جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-12@08:39:08 GMT

يا تُرى إلى أين يتجه هذا الإنسان؟

تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT

يا تُرى إلى أين يتجه هذا الإنسان؟

 

 

خالد بن أحمد الأغبري

 

تُعد المعاناة الشديدة التي يتعرض لها الإنسان السوي الذي نشأ في بيئة فاضلة وصالحة، ويؤدي من خلالها حقوق وواجبات دينه ويعمل من أجلها على القيام بمسؤولياته، وله فيها محطات إيجابية ومفاهيم ثقافية رصينة وشريعة ثابتة مدعومة بمنظومة فاعلة من المبادئ الحميدة التي ترتكز أهدافها وغاياتها على قواعد الفطرة السليمة ذات البعد الديني والقيم المثلى.

هذه المُعاناة- بلا شك- من أهم وأشد التحديات التي تواجه هذا الإنسان في تشكيل هيكلة أبجدياته ومفرداته وأوضاعه الاجتماعية والاقتصادية وبناء شخصيته الإسلامية المتزنة ورؤيته المعتدلة التي تمنحه القدرة والخبرة الكافية والمعرفة التامة بأمور حياته بغية التكيف مع الآخرين الذين يدينون بدين الحق ويعملون على تنقية النفس من شوائب الحياة، في حين عندما ننظر في مقابل ذلك نجد أن هناك من يَكُن لهذا الإنسان العداء المستميت ويُخطط ويعمل على القيام بتحجيم دوره والتأثير على نشاطه وعلى سلوكه وعلى ثقافته ليصل به الأمر لأن يكون من ذوي النظرة البائسة والشخصية السلبية التي تدفع بنفسها إلى انتكاسة خطيرة في الفكر واضطرابات مؤثرة في العقل وتفكك عميق في السلوك، بجانب ما قد يعترضه بسبب ذلك الحقد الدفين والكراهية المتأصلة بين عظمة الحق وأهله ومهزلة الباطل وأهله والتي تطورت أساليبها ونفوذها في سياق المصادمات المُتنامية بين أفراد المجتمعات وعلى كافة المستويات وفي أغلب المجالات، بفعل تلكم الأيادي الخفية التي تؤدي دورًا بارزًا من وراء الستار دون حياء أو خوف أو رادع وذلك لرفع معدلات تسلطها وهيمنتها من أجل فرض وصايتها وإحكام قبضتها الخبيثة وتدخلاتها السافرة في سياسات الدول واقتصادياتها وقرارتها السيادية، واستغلال مصادر رزقها ومواردها ومحاربة الآخرين بالقتل المباشر وغير المباشر وبطرق خفية وأوبئة جرثومية مدمرة للبشرية.

لقد أصبحت الشعوب المستضعفة تواجه تحديات صعبة ومقلقة وغير آمنة نتيجة تلك الهيمنة والفساد الأخلاقي والثقافي والمادي المنظم الذي تفشى بشكل لم يقف عند حد مُعين بقدر ما هو يتجدد في أساليبه ويتمدد في تنفيذ مخططاته وسمومه الرامية إلى قتل خصوصية وكرامة الإنسان في سياق مخططاتهم وبرامجهم التي تتمحور أهدافها إلى تخفيض عدد سكان الكرة الأرضية بحيث لا يتعدى العدد الذي يرونه مناسبًا حسب خطتهم ونظرتهم التشاؤمية وعقليتهم الفاسدة، وذلك في مخالفة صريحة لأوامر الله ونهيه سبحانه وتعالى عن قتل النفس: "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمً" (النساء: 93). صدق الله العظيم.

بينما هناك الكثير من الدول المتسلطة جعلت من منهجها وإستراتيجياتها وقبيح أفعالها وسوء نواياها الترويج والتشجيع على إثارة الدسائس والفتن وقتل الأنفس بدون وجه حق وازهاق الأرواح وإجهاض الأجنة وتدمير الدول، وهي تعمل من خلال ذلك على خلفية استباحت دماء النَّاس وأعراضهم وحقوقهم المشروعة وممتلكاتهم الخاصة والعامة في إشارة واضحة وجلية تدعو إلى خلق التوترات والفوضى المؤدية إلى تفاقم الكثير من الحالات التي تقابلها ردود فعل عنيفة وخفية، وظهور ما يغضب الله في ملكوته، وذلك فيما يتمثل في جملة من العقوبات العنيفة والقاهرة والمدمرة بقدرته وعظمته سبحانه وتعالى؛ كالكوارث والأوبئة والأمراض الجرثومية التي تتحور تلقائيا وتلقي بظلالها وتتسبب في إثارة الذعر بين الناس، وهي التي تأتي في صورة رسائل مشفرة ومؤشرات تدعو إلى التأمل واليقظة ومراجعة النفس ومحاسبتها للكف عن مخالفة الله والعمل بما يرضيه، والانتباه لما هو قادم خشية الوقوع في المحظور.

فيا تُرى إلى أين يتجه هذا الإنسان؟ الذي تفرض عليه تلك القوانين العبثية المخالفة للفطرة والمعادية للشريعة والتي تبنى عليها ثقافات وسلوكيات تهدد البشرية بالانحطاط والتخلص من القيم والمبادئ الإنسانية والاجتماعية الحميدة والأخذ به إلى تيارات الفوضى والرذيلة والخروج عن جادة الصواب، نسأل الله العافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة «رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ۚ» «رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا»، ولله عاقبة الأمور.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

السفير خليل الذوادي: خطط حوكمة عربية متكاملة لمواجهة الأخطار التي تهدد المنطقة

قال السفير خليل إبراهيم الذوادي الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون العربية والأمن القومي لجامعة الدول العربية، إن التحديات التي تواجه العالم العربي، بجغرافيته المتنوعة وتاريخه الغني، هو أحد المناطق الأكثر عرضة لتغير المناخ والتدهور البيئي والاضطرابات الاقتصادية الناجمة عن الكوارث والأحداث الجوية المتغيرة والتحضر المتسارع وغيرها من المتغيرات، تتطلب نهجًا استباقيا ومدفوعًا بالعلم ومركزًا على المجتمع.

وتابع السفير خليل إبراهيم الذوادي، من مسؤوليتنا أن نتكاتف وبحزم وتعاون لحماية الأرواح وحماية سبل العيش وضمان التنمية المستدامة للأجيال القادمة وهو ما يؤكد على أهمية موضوع منتدى هذا العام، «بناء مجتمعات مرنة: من الفهم إلى العمل»، الذي يأتي في الوقت المناسب، إذ يذكرنا بأن المرونة ليست مجرد مفهوم، بل هي ضرورة ملحة.

وأضاف أن المنتدى الإقليمي العربي السادس للحد من مخاطر الكوارث، يأتي في لحظة حاسمة من جهودنا المشتركة للتخفيف من المخاطر وتعزيز الاستعداد وتعزيز التعاون في مواجهة المخاطر الطبيعية والبشرية المتزايدة.

جاء ذلك خلال افتتاح المنتدى الإقليمي العربي السادس للحد من مخاطر الكوارث «بناء مجتمعات عربية قادرة على الصمود: من الفهم الى العمل»، تحت رعاية النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف، وبالتعاون بين مكتب الأمم المتحدة الإقليمي للدول العربية للحد من مخاطر الكوارث وجامعة الدول العربية، بحضور كمال كيشور الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث.

أوضح أن فهم المخاطر هو الخطوة الأولى نحو تعزيز القدرة على الصمود وبدون فهم واضح للمخاطر التي نواجهها، وأسبابها الكامنة، وتأثيراتها المحتملة، لا يمكننا تطوير وتنفيذ استراتيجيات فعالة للحد من المخاطر وهذا يتطلب الاستثمار في البحث وجمع البيانات وأنظمة الإنذار المبكر، وضمان حصول صناع القرار والمجتمعات على حد سواء على المعرفة التي يحتاجون إليها ومع ذلك، فإن الفهم وحده لا يكفي يجب أن ننتقل من المعرفة إلى العمل.

وأشار الى أن الإرادة السياسية المتوفرة لدى الدول العربية المنعكسة في كافة السياسات والاليات العربية يجب ترجمتها الى عمل آني ملموس على الأرض ويجب التوقف عن الانتظار حتى حدوث الكارثة لمجابهة تداعياتها، بل يجب البدء في التحسب والاستعداد المقرون بنظم انذار مبكر إقليمية تمتد على طول المنطقة العربية وتنفيذ مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة.

وأوضح الذوادى انه خلال الأيام المقبلة، سيعمل هذا المنتدى كمنصة للحوار والابتكار والعمل وستتم مناقشة استراتيجيات تعزيز حوكمة الكوارث بشكل أكبر، وتعزيز التنمية المستنيرة بالمخاطر، ومواصلة العمل نحو دمج المرونة في السياسات الوطنية والإقليمية وسوف نتعلم من الخبرات السابقة، ونشارك أفضل الممارسات، ونعمل على بناء شراكات أقوى بين الحكومات والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص، كما سيتم التركيز على ترجمة البحث إلى سياسة، والسياسة إلى ممارسة، والممارسة إلى تأثير دائم وهذا يعني العمل على دمج الحد من المخاطر في التخطيط الحضري وتنمية البنية الأساسية، وضمان دمج المرونة في التعليم والصحة والأنظمة الاقتصادية.

وأشار السفير الذوادى الى أن المنتدى سيكون نقطة تحول تؤدي إلى حلول قابلة للتنفيذ، وشبكات أقوى، وإحساس متجدد والعمل بإخلاص في مهمتنا الجماعية ونلتزم بخطوات ملموسة وقابلة للقياس من شأنها أن تحدث فرقاً حقيقياً حتى يمكننا تحويل الفهم إلى عمل وبناء مستقبل و لا تكون مجتمعاتنا مستعدة للكوارث فحسب، بل ومجهزة للازدهار والنماء والبناء.

اقرأ أيضاًجامعة الدول العربية تدعو إلى تبني إطلاق صندوق عربي لتمويل مشروعات التنمية المستدامة

الرئاسة الفلسطينية تطالب بانعقاد اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية يجري اتصالات مع اتصالات مع نظرائه من الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامى حول تطورات القضية الفلسطينية
  • روبيو: الوحيد الذي قال إنه سيساعد غزة هو ترامب
  • «أمين الفتوى» بدار الإفتاء: قيام الليل شرف المؤمن ووسيلة لمجاهدة النفس
  • السفير خليل الذوادي: خطط حوكمة عربية متكاملة لمواجهة الأخطار التي تهدد المنطقة
  • أذكار المساء اليوم الإثنين 10 فبراير 2025
  • المطران عون: علينا الاتكال على الله وعلى ارادة المسؤولين كي لا يخيبوا انتظارات الشعب
  • سياسي أميركي: هذا ليس هو ترامب الذي انتخبته أميركا
  • علاج الوسواس القهري الذي يصيب الإنسان.. تخلص منه في الحال
  • قمة عربية طارئة في مصر التحديات التي تواجه مستقبل الفلسطينيين في غزة بسبب خطة ترامب
  • الكشف عن أبرز البنود التي تحوي المشروع الوطني الذي قدمته القوى السياسية