WP: هل دمرت إسرائيل غزة بعد عجزها عن تدمير حماس؟
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، مقالا، للصحفي، إيشان ثارور، قال فيه: "إن الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتزوغ، تمسك بموقفه في خضم الضغوط المتزايدة على إسرائيل من حلفائها الغربيين، لحثها على كبح حملتها ضد حماس".
وقال خلال مقابلة أجريت معه، الثلاثاء، عن طريق "أتلانتك كاونسل"، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن: "إننا نعتزم السيطرة على قطاع غزة بأكمله، وتغيير مسار التاريخ”.
وتابع هرتزوغ، بأن "الصراع الحالي، هو صراع بين مجموعة من القيم الحضارية"، ووصف حركة حماس التي نفذت عملية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بأنها "قوة الشر".
قبل اندلاع الحرب، كان يُنظر إلى هرتسوغ على نطاق واسع على أنه أكثر ومعقولية في نظر مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن، من رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني، بنيامين نتنياهو. ولكن منذ عملية "طوفان الأقصى"، اتخذ هو والعديد من المسؤولين الإسرائيليين الآخرين موقفا متشددا، فسخروا من الانتقادات العالمية للقَصف الإسرائيلي لغزة، في حين رفضوا الحديث عن وقف إطلاق النار لإنقاذ حياة الفلسطينيين وتخفيف الأزمة الإنسانية البشعة.
ومن المتوقع إجراء تصويت آخر، حول هذه المسألة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الأربعاء، حيث ظل الدبلوماسيون متجادلين حتى ساعات متأخرة من يوم الثلاثاء بشأن قرار لن يؤدي إلى استخدام الولايات المتحدة لحق النقض.
مع ذلك، بدت إدارة بايدن، باعتبارها داعما قويا لإسرائيل، مستعدة للإشارة إلى استيائها من ارتفاع حصيلة الشهداء الفلسطينيين، الذين يقتربون من 20 ألف شخصا؛ على الرغم من أنها، وفقا لكارين دي يونج، بـ"واشنطن بوست"، كانت تضغط على إسرائيل، للصياغة التي تدعو إلى "وقف الأعمال العدائية" بدلا من وقف إطلاق النار.
وبشكل منفصل، قد يكون هناك توقف محتمل، لمدة أسبوع واحد، في المستقبل القريب إذا وافقت حماس إطلاق سراح حوالي ثلاثين أسيرا، ما زالوا محتجزين في غزة. لكن المسؤولين الإسرائيليين كانوا واضحين في أنهم مستعدون لحرب طويلة.
وقال هرتسوغ، وهو الماهر في التحدث إلى المسؤولين ومجموعات الضغط في واشنطن، إن "إسرائيل لن تتسامح بعد الآن مع كون غزة منصة لإيران"، وذلك في إشارة إلى الداعمين الأجانب الرئيسيين لحماس.
"حماس راسخة"
وحتى بعد شن واحدة من الحملات العسكرية الأكثر عنفا وكثافة في التاريخ الحديث، لم تتمكن إسرائيل من تحييد سوى جزء صغير من القوة المسلحة لحركة حماس. وفي هذه العملية، دمرت إسرائيل الأراضي المحاصرة التي تسيطر عليها حماس، وشرّدت ما يقرب من 90 في المئة من السكان، وسوّت أحياء بأكملها بالأرض، وأثارت كارثة إنسانية كبيرة، ووجدت نفسها تتأرجح في معركة خاسرة لكسب الرأي العام العالمي.
وأكدت الصحيفة الأمريكية، على أن "مستشفيات غزة في حالة انهيار، والقليل منها فقط قادر على العمل؛ والمرض والجوع يطاردان المنطقة، حيث فشلت أنظمة الصرف الصحي. هناك القليل من الكهرباء، وتقريبا لا يوجد غاز للطهي".
وتحدث مراسلو الصحيفة، مع الفلسطينيين الذين يقضون ساعات كل يوم في بحث يائس عن الطعام والماء. وقال خليل طافش، وهو أب: "لقد أذلتنا هذه الحرب. في نهاية المطاف، نريد فقط أن نعيش، الأطفال يريدون فقط أن يأكلوا ويشربوا؛ كوالد، ستفعل كل ما في وسعك لتوفير الطعام لأطفالك".
وتتفاقم المخاوف بشأن الوضع الراهن المشتعل، إذ تم تسوية جزء كبير من شمال غزة، الذي كان ذات يوم مكتظا بالسكان، بالأرض، وأصبح الجزء الأكبر من سكان القطاع محشورين في أماكن إقامة مؤقتة بالقرب من معبر رفح الحدودي الجنوبي مع مصر.
وأصبح احتمال نزوح اللاجئين أكثر واقعية، وهو التهجير الذي قد ينظر إليه الكثيرون في المنطقة على أنه لحظة مأساوية أخرى من لحظات سلب الفلسطينيين ممتلكاتهم، وهي صدمة من شأنها أن تزيد من تعكير صفو السياسة في الشرق الأوسط ومن المرجح أن تقوض تقارب إسرائيل مع بعض جيرانها العرب.
وقال دبلوماسي مصري كبير سابق، لكلير باركر: "سواء حدث هذا [تدفق اللاجئين] نتيجة لاستراتيجية عسكرية إسرائيلية متعمدة أو بسبب الظروف... فقد يكون هذا تمييزا لا يُحدث فرقا".
وفي الوقت نفسه، لم تُهزم حماس، رغم إصابتها بالرضوض. فيما تسعى إسرائيل إلى قطع رأس قيادتها العسكرية والقضاء على جزء كبير من قدراتها العسكرية. لقد أثبتت الحملة المستمرة أنها صعبة، بغض النظر عن قدرات إسرائيل ومواردها المتفوقة.
وحتى تحقيق انتصار شبه كامل في ساحة المعركة لن يقضي على الجماعة التي لها جذور في المجتمع الفلسطيني وتضع نفسها كحامل لواء المقاومة لعقود من الاحتلال الإسرائيلي والاستيلاء على الأراضي.
وقال مايكل ميلشتين، من مركز موشيه ديان بجامعة تل أبيب، لصحيفة "الغارديان": "أود أن أسميه كيانا مرنا للغاية يجمع بين الحزب الحاكم المميز ومنظمة سرية وصندوق خيري؛ إنه ليس شيئا إذا تمكنت من قتل القائد الأعلى فسيتم تقويض الهيكل بأكمله".
لكن إسرائيل، في هذه العملية، سحقت أكثر من ذلك بكثير. وقال أستاذ الدراسات الإسرائيلية في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، دوف واكسمان: "بدلا من تدمير حماس، ستدمر هذه الحرب غزة وتجعلها غير صالحة للسكن إلى حد كبير، كما يمكننا أن نرى بالفعل في شمال غزة. وهذا سوف يغذي المزيد من التشدد بين الفلسطينيين والمزيد من الدعم للمقاومة المسلحة".
ويتأكد هذا الشعور من خلال اللغة التي وصفت بـ"المخيفة" الصادرة عن العديد من الأصوات البارزة في المؤسسة السياسية الإسرائيلية، بما في ذلك نتنياهو، الذي ناقش "تقليص" عدد سكان غزة. ويوضح مؤرخ الشرق الأوسط، جان بيير فيليو، أن خطابه يوضح أن وراء "رغبة إسرائيل المعلنة في الانتقام تكمن الرغبة في القضاء ليس على حماس فحسب، بل على قطاع غزة".
ويقول بعض السياسيين الإسرائيليين ذلك بصراحة: "قطاع غزة بأكمله يجب أن يكون خاليا ومدمرا، تماما كما حدث في أوشفيتز. فلتكن متحفا للعالم أجمع ليرى ما تستطيع إسرائيل أن تفعله"، هذا ما أعلنه مؤخرا ديفيد أزولاي، رئيس بلدية ميتولا، المدينة الواقعة في أقصى شمال إسرائيل، "لا يجوز لأحد أن يقيم في قطاع غزة ليراها العالم أجمع، لأن السابع من تشرين الأول/ أكتوبر كان بطريقة ما محرقة ثانية".
ورد المتحف الرسمي على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلا إن "تصريحات رئيس البلدية الإسرائيلي قد تبدو بمثابة دعوة للقتل على نطاق مشابه لمعسكر أوشفيتز".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية حماس غزة الفلسطينيين فلسطين حماس غزة صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
الجيش الإسرائيلي يسوي رفح بالأرض
القاهرة - رويترز
قال سكان إن الجيش الإسرائيلي يسوي بالأرض ما تبقى من أنقاض مدينة رفح جنوب قطاع غزة فيما يخشون أن يكون جزءا من خطة لمحاصرة الفلسطينيين في معسكر ضخم على الأرض القاحلة.
ولم تدخل أي إمدادات غذائية أو طبية إلى سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة منذ ما يقرب من شهرين حين فرضت إسرائيل ما أصبح منذ ذلك الحين أطول حصار شامل لها على الإطلاق على القطاع، في أعقاب انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الذي استمر ستة أسابيع.
واستأنفت إسرائيل حملتها العسكرية في منتصف مارس آذار، واستولت منذ ذلك الحين على مساحات واسعة من الأراضي وأمرت السكان بإخلاء ما تطلق عليها "مناطق عازلة" حول أطراف غزة، بما في ذلك مدينة رفح بأكملها والتي تشكل نحو 20 بالمئة من مساحة القطاع.
وذكرت هيئة البث العامة الإسرائيلية (كان) يوم السبت أن الجيش بصدد إنشاء "منطقة إنسانية" جديدة في رفح حيث سيتم نقل المدنيين بعد إجراء تفتيش أمني لمنع مقاتلي حماس من دخولها. وستتولى شركات خاصة توزيع المساعدات.
لم يعلق الجيش الإسرائيلي على التقرير بعد، ولم يستجب حتى الآن لطلب رويترز للتعقيب.
وقال سكان إن دوي انفجارات هائلة يُسمع الآن بلا انقطاع من المنطقة المدمرة التي كان يقطنها سابقا 300 ألف نسمة.
وقال تامر، وهو من سكان مدينة غزة نزح إلى دير البلح شمالا لرويترز عبر رسالة نصية "الانفجارات ما بتتوقفش لا نهار ولا ليل، كل ما الأرض تهز بتعرف أنهم بينسفوا بيوتا في رفح، رفح انمسحت".
وأضاف أنه يتلقى مكالمات هاتفية من أصدقاء في مصر على الحدود مع قطاع غزة، حيث لم يتمكن أطفالهم من النوم بسبب الانفجارات.
وقال أبو محمد، وهو نازح آخر في غزة، لرويترز عبر رسالة نصية "إحنا الخوف عنا إنه يجبرونا ننزح هناك ويسكروا علينا زي القفص أو معسكر نزوح كبير معزولين عن العالم".
وتقول إسرائيل، التي تفرض حصارا مطبقا على غزة منذ الثاني من مارس آذار، إن إمدادات كافية وصلت إلى القطاع خلال فترة وقف إطلاق النار التي استمرت ستة أسابيع، ومن ثم فإنها لا تعتقد أن السكان في خطر. وتؤكد أنها لا يمكنها السماح بدخول الغذاء أو الدواء خشية أن يستغلها مقاتلو حماس.
وتقول وكالات الأمم المتحدة إن سكان غزة على شفا تفش واسع للمجاعة والمرض، وأن الظروف الآن في أسوأ حالاتها منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 عندما هاجم مقاتلو حماس تجمعات سكنية إسرائيلية.
وأعلن مسؤولو الصحة في غزة اليوم الاثنين مقتل 23 شخصا على الأقل في أحدث الضربات الإسرائيلية على القطاع.
وقُتل ما لا يقل عن عشرة أشخاص بينهم أطفال في غارة جوية إسرائيلية على منزل في جباليا شمال القطاع، إلى جانب ستة آخرين في غارة جوية على مقهى بجنوب القطاع. وأظهرت لقطات متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي بعض الضحايا مصابين بجروح خطيرة حول طاولة بالمقهى.
* يأكلون العشب والسلاحف
لم تفلح المحادثات التي توسطت فيها قطر ومصر حتى الآن في تمديد اتفاق وقف إطلاق النار الذي أطلقت حماس خلاله سراح 38 رهينة فيما أفرجت إسرائيل عن مئات المعتقلين.
ولا يزال 59 رهينة إسرائيليا محتجزين في غزة ويُعتقد أن أقل من نصفهم على قيد الحياة. وتقول حماس إنها لن تفرج عنهم إلا في إطار اتفاق ينهي الحرب بينما تقول إسرائيل إنها لن توافق إلا على هدن مؤقتة ما لم يتم نزع سلاح حماس بالكامل، وهو ما يرفضه مقاتلو الحركة.
وفي الدوحة، قال رئيس الوزراء القطري أمس السبت إن الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف إطلاق نار جديد في غزة أحرزت بعض التقدم.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي يوم الجمعة نفاد مخزوناته الغذائية في غزة بعد أطول حصار يفرض على القطاع على الإطلاق.
وجاب بعض السكان الشوارع بحثا عن الأعشاب التي تنمو طبيعيا على الأرض، بينما جمع آخرون أوراق الأشجار اليابسة. وفي ظل اليأس، لجأ صيادون إلى صيد السلاحف وسلخها وبيع لحومها.
وقالت امرأة من مدينة غزة لرويترز طالبة عدم نشر اسمها خشية الانتقام "المرة الماضية رحت على الدكتور قال لي عندك حصاوي في الكلى ولازم عملية جراحية بتكلف حوالي 300 دولار، أنا أحسن لي آخد مسكنات وأخلي المصاري لأولادي أطعميهم فيهم".
وأضافت "باختصار الوضع في غزة لا أكل ولا غاز للطبخ ولا طحين ولا حياة".
واندلعت حرب غزة بعد هجوم قادته حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 على إسرائيل، والذي أسفر حسبما تشير الإحصاءات الإسرائيلية عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة. ويقول مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن الحملة العسكرية الإسرائيلية على القطاع منذ ذلك الحين أدت إلى مقتل أكثر من 51400 فلسطيني.