لجريدة عمان:
2025-03-16@19:01:06 GMT

ماذا نريد من عضو مجلس الشورى في فترته العاشرة ؟

تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT

مع الفترة التي بدأت نوفمبر الماضي لهذا العام ، يكون مجلس الشورى العماني، قد تخطى ثلاثة عقود منذ تأسيسه عام 1990، لكن هذه الفترة في عهد جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله- وهي المرحلة المتجددة واستكمال البناء والتطور لـ عُمان، في ظل التحولات والتطورات التي يشهدها العالم، لذلك لا بد لها من فكر ورؤى جديدة تتناسب مع هذه الظروف والتطورات برؤية ثاقبة وواعية، وهو ما حدده جلالته في خطاباته الماضية في مناسبات عديدة، كما أن اهتمام جلالته -حفظه الله- بمجلس عُمان بغرفتيه (مجلس الدولة ومجلس الشورى)، وهو الذي نتلمسه في خطاب جلالته، في افتتاح دور الانعقاد السّنوي الأول للدورة الثامنة للمجلس في 14 نوفمبر 2023، إذ أكد جلالته: «أنَّ مجلسَ عُمَانَ لَشَرِيكٌ أسَاسِيٌّ في مَنْظُومِةِ الدَّوْلَةِ، وهذهِ الشَّرَاكَةُ تُلْقِي عليكمْ مَسْؤُولَيةً كَبيرةً، فكونوا على قدْرِ المسؤوليةِ، واضِعينَ مَصْلَحَةَ البلادِ نُصبَ أعينِكم، مسترشِدِينَ في ذلك بمبادئِ النظامِ الأساسيِّ للدولةِ وبالقوانينِ المُنظِّمَةِ لعملِكُم، وما أتاحَهُ لكمْ قانونُ مجلسِ عُمانَ مِن صلاحياتٍ، وإننا إذْ أوْلَيْنَاكم ثِقَتَنَا؛ لَنَأمَلُ أنْ يكونَ لأعْمَالِكُم إسهامٌ بارزٌ في إثراءِ التطورِ والنّماءِ لمسيرةِ النهضةِ الظافرةِ».

ولا شك أن الشراكة مسؤولية وأمانة، لا بد من تأديتها بكل إخلاص وتفان، ويضع العضو المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات، وهذه تتطلب أن يكون عضو مجلس الشورى، شديد الحرص على التفاني في تقديم ما يسهم في رقي الوطن وتقدمه، وإعطاء الأفكار بما يعزز هذا التوجه، والاسترشاد بكل الآراء النافعة، حتى ولو خالفت ما تطرحه المؤسسات الرسمية من مشروعات وأفكار تستهدف مصلحة الوطن، وهذه أيضا مسؤولية مشتركة، كما أشار جلالته في هذا الخطاب، الذي يؤكد دور الشريك في هذه المسؤولية، ويؤكد هذا المسار في اهتمام نظامنا السياسي، بالقياس إلى ظاهرة التدخل في سير نظام الانتخابات في الكثير من دول العالم الراهن، فإن بلادنا ـ بحمد الله ـ قد مرت بما يزيد على ثلاثة عقود، ولم نقرأ أو نسمع أي شكاوى من أي تدخلات في سير الانتخابات ونتائجها، وهذه ميزة نسعد بها أن بلادنا تسير السير السليم في قضية الشفافية في الانتخابات، وإعلانها أولا بأول، دون أن نسمع حتى الهمس في نتائجها ممن يتابع هذه النتائج سواء في الداخل أو الخارج، وهذا رصيد يعزز النزاهة، التي تتم بالإشراف القضائي الكامل.

والملاحظة الجديرة بالتأمل هي عندما نقارن بين دعوة الشراكة بين الحكومة وأعضاء مجلس الشورى، وبين الشفافية والنزاهة في سير الانتخابات، وهذا التلازم بين المسارين، يبرز أن الدولة لا تريد أن يكون عضو الشورى مجاملا في مصلحة الوطن، ولا سلبيا في طرح الكلمة الصادقة الجادة التي تتقدم على كل المصالح الأخرى، لذلك فإن الكرة في ملعب عضو مجلس الشورى، وعليه أن يكون فاعلا ومتابعا لكل التطورات التي تتحرك فيها الدولة في مجال التنمية وغيرها، وعندما تكون هناك جلسة من الجلسات، من خلال بيانات أصحاب المعالي الوزراء، يفترض على العضو أن يكون قد اطلع بشكل مستوفٍ على ما يريد تقديمه من مقترحات، سواء من خلال اطلاعه على البيان الذي طرحه بالمجلس، أو من خلال ما اطلع عليه من ملاحظات، تستحق أن تكون مدار مناقشة مع المسؤول المعني، وهذه مسؤولية عليه أن يؤديها بكل اهتمام ومعرفة تامة، وهذا يتطلب من العضو أن يضع نفسه، في موقع المسؤولية والمحاسبة لو قصّر في أداء واجب الشريك تجاه الشريك المقابل.

كما أن هناك العديد من الأدوات البرلمانية ـ وقد أشرنا لها في مقالات سابقة ـ وهذه مهمة وضرورية لاستخدامها عندما تطرأ قضية تستلزم، استخدام هذه الأدوات (الصلاحيات)، والتي يطرحها العضو عندما يراها جديرة بالطرح، وهي: البيان العاجل.. طلب الإحاطة.. السؤال البرلماني.. إبداء الرغبة في طرح مسألة للنقاش.. لجنة تقصي الحقائق.. طلب المناقشة من خمسة أعضاء.. الاستجواب من خمسة عشر عضوا.. مناقشة البيانات الحكومية، ومنها بعض الدورات الماضية ـ كما سمعنا ـ أن بعض الجلسات التي جرى فيها التصويت، أن العشرات من أصحاب السعادة الأعضاء غابوا عن هذه الجلسات ! وهذه للأسف مواقف سلبية، ويخالف ما هو واجب وضروري لطرح الأفكار الجديرة بالمناقشة، خاصة أن بعض هذه القضايا تهم قضايا عامة، ويحتاج لها الوطن، أما الغياب والتهرب من الاستحقاق البرلماني الممنوح للعضو، فهذا أمر محيّر!! فهل السبب في هذا، أن هذا العضو لا تهمه قضايا الوطن المطروحة للتصويت؟ أو هو مجرد عضو جاء بتزكية لغرض ما في ترشيح نفسه لعضوية المجلس؟ هذه الاحتمالات قالها البعض، عندما عرف عن خروج البعض إلى قاعات الاستراحة بالمجلس عند التصويت، أو تغّيب تلك الليلة عن الجلسة! والغياب أيضا ملاحظ كثيرا وفق ما نسمع، وهذا يحتاج إلى لوائح ضابطة، يتم تقديرها بهدف وقف مثل هذه الممارسات التي هي ضمن واجبات عضو الشورى، ونتمنى أن تكون هذه قد انتهت ولم يعد مثل هذا الغياب عن الجلسات أو عدم حضور التصويت موجودا.

والحقيقة أن المراقبة الواعية لتجربة الشورى العمانية، التي انبثقت منذ ما يزيد على أربعة عقود، بدأت بالمجلس الاستشاري، ثم مجلس الشورى المنتخب وفق التدرج الانتخابي كما سارت عليه التجربة عند تأسيس المجلس، يجعل الباحث الجاد في استقصاء الفكر السياسي العماني، من غير الاكتفاء بالجانب النظري والدخول إلى ميادين التقييم والتطبيق، كما أن هذا التدرج في التطبيق، ينطلق من فهم ومن أرضية ناضجة، وهي سنن التدرج وهي رؤية إسلامية تستلهم الرؤى الصائبة والواعية للتحول، وعدم القفز على الواقع، أو عدم حرق المراحل، التي لا شك لها مخاطرها الفكرية والسياسية.. صحيح أن البعض من المهتمين بالتجارب الديمقراطية المعاصرة التي بدأت في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بعد ظهور ما يسمى بعصر الأنوار، يبهرهم المصطلح أكثر مما تبهرهم التجربة نفسها، التي بدأت تتراجع في الغرب، وتنكشف حتى للشعوب الغربية، بغض النظر عن المصطلحات والمسميات الفضفاضة التي كشفت عن وجهها الحقيقي في العديد من دول العالم والتي تحمل مصطلح الديمقراطية نفسه، الذي يهيم به البعض لكونه اصطبغ بالتجربة الغربية، وبنشأة الحريات عمومًا في هذه المجتمعات، لكن هذه الديمقراطية التي يؤدي المال فيها دورا كبيرا ومؤثرا، بدأ المال يقوّض التجربة، وهذا ما حدث في الانتخابات الأخيرة التي جرت في الولايات المتحدة، وقيام الرئيس «دونالد ترامب» بدفع بعض من الأنصار أو المدفوع لهم بالمال، إلى الهجوم على الكونجرس لمحاولة إلغاء نتائج الانتخابات التي ظهر فيها فوز الديمقراطيين في أغلب الولايات في أمريكا في ذلك العام.

ولذلك فإن غياب المصطلح، لا يعني هزالة التجربة وضعفها، بل إن الحرص على المصطلح الإسلامي دليل على الثبات على المبدأ والحرص على التجربة الوطنية ورؤيتها الإسلامية، حتى كلمة الديمقراطية في اليونان القديمة، كانت من قبيل الإجراءات أو التدبيرات السياسية التي تتقي بها الفتنة ويستفاد منها في تخفيف التوترات التي كانت فيها البلد مضطربة، ونعرف أن العديد من الفلاسفة البارزين ماتوا بالسم أو قتلوا بسبب أفكارهم، ولذلك الاستفادة جاءت من جهود العامة في أثينا في أوقات الحرب، ولم تكن هذه الديمقراطية مذهبًا قائمًا على الحقوق الإنسانية، بل كانت مجرد احتياجات لغايات معينة، بعكس مصطلح الشورى في الفقه الإسلامي الذي كان مبدأ أصيلًا، أكده القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فالديمقراطية الحديثة أيضًا ليست هي الآن كما وجدت في العصور اليونانية القديمة، كما أشرنا إلى ذلك آنفا، لكنها جُددت وحورّت وهذّبت وصارت كما نراها في عصرنا الراهن: آليات وطرق وأساليب للتعددية، والانتخاب، والاقتراع، والرأي والرأي الآخر، لكن مع أنها كانت في البدايات لها إيجابيات وخففت من الاحتقان السياسي في الغرب، لكن لا شك برزت عنها سلبيات كثيرة، ليس المجال متاح للشرح، لكنهم ارتضوا هذه الصيغة من تراثهم القديم، ومن حقنا أن نستمسك بقيمنا وتراثنا، ونضيف بالتجديد والتقويم والتحديث، بما لا يجعلنا مقلدين، بل مبدعين في هذا التراث الضخم، ولذلك فإن مصطلح الشورى هو الأقرب إلى قيم الأمة وتاريخها، مثلما اتجه الغرب إلى قيم العصر اليوناني، ومن خلاله ترجع الثقافات والحضارات إلى تراثها، تأخذ منه المفيد والإيجابي، ليكون لها مسارها الذاتي في فكرها وتراثها مع التجديد الدائم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مجلس الشورى أن یکون

إقرأ أيضاً:

بعد تحرك البرلمان لإحكام الرقابة على الأسواق.. ماذا ينتظر المخالفين؟

تقدم الدكتور إيهاب رمزى، عضو مجلس النواب بطلب إحاطة إلى المستشار الدكتور حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب، لتوجيهه إلى الحكومة، حول كل ما يتعلق بملف الرقابة على الأسوق وضبط الأسعار.

برلماني: مشروع الرقابة على السلع الصناعية يدعم الصادراتبرلماني: مشروع الرقابة على السلع الصناعية يحد من عمليات التهريب ويشجع الاستثماردراسة برلمانية توصي بإنشاء مجلس أعلى للحماية الاجتماعيةطلب إحاطة أمام البرلمان بسبب ضرب مدير مدرسة طالبات بالبحيرة

وطالب “رمزى” الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، بعقد اجتماع طارئ وعاجل لمجلسى الوزراء والمحافظين لإصدار تكليفات فورية وحاسمة وواضحة لجميع المحافظين على مستوى الجمهورية للرقابة على الأسوق والأسعار.

عقوبة التلاعب في الأسعار

وبالتزامن مع التحرك البرلماني يتسائل البعض عن عقوبة التلاعب في الأسعار وفقا لقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية .

وحظرت المادة السادسة من قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، الاتفاق أو التعاقد بين أشخاص متنافسين فى سوق معين، وحددت عدة حالات إذا ارتكبها التاجر يعاقب بغرامة مالية، وهذه الحالات هي:

- رفع أو خفض أو تثبيت أسعار المنتجات محل التعامل.

- بيع منتجات بسعر يقل عن تكلفتها أو تكلفتها المتوسطة.

- اقتسام الأسواق أو تخصيصها على أساس من المناطق الجغرافية أو نوعية المنتجات أو المواسم أو الحصص السوقية.

- الامتناع عن إتاحة أو إنتاج منتج شحيح متى كان إنتاجه أو إتاحته ممكنة اقتصاديًا.

ويعاقب القانون كل من يخالف المادة 6 من قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بغرامة لا تقل عن 2% ولا تتجاوز 12% من إجمالي إيرادات المنتج محل المخالفة، خلال فترة المخالفة وفى حالة تعذر حساب إجمالي الإيرادات تكون العقوبة غرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه ولا تتجاوز 500 مليون جنيه.

كما وضع قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 عقوبات تصل إلى الحبس والغرامة حال الغش فى المعاملات التجارية ، حيث نصت المادة ( 345 ) على “الأشخاص الذين تسببوا فى علو أو انحطاط أسعار غلال أو بضائع أو بونات أو سندات مالية معدة للتداول عن القيمة المقررة لها في المعاملات التجارية بنشرهم عمداً بين الناس أخباراً أو إعلانات مزورة أو مفتراة أو بإعطائهم للبائع ثمناً أزيد مما طلبه أو بتواطؤهم مع مشاهير التجار الحائزين لصنف واحد من بضاعة أو غلال على عدم بيعه أصلاً أو على منع بيعه بثمن أقل من الثمن المتفق عليه فيما بينهم أو بأي طريقة احتيالية أخرى يعاقبون بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط”.

مقالات مشابهة

  • إنبي يهدد بتجميد تنس الطاولة بسبب تدخل اللجنة الأولمبية.. ماذا حدث؟
  • بعد تحرك البرلمان لإحكام الرقابة على الأسواق.. ماذا ينتظر المخالفين؟
  • الشورى: القوات المسلحة اليمنية لديها من الخيارات ما يمكنها من ردع العدوان
  • مجلس الشورى: العدوان الأمريكي جريمة موصوفة تؤكد النزعة الإجرامية للولايات المتحدة
  • ذوو الأسرى الإسرائيلين يحذرون نتنياهو من تفجير الاتفاق.. نريد أولادنا دفعة واحدة
  • من (وعي) المحاضرة الرمضانية العاشرة للسيد القائد 1446هـ
  • وفاة وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور "فضل أبو غانم"
  • شرطة دبي ترصد مخالفة مرورية خطيرة تتعلق بطفلة
  • بالفيديو.. لماذا نريد رضا الله؟.. الدكتور علي جمعة يجيب
  • الشرع يصادق على مسودة الإعلان الدستوري في سوريا وهذه أبرز بنودها