المنشاوي باشا كبير أعيان الغربية، والتي قدرت ثروته بنحو مليوني جنيه، وهو مبلغ ضخم جدا بمقاييس عصره خصص جزء منها لأعمال الخير والبر والتقوى وكان يعد ومن بعده الأمير عمر طوسون من أكثر المصريين في العصر الحديث إنفاقاً في المشروعات الخيرية، حيث أوقف نحو ألف فدان على أعمال الخير والبر ولا تزال آثار يديه شاهدة على ذلك، ويعتبر المنشاوي أحد كبار أعيان القطر المصري، حيث منح رتبة الباشوية من السلطان العثماني خليفة المسلمين فى ذلك الوقت كشأن خديوي مصر وبنفس الرتبة وكان يعد عبقرية زراعية وإقتصادية فذة.

كان رجل بعيد النظر أيضا فى الأمور الإجتماعية والسياسية فيدرك مالم يخطر على بال أكثر المتعلمين والحكام فطار ذكره في الأفق وأهديت له أوسمة الشرف والنياشين من دول أوروبا حتي بلغ عددها أكثر من خمسين وسام ونيشان.

ولد أحمد المنشاوي باشا في عهد فترة حكم محمد علي باشا لمصرعام 1834م وقيل عام 1840م فى مديرية الغربية لأسرة من أعرق الأسر المصرية وهو إبن أحمد أغا المنشاوي بن الجوهري المنشاوي نسبة إلى قرية المنشاة التابعة لمركز زفتي أحد مراكز مديرية الغربية 

توفي والداه عن ثمانية أولاد هو أصغرهم وترك لهم مائتي فدان فرباه أخوه محمد بك المنشاوي وعلمه مبادي القراءة والكتابة بالعربية والتركية.

ولما بلغ سن الثامنة عشر من عمره عين معاونا علي عمال المزارع والتى تسمي الدائرة السنية والتابعة للطبقة الحاكمة وأمرائها فعرف كيفية إدارة الزراعة وكيفية العناية بالأرض الزراعية وكيفية تنمية إنتاجها وبدأ يوجه نفسه إلى جمع الثروة والمال وكانت البداية أن اشترى تبنا كثيرا من الدائرة السنية بثمن بخس وشاء القدر أن يرتفع ثمنه جدا حتى بلغ ثمن الحمل جنيها كاملا فربح من وراء ذلك ربحا عظيما ثم إشترى مقدارا عظيما من بذور البرسيم الأردب بجنيه ثم ارتفع ثمنه حتى بلغ ثمن الأردب 12 جنيها وربح من وراء ذلك أيضا ربحا عظيما.

كان المنشاوى باشا أول من أدخل طريقة التطعيم في الزراعة ولم تكن هذه الطريقة معروفة فى ذلك الوقت كما اهتم أيضا بتحسين نظم الرى وإدخال النظم الحديثة إلي مصر حيث قام بتركيب وابورات الرى على ضفاف الترع التي كانت تروى أرضه فلا تجد زراعة من زراعاته إلا وفيها أسهل وسائل الرى المستحدثة والتى سبق بها عصره.

كان المنشاوي باشا من أشهر كبار الملاك الذين اهتموا بإنشاء التكايا والوقف عليها في مطلع القرن العشرين الماضي، ومن ذلك تكيته بمدينة طنطا، التي جعلها كما ورد في نص حجة وقفه "للعواجز واليتامى" لتكون منازل ومساكن لهم وللسيارة والمارة، وأبناء السبيل من المسلمين، سيما الذين يحضرون إلى مدينة طنطا من بلاد الترك والمغرب وغيرها وهم في طريقهم لأداء فريضة الحج.

واشترى أحمد باشا المنشاوي في سنتي 1898م و 1900م نحو 4000 فدان، ووقفها كلها سنة 1903م لأعمال الخير وللفقراء، "تبرع ورأس حملة تبرعات لإنشاء خط سكة حديد الحجاز سنة 1900م لخدمة حجاج بيت الله الحرام.

وكان للمنشاوي نشاط علي المستوى السياسي له العديد من المواقف السياسية الشجاعة والتى تحسب له وكان نعم الزعيم الممثل لطنطا وللبلاد عامة وكان دائما يضع نصب عينيه أحوال أهل موطنه، وعندما قامت الثورة العرابية كان من أول الوطنيين الذين ساعدوا أحمد عرابي باشا بالنفس والمال والسلاح وبعد الثورة العرابية ظل على العهد لصداقة عرابي وأفراد أسرته فى أثناء فترة نفيه بجزيرة سيلان فكان راعيا لهم وظلت المراسلات بينه وبين عرابي لا تنقطع.

يقول العلامه محمد رشيد رضا: "وإننا لنفتخر بهذا المحسن العظيم الذي طوق الإسكندرية بفضله وإحسانه حتى قال بعض الأدباء: يجب أن نكنيه بأبي الإسكندرية، ونحن نتوقع أن يطوق بفضله القطر كله بمساعدة الجمعية الخيرية الإسلامية العامة كما طوق الإسكندرية بمساعدة جمعية العروة الوثقى الخاصة فيكون أبو الوطن كله لا أبا الإسكندرية وحدها أدام الله توفيقه. وألهم سائر أغنيائنا أن يسلكوا طريقه".

أعلن المنشاوي باشا في أواخر أيامه، عن رغبته فى إنشاء جامعة في جهة باسوس وأبي غيط، على نفقته الخاصة، وبحث مع أفاضل العلماء فيما تستلزمه هذه الجامعة من النفقات الأولية، والنفقات السنوية، وفى كيفية استحضار المعلمين والأدوات، وكانت هذه الفكرة شغله الشاغل في سنته الأخيرة وموضوع حديثه في الليل والنهار مع الشيخ محمد عبده، إلا أن المنية قد سبقته.

يذكر أن المستشفى والمسجد والمعهد الديني وغيرهم من الممتلكات الموجودة في مدينة طنطا كان قد تم تأميمهم، بالإضافة إلى قصورة في شارع البحر حيث تمت مصادرة الإثنين وتحويل أحدهما لنادي ضباط الشرطة.

المؤسسات الخيرية التى أنشأها علي النحو التالي :

- مستشفى المنشاوي بمدينة طنطا وخصص له مبلغ 2000 جنيه سنويا وكان مبلغا كبيرا بمقاييس عام 1903م وكانت هي المستشفى الوحيدة المقامة فى عاصمة مديرية الغربية حينذاك والتي لا تزال تحمل إسمه حتي يومنا هذا .
- خصص مبالغ نقدية وجرايات سنوية من ريع أوقافه لطلبة العلم والمدرسين لثلاثة معاهد هى المعهد الأحمدي بطنطا وقد خصص له مبلغ 300 جنيه سنويا تخصص لكسوه العلماء وطلبة العلم ومعهد دسوق وأوصى له بمبلغ 250 جنيه سنويا ومعهد دمياط وقد خصص له مبلغ 250 جنيه سنويا .
- قام المنشاوى باشا بإنشاء معهد أزهري لا يزال يحمل إسمه وهو معهد المنشاوي بطنطا وقد خصص له من ريع أوقافه مبلغ 4550 جنيه سنويا .
- أنشأ المنشاوى باشا مدرسة لتعليم البنين والبنات بطنطا وقد جعلها تابعة للجمعية الخيرية الإسلامية ووضع لها برنامج دراسي للتعليم يتضمن تعليمهم الفنون والصناعات اليدوية وما يرشد لإكتساب مكارم الأخلاق وقد خصص لها ما يفى بإحتياجاتها من ريع أوقافه.
- أنشأ المنشاوى باشا مدرسة المنشاوي الصناعية بمركز السنطة وقد أعدت ليتعلم الناس فيها الصناعات الشرقية والغربية وقد خصص لها ما يفى بإحتياجاتها من ريع أوقافه .
- أنشأ المنشاوى باشا مدرسة جمعية الشيالين بجمرك الإسكندرية لتعليم أبناء العاملين فى الجمرك.
- خصص المنشاوى باشا 100 فدان لمدارس جمعية العروة الوثقى بالإضافة الى 400 جنيه سنويا.
- أنشأ المنشاوى باشا مدارس الإتحاد بمدينة المنصورة وقد خصص لها مبلغ 160 جنيه سنويا .
- خصص المنشاوى باشا مبلغ 2000 جنيه سنويا لأهالى المتوفين من عساكر الجيش المصري آنذاك .
- قام المنشاوى باشا بإنشاء صندوق القرض الحسن لإقراض المعسرين دون فوائد وهذا الصندوق كان من إبداعات أحمد المنشاوي باشا الذى أراد أن يواجه به بيوت الإقراض بالربا التى أقامها الأجانب آنذاك فى ظل الإحتلال الإنجليزي لمصر وكان هذا الصندوق يحصل من الوقف على مبلغ 3645 جنيه سنويا ليتم إستثماره وتخصيص ريعه لإقراض المحتاجين .
- خصص المنشاوى باشا مبلغ 1844 جنيه من ريع أوقافه للإنفاق على 30 مسجد قام ببنائها أغلبها توجد في قرى ومدن مديرية الغربية وبعضها يوجد فى القاهرة والتي منها مسجد فاطمة الإنجليزية .
- خصص المنشاوى باشا مبلغ 24 جنيه لشراء طعام للكلاب والقطط الضالة.

وتوفي المحسن العظيم أحمد باشا المنشاوي في 20 ديسمبر 1904م، الموافق 7 رمضان 1322 هجريا.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الغربية مدیریة الغربیة جنیه سنویا

إقرأ أيضاً:

أعيان وقيادات مجتمعية تناقش الحد من العنف المجتمعي ومنع نشوب النزاعات في ليبيا

نظمت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ملتقى على مدى يومين في العاصمة التونسية، شارك فيه أعيان ووجهاء وشخصيات عامة ليبية، للتباحث بشأن تعزيز سبل الحد من حدة العنف المجتمعي بالإضافة إلى جهود منع نشوب النزاعات.

وتصب هذه المبادرة في إطار المجهودات التي تبذلها البعثة لتعزيز سبل التخفيف من حدة العنف المجتمعي كوسيلة أساسية من وسائل بناء السلام من أجل سلام مستدام في البلاد.

وذكرت الأمم المتحدة أن ليبيا قاست ما قاسته من نزاعات فاقت عقداً من الزمن، أدت إلى نشوب صراعات جمة بين التشكيلات المسلحة، نجم عنها خسائر في الأرواح وتهجير وضوائق اقتصادية.

جمع هذا الملتقى الذي عقد يومي 26 و27 ديسمبر شخصيات قيادية مؤثرة في المجتمع وأعيان وحكماء وأكاديميين ونساء وشباب ونشطاء في المجتمع من جميع أنحاء ليبيا. ووقف المشاركون على البعض من هذه الإشكاليات التي تعاني مجتمعاتهم من بعضها أو لربما جلّها.

وفي معرض المناقشات التي جرت بين المجموعات بتيسير من شعبة المؤسسات الأمنية التابعة للبعثة بالإضافة إلى خبراء ليبيين في مجال الوساطة، تدارس المشاركون بواعث النزاعات باحثين في إمكانية إيجاد حلول لها.

ووقفوا كذلك على المهارات والمعارف التي يجدر بقيادات المجتمعات التحلي بها ليتسنى لهم الاضطلاع بدور الوساطة وحل النزاعات التي قد تنشب على الصعيد المحلي.

وشدد المشاركون على كون الوساطة وسيلة ناجعة لمنع نشوب النزاعات، أكد أحد المشاركين من الوجاهات الاجتماعية على أهمية إحكام الدولة سيطرتها على السلاح وضرورة توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية.

الوسومالأمم المتحدة ليبيا

مقالات مشابهة

  • أعيان وقيادات مجتمعية تناقش الحد من العنف المجتمعي ومنع نشوب النزاعات في ليبيا
  • فاتورة التليفون الأرضي.. طريقة الاستعلام والسداد من المنزل
  • وزير الصحة : ننفق 30 مليار جنيه سنوياً على الدواء
  • إبداعات|| "وكان إنسان".. محمود جاد - الأقصر
  • 46 مليون جنيه حصيلة مزاد بيع مهامل «سيارات وبضائع متنوعة» بجمارك بورسعيد
  • سيارات وبضائع متنوعة.. 46 مليون جنيه حصيلة جلسة مزاد جمارك بورسعيد
  • وكان قرارًا جانبه الصواب!
  • الدكتور المنشاوي يتفقد سير العمل بجامعة أسيوط الحكومية
  • ئيس اتصالات النواب لـ«صدى البلد»: 300 جنيه سعر الشريحة الإلكترونية الجديدة esim.. إلغاء تطبيق التيك توك في مصر بهذه الحالة.. وتحسن كبير في سرعة الإنترنت خلال الشهور القليلة القادمة
  • “المنفي” يبحث مع أعيان المقارحة جهود المصالحة الوطنية