يا تُرى إلى أين يتجه هذا الإنسان؟
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
خالد بن أحمد الأغبري
تُعد المعاناة الشديدة التي يتعرض لها الإنسان السوي الذي نشأ في بيئة فاضلة وصالحة، ويؤدي من خلالها حقوق وواجبات دينه ويعمل من أجلها على القيام بمسؤولياته، وله فيها محطات إيجابية ومفاهيم ثقافية رصينة وشريعة ثابتة مدعومة بمنظومة فاعلة من المبادئ الحميدة التي ترتكز أهدافها وغاياتها على قواعد الفطرة السليمة ذات البعد الديني والقيم المثلى.
هذه المُعاناة- بلا شك- من أهم وأشد التحديات التي تواجه هذا الإنسان في تشكيل هيكلة أبجدياته ومفرداته وأوضاعه الاجتماعية والاقتصادية وبناء شخصيته الإسلامية المتزنة ورؤيته المعتدلة التي تمنحه القدرة والخبرة الكافية والمعرفة التامة بأمور حياته بغية التكيف مع الآخرين الذين يدينون بدين الحق ويعملون على تنقية النفس من شوائب الحياة، في حين عندما ننظر في مقابل ذلك نجد أن هناك من يَكُن لهذا الإنسان العداء المستميت ويُخطط ويعمل على القيام بتحجيم دوره والتأثير على نشاطه وعلى سلوكه وعلى ثقافته ليصل به الأمر لأن يكون من ذوي النظرة البائسة والشخصية السلبية التي تدفع بنفسها إلى انتكاسة خطيرة في الفكر واضطرابات مؤثرة في العقل وتفكك عميق في السلوك، بجانب ما قد يعترضه بسبب ذلك الحقد الدفين والكراهية المتأصلة بين عظمة الحق وأهله ومهزلة الباطل وأهله والتي تطورت أساليبها ونفوذها في سياق المصادمات المُتنامية بين أفراد المجتمعات وعلى كافة المستويات وفي أغلب المجالات، بفعل تلكم الأيادي الخفية التي تؤدي دورًا بارزًا من وراء الستار دون حياء أو خوف أو رادع وذلك لرفع معدلات تسلطها وهيمنتها من أجل فرض وصايتها وإحكام قبضتها الخبيثة وتدخلاتها السافرة في سياسات الدول واقتصادياتها وقرارتها السيادية، واستغلال مصادر رزقها ومواردها ومحاربة الآخرين بالقتل المباشر وغير المباشر وبطرق خفية وأوبئة جرثومية مدمرة للبشرية.
لقد أصبحت الشعوب المستضعفة تواجه تحديات صعبة ومقلقة وغير آمنة نتيجة تلك الهيمنة والفساد الأخلاقي والثقافي والمادي المنظم الذي تفشى بشكل لم يقف عند حد مُعين بقدر ما هو يتجدد في أساليبه ويتمدد في تنفيذ مخططاته وسمومه الرامية إلى قتل خصوصية وكرامة الإنسان في سياق مخططاتهم وبرامجهم التي تتمحور أهدافها إلى تخفيض عدد سكان الكرة الأرضية بحيث لا يتعدى العدد الذي يرونه مناسبًا حسب خطتهم ونظرتهم التشاؤمية وعقليتهم الفاسدة، وذلك في مخالفة صريحة لأوامر الله ونهيه سبحانه وتعالى عن قتل النفس: "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمً" (النساء: 93). صدق الله العظيم.
بينما هناك الكثير من الدول المتسلطة جعلت من منهجها وإستراتيجياتها وقبيح أفعالها وسوء نواياها الترويج والتشجيع على إثارة الدسائس والفتن وقتل الأنفس بدون وجه حق وازهاق الأرواح وإجهاض الأجنة وتدمير الدول، وهي تعمل من خلال ذلك على خلفية استباحت دماء النَّاس وأعراضهم وحقوقهم المشروعة وممتلكاتهم الخاصة والعامة في إشارة واضحة وجلية تدعو إلى خلق التوترات والفوضى المؤدية إلى تفاقم الكثير من الحالات التي تقابلها ردود فعل عنيفة وخفية، وظهور ما يغضب الله في ملكوته، وذلك فيما يتمثل في جملة من العقوبات العنيفة والقاهرة والمدمرة بقدرته وعظمته سبحانه وتعالى؛ كالكوارث والأوبئة والأمراض الجرثومية التي تتحور تلقائيا وتلقي بظلالها وتتسبب في إثارة الذعر بين الناس، وهي التي تأتي في صورة رسائل مشفرة ومؤشرات تدعو إلى التأمل واليقظة ومراجعة النفس ومحاسبتها للكف عن مخالفة الله والعمل بما يرضيه، والانتباه لما هو قادم خشية الوقوع في المحظور.
فيا تُرى إلى أين يتجه هذا الإنسان؟ الذي تفرض عليه تلك القوانين العبثية المخالفة للفطرة والمعادية للشريعة والتي تبنى عليها ثقافات وسلوكيات تهدد البشرية بالانحطاط والتخلص من القيم والمبادئ الإنسانية والاجتماعية الحميدة والأخذ به إلى تيارات الفوضى والرذيلة والخروج عن جادة الصواب، نسأل الله العافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة «رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ۚ» «رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا»، ولله عاقبة الأمور.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
دون تردد..زعيم الحوثيين يعلن التشبث بالهجمات على إسرائيل وعلى القوات الأمريكية في البحر الأحمر
شدد زعيم الحوثيين في اليمن عبدالملك الحوثي، اليوم الأربعاء، على استمرار عمليات جماعته لـ"نصرة فلسطين دون تردد أو تراجع".
وقال الحوثي في كلمة مصورة: "نؤكد ثباتنا على موقفنا المبدئي الإيماني الإنساني الأخلاقي، في نصرة الشعب الفلسطيني بكل ما نستطيع، دون تردد ولا تراجع، معتمدين على الله تعالى، متوكلين عليه، واثقين بنصره".
وأضاف أن "اليمن مستمر في نصرة فلسطين دون تراجع، رغم العدوان الأمريكي، الذي عاد في جولة تصعيد جديدة، بعد أن استمر أكثر من عام كامل". ولفت إلى أن "المسار العدواني للعدو الإسرائيلي، بشراكة أمريكية، يتجه نحو هدف واضح، هو السعي لتصفية القضية الفلسطينية، ومحاولة تهجير الشعب الفلسطيني من فلسطين".
17 غارة أمريكية على مواقع للحوثيين في اليمن - موقع 24أفاد موقع "أنصار الله" التابع لميليشيا الحوثي اليوم الأربعاء، بوقوع 17 غارة على الأقل على محافظتَي صعدة وعمران في شمال غرب اليمن، محمّلاً الولايات المتحدة مسؤولية الهجمات.
ويشن الحوثيون ضربات صاروخية ضد مواقع إسرائيلية، وحاملة طائرات أمريكية في البحر الأحمر، بعد انهيار الهدنة بين إسرائيل وحماس، "مساندة ودعماً لغزة"، على حد وصف الجماعة المتحالفة مع إيران.