لجريدة عمان:
2025-07-09@07:43:08 GMT

أزمة الديون تلوح في الأفق

تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT

أفاد صندوق النقد الدولي في أحدث تقرير له عن التوقعات الاقتصادية العالمية، بأن نسبة متزايدة من البلدان -وتشمل 56 بالمائة من البلدان ذات الدخل المنخفض و25 بالمائة من الأسواق الناشئة- «إما أنها تشهد معدلات عالية من عدم الاستقرار المالي أو أنها قد تتعرض لذلك». وفي حين أن عددا من هذه البلدان تُعِد بالفعل برامج إصلاح ستؤهلها للحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي، وتوفر آفاقا جيدة للنمو الاقتصادي، إلا أن الأمر لا ينطبق على العديد منها.

إن أزمة ديون في العالم النامي تلوح في الأفق.

وغالبا ما ترتفع نسبة المديونية إلى مستويات عالية جدا، عندما يؤجل الدائنون ديون المقترضين المستحقة أو يقدمون قروضا جديدة بأسعار فائدة ترتفع باطراد. وليس من السهل تحديد متى تتجاوز هذه الديون طاقة تحمل البلدان. وغالبا ما يستخدم المحللون نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، ولكن أسعار الفائدة تؤثر على هذه النسبة. فقد تكون منخفضة لدى البلدان ذات الدخل المنخفض التي تحظى بأسعار فائدة ميَسَّرة، على عكس الاقتصاديات الناشئة التي تقترض بأسعار فائدة أعلى قيمة.

ويعدّ هيكل استحقاق الديون عنصرا مهما أيضا: عندما يتعلق الأمر بالديون التي حدد تاريخ استحقاق معظمها في آجال قريبة، فإن الحاجة إلى تمديد أجل الاستحقاق ستكون أكبر بكثير من الديون ذات فترة استحقاق أطول. ويكون الاقتراض من جانب البلدان الفقيرة مبرَّرا إذا كانت القروض تموّل أنشطة ستعود بنفع كبير على المقترض، الذي تموّل موارده الخاصة بالفعل أنشطة ذات قيمة. وفي مثل هذا السيناريو، يمكن أن تكون خدمة الديون ممولة ذاتيًا (إلا في حال حدوث الصدمات غير المتوقعة). والمشكلة هي أن معظم القروض السيادية التي حصلت عليها العديد من البلدان خُصصت لتمويل النفقات ذات العائدات القليلة أو السلبية، مثل الملاعب الرياضية أو هدايا ما قبل الانتخابات.

وبسبب هذا الإنفاق، إلى جانب الديون الكبيرة والعجز المالي، يمكن أن يتوخى المقرضون الحذر، فتكافح البلدان من أجل الاقتراض، خاصة في زمن ارتفاع أسعار الفائدة. وعندما يبدأ الدائنون في رفض تمديد الديون المستحقة، أو عندما تكون أسعار الفائدة التي ستفرض على الديون الجديدة أو الممددة محظورة، تندلع أزمة ديون. ويرى الكثيرون أن الحل لمشكلات الديون في البلدان النامية واضح: تخفيف عبء الديون عن البلدان التي تحتاج ذلك، بحيث يمكن إعادة توجيه مدفوعات خدمة الديون نحو الإنفاق على الخدمات الاجتماعية، مثل الصحة والتعليم.

ولكن، تبين في ضوء التجربة السابقة أن مثل هذا التوجيه ليس مضمونا دائما. إذ عندما أعفيت أفقر بلدان العالم من ديونها في إطار مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون التي أطلقها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في عام 1996، لم تتبعها إصلاحات اقتصادية كافية. ومرة أخرى، تعاني العديد من هذه البلدان من مديونية عالية للغاية.

ومن المؤكد أن الحاجة تشتد إلى تخفيف الديون. ولكن إعطاء القروض، حتى بشروط مخفَفة، لحكومات لا تستطيع أو لا ترغب في اتباع سياسات اقتصادية سليمة وواقعية ومُحفزة للشركات لن يؤدي سوى لزيادة التزاماتها المستقبلية فيما يتعلق بخدمة الديون. ولهذا السبب يجب أن يكون تخفيف الديون مرتبطًا بمثل هذه الإصلاحات.

وهذه الفكرة ليست وليدة اليوم. إذ في منتصف القرن العشرين، عندما أسس الدائنون السياديون تجمع «النادي الباريسي» غير الرسمي لإيجاد حل للصعوبات التي تواجهها البلدان في خدمة ديونها، كانوا يعتمدون على صندوق النقد الدولي لتقييم التوقعات الاقتصادية للمدينين، وتحديد التعديلات السياسية اللازمة لتحسين الأداء الاقتصادي. وكان الدائنون يدركون أنه من دون إصلاحات، ستتراكم الديون مرة أخرى إلى أن تنشأ أزمة أخرى.

ولكن بعض الحكومات تقترض مبالغ كبيرة إلى درجة لا تكفي معها تعديلات سياسية معقولة لتمكينها من الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بخدمة الديون دون فرض «تقليم» قيمة الديون على الدائنين. وفي مثل هذه الحالات، يجوز لأعضاء نادي باريس السماح بإعادة جدولة خدمة الدين، ومن ثم خفض صافي القيمة الحالية للدين إلى مستوى يمكن تحمله. وبمجرد التوصل إلى مثل هذا الاتفاق، فإن الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي يمكّن البلد المقرض من استئناف الواردات بينما تدخل الإصلاحات الاقتصادية حيز التنفيذ، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات النمو. ومن الواضح أن أغلب الدائنين من القطاع الخاص، ولابد أن يوافقوا أيضا على أي عملية إعادة هيكلة؛ وإلا فإن البلد سوف تضطر إلى سداد ديونها المستحقة للمقرضين الرافضين لإعادة الهيكلة، مما يقلل من المبلغ المتاح للمُقرضين الذين يوافقون على إعادة الهيكلة.

وفي التسعينيات من القرن العشرين، نُفذت تغييرات أدت إلى التعجيل بحل مشكلات الديون، مع أن التأخير كان متكررا ومكلفا للبلدان المدينة. ولكن بحلول نهاية القرن العشرين، كانت الحكومات تقترض على نحو متزايد من القطاع الخاص.

ففي عام 2010، كانت الاقتصادات المنخفضة والمتوسطة الدخل مدينة بنحو 46 بالمائة من ديونها الخارجية العامة طويلة الأجل والمكفولة حكوميا لدائنين من القطاع الخاص. وبحلول عام 2021، ارتفعت هذه الحصة إلى 61 بالمائة. ورغم انخفاض حصة نادي باريس من الديون، إلا أن إجراءاته استمرت. إذ عندما واجهت تركيا صعوبات في خدمة الديون في عام 2002، أجرت إصلاحات سياسية وحصلت على قرض من صندوق النقد الدولي، وسرعان ما استعادت نمو الناتج المحلي الإجمالي السريع. وفي الوقت نفسه، أصبحت الأرجنتين غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها، لذا كان لا بد من إعادة هيكلة ديونها.

ولكن، في الوقت الراهن، هناك دائن سيادي رئيسي آخر وهو الصين، التي رفضت الانضمام إلى نادي باريس. ومن الطبيعي أن يتردد الدائنون الآخرون في المشاركة في إعادة هيكلة الديون إذا لم تشارك الصين في ذلك، خشية أن ينتهي بهم الأمر إلى تمويل جميع تكاليف خدمة الدين للصين. وبالفعل انتظرت سريلانكا وزامبيا طويلا حتى تحصل على تخفيف ديونها، لأن دائنيهما الصينيين يرفضون الموافقة على شروط إعادة هيكلة الديون المتفق عليها في نادي باريس، حتى مع دعم صندوق النقد الدولي لبرامج الإصلاح الاقتصادي المرتبطة بها. ومن حسن الحظ أن الوضع المالي في أي من البلدين لم يجذب اهتمام وسائل الإعلام، ولم يحرم الدائنون دولا أخرى من الاقتراض. ولكن بعض البلدان -بما في ذلك مصر، ولبنان، وباكستان، وتركيا، والعديد من الاقتصادات الصغرى تسجل ارتفاعا في نسب الدين إلى الصادرات وخدمة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي. وفي لبنان، بلغت نسبة الديون الخارجية 603 بالمائة من الصادرات و381 بالمائة من الدخل القومي الإجمالي في 2021.

وإذا واجهت العديد من الأسواق الناشئة الكبرى والبلدان المنخفضة الدخل في وقت واحد ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة إحجام الدائنين عن تمديد تاريخ سداد الديون، فمن المرجح أن تندلع أزمة ديون عالمية.

ولتجنب هذا السيناريو، يحتاج العالم إلى اتفاق دولي يحدد الإجراءات اللازمة لدعم الدول المثقلة بالديون، ثم تمكين صندوق النقد الدولي من تقديم القروض بوتيرة أسرع. ويجب على جميع الدائنين الالتزام بهذا الاتفاق.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: صندوق النقد الدولی أسعار الفائدة إعادة هیکلة بالمائة من نادی باریس العدید من

إقرأ أيضاً:

خبير اقتصادي يكشف أسباب تأخير شريحتي صندوق النقد وتداعياته على الاقتصاد المصري

كتب- حسن مرسي:

قال الخبير الاقتصادي محمد فؤاد إن قرار صندوق النقد الدولي بتأجيل دفع شريحتين من القرض المقرر لمصر يعكس بطء تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة.

وخلال حواره مع الإعلامي عمرو أديب في برنامج "الحكاية" على قناة "إم بي سي مصر"، أضاف فؤاد أن المراجعة الخامسة للصندوق لم تصل إلى اتفاق نهائي، مما دفع الصندوق إلى دمجها مع المراجعة السادسة المقررة في سبتمبر أو أكتوبر 2025، حيث سيتم تقييم صرف الشريحتين البالغ قيمتهما حوالي 2.4 مليار دولار بناءً على التقدم المحرز.

تابع فؤاد موضحًا أن الصندوق يركز على ضرورة تقليص تدخل الدولة في الاقتصاد وتعزيز دور القطاع الخاص، مشيرًا إلى أن 70% من التمويل في مصر يذهب للدولة ومؤسساتها عبر السندات وأذون الخزانة، مما يحد من قدرة القطاع الخاص على النمو بسبب المزاحمة في التمويل.

وأشار إلى أن الاقتصاد المصري يعتمد بنسبة 80% على الإنفاق الحكومي والاستهلاك، مما يجعل جمع الضرائب الإنتاجية صعبًا ويزيد الضغط على المواطنين، بينما تظل أصول الدولة مثل بنك القاهرة ومحطات الوقود الوطنية غير مستغلة بسبب ظروف السوق غير المواتية.

أكد فؤاد أن الصندوق يهدف إلى مساعدة مصر على سد الفجوة التمويلية من خلال دعم موازني وإصلاحات هيكلية، لكنه يشترط تقدمًا ملموسًا في تحسين مناخ الأعمال وبيع الأصول الحكومية.

وأضاف أن الظروف الإقليمية، مثل الحرب في غزة والتوترات الإيرانية - الإسرائيلية، تجعل بيع هذه الأصول صعبًا في الوقت الحالي.

وأكد فؤاد على أن نجاح مصر في استكمال برنامج الصندوق، الذي يتضمن 8 مليارات دولار، منها 3.5 مليار تم صرفها، يتطلب تسريع الإصلاحات لتعزيز الاحتياطيات واستقرار سعر الصرف، مع إعطاء القطاع الخاص دورًا أكبر في دفع عجلة النمو الاقتصادي.

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

محمد فؤاد عمرو أديب صندوق النقد الدولي الحكاية

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة محافظ البحر الأحمر يكشف أخر مستجدات حادث انقلاب حفار "جبل الزيت" أخبار نشرة التوك شو| توجيه رئاسي عاجل للحكومة بشأن الطريق الإقليمي أخبار "هاتوا استشاري يشوف الطريق".. عمرو أديب يرد على مقترح وزير النقل أخبار عمرو أديب: "الإقليمي" ينزف دماءً.. ليه عندنا حساسية من المحاسبة؟ أخبار

إعلان

الثانوية العامة

المزيد جامعات ومعاهد اختبارات القدرات 2025.. الأعلى للجامعات ينشر إجابات تساؤلات طلاب الثانوية جامعات ومعاهد هل يحق لطلاب الثانوية 2025 الراسبين دخول اختبارات القدرات مرة أخرى؟.. التعليم جامعات ومعاهد اختبارات القدرات 2025.. الطريقة الوحيدة للتسجيل عبر التنسيق الإلكتروني مدارس 3 أسئلة غامضة.. آراء معلمي وطلاب الثانوية العامة في امتحان الرياضيات البحتة جامعات ومعاهد وكالة الفضاء و"القومي لبحوث المياه" يبحثان التعاون في الاستشعار عن بعد

أخبار رياضية

المزيد مصراوي ستوري في ظهور نادر.. أسامة حسني ينشر صورة رفقة زوجته "ابنة بيبو" رياضة محلية "كان نفسي يهبط لهذا السبب ".. تصريح مثير للجدل من نجم الإسماعيلي السابق رياضة محلية "على غرار باسم مرسي وبسيوني".. تصريحات مثيرة للجدل من نجم الإسماعيلي تجاه مصراوي ستوري "حب حياتي".. 3 صور رومانسية لياسر إبراهيم وزوجته في المصيف مصراوي ستوري 3 صور لإمام عاشور مع ابنته في المصيف

إعلان

أخبار

خبير اقتصادي يكشف أسباب تأخير شريحتي صندوق النقد وتداعياته على الاقتصاد المصري

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

40

القاهرة - مصر

40 25 الرطوبة: 20% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب الثانوية العامة فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • ماذا يعني دمج صندوق النقد المراجعة الخامسة والسادسة لبرنامج إقراض مصر؟
  • البوسنة بعد 30 عاما من المجزرة.. أزمة الانقسام تلوح في الأفق
  • مستقبل جوهرة ريال مدريد بعد تألق جونزالو جارسيا.. والإعارة تلوح في الأفق
  • نجم ليفربول يشعل الميركاتو - ريال مدريد أو لا أحد.. وصفقة دفاعية مفاجئة تلوح في الأفق
  • البنك الدولي يتوقع نمو اقتصاد سوريا 1% وسط أزمة سيولة حادة
  • البنك الدولي: سوريا تواجه أزمة سيولة حادة بسبب نقص أوراق النقد
  • ‏البنك الدولي: سوريا تواجه أزمة سيولة حادة بسبب نقص أوراق النقد والاضطرابات الأوسع نطاقا في تداول العملة المحلية
  • خبير اقتصادي يكشف أسباب تأخير شريحتي صندوق النقد وتداعياته على الاقتصاد المصري
  • البنك المركزي يجتمع وسط ارتفاع التضخم وتأخير مراجعة صندوق النقد
  • بريكس تقترح إصلاح صندوق النقد وإنهاء الهيمنة الأوروبية