لجريدة عمان:
2024-11-22@20:27:53 GMT

هوامش ومتون :الحُويّر.. قصص قصيرة جدا

تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT

حين أهدى لي الكاتب والشاعر عبدالله بن سعود الحكماني كتابه (الحُويّر) خلال لقائي به في ملتقى هيماء الأدبي وكنا في قلب الصحراء بمحافظة الوسطى، استوقفني العنوان، وقبل أن أتصفّحه، سألته عن معناه، فأجابني: الحويّر في لهجتنا الشعبية تعني: صغير الجمل، وقد ورد ذكر (الحُويّر) في المثل الشعبي (الحُويّر ما تضرّه رمحة أمّه)، وإزاء هذا التوضيح، انفتحت عتبة الكتاب الأولى على الكثير من الدلالات، فالعنوان الذي يبدو غريبا بالنسبة لنا، نجده مألوفا في المناطق الصحراوية، حيث يكون الكاتب على تماس مباشر مع بيئته، فإذا ما تجاوزنا العنوان، ونظرنا في صورة الغلاف سنجد توضيحا بصريّا للعنوان، ففي الصورة تقف ناقة وتمدّ عنقها لتأكل من عاقول الصحراء، فيما يبدو صغيرها ملتصقا بها من الخلف، هذا الصغير هو (الحُوَيِّر) بؤرة الحدث في المجموعة الصادرة عن مكتبة بذور التميّز 2022م، وتتّسع الدائرة اللونية حتى تصل الغلاف الأخير، فوضعت مصمّمة الغلاف (منيرة الهطالية) تعريفا مقتضبا بالكاتب عبد الله الحكماني الذي يحمل درجة الماجستير في النقد الأدبي، وله مجموعة من الإصدارات تتنوّع بين السرد والشعر، من بينها: جنون العقلاء، هيا نضحك، من خارج السرب، ما قال الأجداد، الأفق الصحراوي، مع صورة شخصيّة ونص (الحُوَيِّر) الذي جاء ترتيبه الأخير في الكتاب والنصّ هو «رقص الحُوَيِّر لكي يصبح جملا، فانكسرت أربعه قبل أن يصل إلى مبتغاه»، هذا الإصرار على (الحُوَيِّر) في العنوان والغلاف الأول والأخير، يجعلنا نتساءل: هل أراد الكاتب أن يقول إن القصص القصيرة جدا، وقد تضمّنت المجموعة (107) قصص قصيرة جدا، هي بمثابة (الحُوَيِّر) صغر في الحجم وتكامل في الخلقة، كشكل فنّي؟ أمّا عن المحتوى، فقد أراد أن يحتفي بالمكان من خلال مفردة تعكس تأثيراته، وعلاقته به، لكونه من سكنة المنطقة الصحراوية، فكان لا بدّ لمعطياته أن تتسلّل إلى كتاباته، وهذا ما وجدته في مجموعته القصصيّة، وقد أفرد لكلّ قصة صفحة حتى لو كانت من بضع كلمات مثل قصة (في يده قنديل) التي جاء فيها «يمشي الهوينى وفي يده قنديل» أو (تسامر) «يتسامرون في ليلة ظلماء والنجوم خارج مجموعتهم الأرضية» وقد يلجأ إلى التضاد في (اسوداد) «اسودّ وجهه عندما رأى بياض وجه زميله»، و(جفاف) «جفت ينابيعهن بعدما سقطت على أرضه الأمطار»، وكما لاحظنا فإن هذا النوع من القصص يراعي فيها الكاتب الاقتصاد في المفردات إلى أقصى حدّ، والاختزال، فلا توجد تفاصيل، ولا شخصيات، بل هي أقرب ما تكون للومضة الشعرية، أو (التوقيعات) المعروفة في تراثنا الأدبي، فيعطي إشارة تاركا لخيال المتلقّي إكمالها، كما في نصّ (يهش)، وجاء فيه «ظل يهش وينشّ تحت العرش الهش»، وهو نصّ مغلّف بالسخرية، ويتّضح هذا من مراعاة الكاتب لاستخدامه للمفردات وتكرار حرف الشين، وفي بضعة أقنعة يكتب «بضعة أقنعة عاشرهم كلبهم داخل الصندوق الخشبي» وفيها استفادة من قصة أهل الكهف التي وردت في القرآن الكريم، لكنه هنا يرفع عدد أهل الكهف إلى تسعة وعاشرهم كلبهم، وتزيد بعض القصص عن سبعة سطور مثل ( يوم الأحد) خمسة سطور مثل (جريمة) و(مشرف النواعم) (ثيران بني آدم)، وترتفع لغة المجاز في هذا النمط من الكتابة السرديّة، ففي قصّته (ضرب) يقول «ضربتُ بكفّي على جدار الزمن فانكسر الحاجز الوهمي»، وفي بعض الأحيان تأتي نصوصه على هيئة جمل مسجوعة «كان يتعامل معها كعشيقة.

.صار يتعامل معها كرقيقة» والتلاعب بالحروف «جاء بدعوة عاطفية له..ذهب بدعوة عاطفية عليه».

لقد جاءت نصوص الكتاب على هيئة ومضات أقرب ما تكون للشعريّة، وقد استفاد الكاتب من تجاربه في الكتابة الشعرية في هذه المجموعة التي سارت في طريق لم يسلكه في السرد العماني سوى قلة من بينهم الراحل عبدالعزيز الفارسي في مجموعته (مسامير) ود.سعيد السيابي في (مشاكيك)، وهذه حسنة في ميزان حسنات الكتاب.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الح و ی

إقرأ أيضاً:

نقل الكاتب بشير الديك للعناية المركزة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلن الكاتب أيمن سلامة عن نقل الكاتب بشير الديك للعناية المركزة، وطالب الجميع بالدعاء له.

كشف أيمن سلامة في منشور له على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، عن نقل الكاتب بشير الديك ليلة عرض فيلمه سواق الاتوبيس بعد الترميم، بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ ٤٥.

جاء فى منشور سلامة "الكاتب الكبير بشير الديك رئيس جمعية مؤلفي الدراما والذي شاهد له ضيوف مهرجان القاهرة السينمائي اليوم فيلمه العظيم سواق الاتوبيس يرقد في العناية المركزة، الرجاء الدعاء له بالشفاء".

تفاعل الجمهور والمتابعين ورواد السوشيال ميديا وأهل الفن مع الخبر وتمني الجميع الشفاء العاجل للكاتب الكبير بشير الديك.

يشار الى أن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي رمم نسخ بعض الأفلام للعرض بالمهرجان خلال دورته الـ ٤٥، مثل فيلم "سواق الاتوبيس" وفيلم "قشر البندق".

مقالات مشابهة

  • الكاتب إبراهيم الخليل: الأدب لم يكن محايدًا في الحروب وكان تابعًا للسياسي عند كثيرين
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. بيت العيلة
  • إبداع|«متى يرحل الماضي».. قصة قصيرة للكاتبة السعودية دارين المساعد
  • أفلام عربية قصيرة في مهرجان القاهرة السينمائي تنافس «الأجنبية»
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. أبو عيون حُمر
  • ضبط تشكيل عصابى تخصص فى بيع السبائك الذهبية المغشوشة بالمنصورة
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. سوق الوجوه!
  • نقل الكاتب بشير الديك إلى العناية المركزة
  • نقل الكاتب بشير الديك للعناية المركزة
  • نقل الكاتب بشير الديك إلى العناية المركزة بعد عرض فيلمه في مهرجان القاهرة