الحكم بالسجن 6 سنوات على صحفيَين سوريين في تركيا.. ما السبب؟
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
أصدر القضاء التركي حكما بالسجن ست سنوات قابلا للطعن على كل من الصحفي علاء فرحات، مدير قناة "أورينت" السورية، والمذيع أحمد الريحاوي مقدم برنامج "تفاصيل"، بحسب ما أفادت به وكالة الصحافة السورية.
وجاء الحكم القضائي عقب اتهام الصحفيين السوريين بـ "الإساءة للجمهورية التركية" على خلفية بث القناة حلقة ضمن برنامج "تفاصيل" تناولت انتهاكات "الجندرما التركية" بحق اللاجئين السوريين على الحدود مع سوريا.
وبثت القناة التي أغلقت أبوابها قبل أسابيع بسبب تعرضها لضغوطات، عددا من التقارير الصحفية التي أشارت إلى عنف "الجندرما" في التعامل مع اللاجئين السوريين، خصوصا بعد مقتل شاب سوري في أيار /مايو الماضي على إثر تعرضه للضرب المبرح من قبل القوات التركية عقب محاولته العبور إلى الجانب التركي.
وقال رئيس تجمع المحامين السوريين في تركيا، المحامي غزوان قرنفل، إن الحكم الصادر على الصحفيين السوريين "لم يكن منسجما مع أحكام القانون"، مشددا على أنه "مجافي للأحكام الدستورية التي تحترم الحريات العامة وحرية وسائل الإعلام والصحفيين في مناقشة مختلف القضايا".
وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21"، أن "القضية التي تمت مناقشتها في البرنامج، وهي موضوع النزاع القضائي، لم تكن سرا من أسرار الدولة"، مشيرا إلى أن "الحكومة التركية أقرت بوقوع بعض الجرائم والانتهاكات التي أثارتها الحلقة التلفزيونية بل وشكلت لجنة للتحقيق بها واتخذت إجراءات زجرية بهذا الشأن بحق بعض المرتكبين".
ولفت إلى أن "هذه الانتهاكات نفسها وردت في غير تقرير حقوقي ومنها تقارير لمنظمات حقوقية تركية ولم يثر الأمر مشكلة"، وأوضح أنه يرى بناء على ما سبق أن الحكم ابتداء في غير محله القانوني" مرجحا أن "يتم نقضه أمام المرجع القضائي الأعلى".
وكانت انتهاكات "الجندرما التركية" بحق اللاجئين السوريين الذين يحاولون العبور إلى الأراضي التركية عبر الحدود أو يقطنون بالقرب من الجدار الفاصل الذي أنشأته تركيا لمواجهة موجات اللجوء، قد تصاعدت بشكل غير مسبوق خلال النصف الأول من العام الجاري.
ووثق تقرير أصدرته منظمة "مظلومدير" التركية، عددا من الانتهاكات بحق اللاجئين السوريين من قبل قوات الجندرما التركية، مشيرة إلى أن الأطفال كانوا بعض ضحاياها أحيانا.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، ذكر أن أكثر 500 مواطن سوري لقي حتفه على الحدود التركية برصاص "الجندرما" في فترات عديدة.
وفي السياق ذاته، سلطت قناة "أورينت" آنذاك الضوء على الانتهاكات بحق اللاجئين السوريين في حلقة من برنامج "تفاصيل"، أثارت ضجة واسعة بسبب مشادة حادة بين المذيع أحمد ريحاوي والمحلل التركي أوكتاي يلماز، والتي انتهت بطرد الضيف على الهواء مباشرة.
على إثرها، اعتقلت السلطات التركية مدير القناة السورية ومقدم البرنامج المذكور شكوى قدمها يلماز، الذي اعترض على تناول القناة لقضية الانتهاكات.
يشار إلى أن قناة "أورينت" أعلنت في بيان إغلاق مكتبها بمدينة إسطنبول في تشرين الثاني /نوفمبر الماضي، بسبب ما وصفته بالضغوطات القاسية التي تمر بها واستنزافها كافة الخيارات اللائقة للمضي في عملها.
بيان #إغلاق_أورينت pic.twitter.com/RPg0mhTO9H — Orient أورينت (@OrientNews) November 21, 2023
وذكر البيان أن "القناة واجهت ظرفا لم يعد يتعلق بمقارعة الإعلام بالإعلام، بل بات يتعلق باستحالة استمرارها جملة وتفصيلاً، ما دفعها لإغلاق منصاتها والاعتذار من صحفييها".
الجدير بالذكر أن قناة "أورينت" التي أغلقت أبوابها وهي على مشارف الذكرى الخامسة عشرة لانطلاقتها في الثاني من شباط /فبراير القادم، رافقت كافة مراحل الثورة السورية التي انطلقت بتظاهرات سلمية عمت كافة المدن السورية عام 2011 ضد نظام الأسد قبل أن تتحول إلى حرب أهلية مدمرة بفعل القمع الوحشي الذي قوبلت به من قبل النظام.
وتعد القناة إحدى أبرز المؤسسات الإعلامية التي ناصرت ثورة السوريين رغم العديد من الانتقادات التي طالتها خلال ذلك، في وقت أصبحت فيه المنصات الداعمة للثورة بعد 13 عاما على انطلاقتها معدودة على الأصابع، لا سيما مع اتخاذ العديد من الدول العربية نهج تطبيع العلاقات مع رئيس النظام السوري بشار الأسد.
معا لوقف هذا الحكم الظالم
متضامن مع #علاء_فرحات_أحمد_ريحاوي pic.twitter.com/Dh4rjRRV9f — ماجد شمعة (@majed899) December 20, 2023 تركيا.. الحكم بالسجن 6 سنوات قابل للطعن على مدير أورينت علاء فرحات ومقدم برنامج تفاصيل أحمد ريحاوي على خلفية حلقة تناولت انتهاكات الجندرما بحق اللاجئين. pic.twitter.com/QetZTNEf1V — نون بوست (@NoonPost) December 20, 2023
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية أورينت الجندرما التركية سوريا تركيا سوريا تركيا أورينت الجندرما التركية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بحق اللاجئین السوریین إلى أن
إقرأ أيضاً:
معظمهم من السودانيين .. أزمة التمويل تحرم آلاف اللاجئين بمصر من العلاج
لم يكن قرار الفرار سهلا، ففي الخرطوم عاشت الأرملة مها عوض الكريم 50 عاما لم تغادر فيها الوطن يوما واحدا، لكنها ومع اشتداد القتال على أعتاب العاصمة السودانية اتخذت قرار الرحيل.
التغيير ــ وكالات
كانت الوجهة هي القاهرة، والرحلة كانت شاقة على السيدة الخمسينية ووالدتها التي تخطت الـ70 عاما، في حين ابنتها ذات الـ13 سنة لم تدرك أسباب كل ذلك العناء، استقرت مها في حي فيصل بالقاهرة قبل نحو عام ونصف، لتبدأ رحلة معاناة من نوع آخر، فلا مصدر دخل لهن وتباعا داهمهن المرض.
تقليص الدعمكانت السيدة السودانية تعمل في بلدها معلمة رياض أطفال، وحين وجدت فرصة عمل بالتخصص نفسه في مصر تعرضت لحادث أدى إلى كسر بالذراع وتمزق بأربطة الساق وضياع الوظيفة قبل أيام قليلة من الالتحاق بها.
وبعد ذلك اكتشفت إصابة عينيها بالمياه البيضاء، كما قال الطبيب إن والدتها تحتاج لجراحة عاجلة بالعمود الفقري.
وفي سبتمبر الماضي حصلت مها وابنتها ووالدتها على البطاقة الصفراء من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لكنهن لم يحصلن على أي خدمات طبية أو مساعدة مادية رغم سعيهن لذلك.
وقد أعلنت المفوضية مؤخرا تقليص دعمها للاجئين وطالبي اللجوء في مصر جراء أزمة تمويل ضخمة تواجهها المنظمة الدولية.
وتقول مها للجزيرة نت “حاولت كثيرا التواصل مع المفوضية لكنني فشلت في الحصول على دعم طبي لي ولأمي أو دعم تعليمي لابنتي، نحتاج المساعدة لأننا في أشد الحاجة لها”.
وأجبرت أزمة التمويل الإنساني المفوضية على تقليص دعمها للاجئين وطالبي اللجوء في مصر، خاصة الدعم الطبي، إذ اضطرت إلى تعليق كافة أشكال العلاج باستثناء التدخلات الطارئة المنقذة للحياة.
وذكر تقرير حديث لها أن عشرات الآلاف أصبحوا غير قادرين على الوصول إلى الرعاية الصحية الحيوية وخدمات حماية الطفل وأشكال المساعدة الأخرى، مما أثر على نحو 20 ألف مريض، بمن في ذلك من يحتاجون إلى جراحات السرطان والقلب والعلاج الكيميائي.
وركزت المنظمة في تقريرها على معاناة اللاجئين السودانيين، وهم الأكثر عددا بين الجنسيات اللاجئة في مصر.
وقال مسؤول الصحة العامة في المفوضية بالقاهرة جاكوب أرهم إن الحصول على الرعاية الصحية كان عاملا رئيسيا دفع العديد منهم إلى الفرار إلى مصر.
وأضاف “النظام الصحي في السودان من أوائل القطاعات التي انهارت بعد اندلاع القتال، والعديد من العائلات التي فرت تضم أفرادا مرضى غير قادرين على تحمّل تكاليف العلاج، ومع أزمة التمويل التي تواجهها المفوضية فإن من المحتمل أن يفقد الكثيرون حياتهم”.
ضغوطوفي السياق، قالت نائبة ممثلة المفوضية في مصر مارتي روميرو إن القاهرة تواجه ضغوطا هائلة، والخدمات الأساسية تُدفع إلى أقصى حدودها، مشددة على الحاجة إلى دعم فوري ومستدام لمنع تفاقم الأزمة.
ووفق سجلات منظمة شؤون اللاجئين، هناك نحو 941 ألف لاجئ في مصر، منهم 631 ألفا من السودان وحده، في حين يؤكد مسؤولون بالحكومة المصرية أن العدد يصل إلى 9 ملايين لاجئ، مما يعني -وفق الرقم الرسمي- أن أغلبية الفارين من بلادهم لا يخضعون لمظلة اللجوء القانونية داخل مصر.
وأكدت المفوضية أنها لم تتلق في العام الماضي سوى أقل من نصف المبلغ المطلوب لدعم اللاجئين وطالبي اللجوء، وقدَّر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي -في تصريح له- تكلفة الإنفاق على اللاجئين بما يزيد على 10 مليارات دولار سنويا.
أما رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب فخري الفقي فقال إن التكلفة السنوية لاستضافة اللاجئين تبلغ نحو 6 مليارات دولار خلال كلمة له في إحدى الجلسات البرلمانية.
وأضاف الفقي في مداخلة هاتفية لبرنامج تلفزيوني أن مفوضية اللاجئين تقدم دعما لعدد يقارب المليون شخص، في حين تتحمل الحكومة المصرية تكلفة الخدمات الأساسية المقدمة لنحو 8 ملايين آخرين يشكلون نحو 8% من إجمالي سكان البلاد.
وأوضح الفقي آلية احتساب التكلفة قائلا “تبلغ مصروفات الموازنة 4 تريليونات جنيه (جنيه واحد يساوي 0.020 دولار) مخصصة للخدمات الحكومية التي تقدمها الدولة لكل المقيمين في مصر، ونسبة الـ8% من هذه المصروفات تعادل 320 مليار جنيه، أي 6 مليارات دولار”.
ورغم تلك التقديرات الرسمية فإن المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري أعلن في مارس الماضي عن تعاون حكومة بلاده مع منظمات الأمم المتحدة بهدف حصر التكلفة الاقتصادية لأعداد اللاجئين والوافدين المقيمين التي تتحملها الدولة المصرية.
أزمة التمويل
وفي أوائل أبريل الجاري أعلنت مفوضية اللاجئين أن الحكومة المصرية رفعت السعة اليومية لإصدار تصاريح الإقامة للاجئين من 600 إلى ألف شخص، كما تم تمديد مدة الإقامة من 6 أشهر إلى سنة كاملة.
وفي ظل تفاقم أزمة التمويل يجد رئيس مبادرة تنمية اللاجئين في مصر عبد الجليل نورين نفسه متأثرا بشكل شخصي بالأزمة، وفي الوقت نفسه يحاول أن يجد ملاذا لأولئك الآملين في أن يجدوا في مبادرته فرصة لنجاتهم.
ويعاني نورين من تمدد بالرئة، مما يتطلب إجراء عملية جراحية، وقد استوفى كل الأوراق التي تطلبها مفوضية اللاجئين في مثل حالته، لكنه ينتظر دوره منذ شهور دون أي بادرة أمل لاستجابة من جانب المنظمة التي تعاني أزمة في تغطية نفقات علاج آلاف اللاجئين.
ويقول للجزيرة نت “داخل مقر مبادرة تنمية اللاجئين نعايش بشكل يومي تبعات هذه الفجوة التمويلية، خاصة على الفئات الأكثر ضعفا مثل الأطفال المحرومين من الحماية والمرضى الذين تُركت ملفاتهم الطبية بلا علاج”.
ويعتبر الناشط الحقوقي تعليق الدعم الطبي -إلا للحالات الطارئة- بمثابة تخلي المجتمع الدولي عن مسؤولياته تجاه أناس دفعهم اليأس إلى اللجوء “في حين تُختزل حياتهم في أرقام داخل تقارير ميزانيات”.
ورغم التحديات فإن نورين يحاول -مع باقي أعضاء مبادرة تنمية اللاجئين- تعويض جانب من العجز التمويلي عبر شبكات التكافل المحلية والبرامج التنموية، ويختم “لكننا لا نملك حلولا بديلة عن نظام حماية دولي عادل”.
المصدر : الجزيرة