موقع النيلين:
2024-07-12@02:21:05 GMT

???? إعادة إستعمار السودان

تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT


أقرب توصيف يمكن أن يُعبِّر عن ما يجري في السودان منذ نحو خمس سنوات هو القول بأنه “محاولات متكررة لإخضاع الإرادة الوطنية إلى قوىً أجنبية”، وهو ما كان يُسمى في قرون سابقة ب “الإستعمار”. وقد اتخذت هذه المحاولات عدة أشكال كانت الحرب التي تعيشها بلادنا الآن آخر تمظهراتها .

تدخل الحرب الآن شهرها التاسع، وتبدو بعض معالمها التي كانت غامضة آخذة في الاتضاح، خاصة وقد توثقت الدلائل المادية للأطراف التي تقدم الدعم العسكري واللوجستي للمتمردين، وكذلك الأطراف التي تساند التمرد سياسياً سواء من القوى الداخلية أو القوى الخارجية التي كانت تزعم أنها تدعم تحولاً ديمقراطياً في السودان بعد التغيير الذي حدث في أبريل ٢٠١٩.


يعتبر السودان، بحدوده الجغرافية الحالية – بما في ذلك جمهورية جنوب السودان – دولة حديثة التكوين لا يتعدى عمرها القرنين. وخلال عمرها القصير هذا تعرضت للغزو الخارجي المباشر مرتين وتم إستعمارها لما يفوق القرن بعقدين من الزمان.

كانت المرة الأولى في العام ١٨٢٠ عندما قرر محمد علي باشا، حاكم مصر عن الدولة العثمانية، تجريد حملة عسكرية لضم السودان إلى مناطق نفوذه، وقد كانت أبرز دوافعه من وراء ذلك هو البحث عن الذهب والرجال المقاتلين كما ورد في كتب التأريخ، إذ المعروف عن أرض السودان من قديم الزمان أنها غنية بالذهب الذي يتوفر قريباً من سطح الأرض، وغنية بالرجال الذين يمكن تجنيدهم كمقاتلين أشداء.

في المرة الثانية كان الغزو بريطانياً بغطاء من خديوية مصر، وكان للثأر لمقتل غردون والقضاء على الدولة المهدية حديثة التكوين، فقد ثبت أنها – المهدية – تفكر في أن يمتد نفوذها لما وراء حدود السودان، وقد دام ما عُرف بالحكم الثنائي لنحو ٥٦ عاماً، عملت خلالها بريطانيا على توظيف أراضي السودان ومياهه لزراعة وتوفير القطن لمصانع النسيج في لانكشير واجتهدت في أن تؤهل نخبة من أبناء البلاد لتجعلهم يقتدون بها في حكم بلادهم ويرتبطون بها ارتباطاً روحياً حتى بعد أن يعود رجالها إلى جزيرتهم !!

يُدرك الإنجليز والفرنسيون والألمان والأمريكان والإسرائيليون، بشكل دقيق، الإمكانات المهولة من الثروات التي يتمتع بها السودان، سواء منها ثروات ما هو فوق الأرض أو ثروات باطن الأرض، ويدركون كذلك أنه إذا ما أصبح بوسع شعب السودان إستغلال ثرواته وتوظيف خيرات أرضه، تحت حكم رشيد، فسيصبح للسودان تأثير عظيم في محيطه الإقليمي، إفريقياً كان أو عربياً، وهو ما يخشونه، ولذلك عملوا بكل ما استطاعوا على خلق أنواع متعددة من الفتن بين مكونات الشعب السوداني، وعلى خلق عدم استقرار سياسي يلازم الأنظمة التي تعاقبت على حكمه منذ أن نال استقلاله، وحققوا في ذلك نجاحات غير منكورة !!

لم يكن السودان بعيداً عن مخططات إعادة رسم خرائط المنطقة، بعد مرور قرن على الخرائط التي رسمها كلٌ من سايكس وبيكو (بريطانيا وفرنسا)، ولا عن الرؤية الإسرائيلية – الغربية للشرق الأوسط الجديد، بل الصحيح أنه كان في صلبها، وفي هذا السياق أتى الحصار الاقتصادي الأمريكي على نظام الإنقاذ والذي استمر لأكثر من ربع قرن، وأتى فصل جنوب السودان، واستمرت محاولات خنق وإخضاع ما تبقى من البلاد للإرادة الخارجية فجاءت ما سُمي ب “ثورة ديسمبر” بحمولاتها المتعددة والمتناقضة وأبرزها البعثة الأممية “يونيتامس” التي حاول المخططون من خلالها بسط الهيمنة الأجنبية من خلال إعادة هيكلة أوضاع البلاد سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، فلما فشلت كل تلك المخططات قرروا أن ينفذوا خطة إخضاع السودان، وإعادة هيكلته، عن طريق القوى الجبرية والعمل المسلح فكانت حرب أبريل ٢٠٢٣م !!

مَن لا يزال يعتقد أن الحرب التي تعيشها بلادنا الآن هي شأن داخلي متعلق بطموحات سياسية أو مظالم تاريخية، ولم يستطع تمييز الأثر والنفوذ الأجنبيين فيها حتى الآن، عليه أن يُراجع حساباته، فهو إما مُساق إلى وجهة لا يعلمها أو جزء من أدوات تنفيذ الخطة نفسها.
والحال هكذا، فإن على السودانيين – حكاماً ومحكومين – أن يوحدوا صفهم وينسقوا جهدهم لتحرير بلادهم من أقصاها إلى أدناها من الإستعمار الجديد وتوابعه، وأن يتفقوا، دون تدخل خارجي، على رسم مستقبل بلادهم بحيث تصبح بالفعل حرة ومستقلة وناهضة يفخر ويفاخر بها كل أبنائها ممن لم تحدثهم أنفسهم بخيانتها.

العبيد أحمد مروح

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

خلال 15 يوما.. السودان يطالب كل الأجانب بمغادرة الخرطوم

ناشد العيد شرطة نزار خليل، مدير إدارة الأجانب والضبط الهجري، كل الأجانب بمغادرة بولاية الخرطوم التابعة لدولة السودان، خلال 15 يومًا، حفاظًا علي أرواحهم خلال فترة الحرب،  وذلك بناءا علي قرار لجنة تنسيق شئون أمن ولاية الخرطوم.

الحرب السودانية

التهمت نار الحرب المستعرة بين الأشقاء فى السودان، نحو 150 ألف قتيل وفقا للمبعوث الأمريكى .

15 شهرا كانت كفيلة بتدمير البلد الذى مزقته نزاعات تلو نزاعات انتهت به من عرش البلد الأكبر مساحة فى أفريقيا والعالم العربى حتى 2011، إلى دويلات صغيرة حالياً .

كلنا نعرف بداية الصراع الأخير المستعر بين الجيش وقوات الدعم السريع، والذى بدأ بتمرد قوات الدعم السريع ومحاصرتها قاعدة مروى العسكرية .

كلنا نعرف البداية، لكن لا أحد يعرف إلا الله متى تنتهى الحرب؟

150 ألف قتيل ونحو 10 ملايين فارين ومهجرين من المنازل، بعضهم هنا فى مصر .

هذا الرقم الضخم من الضحايا الذى وصلت إليه السودان فى 15 شهرا، يتجاوز 5 أضعاف ضحايا الحرب الأهلية فى ليبيا التى شهدت 25 ألف قتيل و4 آلاف مفقود .

كما يقنرب من 4 أضعاف عدد الشهداء فى غزة.

وبالطبع الأعداد فى السودان مرشحة للزيادة، دون أمل قريب فى إبرام اتفاق هدنة .

حتى هذi اللحظة لايزال السودان واحدا من أكبر ثلاث بلدان فى القارة الأفريقية من حيث المساحة، بعد أن كان الأول بلا منازع . كما لا تزال لديه مساحات شاسعة من الأراضى الصالحة للزراعة بما يمثل نحو ثلث المساحة تجعله بحق سلة غذاء العالم.. وتتوافر فيه بالطبع مياه أنهار النيل وعددها 7 أنهار قبل أن تتجمع فى مجرى النيل الرئيسى بالخرطوم قبل دخولها مصر.

وحتى هذه اللحظة أيضا، تمتلك السودان 130 مليون رأس ماشية، مقابل 7.5 مليون رأس ماشية فى مصر، اى أكثر من 17 ضعفا .

بخلاف البحيرات والمصائد النيلية والبحرية التى تتيح مخزونا من الثروة السمكية.

قبل انفصال الجنوب، كانت الثروة المعدنية والنفط، تضعان السودان فى مراتب متقدمة .. لكن الآن اختلف الوضع.

بلد ممزق ينشب فيه الفقر، بينما يجلس ابناؤه على عرش الزراعة والثروة الحيوانية.

سلة غذاء العالم، يتضور فيها ملايين الأشخاص جوعا، وينشرون فى دول الجوار هربا من الموت.

فى الفترة الليبرالية المصرية قبل 1952 كان الوفد يرى فى السودان وحدة تاريخية مع مصر. فقد وحدهما نهر النيل الذى يقطعهما ويروى عطش المصريين والسودانيين على حد سواء، كما يروى اراضيهما .

كانت مفاوضات الوفد مع الانجليز حول الجلاء، تتحطم على صخرة السودان، وكان النحاس باشا يقول: «تقطع يدى ولا يفصل السودان عن مصر».

رفض الوفد كل محاولات فصل السودان عن مصر .. وليتهما ما انفصلا .

فالسودان بثرواته الطبيعية من أراضٍ ومياه ومخزون من البترول والمعادن، ومصر بثرواتها البشرية وخبراتها فى الإدارة والتخطيط، كانا فى وحدتهما يمثلان تكاملا طبيعيا لوادى النيل .

ولو استمرت الوحدة ربما لأصبحت مصر والسودان أغنى بلد فى المنطقة العربية والقارة الأفريقية .

الآن لم يعد ممكنا سوى الدعاء للسودان، ثم إعداد خطة اقتصادية لتحقيق التكامل معها..  فربما تتحقق المعجزة وتنطفئ نار الحرب فى وقت قريب .

مقالات مشابهة

  • خلال 15 يوما.. السودان يطالب كل الأجانب بمغادرة الخرطوم
  • تغيرات المشهد السياسي في السودان
  • حل مشكلة الحرب في السودان باستخدام برنامج الذكاء الصناعي
  • السودان:«جبريل» يدعو «طوكيو» للاستثمار في إعادة إعمار السودان
  • السودان الآن في موقف الأقوى الذي يتجه لفرض شروطه وليس العكس
  • واجهوهم في الميدان: وادخلوا عليهم الباب في غرف التفاوض!!
  • رغم جهود إعادة توازنها.. غرق الفرقاطة الإيرانية سهند بالكامل
  • فرقاطة حربية إيرانية تغرق بالكامل رغم جهود إعادة توازنها
  • السودان: بعد سقوط الأقنعة لا للبكاء والعويل
  • اقتصاد السودان.. ضغوط الحرب ووعود إعادة الإعمار