لجريدة عمان:
2025-01-13@18:55:50 GMT

ماذا نريد من عضو مجلس الشورى في فترته العاشرة ؟

تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT

مع الفترة التي بدأت نوفمبر الماضي لهذا العام ، يكون مجلس الشورى العماني، قد تخطى ثلاثة عقود منذ تأسيسه عام 1990، لكن هذه الفترة في عهد جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله- وهي المرحلة المتجددة واستكمال البناء والتطور لـ عُمان، في ظل التحولات والتطورات التي يشهدها العالم، لذلك لا بد لها من فكر ورؤى جديدة تتناسب مع هذه الظروف والتطورات برؤية ثاقبة وواعية، وهو ما حدده جلالته في خطاباته الماضية في مناسبات عديدة، كما أن اهتمام جلالته -حفظه الله- بمجلس عُمان بغرفتيه (مجلس الدولة ومجلس الشورى)، وهو الذي نتلمسه في خطاب جلالته، في افتتاح دور الانعقاد السّنوي الأول للدورة الثامنة للمجلس في 14 نوفمبر 2023، إذ أكد جلالته: «أنَّ مجلسَ عُمَانَ لَشَرِيكٌ أسَاسِيٌّ في مَنْظُومِةِ الدَّوْلَةِ، وهذهِ الشَّرَاكَةُ تُلْقِي عليكمْ مَسْؤُولَيةً كَبيرةً، فكونوا على قدْرِ المسؤوليةِ، واضِعينَ مَصْلَحَةَ البلادِ نُصبَ أعينِكم، مسترشِدِينَ في ذلك بمبادئِ النظامِ الأساسيِّ للدولةِ وبالقوانينِ المُنظِّمَةِ لعملِكُم، وما أتاحَهُ لكمْ قانونُ مجلسِ عُمانَ مِن صلاحياتٍ، وإننا إذْ أوْلَيْنَاكم ثِقَتَنَا؛ لَنَأمَلُ أنْ يكونَ لأعْمَالِكُم إسهامٌ بارزٌ في إثراءِ التطورِ والنّماءِ لمسيرةِ النهضةِ الظافرةِ».

ولا شك أن الشراكة مسؤولية وأمانة، لا بد من تأديتها بكل إخلاص وتفان، ويضع العضو المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات، وهذه تتطلب أن يكون عضو مجلس الشورى، شديد الحرص على التفاني في تقديم ما يسهم في رقي الوطن وتقدمه، وإعطاء الأفكار بما يعزز هذا التوجه، والاسترشاد بكل الآراء النافعة، حتى ولو خالفت ما تطرحه المؤسسات الرسمية من مشروعات وأفكار تستهدف مصلحة الوطن، وهذه أيضا مسؤولية مشتركة، كما أشار جلالته في هذا الخطاب، الذي يؤكد دور الشريك في هذه المسؤولية، ويؤكد هذا المسار في اهتمام نظامنا السياسي، بالقياس إلى ظاهرة التدخل في سير نظام الانتخابات في الكثير من دول العالم الراهن، فإن بلادنا ـ بحمد الله ـ قد مرت بما يزيد على ثلاثة عقود، ولم نقرأ أو نسمع أي شكاوى من أي تدخلات في سير الانتخابات ونتائجها، وهذه ميزة نسعد بها أن بلادنا تسير السير السليم في قضية الشفافية في الانتخابات، وإعلانها أولا بأول، دون أن نسمع حتى الهمس في نتائجها ممن يتابع هذه النتائج سواء في الداخل أو الخارج، وهذا رصيد يعزز النزاهة، التي تتم بالإشراف القضائي الكامل.

والملاحظة الجديرة بالتأمل هي عندما نقارن بين دعوة الشراكة بين الحكومة وأعضاء مجلس الشورى، وبين الشفافية والنزاهة في سير الانتخابات، وهذا التلازم بين المسارين، يبرز أن الدولة لا تريد أن يكون عضو الشورى مجاملا في مصلحة الوطن، ولا سلبيا في طرح الكلمة الصادقة الجادة التي تتقدم على كل المصالح الأخرى، لذلك فإن الكرة في ملعب عضو مجلس الشورى، وعليه أن يكون فاعلا ومتابعا لكل التطورات التي تتحرك فيها الدولة في مجال التنمية وغيرها، وعندما تكون هناك جلسة من الجلسات، من خلال بيانات أصحاب المعالي الوزراء، يفترض على العضو أن يكون قد اطلع بشكل مستوفٍ على ما يريد تقديمه من مقترحات، سواء من خلال اطلاعه على البيان الذي طرحه بالمجلس، أو من خلال ما اطلع عليه من ملاحظات، تستحق أن تكون مدار مناقشة مع المسؤول المعني، وهذه مسؤولية عليه أن يؤديها بكل اهتمام ومعرفة تامة، وهذا يتطلب من العضو أن يضع نفسه، في موقع المسؤولية والمحاسبة لو قصّر في أداء واجب الشريك تجاه الشريك المقابل.

كما أن هناك العديد من الأدوات البرلمانية ـ وقد أشرنا لها في مقالات سابقة ـ وهذه مهمة وضرورية لاستخدامها عندما تطرأ قضية تستلزم، استخدام هذه الأدوات (الصلاحيات)، والتي يطرحها العضو عندما يراها جديرة بالطرح، وهي: البيان العاجل.. طلب الإحاطة.. السؤال البرلماني.. إبداء الرغبة في طرح مسألة للنقاش.. لجنة تقصي الحقائق.. طلب المناقشة من خمسة أعضاء.. الاستجواب من خمسة عشر عضوا.. مناقشة البيانات الحكومية، ومنها بعض الدورات الماضية ـ كما سمعنا ـ أن بعض الجلسات التي جرى فيها التصويت، أن العشرات من أصحاب السعادة الأعضاء غابوا عن هذه الجلسات ! وهذه للأسف مواقف سلبية، ويخالف ما هو واجب وضروري لطرح الأفكار الجديرة بالمناقشة، خاصة أن بعض هذه القضايا تهم قضايا عامة، ويحتاج لها الوطن، أما الغياب والتهرب من الاستحقاق البرلماني الممنوح للعضو، فهذا أمر محيّر!! فهل السبب في هذا، أن هذا العضو لا تهمه قضايا الوطن المطروحة للتصويت؟ أو هو مجرد عضو جاء بتزكية لغرض ما في ترشيح نفسه لعضوية المجلس؟ هذه الاحتمالات قالها البعض، عندما عرف عن خروج البعض إلى قاعات الاستراحة بالمجلس عند التصويت، أو تغّيب تلك الليلة عن الجلسة! والغياب أيضا ملاحظ كثيرا وفق ما نسمع، وهذا يحتاج إلى لوائح ضابطة، يتم تقديرها بهدف وقف مثل هذه الممارسات التي هي ضمن واجبات عضو الشورى، ونتمنى أن تكون هذه قد انتهت ولم يعد مثل هذا الغياب عن الجلسات أو عدم حضور التصويت موجودا.

والحقيقة أن المراقبة الواعية لتجربة الشورى العمانية، التي انبثقت منذ ما يزيد على أربعة عقود، بدأت بالمجلس الاستشاري، ثم مجلس الشورى المنتخب وفق التدرج الانتخابي كما سارت عليه التجربة عند تأسيس المجلس، يجعل الباحث الجاد في استقصاء الفكر السياسي العماني، من غير الاكتفاء بالجانب النظري والدخول إلى ميادين التقييم والتطبيق، كما أن هذا التدرج في التطبيق، ينطلق من فهم ومن أرضية ناضجة، وهي سنن التدرج وهي رؤية إسلامية تستلهم الرؤى الصائبة والواعية للتحول، وعدم القفز على الواقع، أو عدم حرق المراحل، التي لا شك لها مخاطرها الفكرية والسياسية.. صحيح أن البعض من المهتمين بالتجارب الديمقراطية المعاصرة التي بدأت في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بعد ظهور ما يسمى بعصر الأنوار، يبهرهم المصطلح أكثر مما تبهرهم التجربة نفسها، التي بدأت تتراجع في الغرب، وتنكشف حتى للشعوب الغربية، بغض النظر عن المصطلحات والمسميات الفضفاضة التي كشفت عن وجهها الحقيقي في العديد من دول العالم والتي تحمل مصطلح الديمقراطية نفسه، الذي يهيم به البعض لكونه اصطبغ بالتجربة الغربية، وبنشأة الحريات عمومًا في هذه المجتمعات، لكن هذه الديمقراطية التي يؤدي المال فيها دورا كبيرا ومؤثرا، بدأ المال يقوّض التجربة، وهذا ما حدث في الانتخابات الأخيرة التي جرت في الولايات المتحدة، وقيام الرئيس «دونالد ترامب» بدفع بعض من الأنصار أو المدفوع لهم بالمال، إلى الهجوم على الكونجرس لمحاولة إلغاء نتائج الانتخابات التي ظهر فيها فوز الديمقراطيين في أغلب الولايات في أمريكا في ذلك العام.

ولذلك فإن غياب المصطلح، لا يعني هزالة التجربة وضعفها، بل إن الحرص على المصطلح الإسلامي دليل على الثبات على المبدأ والحرص على التجربة الوطنية ورؤيتها الإسلامية، حتى كلمة الديمقراطية في اليونان القديمة، كانت من قبيل الإجراءات أو التدبيرات السياسية التي تتقي بها الفتنة ويستفاد منها في تخفيف التوترات التي كانت فيها البلد مضطربة، ونعرف أن العديد من الفلاسفة البارزين ماتوا بالسم أو قتلوا بسبب أفكارهم، ولذلك الاستفادة جاءت من جهود العامة في أثينا في أوقات الحرب، ولم تكن هذه الديمقراطية مذهبًا قائمًا على الحقوق الإنسانية، بل كانت مجرد احتياجات لغايات معينة، بعكس مصطلح الشورى في الفقه الإسلامي الذي كان مبدأ أصيلًا، أكده القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فالديمقراطية الحديثة أيضًا ليست هي الآن كما وجدت في العصور اليونانية القديمة، كما أشرنا إلى ذلك آنفا، لكنها جُددت وحورّت وهذّبت وصارت كما نراها في عصرنا الراهن: آليات وطرق وأساليب للتعددية، والانتخاب، والاقتراع، والرأي والرأي الآخر، لكن مع أنها كانت في البدايات لها إيجابيات وخففت من الاحتقان السياسي في الغرب، لكن لا شك برزت عنها سلبيات كثيرة، ليس المجال متاح للشرح، لكنهم ارتضوا هذه الصيغة من تراثهم القديم، ومن حقنا أن نستمسك بقيمنا وتراثنا، ونضيف بالتجديد والتقويم والتحديث، بما لا يجعلنا مقلدين، بل مبدعين في هذا التراث الضخم، ولذلك فإن مصطلح الشورى هو الأقرب إلى قيم الأمة وتاريخها، مثلما اتجه الغرب إلى قيم العصر اليوناني، ومن خلاله ترجع الثقافات والحضارات إلى تراثها، تأخذ منه المفيد والإيجابي، ليكون لها مسارها الذاتي في فكرها وتراثها مع التجديد الدائم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مجلس الشورى أن یکون

إقرأ أيضاً:

خلافات عميقة بين ممدوح عباس ومجلس الزمالك.. وهذه حقيقة الـ65 مليون جنيه

ماجد محمد

نفى مصدر مسؤول داخل نادي الزمالك صحة الأنباء التي تداولتها وسائل الإعلام مؤخرًا حول تبرع رجل الأعمال المصري ممدوح عباس، رئيس النادي الأسبق، بمبلغ 65 مليون جنيه لصالح الفريق.

وكانت تقارير صحفية سابقة قد زعمت أن ممدوح عباس قد قدم هذا المبلغ لمساعدة النادي في سداد ديونه وتجديد عقود اللاعبين، خاصةً عقد نجم الفريق أحمد سيد زيزو.

وقال المصدر، إن مجلس إدارة النادي يحاول التواصل مع ممدوح عباس للحصول على الدعم المالي، إلا أنه يتجاهل الرد.

وأضاف المصدر أن ممدوح عباس غاضب من بعض القرارات التي اتخذها مجلس الإدارة الحالي، مما أدى إلى تدهور العلاقة بين الطرفين.

وأكد المصدر أن النادي يعاني من أزمة مالية حادة، وأن مجلس الإدارة يبذل قصارى جهده للبحث عن حلول لهذه الأزمة، ولكن حتى الآن لم يتم التوصل إلى أي اتفاق مع ممدوح عباس.

وتأتي هذه الأنباء لتزيد من حالة الغموض التي تحيط بمستقبل نادي الزمالك، حيث يعاني الفريق من العديد من المشاكل المالية والإدارية، مما أثر سلبًا على أدائه في الفترة الأخيرة.

مقالات مشابهة

  • ماذا تعني الحكومة الميثاقية التي يطالب بها حزب الله؟.. نخبرك ما نعرفه
  • مجلس الشورى يناقش مقترح مشروع "نظام رعاية الموهوبين"
  • خلافات عميقة بين ممدوح عباس ومجلس الزمالك.. وهذه حقيقة الـ65 مليون جنيه
  • وصول الطائرة الإغاثية السعودية العاشرة التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة لمساعدة الشعب السوري الشقيق
  • مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية العاشرة التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة لمساعدة الشعب السوري
  • المالية: استعادة جزء من الأموال التي قرصنتها إسرائيل وهذه طريقة إدارتها
  • مجلس الشورى.. عطاء متواصل من المنجزات التشريعية لمواكبة نهضة عمان المتجددة
  • مجلس الشورى: العدوان الصهيوأمريكي لن يثني الشعب اليمني عن مناصرة وإسناد غزة
  • مجلس الشورى: جريمة استهداف محيط ميدان السبعين لن تثني الشعب اليمني عن مناصرة غزة
  • «صالح» يجري جلسة حوارية مع الفريق السيـاسي بالمركز الإعلامي.. وهذه أبرز تصريحاته!