عبد المعطى أحمد يكتب: الاعتزاز بلغتنا
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
لغتنا العربية الجميلة جزء مهم من هويتنا، لكونها الإرث والتاريخ، وهى اللغة التى كرمها الله بنزول القرآن بها، إضافة إلى تفردها بصفات جمالية وسحر بيان أخاذ، ويطول الحديث عن أهميتها.
نلاحظ فى السنوات الأخيرة مايشبه التهميش لها، وارتداء الأقنعة المزيفة من خلال التفاخر بلغات أخرى، والتباهى بنطقها أو التحدث بها، وإن كان تعلم اللغات الأجنبية شيئا مطلوبا ومهما ولاغبار عليه، لكن الاعتزاز بلغتنا هو الأهم، ونلاحظ داخل الشركات والمحلات والعديد من المواقع تفاخر البعض عن جهالة بالتبارى بالكلام باللغات، وقد يكون المستمع لايجيد الإنجليزية أو غيرها من اللغات، والمؤسف إنسياق أجهزة الإعلام بجميع ألوانها وراء هذا المخدر، وهو ما يجور على لغة الضاد، لكونها أى العربية تنفرد بكل المعانى والصيغ رفيعة المستوى عن كل لغات العالم التى يحاول المتفرنجون والمتحذلقون ومدعو إجادة اللغات الحية وكثير من البرامج التليقزيونية استعراض بعض الكلمات الأجنبية، وكأنهم جاءوا من كوكب آخر بنوع من التعالى، ويبدو ذلك أكثر وضوحا فى المهرجانات والمؤتمرات دون مبرر.
وكأن شاعر النيل حافظ إبراهيم يقرأ ماتطالعنا به الأيام, مشيرا لما يحدث فى إحدى قصائده :"أنا البحر فى أحشائه الدر كامن فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتى، مؤكدا أن الجمال واحد من تعريفات عربيتنا حين ينجز معها ونعيش المتعة الذهنية وأجمل اللحظات، فهل يدرك ذلك المتفرجون؟
• ظاهرة تعامد الشمس على المحور الرئيسى لمعبد الكرنك التى تحدث فى 21ديسمبر من كل عام تكشف تميز المصرى القديم، وبراعته فى ربط علوم الفلك والهندسة المعمارية معا، حيث تشرق الشمس أعلى مقصورة"الزورق المقدس لآمون رع" التى شيدها الملك فيليب ارهيدايوس شقيق الإسكندر الأكبر، وتتعامد على محور الكرنك الرئيسى الممتد من الشرق للغرب مخترقة مداخل الصروح من السادس إلى الأول، وكذلك قاعة الأساطين الكبرى حتى يراها الزائر عند ميناء الكرنك أمام واجهة المعبد الرئيسية، كما تحدث تلك الظاهرة المعمارية الفلكية الفريدة على قدس أقداس معبد قصرقارون بالفيوم، إيذانا ببدء فصل الشتاء فى نصف الكرة الشمالى.
• فى سرية شديدة تم صباح يوم الأحد 17 ديسمبر 2017نقل رفات الملك الإيطالى فيكتور عمانوئيل على متن طائرة عسكرية إيطالية من طراز سى-130 من مطار برج العرب الدولى بالاسكندرية، واتخذ هذا الإجراء قبل أيام قليلة من حلول الذكرى السبعين لوفاته فى 28 ديسمبر 1947، ويعد الملك فيكتور آخر الملوك الحقيقيين لإيطاليا رغم أنه تنازل عن العرش لإبنه أومبرتو عام 1946 الذى لم يجلس على سدة الحكم إلا أياما قليلة، تم بعدها إعلان الجمهورية الإيطالية لينتهى حكم أسرة سافوى - التى حكمت أجزاء كبيرة من أوروبا فى القرنين التاسع عشر والعشرين - إلى الأبد فى إيطاليا، وبعدها لجأ الملك الإيطالى السابق إلى الملك فاروق مختارا أن يكون منفاه فى مصر، وبالتحديد الإسكندرية لوجود علاقات وثيقة بين القصرين الملكيين المصرى والإيطالى فى ذاك الوقت، ولأن فيكتور عمانوئيل كان صديقا شخصيا للملك فؤاد الأول والد فاروق، وبالفعل وصل الملك الإيطالى إلى مصر، وفضل الإقامة بالإسكندرية، ونزل ضيفا على عائلة أمبرون الإيطالية فى قصرها بشارع المأمون بمنطقة محرم بك الذى تم هدمه منذ نحوخمس سنوات, ثم توفى فى 28 ديسمبر 1947
• ونحن نودع عاما مضى، ونستعد لاستقبال عام جديد، خذها نصيحة منى: لاتبحث عن قيمتك فى أعين الناس، بل ابحث عنها فى ضميرك فإذا ارتاح الضمير ارتفع المقام، وإذا عرفت نفسك فلن يضرك ولن يسرك ماقيل فيك أمامك أو من وراء ظهرك!
• يزخر شهر ديسمبر بأشياء ووقائع غريبة وعجيبة، ففى ديسمبر 2018 ولد فى حديقة حيوان بولندية "بطريق" نادر هو الوحيد فى سلالته الآن، وفى 21 ديسمبر2021 تحديدا أنقذوا فى أمريكا سيدة سقطت فى واد,، وتعلقت بشجرة على عمق 100متر!، وفى ديسمبرمن نفس العام أيضا وقعت حادثتين, حيث استخدم لص فى أوهايو بأمريكا"ونشا" ضخما لسرقة جسر طوله 15مترا، بينما تجولت عنزة بأحد مكاتب الحكومة الهندية بمدينة " كانبور"، وخرجت وبفمها ملف ملىء بالأوراق!
• حينما يتسم نقاشك أو حوارك بالغضب، فذاك دليل على شعورك بالضعف وقلة علمك وحيلتك.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
كريم وزيرى يكتب: حكايات القوادم.. عندما كتبت كوكب الشرق مقالًا عن الحب
فى ستينيات القرن الماضى، وتحديدًا فى العدد رقم ١٤٤ من مجلة «آخر ساعة»، نشرت أم كلثوم مقالًا بعنوان «الحب فى الحقيقة والفن»، حيث خرجت كوكب الشرق عن إطار الأغانى والكلمات الموزونة لتخاطب قراءها مباشرة عبر قلمها، متناولة مفهوم الحب بين الواقع والفن.
المقال كان بمثابة نافذة جديدة لجمهورها، إذ أتاح لهم رؤية جديدة للفنانة التى ما دام عبرت عن مشاعرهم بأغانيها.
جاء المقال فى وقت كانت فيه مصر تمر بمرحلة سياسية واقتصادية استثنائية، إذ كانت البلاد تعيش أجواء ما بعد ثورة ٢٣ يوليو، حيث سادت الروح القومية وشهدت حركة التصنيع القومية وبناء السد العالى، رغم التحديات الاقتصادية التى فرضها التوتر السياسى فى المنطقة وحرب اليمن، وكانت هذه الحقبة مليئة بالأحداث الكبرى التى شكلت وعى المصريين ومواقفهم تجاه القيم الإنسانية الأساسية مثل الحب والتضحية والانتماء.
فى هذا السياق، قررت أم كلثوم أن تكتب عن الحب، ليس فقط بوصفه شعورًا إنسانيًا، بل كقيمة مركزية فى حياتنا اليومية وعلاقاتنا، وهذا القرار لم يكن غريبًا على فنانة عُرفت بدورها الوطنى والاجتماعى، حيث سخرت فنها ليكون صوتًا للوطن والمواطن وجعلت أغانيها يعبر عن مكنونات ما يشعر به المواطن فى وقت حزنه وفرحه وحتى انتصاراته.
وتناولت أم كلثوم فى مقالها الحب كقيمة إنسانية شاملة، مؤكدة أن الحب ليس مجرد كلمات معسولة أو مشاعر مؤقتة، بل هو كما كتبت «فعل مستمر يتطلب الصبر والإخلاص»، وطرحت تساؤلًا مهمًا «هل الحب الذى نراه فى الأفلام والأغانى يشبه الحب الذى نعيشه فى حياتنا؟».
وبواقعية شديدة، أجابت بأن الفن غالبًا ما يقدم صورة مثالية للحب، قائلة «الحب فى الفن قد يكون حلمًا ورديًا، لكنه لا يعكس كل جوانب الحقيقة، بل يلبى رغبة الإنسان فى الهروب من قسوة الواقع»، وهذا التصور الواقعى يتماشى مع فلسفتها الفنية، حيث كانت دائمًا تسعى لتقديم فن يمس القلوب ولكنه يعكس الحياة بمصداقية.
على الجانب الآخر، رأت أم كلثوم أن الحب الحقيقى فى الحياة اليومية «ليس مجرد مشاعر عابرة، بل تجربة مليئة بالتحديات تتطلب التفاهم والتضحية»، ورأت أن الحب الواقعى يتمثل فى قبول الآخر بعيوبه قبل مميزاته، وهو علاقة تقوى مع الزمن رغم الصعوبات.
ولربما يعكس التحليل العميق لكوكب الشرق فى مقالها نضجًا كبيرًا فى فهم العلاقات الإنسانية، وربما جاء نتيجة لتجاربها الشخصية والفنية الكثيرة التى خاضتها خلال رحلتها الفنية والإنسانية، حيث عاشت حياة مليئة بالتحديات والنجاحات التى جعلتها أكثر قدرة على فهم جوهر المشاعر الإنسانية.
ولم تنس أم كلثوم فى مقالها أن تربط مفهوم الحب بالوطن، معتبرة أن حب الوطن هو النموذج الأسمى للحب الحقيقى وكتبت وقالت «حب الوطن هو أصدق أنواع الحب وأكثرها تضحية، إنه حب يتطلب الإيمان بالقضية والعمل من أجلها مهما كانت التحديات»، وشددت على أن الوطن يستحق التضحية والصبر، فهو الحب الذى يربط الإنسان بجذوره وهويته.
ولا يخف على أحد ما قدمته أم كلثوم لمصر وللقوات المسلحة، من دعم معنوى ومادى فى أحلك الظروف التى مرت بها مصر أثناء نكسة ١٩٦٧ والكم الهائل من الحفلات التى وهبت أرباحها للمجهود الحربى، والتى انعكست بصورة واضحة فى كلماتها الصادقة فى مقالها.
وفى سياق الحديث عن حبها لمصر، ذكرت أم كلثوم قائلة «لم يكن صوتى يغنى لمصر فقط، بل كان ينبض بحبها، هى ملهمتى ووطنى الذى أعطيته كل ما أملك»، وتأتى هذه الكلمات كتعبير عن ارتباطها العميق بوطنها، الذى انعكس فى كل أغنية قدمتها، سواء كانت «إنت عمري» أو «مصر التى فى خاطرى».
وكتبت أم كلثوم مقالها بأسلوب بسيط، لكنه مشحون بالمعانى العميقة، ولم تستخدم لغة معقدة أو فلسفية، بل لجأت إلى أسلوبها المعتاد الذى يمزج بين الحكمة والدفء، لتصل إلى جمهورها بطريقة تشبه حديثها معهم على المسرح.
ومن خلال هذا المقال، وجهت أم كلثوم عدة رسائل مهمة حول مفهوم الحب، أولها أن الحب ليس مثاليًا، مؤكدة أن الحب الواقعى ليس قصة خيالية أو حلمًا ورديًا، بل هو علاقة تتطلب بذل الجهد والإخلاص.
كما أشارت إلى أن الحب فى الأغانى والأفلام قد يكون مبالغًا فيه، لكنه يظل وسيلة للتعبير عن أحلام الناس ورغباتهم، ودعت إلى ضرورة التمييز بين الحب كما يُقدم فى الأعمال الفنية والحب كما يُعاش فى الحياة.
ولو قرأنا مقال أم كلثوم اليوم، لوجدناه لا يزال يحمل رسائل صالحة لكل زمان، ففى العصر الحالى، يواجه الحب تحديات مختلفة، من ضغوط الحياة إلى تأثير التكنولوجيا على العلاقات وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعى تؤثر بشكل كبير على كيفية فهم الناس للحب وتوقعاتهم منه، وأصبحت العلاقات أكثر سطحية فى كثير من الأحيان، مما يجعل كلمات أم كلثوم تذكيرًا بأهمية التركيز على جوهر الحب الحقيقى الذى ينبع من القلب ويُثبت نفسه بالأفعال.
اختتمت أم كلثوم مقالها برسالة تدعو القراء إلى التفريق بين الحب المثالى الذى قد يظهر فى الفن والحب الواقعى الذى يعيشونه وقالت، «الحب ليس قصة مثالية، بل هو علاقة حقيقية تثبت نفسها بالأفعال»، مشيرة إلى أن التحديات اليومية هى ما يجعل الحب واقعيًا ومستمرًا.