جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-24@23:31:25 GMT

يا تُرى إلى أين يتجه هذا الإنسان؟

تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT

يا تُرى إلى أين يتجه هذا الإنسان؟

 

 

خالد بن أحمد الأغبري

 

تُعد المعاناة الشديدة التي يتعرض لها الإنسان السوي الذي نشأ في بيئة فاضلة وصالحة، ويؤدي من خلالها حقوق وواجبات دينه ويعمل من أجلها على القيام بمسؤولياته، وله فيها محطات إيجابية ومفاهيم ثقافية رصينة وشريعة ثابتة مدعومة بمنظومة فاعلة من المبادئ الحميدة التي ترتكز أهدافها وغاياتها على قواعد الفطرة السليمة ذات البعد الديني والقيم المثلى.

هذه المُعاناة- بلا شك- من أهم وأشد التحديات التي تواجه هذا الإنسان في تشكيل هيكلة أبجدياته ومفرداته وأوضاعه الاجتماعية والاقتصادية وبناء شخصيته الإسلامية المتزنة ورؤيته المعتدلة التي تمنحه القدرة والخبرة الكافية والمعرفة التامة بأمور حياته بغية التكيف مع الآخرين الذين يدينون بدين الحق ويعملون على تنقية النفس من شوائب الحياة، في حين عندما ننظر في مقابل ذلك نجد أن هناك من يَكُن لهذا الإنسان العداء المستميت ويُخطط ويعمل على القيام بتحجيم دوره والتأثير على نشاطه وعلى سلوكه وعلى ثقافته ليصل به الأمر لأن يكون من ذوي النظرة البائسة والشخصية السلبية التي تدفع بنفسها إلى انتكاسة خطيرة في الفكر واضطرابات مؤثرة في العقل وتفكك عميق في السلوك، بجانب ما قد يعترضه بسبب ذلك الحقد الدفين والكراهية المتأصلة بين عظمة الحق وأهله ومهزلة الباطل وأهله والتي تطورت أساليبها ونفوذها في سياق المصادمات المُتنامية بين أفراد المجتمعات وعلى كافة المستويات وفي أغلب المجالات، بفعل تلكم الأيادي الخفية التي تؤدي دورًا بارزًا من وراء الستار دون حياء أو خوف أو رادع وذلك لرفع معدلات تسلطها وهيمنتها من أجل فرض وصايتها وإحكام قبضتها الخبيثة وتدخلاتها السافرة في سياسات الدول واقتصادياتها وقرارتها السيادية، واستغلال مصادر رزقها ومواردها ومحاربة الآخرين بالقتل المباشر وغير المباشر وبطرق خفية وأوبئة جرثومية مدمرة للبشرية.

لقد أصبحت الشعوب المستضعفة تواجه تحديات صعبة ومقلقة وغير آمنة نتيجة تلك الهيمنة والفساد الأخلاقي والثقافي والمادي المنظم الذي تفشى بشكل لم يقف عند حد مُعين بقدر ما هو يتجدد في أساليبه ويتمدد في تنفيذ مخططاته وسمومه الرامية إلى قتل خصوصية وكرامة الإنسان في سياق مخططاتهم وبرامجهم التي تتمحور أهدافها إلى تخفيض عدد سكان الكرة الأرضية بحيث لا يتعدى العدد الذي يرونه مناسبًا حسب خطتهم ونظرتهم التشاؤمية وعقليتهم الفاسدة، وذلك في مخالفة صريحة لأوامر الله ونهيه سبحانه وتعالى عن قتل النفس: "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمً" (النساء: 93). صدق الله العظيم.

بينما هناك الكثير من الدول المتسلطة جعلت من منهجها وإستراتيجياتها وقبيح أفعالها وسوء نواياها الترويج والتشجيع على إثارة الدسائس والفتن وقتل الأنفس بدون وجه حق وازهاق الأرواح وإجهاض الأجنة وتدمير الدول، وهي تعمل من خلال ذلك على خلفية استباحت دماء النَّاس وأعراضهم وحقوقهم المشروعة وممتلكاتهم الخاصة والعامة في إشارة واضحة وجلية تدعو إلى خلق التوترات والفوضى المؤدية إلى تفاقم الكثير من الحالات التي تقابلها ردود فعل عنيفة وخفية، وظهور ما يغضب الله في ملكوته، وذلك فيما يتمثل في جملة من العقوبات العنيفة والقاهرة والمدمرة بقدرته وعظمته سبحانه وتعالى؛ كالكوارث والأوبئة والأمراض الجرثومية التي تتحور تلقائيا وتلقي بظلالها وتتسبب في إثارة الذعر بين الناس، وهي التي تأتي في صورة رسائل مشفرة ومؤشرات تدعو إلى التأمل واليقظة ومراجعة النفس ومحاسبتها للكف عن مخالفة الله والعمل بما يرضيه، والانتباه لما هو قادم خشية الوقوع في المحظور.

فيا تُرى إلى أين يتجه هذا الإنسان؟ الذي تفرض عليه تلك القوانين العبثية المخالفة للفطرة والمعادية للشريعة والتي تبنى عليها ثقافات وسلوكيات تهدد البشرية بالانحطاط والتخلص من القيم والمبادئ الإنسانية والاجتماعية الحميدة والأخذ به إلى تيارات الفوضى والرذيلة والخروج عن جادة الصواب، نسأل الله العافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة «رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ۚ» «رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا»، ولله عاقبة الأمور.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

سلاح الجو النوعي الذي أرعب الحركة الإسلامية

لأول مرة يرتعب جنرالات الحركة الإسلامية سافكو دم شعبهم، بعد أن علموا بأن الله قد منّ على المستهدفين بالبراميل المتفجرة الساقطة على رؤوسهم، بسلاح نوعي يحميهم، جعل القلوب الخافقة تهدأ والنفوس الوجلة تستقر، فالرب قد استجاب لتلك المرأة المسكينة، التي رفعت كفيها بالدعاء على من أحرق زرعها وضرعها وبيتها، بأن يحرقه، وهي امرأة وحيدة وضعيفة ومسكينة على أعتاب التسعين، أبرها الله الذي وصفته بأنه (ليس ابن عم أحد)، في تضرع صادق خارج من صميم قلب مكلوم مهيض الجناح لا يلوي على شيء، هذه الحرب أدخلت مجرمي الإسلام السياسي في جحر ضب خرب، وكشفت عن بشاعة النفس التي بين جنبيهم، وأبانت كيف أن النشأة الأولى لم تكن على أساس ديني قويم، وإنّما كانت بناء على انحراف خلقي واخلاقي، وإلّا لما جاءت النتيجة بعد ثلاثين عاماً من تجربة الحكم استهدافاً قاسياً للمسلمين الفقراء الكادحين الذين لا حول لهم ولا قوة، جرمهم الوحيد أنهم يسكنون هذه الأرض، وما يزال القاتل الأكبر يتربص بهم كيف أنهم أنجبوا هؤلاء الرجال الأشداء المقاتلين من أجل الحق؟، الذي استمات الحركيون الإسلاميون في تمييعه، بين نفاق الإعلام الكذوب وإفك فقهاء الجنرال الظلوم الجهول "مدّعي الربوبية"، الذي ذُعِر أيما ذُعر وهو يتحدث عن حصول (الرجال) على السلاح النوعي، المانع لآلته المجرمة والقاتلة من أداء مهمتها الجبانة والقذرة، ألم يتلو آيات الذكر الحكيم القائلة أن الباطل لابد وأن يزهق، كيف بربك يتلوها وهو القاتل الغاصب الفاسق الرعديد؟.
من ظن أن السودانيين سيواصلون صمتهم الخجول الممتد لسبعة عقود، عن المجازر المخطط لها بعناية ودقة فائقة وممنهجة من زمان "حسن بشير نصر" و"أبو كدوك" إلى زمان المختبئين وراء المليشيات الإرهابية، يكون غائب عن الوعي وغير مدرك لحتميات حركة التاريخ، وكما في حياتنا الرعوية مقولة "قصعة الجرّة"، التي تعني اجترار الحيوان لكل ما التهمه من عشب النهار ليلاً، بدأ مجرمو مؤسسة الموت والهلاك والدمار يطرشون ما اختزنوه من خطيئة سفك دماء الأبرياء، فجميع من ترونهم من لواءات وعمداء وعقداء يسقطون من السماء على الأرض، ويرقص حول جثثهم المحترقة الأحرار في حفلات شواء ناقمة، ما هي إلّا عملية استفراغ لما ارتكبوه من جرم بشع وعمل شنيع لا يشبه فعل إبليس. على المستوى الشخصي حينما سمعت خبر مقتل العقيد وليد ابن اخت الجنرال الهارب، أيقنت أن القصاص لن يترك فرداً ولا جماعة ولغت في دم عشيرة الغبراء التي أقسمت على الله فأبرها، هذا "الوليد" هو مهندس مجازر الجنينة كما كان (خاله) وجده "اللواء الدابي"، هل تعلمون أن الملازم وليد في تسعينيات القرن المنصرم ارتكب مجزرة بحق سكان قرية بدارفور، شهودها جنود في "جيش (العشب) الواحد"؟، روى تفاصيل الجريمة النكراء "رقيب معاش" ما زال حياً، وأنا على يقين من أنه قد رفع كفيه للسماء بعد أن علم بالخبر وقال "الحمد لله"، إنّ جند الجيش "الكتشنري" سوف يتذوقون ذات طعم الحنظل الذي أذاقوه للسودانيين ما دامت الأكف مرفوعة بالدعاء.
يقول المثل "المصيبة ليست في ظلم الأشرار ولكن في صمت الأخيار"، وانا أقول "المصيبة ليست في صمت الأخيار ولكن في عدم وجود (أخيار) من الأساس"، لأن الرجل الخيّر لن يصمت عن قول الحق، ولن يتسامح مع المجرمين والمنافقين والمدلسين والمزورين والكذابين والأفّاكين، وطالما أن هنالك بيننا من يعتقد في أن الجنود السودانيين الذين يعملون تحت راية (القوات المسلحة)، والمرسلين لليمن من معسكر "سركاب" أنهم "متمردين"، ويتجاهل كونهم نائمين على أسرة (معسكر الجيش) وهم منزوعي السلاح، داخل بيت ضيافة (القوات المسلحة)، تأكد من حقيقة واحدة لا ثاني لها، هي حتمية انتصار كل من رفع البندقية في وجه هذا (الجيش)، الذي فقد الزخم المصطنع الذي عاشه السودانيون مائة عام، إذ كيف لجيش عمره قرن يورث الناس الحرب والدمار والخراب؟، لماذا لم يؤد دوره الوطني المنوط به؟، لقد أعاد "جيشنا جيش الهنا" الخرطوم للعهد الذي بدأ بدخول "كتشنر" حيث عربة "الكارو" الناقلة لماء الشرب، التي يسحبها حمار لتقوم بمهمة سقيا الناس قبل قرن وربع القرن، إنّه (فرض عين) على الشعب السوداني أن يثور ثورته الأخيرة القاضية، ليقضي على العصابة المنحرفة المتواجدة في بورتسودان، وإلّا ستشهد بورتسودان نفسها ما شهدته "نيالا" و"الفاشر"، على أهل الشرق أن يكونوا كما قال المثل " السعيد يشوف في أخوه"، إنّ شر الإخوان قد أوصل مصر لدرك سحيق خلال حقبة حكم لم تتجاوز السنة الواحدة، أما الشعب السوداني فليس في مقدوره إخراج (الأذى) إلّا بعد أن يستعين بصديق، فإن لم يفعل ولن يفعل، فليبشر بطول أمد المعركة الدائرة الآن بين حق السودانيين في الحياة الكريمة، وباطل الحركة الإسلامية (الإخوان) في استعباد السودانيين.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com

   

مقالات مشابهة

  • السوداني: العراق يتجه الى توطين الصناعات الدوائية
  • السيسي: التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي تحتم تكثيف التعاون بين الدول العربية
  • سلاح الجو النوعي الذي أرعب الحركة الإسلامية
  • نصيحة أمين الفتوى لشاب كلما أقلع عن الذنب عاد إليه من جديد
  • ما التناجي الذي نهى عنه الرسول ومتى يجوز؟.. الإفتاء تجيب
  • أذكار الصباح اليوم الأربعاء 23 أبريل 2025.. «بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء»
  • مواطن يستعرض إمكانيات سيارته التي لا تتجاوز قيمتها 10 آلاف ريال .. فيديو
  • التحية للدكتور الصادق الرزيقي القوي الذي وقف وقفة مشرفة
  • الصين تتوعد الدول التي تسير على خطى أمريكا لعزل بكين
  • هل يتجه الداخل اللبناني إلى الاستقرار؟