يتحرك ڤيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، داخل الاتحاد الأوربى الذى يضم ٢٧ دولة بينها المجر نفسها، بينما لسان حاله يقول: خالف تُعرف.. أو شيء من هذا القبيل.
آخر المرات التى فعل فيها ذلك، كانت يوم الجمعة ١٥ من هذا الشهر ، عندما دعا الاتحاد إلى اجتماع فى مقره فى بروكسل، وكان البند الأهم فى اجتماعه هو دعم أوكرانيا فى مواجهة روسيا، وكان الدعم المقرر خمسين مليار يورو على أربع سنوات.
وحين التأم الاجتماع فى العاصمة البلجيكية، وافقت الدول الأعضاء جميعها على ما هو مقرر من دعم أوروبى للأوكرانيين فى حربهم مع الروس، إلا المجر،التى رفع رئيس وزرائها يده محتجًا ومعترضًا، ولأنه بادر إلى هذا الموقف، فإن الاجتماع فشل فيما كان قد جاء ليحسمه، وتقررت الدعوة إلى اجتماع آخر للهدف نفسه فى أول السنة المقبلة.
نعرف بالطبع أن المجر دولة أوربية شرقية، وأنها كانت تدور من قبل فى الفلك السوڤييتي، وأنها كانت عضوًا فى حلف وارسو الاشتراكى، الذى كان ينافس حلف شمال الأطلنطى الرأسمالي، وأنها انضمت إلى الاتحاد الأوروبى فى مرحلة ما بعد انهيار الاتحاد السوڤييتى السابق، وأنها صارت من وقتها عضوًا مكتمل الأركان فى الاتحاد الذى يجمع الأوربيين ويحمى مصالحهم.
ولكن السؤال هو: هل اتخذت المجر هذا الموقف عن هوى لديها تجاه الروس من أيام دورانها فى الفلك السوڤييتي، أم أن هذا الموقف وراءه مصلحة مجرية مجردة، وأن الحكاية لا علاقة بينها وبين الهوى الروسى القديم؟
رئيس وزرائها لم يشأ أن يخفى حقيقة دوافعه إلى موقفه من الدعم الأوروبى لأوكرانيا، وقال صراحةً إن صندوق الإنعاش الأوروبى كان قد وعد بلاده بدعم قيمته ثلاثون مليار يورو، وإن ثلث الرقم بالكاد هو ما وصل المجر، وإنه لا يزال ينتظر بقية الدعم، وإن قيادة الاتحاد فى بروكسل تتباطأ فى الموضوع، وإن هذا سر موقفه فى ملف أوكرانيا.
هذا طبعًا صحيح، ولكن السؤال الآخر هو كالآتي: لماذا يتأخر الاتحاد الأوروبى أصلًا فى دعم المجريين، وهل يتأخر لسبب أم لغير سبب؟
أما السبب فهو موجود وتعرفه الدنيا كلها، لأن المجر هى الدولة الأوربية الوحيدة التى لم تأخذ بالعقوبات التى فرضها الأوروبيون على روسيا، بعد أن أطلق الرئيس الروسى عمليته العسكرية فى أوكرنيا فبراير قبل الماضى.. وهذا يدل فى حد ذاته على أن المجريين لا يزالون يحنون الى أيام أن كانوا مع روسيا تحت مظلة الاتحاد السوڤييتى السابق!
المجر دولة هواها فيما يبدو روسي، حتى ولو راحت تتخفى وراء حكاية الدعم الذى لم يصلها بعد من بروكسل!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: خط احمر ك ڤيكتور أوربان
إقرأ أيضاً:
هناك فرق كبير بين السودان وإسرائيل.. السودان زمن الإنقاذ كان “دولة مارقة”
قد يقارن البعض قرار المحكمة الجنائية ضد نتياهو بقرارها ضد البشير وأنه رغم ضعف النظام والسودان ككل إلا أن قرار الجنائية ضد البشير لا تأثير له.
ولكن هناك فرق كبير بين السودان وإسرائيل. السودان زمن الإنقاذ كان “دولة مارقة”، و عندما صدرت المذكرة ضد البشير لم يكن لدى النظام أي ارتباط بالغرب أساسا لا بأوروبا ولا أمريكا. النظام نفسه كان معاديا للغرب من البداية.
بالنسبة لإسرائيل الوضع مختلف. فهي بشكل ما تستمد وجودها كله من الغرب، وارتباطها بأوروبا ارتباط حيوي ومهم بالنسبة لها ولوجودها. وهي كانت دائما تقدم نفسها في الغرب وأمام كل العالم كضحية وأنها محاصرة بأعداء همج وبرابرة وأنها واحة الديمقراطية والتقدم في المنطقة. هذه الصورة التي تقدم بها إسرائيل نفسها للعالم تتغير الآن وبشكل درامي.
البشير لم يخسر الكثير عندما لم يعد قادرا إلى السفر إلى فرنسا مثلا أو هولندا، وذلك لا يعني له شيء. بالنسبة لنتياهو الأمر مختلف تماما.
النقطة الأخرى والأهم أن هذه مجرد البداية. قد نرى غدا قادة إسرائيل الآخرين مطاردين في المحاكم في أوروبا وفي غيرها وما أكثر جرائمهم. وربما أصبحوا، لسخرية القدر، مثل ضباط هتلر النازيين الذين طاردتهم إسرائيل نفسها. أنت تتكلم هنا عن جرائم حرب مستمرة لعشرات السنوات في فلسطين وأيضا في لبنان، مجازر عديدة مثل صبرا وشاتيلا قد ينفض الغبار عنها وتتم مطاردة المتورطين فيها.
بكل المقاييس حدث اليوم هو حدث تاريخي.
حليم عباس