التهجير والإبادة الجماعية.. إسرائيل تحاول فرض حلها النهائي في غزة
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
سلطت الخبيرة في الشؤون السياسية، ليديا وزير، الضوء على جرائم الحرب والإبادة التي ترتكبها إسرائيل يوميا بحق الفلسطينيين في قطع غزة، مشيرة إلى أن الاحتلال يستهدف فرض "حله النهائي" الخاص به في القطاع.
وذكرت ليديا، في مقال نشرته بموقع "ميدل إيست مونيتور" وترجمه "الخليج الجديد"، أن العالم يتحمل مسؤولية أخلاقية لوضع حد فوري للفظائع التي ترتكبها إسرائيل، وتوجيه اتهامات إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو ووزير الجيش، يوآف غالانت، وقادة إسرائيليين آخرين بارتكاب جرائم إبادة جماعية في المحكمة الجنائية الدولية.
وأضافت أن الاتهامات يجب أن تشمل الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ووزير الخارجية، أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع، لويد أوستن، وغيرهم من القادة الأمريكيين، لـ "تواطؤهم" في هذه الإبادة الجماعية.
وأشارت ليديا إلى أن إسرائيل انخرطت منذ بداية العدوان في حرب إبادة جماعية بغزة، وأكد جيورا إيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي أن الدولة العبرية "بحاجة إلى خلق أزمة إنسانية في القطاع"، مضيفا: "ستصبح غزة مكانا لا يمكن أن يوجد فيه أي إنسان. هذا سيقرب النصر ويقلل الخسائر بين جنود الجيش الإسرائيلي".
وأكدت ليديا أن الأوامر الإسرائيلية منذ البداية تمثلت في حرمان جميع السكان المدنيين من الغذاء والماء والكهرباء والوقود؛ وتحويل غزة إلى مكان غير قادر على الحفاظ على حياة الإنسان، وتصوير المعركة بأنها بين "أبناء النور وأبناء الظلام".
ونوهت إلى أن اللجنة المكلفة من الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف (CEIRPP) عقدت حلقة نقاش في مقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك في 12 ديسمبر/كانون الأول، قبل تصويت الجمعية العامة على قرار "وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية"، وجرى تكليف اللجنة بدراسة الآثار القانونية للهجوم العسكري الإسرائيلي ضد غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول وإلقاء الضوء على إمكانية تطبيق الأطر القانونية الرئيسية، بما في ذلك تلك التي تحدد الإبادة الجماعية، وخلصت اللجنة إلى أنه من الواضح أن "الإبادة الجماعية تحدث بالفعل، مما يدفع إلى الحاجة الملحة لوقفها".
نية واضحة
وفي الوقت نفسه، تبنى الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان قرارًا يعترف بأن "تصرفات إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني تشكل إبادة جماعية". وقالت هانا بروينسما، المستشارة القانونية في منظمة "القانون من أجل فلسطين"، إن النية الإسرائيلية باتت واضحة في تصريحات كبار المسؤولين، بما في ذلك نتنياهو وكبار أعضاء مجلس الوزراء والقادة العسكريين، وقد أثبتت مثل هذه التصريحات، التي بلغ عددها 500 تصريح حتى الآن، "النية" التي تشكل جزءا لا يتجزأ من جريمة الإبادة الجماعية.
ومن الأمثلة على ذلك اعتراف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانييل هاغاري، بإسقاط "آلاف الأطنان من الذخائر" على غزة، مع التركيز على إحداث "أكبر قدر من الضرر، وليس الدقة".
ومن الأمثلة الأخرى على ذلك إشارة غالانت إلى الفلسطينيين باعتبارهم "حيوانات بشرية" وإعلانه عن "إطلاق كل القيود" على الجيش، قائلاً "سنقضي على كل شيء" في غزة.
اقرأ أيضاً
درس التاريخ من فيتنام وأخواتها.. إسرائيل لن تنتصر في حرب احتلال غزة
وإضافة لذلك، تتعمد إسرائيل إخضاع السكان الفلسطينيين اليائسين في غزة للمجاعة من خلال فرض قيود صارمة على دخول الإمدادات الأساسية مثل الغذاء والوقود وغاز الطهي والأدوية والمياه إلى المنطقة المحاصرة.
كما تستهدف إسرائيل أيضًا مرافق الرعاية الصحية وسيارات الإسعاف ومحطات الإسعافات الأولية. ويفيد مسؤول رفيع المستوى في الأمم المتحدة أن "نصف سكان غزة يتضورون جوعا".
وأكد أكثر من 55 باحثًا في دراسات الإبادة الجماعية على أهمية فهم التعبير عن النوايا في سياق التحريض واسع النطاق على ارتكاب هذه الجريمة في وسائل الإعلام الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، وفقًا لبيان صدر في 9 ديسمبر/كانون الأول.
وأبرزت وسائل الإعلام دعوات لتحويل غزة "إلى مسلخ" و"انتهاك جميع الأعراف في طريق النصر"، إلى جانب عبارات مثل "فلتكن هناك مليون جثة" للفلسطينيين المتوفين.
وأشار الموقعون على البيان إلى أن فترة ما بعد الإبادة الجماعية في رواندا شهدت محاكمة الصحفيين وإدانتهم بتهمة التحريض على الإبادة الجماعية، وهي جريمة مستقلة بموجب المادة 3 من اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية.
وهنا تؤكد ليديا أن الولايات المتحدة متورطة في الإبادة الجماعية، ولذا قدم مركز الحقوق الدستورية شكوى قانونية ضد بايدن وبلينكن وأوستن في محكمة مقاطعة كاليفورنيا، تتهمهم بالتواطؤ في الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
وتؤكد الشكوى أيضا أن الإبادة الجماعية المستمرة "أصبحت ممكنة بسبب الدعم غير المشروط الذي قدمته الولايات المتحدة لإسرائيل، منتهكة بذلك مسؤولياتها بموجب القانون الدولي".
كما تؤكد الشكوى على دور الولايات المتحدة باعتبارها أكبر مزود للمساعدات العسكرية والاقتصادية والسياسية لإسرائيل، متهمة الإدارة الأمريكية باستخدام نفوذها لتعزيز الإبادة الجماعية بدلاً من منعها.
فبدلاً من اتخاذ تدابير لوقف تصرفات إسرائيل، تعهدت الولايات المتحدة باستمرار بتقديم الدعم، وتوفير المساعدات العسكرية، والذخيرة، والذخائر الموجهة بدقة، والقنابل المخترقة للتحصينات، والمستشارين العسكريين في جلسات مجلس الوزراء الحربي.
وتمتد أعمال إسرائيل إلى ما هو أبعد من قتل وجرح وتجويع الفلسطينيين، لتشمل التدمير المنهجي للمنازل والبنية التحتية الحيوية، فحتى الأول من ديسمبر/كانون الأول الجاري دمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي أو دمرت ما يقرب من 100 ألف مبنى، ما أدى إلى تهجير 90% من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
اقرأ أيضاً
هاآرتس: واشنطن سوف تضطر لقبول حكم إسرائيلي كامل لغزة في تلك الحالة
وشمل الاستهداف الإسرائيلي المتعمد قصف المساجد والمدارس والمواقع التراثية والمكتبات والمباني الحكومية الرئيسية والمستشفيات، ويواجه التراث الثقافي في غزة التدمير المتعمد، حيث تعرض أكثر من 100 موقع تراثي للضرر أو التدمير بسبب الهجمات الإسرائيلية.
كما تقوم إسرائيل أيضاً بالإهانة العلنية للرجال الفلسطينيين خلال عمليات الاعتقال، وتجردهم من ملابسهم، حتى الداخلية منها، وتعصب أعينهم، وتعرضهم علنًا في أحيائهم، وتجلسهم في مجموعات كبيرة بمنتصف الشارع، أو تستعرضهم في الشوارع مع السخرية والاعتداء عليهم.
الضفة الغربية
وفي الوقت نفسه، يقوم المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية بالتعاون الوثيق مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، بشن هجمات قاتلة ضد الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم.
وأدت العمليات العسكرية المكثفة في الضفة الغربية، ولا سيما في جنين، إلى مقتل أكثر من 280 فلسطينيًا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بينهم 69 طفلاً، واعتقال ما لا يقل عن 4,400 شخص.
وتشير ليديا إلى أن تدمير المنازل والحرمان من الوصول إلى الرعاية الصحية في الضفة الغربية يعكس الأساليب الوحشية المستخدمة في غزة، لافتة إلى أن الإجرام الإسرائيلي أبعد من جنين، ويصل إلى القرى المحلية ومدن أخرى مثل رام الله وقلقيلية ونابلس وأريحا وبيت لحم والخليل.
وكما هو الحال في غزة، فإن تدمير البنية التحتية للرعاية الصحية في الضفة الغربية يشكل خطرًا كبيرًا يؤدي إلى انتشار الأمراض.
وعلى الرغم من دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى وقف إطلاق النار، قال نتنياهو للقادة العسكريين إن الحرب "ستستمر حتى النهاية، وحتى القضاء على حماس"، مؤكدا أنه "لا شيء سيوقفها".
وتصف ليديا ما تعد به إسرائيل بأنه "حالة حرب دائمة ضد جميع السكان الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وداخل الأراضي المحتلة عام 1948 سعياً لتهجيرهم بالكامل".
وعلى التوازي مع ممارستها للإبادة الجماعية، تنخرط إسرائيل وحلفاؤها في أعمال عسكرية استفزازية مع لبنان وسوريا وإيران، ما تراه ليديا "رغبة في صراع أوسع نطاقا".
وشددت ليدلا في مقالها على ضرورة توجيه الاتهامات رسميا لمسؤولي إسرائيل وإدارة بايدن ومحاسبتهم على جرائمهم ضد الإنسانية، واصفة الإبادة الجماعية المستمرة في غزة بأنها "جزء من النكبة"، وهي عملية التهجير التي بدأت عام 1948 مع قيام إسرائيل.
اقرأ أيضاً
درس التاريخ من فيتنام وأخواتها.. إسرائيل لن تنتصر في حرب احتلال غزة
المصدر | ليديا وزير/ميدل إيست مونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل غزة الفلسطينيين جرائم الحرب يوآف غالانت جو بايدن إبادة جماعية الإبادة الجماعیة الولایات المتحدة فی الضفة الغربیة الأمم المتحدة فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
الكويت تطالب مجلس الأمن بإيقاف الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني وإدخال المساعدات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
طالب مندوب دولة الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة السفير طارق البناي المجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن، أن يضطلع بمسؤولياته ويستخدم الأدوات المتاحة له من أجل إيقاف الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني وإدخال المساعدات اللازمة إلى الأرض الفلسطينية المحتلة والعمل فورا على محاسبة مقترفى جرائم الحرب.
وأكد البناي -أمام المؤتمر الخامس لإنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط المنعقد بمقر الأمم المتحدة خلال الفترة من 18 إلى 22 نوفمبر الحالي ووفقا لوكالة الأنباء الكويتية اليوم الأربعاء، أن الطموح بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط هو مسعى يتطلب "إرادة سياسية جادة وتعاونا إقليميا ودوليا".
وتابع أن ذلك التطلع ليس مسؤولية أخلاقية فحسب بل أيضا "التزام قانوني يقع على عاتق الدول الأطراف في معاهدة حظر الانتشار النووي وهو تجسيد لما أقره مؤتمر مراجعة المعاهدة لعام 1995"، مشيرا إلى عمل دولة الكويت الجاد لتعزيز هذه الرؤية لا سيما خلال رئاستها الدورة الثانية من المؤتمر التي أسفرت عن تحقيق إنجازات مهمة منها اعتماد قواعد الإجراءات وتشكيل لجنة عمل غير رسمية لتفعيل التواصل بين الدورات "إذ كان لهذا التقدم أثره الإيجابي بفضل تعاون الدول الأعضاء".
وأعرب عن أمله بأن يستمر هذا النهج البناء في الدورة الحالية لتحقيق مزيد من التقدم مشيرا إلى ما يمثله قرار إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط من "ركن أساسي في اتفاق التمديد اللانهائي لمعاهدة عدم الانتشار".
وسلط البناي الضوء على المقترح الذي قدمته دولة الكويت في الدورة الرابعة للمؤتمر والقاضي بإنشاء مجموعة صغيرة تتألف من رؤساء المؤتمر السابقين وتتولى أي مهام خاصة وضرورية من قبل المشاركين في المؤتمر على أن تتم تسميتها بـ"لجنة الحكماء".
ودعا إلى ضرورة تفعيل هذا المقترح والعمل على إنشاء هذه اللجنة لما تحمله من أهمية في تعزيز دور المؤتمر وتحقيق أهدافه الرامية إلى إنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى في منطقة الشرق الأوسط.
وحذر مندوب دولة الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة من أن العالم يشهد اليوم "سباق تسلح متصاعد وتحديات متفاقمة وعدم تقدم في مسار نزع السلاح الذي له تداعيات ستطال الجميع" مشددا على ضرورة التحلي بالشفافية باعتبارها الخطوة الأولى نحو بناء الثقة المتبادلة وتحقيق الأهداف المشتركة.
ونبه البناي إلى أن استمرار وجود أنشطة نووية سرية أو منشآت خارج رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في المنطقة "يشكل تهديدا مباشرا لأمن المنطقة والعالم ويقوض الجهود الدولية لتعزيز الثقة".
وأعرب عن قلق الكويت العميق إزاء التراجع عن الالتزام بالاتفاقيات الدولية وعلى رأسها معاهدتا عدم انتشار الأسلحة النووية وحظر التجارب النووية مؤكدا أن الحل الأمثل لضمان عدم استخدام الأسلحة النووية هو القضاء عليها تماما.
كما أعرب عن أسفه لإخفاق مؤتمري مراجعة معاهدة عدم الانتشار لعامي 2015 و2020 في التوصل إلى وثيقة ختامية في حين حث الدول كافة على تجاوز الخلافات والعمل بجدية وإيجابية من أجل الوصول إلى وثيقة شاملة ومتوازنة في مؤتمر المراجعة القادم.
وأكد السفير الكويتي أن الأمن والسلم الدوليين هما أساس كل تنمية وازدهار ولا يمكن تحقيقهما في ظل انتهاك الاتفاقيات الدولية وتطوير الأسلحة النووية، موضحا "نحن ندعم حق الدول في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية بعيدا عن تهديد أمن واستقرار العالم".