارج بمباركة ليبية، هنا لابد من السؤال، من هو الطرف الخارجي المتضرر من وضع ليبيا الحالي، ألم يحصل الجميع على حصصهم السياسية والاقتصادية والعسكرية، فلماذا يتنازلون عنها، هذا سؤال برسم جميع الهيئات الليبية التي تقول أنها تمثل الليبيين، ألم يحن الوقت ليرى المواطن الليبي نتاج ثورة قيل عنها أنها ثورة شعب لأجل دولة مؤسسات، ونختم بمثل شامي يقول “إذا كثر الطباخون احترقت الطبخة”.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: الأزمة الليبية الأمم المتحدة البعثة الأممية الحل السياسي انتخابات باتيلي فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

أيُّ أفق للانتخابات الرئاسية في ظل التأسيس الجديد؟

بإصداره أمرا يدعو فيه التونسيين إلى الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية يوم 6 تشرين الأول/ أكتوبر، أنهى الرئيس قيس سعيد الجدل القائم حول إمكانية عدم إجرائها. ولكنّ هذا المعطى الإجرائي الذي كان في السابق من مشمولات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات -باعتبارها الطرفَ المسؤول دستوريا عن تحديد رزنامة الانتخابات وليس السلطة التنفيذية- لا يُنهي الجدلَ حول المناخ السياسي العام الذي ستُجرى فيه الانتخابات، خاصةَ مع الاستهداف الممنهج -في قضايا تآمر على أمن الدولة أو قضايا فساد وحق عام- لأغلب الشخصيات التي أعلنت عزمها الترشح للانتخابات أو لتلك الشخصيات التي يمكن أن تكون منافسا جديا للرئيس في حال ترشحها.

بصرف النظر عن التنقيحات التي طالت القوانين الانتخابية في شكل مراسيم رئاسية (المرسوم عدد 55 لسنة 2022)، وبصرف النظر أيضا عن تعديل القرار الترتيبي عدد 18 لسنة 2014 حتى يتلاءم مع مع الشروط الجديدة المتعلقة بالانتخابات الرئاسية في الفصل 89 من دستور 2022، فإن للانتخابات الرئاسية رهانين أصليين يتوزعان بين السلطة الحالية وبين مجمل الشخصيات المعنية بالترشح، ويجعلان من إمكانية إجراء الانتخابات بصورة طبيعية أمرا مستبعدا.

فمن جهة السلطة، فإن إجراء الانتخابات يعني قبولها الاحتكام للإرادة الشعبية لتأكيد "التفويض الشعبي الأصلي" الذي حازته يوم 25 تموز/ يوليو 2021 لتصحيح المسار بمحاربة الفساد السياسي والاقتصادي، أما من جهة المعارضة فإنها ترى في الانتخابات فرصةً لتغيير نظام الحكم والقطع مع تصحيح المسار -ومع فلسفته السياسية الرافضة للديمقراطية التمثيلية وأجسامها الوسيطة- في إطار القانون وبمنطق التداول السلمي على السلطة.

إجراء الانتخابات يعني قبولها الاحتكام للإرادة الشعبية لتأكيد "التفويض الشعبي الأصلي" الذي حازته يوم 25 تموز/ يوليو 2021 لتصحيح المسار بمحاربة الفساد السياسي والاقتصادي، أما من جهة المعارضة فإنها ترى في الانتخابات فرصةً لتغيير نظام الحكم والقطع مع تصحيح المسار -ومع فلسفته السياسية الرافضة للديمقراطية التمثيلية وأجسامها الوسيطة- في إطار القانون وبمنطق التداول السلمي على السلطة
إن التعمق في هذين الرهانين يجعلنا نقف على تناقضات جذرية تجعل من إمكانية التعايش أو التنافس الطبيعي بينهما في ظل "تصحيح المسار" أمرا أقرب إلى المحال، ذلك أنهما يتحركان معا بمنطق التنافي أو النفي المتبادل. فالرئيس الذي لم يقبل بوجود "رجل ثان" في نظامه ولم يعين ناطقا رسميا باسم رئاسة الجمهورية، ولم يجد من يستحق أن يكون مدير ديوانه بعد إقالة السيدة نادية عكاشة، لا يمكن أن يقبل بوجود منافس من خارج مشروعه. ولا يبدو أن منطق "الأمانة" و"التفويض الأصلي" و"الوعي المهدوي" وغير ذلك من المفاهيم التي تحكم خطابه السياسي؛ ستجعله يرى في مشروعه مجرد عرض من العروض الممكنة (أي غير الضرورية) في سوق الأفكار السياسية. أما من ينافسونه من مواقع مختلفة، فإنهم حتى عندما لا يعلنون نيتهم محاسبة النظام الحالي ومساءلة رموزه أو العودة إلى ما قبل 25 تموز/ يوليو 2021، فإنهم لا يُخفون تمايزهم عن الفلسفة السياسية للرئيس ورغبتهم في إنهاء فاصلة "تصحيح المسار" بسبب فشله السياسي والاقتصادي.

رغم إعلان "تصحيح المسار" أنه يكتسب شرعيته من تمثيل الإرادة الشعبية بصورة تقبل الضبط الإحصائي -أي بصورة يمكن التأكد منها بمنطق الأرقام- ورغم أنّ هذا المعطى كان حقيقيا في المرحلة الأولى التي أعقبت إعلان "حالة الاستثناء" (أي مع تحويل الاستثناء إلى مرحلة انتقالية للتأسيس الجديد، خاصة بعد صدور الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021)، فإنه لم يتراجع عن خارطة طريقه ولم يُعدّلها بناء على تغير اتجاهات المزاج الشعبي في كل المناسبات التي عبر فيها عن نفسه (الاستشارة الوطنية حول التعليم، الاستفتاء حول تغيير الدستور، الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجلس الأقاليم والجهات). فنسبة المشاركة المتدنية والعزوف الشعبي -بما يعنيه ذلك من عدم اقتناع أو رفض- لم تكن بالنسبة لرأس النظام إلا فرصة لتعميق الانقسام الاجتماعي وشيطنة خصومه لا محاورتهم.

ونحن هنا أمام منطق سياسي جديد لا يؤسس شرعيته على الأغلبية الشعبية (صناديق الاقتراع)، بل على "الأقليّة الصادقة" (الايمان بمشروع الرئيس). ولا شك عندنا في البنية الدينية العميقة لهذا الخطاب السياسي، ولكنها بنية دينية مهجّنة بحكم جمعها بين وعي "المهدي" أو "المجدّد" في المخيال الإسلامي (سفينة النجاة أو حبل الله الممدود بين الأرض والسماء)، وبين وعي "القائد الأممي" أو "الثوري" في المرجعية اليسارية، باعتبار "المجالسية" أو الديمقراطية المباشرة أحد تفريعات المدرسة الماركسية. فخصوصية الرئيس -أي مركز قوته/ ضعفه في الآن نفسه، وسبب صعوبة تصنيفه بالمعايير الحديثة في التصنيف السياسي تكمن أساسا في جمعه بين مرجعيتين مختلفتين وقدرته -إلى حد الآن- على إدارة التناقضات النظرية بينهما.

لو أردنا التعمق أكثر في رهانات الانتخابات الرئاسية، فإننا نرى أنها تطرح قضية "الصوابية السياسية" (Political correctness) لكن مع إجراء بعض التعديلات التي يفرضها السياق المحلي على معاني هذا المفهوم في سياقاته التداولية الأصلية. فإذا كانت الصوابية السياسية تعني في الأصل "اللغة أو السياسات أو الإجراءات التي تهدف إلى تجنب الإساءة أو الحرمان لأفراد مجموعات معينة في المجتمع"، فإن "تصحيح المسار" قد أعاد هندسة هذا المفهوم لكن دون القطع مع أصوله فيما يسمى بعد 25 تموز/ يوليو 2021 بـ"العشرية السوداء". ذلك أن الجملة التي كانت تعتبر صائبة سياسيا عند أغلب النخب "الديمقراطية" (رغم أنها تستهدف جزءا معتبرا من المواطنين على أساس الهوية) هي تلك الجملة التي تشيطن حركة النهضة أو تدعو إلى إقصائها من مركز الحقل السياسي بتعديل الدستور أو حتى بالانقلاب عليه. كما أن الصوابية السياسية كانت مرتبطة بالتطبيع مع ورثة المنظومة القديمة وتضخيم القضايا الهوياتية، والتقاطع الموضوعي مع محور الثورات المضادة.

واقعيا، لم يكن تصحيح المسار إلا دفعا بتلك "الصوابية السياسية" إلى نهاياتها المنطقية غير المقصودة أو غير المتوقعة عند أصحابها. فالرئيس جعل الصواب سياسيا هو إنهاء الحاجة إلى الديمقراطية التمثيلية كلها؛ بديمقراطيتها التمثيلية ونظامها البرلماني المعدّل ودستورها ونظامها الانتخابي وأجسامها الوسيطة (بما فيها تلك الأحزاب والمنظمات النقابية والمدنية والهيئات الدستورية وغير الدستورية التي ساندته بحكم محدودية قدراتها الاستشرافية وحساباتها الانتهازية الضيقة). ولذلك فإن ما يفعله الرئيس من تضييق على معارضيه أو من بحث عن توفير أفضل شروط للفوز بالانتخابات هو أمر منطقي وذو "صوابية سياسية" حين نحتكم إلى الفلسفة السياسية لتصحيح المسار، بل حين نحتكم إلى التاريخ السياسي الانتهازي وغير المبدئي للأغلب الأعم من منافسيه المحتملين.

إن الإشكال الأعظم الذي يواجه منافسي الرئيس هو أنهم يتحركون بمنطق متناقض ذاتيا: نقد المقدمات والقبول بالنتائج. وقد يعترض علينا معترض بأن ترشحهم هو أمر يرتبط بـ"الواقعية السياسية" التي خفّضت سقف تحركاتهم من إسقاط النظام بالمنطق الاحتجاجي إلى محاولة تغييره عبر العملية الانتخابية (أي من داخل النظام وبشروطه). ولكنّ هذا الاعتراض مردود لسببين: السبب الأول هو أن المشاركة تعني الاعتراف بشرعية هذا النظام، كما تعني الاعتراف ضمنيا بتوفر شروط المنافسة النزيهة على الأقل في حدها الأدنى، وهو ما يجعل من أي اعتراض على النتائج أو تشكيك فيها من قبيل اللغو السياسي؛ ثانيا، إن العجز عن تقديم مرشح جامع لكل أطياف المعارضة هو أمر لا يرتبط بالتضييقات التي يسلّطها النظام على معارضيه أو على الشخصيات التي أعلنت عزمها الترشح. فأزمة المعارضة مردودة أساسا إلى الانقسامات الداخلية بين أطيافها الأساسية، وهي انقسامات تجعل من أغلب المترشحين (حتى لو قبلتهم هيئة الانتخابات، بل حتى لو جرت الانتخابات في ظل الشفافية وتحت رقابة قبة محلية ودولية نزيهة) غير قادرين على استمالة الناخبين بصورة جدية قد تهدد حظوظ الرئيس في الفوز.

في ظل التوازنات السياسية الحالية، يبدو أن الرئيس قيس سعيد يتجه إلى الفوز بعهدة رئاسية ثانية. ورغم أن الانتخابات ستجرى في ظل منطق "التفويض" أو "الوكالة" التي لا تقبل السحب (بحكم طبيعة المشروع السياسي للرئيس)، فإن المترشحين لمنافسة الرئيس لم يستوعبوا بعدُ هذا الأمر
في ظل التوازنات السياسية الحالية، يبدو أن الرئيس قيس سعيد يتجه إلى الفوز بعهدة رئاسية ثانية. ورغم أن الانتخابات ستجرى في ظل منطق "التفويض" أو "الوكالة" التي لا تقبل السحب (بحكم طبيعة المشروع السياسي للرئيس)، فإن المترشحين لمنافسة الرئيس لم يستوعبوا بعدُ هذا الأمر. ولذلك فإننا لسنا أمام "واقعية سياسية" بل أمام مغامرات سياسية لا يبدو أن أصحابها محكومين بمنطق الواقع بقدر ما هم محكومون بمنطق الرغبة. فكيف يمكن أن يتصور هؤلاء تخلي الرئيس عن "أمانته" أو عن "رسالته" أو عن "التفويض الأصلي" والقبول بأن يتنازل عن السلطة لأطراف هم عنده -بلا استثناء- من المتآمرين أو الفاسدين أو الطامعين في امتيازات الحكم؟ وكيف يمكن لمن يعتبر نفسه صاحب فكر سياسي كوني جديد أن يسمح لأصحاب الأفكار السياسية البالية (أي من يتحركون بمنطق الديمقراطية التمثيلية) بالعودة إلى مركز الحقل السياسي بعد أن انتهت الحاجة إلى أحزابهم وأفكارهم في زمن "الديمقراطية المباشرة"؟ بل كيف يمكن لشخصيات لا مشروع لها إلا العودة إلى ما قبل 25 تموز/ يوليو 2021 أن يطمعوا في الحصول على دعم شعبي واسع؛ والحال أن أغلبهم كان مساهما في إفشال الانتقال الديمقراطي وشيطنة الأحزاب والبرلمان ورفض التعددية وتسفيه الإرادة الشعبية وتغذية صراع الهويات وما صاحبها من عنف رمزي ومادي؟

إنها أسئلة قد لا تكون الإجابة عنها من أولويات المترشحين المحتملين لمنافسة "المترشح" قيس سعيد، ولكنهم سيرون الجواب عيانا بعد صدور نتائج الانتخابات الرئاسية، وكل آت قريب.

x.com/adel_arabi21

مقالات مشابهة

  • الحداد: السيطرة الأمريكية على المشهد الليبي لن تؤدي لاستقرار البلاد
  • أيُّ أفق للانتخابات الرئاسية في ظل التأسيس الجديد؟
  • التكبالي: ما حدث في منفذ رأس اجدير يؤكد عدم امكانية إجراء أي انتخابات في أمد قريب
  • «النواب الليبي» يدعو لحكومة موحدة تشرف على الانتخابات
  • عقيلة صالح يدعو لتشكيل حكومة موحدة للإشراف على الانتخابات وحل الأزمة الليبية
  • “الحويج” يشدد على عقد الصالون السياسي في مدن الجنوب الليبي
  • دلالات زيارة الدبيبة إلى مصر بعد قطيعة استمرت 3 سنوات.. هل يلتقي السيسي؟
  • «عقيلة صالح» يبحث مع «خوري» سبل إنهاء الأزمة في البلاد
  • دلالات زيارة الدبيبة إلى مصر بعد قطيعة دامت ٣ سنوات.. هل يلتقي السيسي؟
  • هذه هي أبعاد مهمة المبعوث الأميركي في فرنسا