مستشار شيخ الأزهر لشئون الوافدين: المرأة صاحبة الدور الأبرز بالنهوض الحضاري للشعوب
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
قالت الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين، إن الإسلام بحقٍّ ساوى بين المرأة والرجل في كثير من الحقوق والواجبات، حسب ما يتناسب والطبيعة الجِبلِّيَّة لكل منهما، واعتبر المرأةَ شريكةً للرجل وقسيمته في العيش على هذه المعمورة، ويتجلَّى ذلك في قوله تعالى: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْن﴾ وقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنَّما النِّساءُ شَقائقُ الرِّجال».
وأضافت مستشار شيخ الأزهر، أن المساواة نابعة من خلال دعوة الإسلام إلى الوسطية والاعتدال والبعد عن الغلو والتشدد والتطرف والانحلال، تلك الوسطية التي وصف الله سبحانه وتعالى المسلمين بها فقال: ﴿وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا﴾
جاء ذلك خلال كلمتها بالمؤتمر «الآسيوي-الأفريقي الأول للوسطية الدينية: الدين والوسطية الإنسانية» الذي تنظمه وزارة الشؤون الدينية الإندونيسية في مدينة «باندونج» في الفترة من ١٩ إلى ٢١ ديسمبر الجاري، حيث ألقت مستشار شيخ الأزهر، كلمة في فعاليات الجلسة الأولى من المؤتمر بعنوان «المساواة بين الجنسين وأدوار المرأة والاعتدال».
وأكدت الدكتورة نهلة الصعيدي إن الإسلام لم يقف بالمرأة عند حدِّ المساواة بالرجل، بل جعل لها إرادتها الخاصة في كثير من شئون الحياة؛ من حرية تملُّك المال، وحِفظه والتَّصرُّف فيه، وغير ذلك، وجعل لها أدوارًا في المجتمعات المختلفة، هذه الأدوار من شأنها أن تسهم بدور كبير وفعَّال في الحث على الاعتدال والوسطية على المستويين الديني والإنساني؛ مشيرة أن صاحبة الدور الأبرز في النهوض الحضاري بالأمم والشعوب؛ باعتبارها أُمًّا وزوجة، فهي المحور الرئيس في الأسرة، وتتحكَّم في تصرفات أفرادها وتضبطها؛ فتُقوِّم المعوجَّ وتُصلِح المُنحلَّ، وتصنع الأجيال الذين يُشكِّلون المستقبل للأمم والشعوب، ويَبنون الحضارات في كافة المجالات؛ الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعلمية وغير ذلك.
عباس شومان أمينًا عامًّا لهيئة كبار العلماء بالأزهر فتاوى تشغل الأذهان.. سبب تحريم التبني في الإسلام.. حكم الصلاة بالبيت خلف إمام المسجد
وأوضحت الدكتورة نهلة الصعيدي، أن هذا الدور الذي تقوم به المرأة في المجتمعات من شأنه أيضًا أن يوجِّه الفكر والسلوك، ويدفعه إلى الاعتدال والتزام الأخلاق الحميدة؛ وذلك لِمَا تزرعه في النشء من غريزة دينية قائمة على أساس شرعي بعيد عن التشدد والتنطُّع والتقعر في الآراء والأفكار، مرجعه قوله صلى الله عليه وسلم: «إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه» الذي هو علَمٌ مِن أعلام النبوة، كما قاله ابنُ التِّينِ.
وأشارت رئيس مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين، إلى دور الأزهر الشريف وعلى رأسه شيخه فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور، أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في التضلُّع بقضايا المرأة والاهتمام بها من منطلق الثوابت الشرعية، فقد أكَّد - في غير ما موضع- على أن الإسلام حفظَ للمرأة حقوقها، وأبرز دورها في المجتمعات، وأن هذا من مقتضيات الوسطية التي اتسم بها الإسلام، وليس أدَّل على ذلك إلا ما جاء في البيان الختامي لمؤتمر الأزهر الشريف للتجديد المنعقد في يناير سنة 2020هـ من القول بجواز أن تتقلد المرأة جميع الوظائف التي تتلاءم وطبيعتها بما في ذلك الوظائف العليا بالدُّول، وإثبات حقها فيما سماه العلماء بحق الكد والسعاية، وحرمة التعسف معها في طلاقها؛ لعدم الإضرار بالأسرة وأفرادها، وغير ذلك.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأزهر مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين الدكتورة نهلة الصعيدي المرأة والرجل الحقوق والواجبات نهلة الصعيدي الاعتدال والوسطية مستشار شیخ الأزهر
إقرأ أيضاً:
الغيب في الإسلام: بين علم الله وحذر الإنسان
في حديث صحيح أخرجه الإمام البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال صلى الله عليه وسلم: "مِفْتَاحُ الغَيْبِ خَمْسٌ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ: لا يَعْلَمُ أَحَدٌ ما يَكونُ في غَدٍ، ولا يَعْلَمُ أَحَدٌ ما يَكونُ في الأرْحَامِ، ولا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا، وما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، وما يَدْرِي أَحَدٌ مَتَى يَجِيءُ المطرُ".
من خلال هذه الكلمات النبوية الشريفة، يوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن هناك خمسة أمور من الغيب التي لا يعلمها إلا الله وحده. هذه الأمور تتعلق بالمستقبل والمجهول، مثل ما سيحدث غدًا، أو نوعية الأعمال التي سنكتسبها، أو حتى المكان الذي سنموت فيه. ومن هنا، يظهر أحد الأسس الأساسية في العقيدة الإسلامية التي تُقر بأن الغيب بيد الله وحده، ولا يمكن للبشر أن يدركوه بمفردهم.
علم الله بالغيبيقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" (لقمان: 34). هذه الآية تؤكد على أن الله سبحانه وتعالى هو الوحيد الذي يعلم الغيب، بما في ذلك علمه بكل تفاصيل حياتنا ومستقبلنا. هذا العلم ليس محصورًا في الحاضر، بل يمتد ليشمل كل ما هو مخفي عن أعين البشر، مثل أقدار الناس، ومتى سيموتون، وأين سيموتون، وما سيفعلون في المستقبل.
الاختلاف بين العلم الغيبي والعلم البشريرغم التقدم العلمي الهائل الذي شهدته البشرية في السنوات الأخيرة، خصوصًا في المجالات الطبية والتقنية، فقد استمر العلم في حدود معينة ولم يتمكن من الوصول إلى معرفة الغيب الذي حذرنا الله من التجرؤ على التنبؤ به. ومن أبرز الأمثلة على ذلك معرفة جنس الجنين في بطن أمه، وهو أمر يمكن للطبيب تحديده في مرحلة معينة من الحمل باستخدام وسائل علمية مثل السونار. ومع ذلك، لا يمكن للبشر تحديد حياة هذا الجنين أو موعد ولادته أو أي تفاصيل أخرى تتعلق بمستقبله. ولا يزال الأجل ورزق الإنسان متعلقا بمشيئة الله وحده، كما يذكر الحديث الشريف.
التحذير من الدجالين والمشعوذينما بين الحقيقة العلمية والدجل، هناك فارق كبير يجب أن يتنبه له المسلم. ففي الوقت الذي يعترف فيه العلماء بعجزهم عن معرفة الغيب، يروج البعض لتنبؤات معتمدة على الخرافات والشعوذة. قد يحاول البعض الادعاء بمعرفة المستقبل، سواء عبر قراءة الكف أو التنبؤ بالأبراج، في سعي لتحقيق مكاسب شخصية على حساب جهل الناس أو خوفهم من المجهول. لكن يجب على المسلم أن يكون واعيًا بأهمية الرجوع إلى الله وحده في أمور الغيب، وألا ينجرف وراء هذه الادعاءات الزائفة.
عبرة من قصة إبراهيم والنمرودفي قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام مع النمرود بن كنعان، يظهر لنا درس عظيم عن الجهل بالغيب. ففي حين ادعى النمرود القدرة على إحياء الموتى، رد عليه إبراهيم عليه السلام بإثبات قدرة الله وحده على التحكم في الحياة والموت، قائلاً له: "إِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ". هذه الحجة البسيطة كانت كافية ليفشل النمرود في تحديه لله ويُسكت حِجَجه.
الغيب هو مجال لا يمكن للبشر التنبؤ به إلا إذا كشفه الله عنهم، ولذلك يجب على المسلم أن يكون حذرًا في التعامل مع المعتقدات الخاطئة حول معرفة المستقبل. فالتأكيد في الإسلام هو أن الغيب لا يعلمه إلا الله، ومن يزعم أنه يملكه فهو في ضلال. لذا، يجب أن نعتمد على علمنا وديننا في توجيه حياتنا ونبذ التشاؤم والتعلق بالأوهام.