رئيس رابطة الجامعات الإسلامية: الفكر الإنساني مستمر في حراكه وليس مقدسا
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
أكد رئيس رابطة الجامعات الإسلامية الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى أن الفكر الإنساني مستمر في حراكه وتغيراته مشددا في الوقت ذاته على أن هذا الفكر الإنساني ليس مقدسا.
وقال العيسى ، في المحاضرة التذكارية "مستجدات الفكر بين الشرق والغرب" والتي ألقاها اليوم الأربعاء في جامعة القاهرة وقدم لها الاستاذ الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس الجامعة ، إن الفكر الإنساني مادام حيا يقظا فإنه سيكون يوميا أمام معلومة جديدة ووقائع مدهشة بل وربما صادمة.
واعتبر أن "الفكر الإنساني ليس مقدسا" وأن النص المقدس هو القرآن الكريم وما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم لأن الشرع كامل والدين كامل .. مستشهدا بالآية الكريمة "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي".
وأوضح أنه لا تجديد في الدين وإنما يتجدد الاجتهاد وانزال النص الشرعي على الواقع لتحقيق مقصد الشرع والتي تتمثل في مصلحة الدين والدنيا..قائلا : "إن تجديد الخطاب الديني إنما يتحدث عن القاعدة الفقهية التي تناولها العلماء بتغير الفتاوى وتغير الزمان والمكان أي ما يتعلق بالقدرة على استيعاب النص وانزاله على الواقع والتحرر من التبعية العمياء لأي اجتهاد تم بناؤه على ظرفه الزماني والمكاني".
ودعا العيسى إلى "عدم تصدير الفتاوى خارج ظرفيتها الزمانية والمكانية" .. لافتا إلى ضرورة وجود بيئة علمية تعمل على تنشيط المحاضن العلمية لاسيما الكليات الشرعية حتى نعمل على إنجاز ملكة فقهية.
وقال :"إننا نقدر ونحترم الجميع ولكن لا تقديس إلا للقران الكريم وسنة الرسول نحترم الجميع لكن العصمة فقط هي لكتاب الله وسنة رسوله".. معتبرا أن الفقيه الحق يحترم من سبقوه لكن يجتهد في سياق زمانه ومكانه ملتمسا مقاصد الشريعة من صلاح الدين والدنيا معا.
وفي هذا السياق .. استشهد بالإمام الشافعي الذي قال إن رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب فهو مثل أعلى منزله للرقي الفقهي بسمة العالم الراسخ ، وحين غادر العراق إلى مصر بدل اجتهاده مراعاة للبيئة الجديدة والزمان والمكان المختلفين .. مشددا على أن الاستنباط والاجتهاد لا يغلق على أحد قاصرا على أحد دون آخر ولا زمان دون آخر ومن يملك الاجتهاد فليجتهد.
واعتبر أن الفكر الإنساني يمثل مسارا طويلا في موضوعاته المتعددة أو نقاشاته بمختلف مستوياته سواء دينيا أو سياسيا أو فلسفيا أو ثقافيا.. مشيرا إلى أن هناك إرثا كثيرا من الأفكار ومن ثم السجالات العميقة حول تلك الأفكار.
وقال : "إنه صاحب ذلك الفكر وقائع تاريخية وصلت إلى حد الصدامات والصراعات بل وصلت في بعض الأحيان إلى الحروب مع الأسف الشديد شرقا وغربا وإن كان في الغرب أكثر والتاريخ شاهد على ذلك".
ورأى أنه أيا كانت أسباب الصراعات الفكرية سواء كان الجهل هو السبب أو كان السبب في تضارب المصالح ايا كان نوعها فإنها (أي الصراعات) تمثل السجالات الصلبة بينما يمثل "التراث" سجالات القوى الناعمة التي لا تتجاوز محورها المسالم مهما تكن الحدود في السجال.
وانتقد الذين وقعوا في فخ الاستفزاز الديني والفكري لأنهم أساءوا لعدالة قضيتهم وشوهوها بل وخالفوا قيم دينهم الذي أرشد المسلم إلى الحكمة والموعظة الحسنة وخالفوا أيضا أمر الله بالدفع بالتي هي أحسن.
وقال : "إن الله أمرنا بالاعتراض والصد عن الجهلة وهم الجهلة الخلص، فكيف بما لا يجزم يقينا أنهم كذلك".. واصفا "سمة المؤمن" بأنه الحكمة البالغة ولهذا جاء الهدي الكريم بتأليف القلوب والرفق بها..مشددا على ضرورة الحوار بين الغرب والشرق فيما يمكن الحوار فيه للوصول إلى نقاط التقاء وأن من يقوم بالحوار المؤسسات الرسمية والأهلية والجامعات وكبريات المنصات الأكاديمية.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
روحانيات الشهر الكريم
خليل المعلمي
هي أيام معدودات، نتزود فيها من خيرات الله وبركاته فتعمنا الرحمة في أوله والمغفرة في أوسطه والعتق من النار في أخره.. فقط علينا الإخلاص والعمل واغتنام هذه الأيام المباركة بالأعمال الصالحة والإكثار من الذكر والتعبد وقيام الليل، والاحسان إلى الفقراء والمساكين..
شهر رمضان هو أفضل الأشهر إلى الله فيه نزل القرأن على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.. وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر..
هو محطة للتزود بالحسنات، ومحطة لمراجعة النفس عما اقترفته في الماضي، ومحطة هامة للتغيير إلى الأفضل.
وهو كذلك شهر الجهاد، مجاهدة النفس عن الشهوات، ومجاهدة أعداء الأمة الإسلامية، والتاريخ يروي لنا قصص أسلافنا الذين نشروا قيم الدين ومبادئه ودافعوا عن الأعراض والمقدسات في معارك فارقة في تاريخنا الإسلامي وقد حدثت الكثير منها في شهر رمضان فاجتمعت فريضة الصيام مع الصبر مع الجهاد فكان النصر حليفهم دائما..
ها قد وصلنا إلى النصف الثاني من هذا الشهر المبارك، الذي حل على المسلمين ضيفاً خفيف الظل، يتقربون في أيامه المباركة إلى الله بالأعمال الصالحة وينهلون من أيامه ولياليه الأجر والثواب.
ينتظر المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها هذا الشهر المبارك من العام إلى العام وما إن يفرغوا من صيامه حتى تبدأ رحلة الانتظار أحد عشر شهراً من السنة الجديدة.
فالشهر الكريم موسم للمؤمنين في البذل والعطاء والخير في صيام نهاره وقيام لياليه المباركة بالصلوات وتلاوة القرآن ومساعدة المحتاجين والشعور بمعاناتهم وآلامهم.
ولا تختلف العادات والتقاليد في بلادنا عن بقية البلدان الإسلامية، فالاستعداد لشهر الصيام يبدأ من وقت مبكر ويصبح شهر الرحمة والغفران مناسبة لزيارة الأقارب والأصدقاء وإحياء الليالي في الذكر والنقاش في شتى العلوم والمعارف والثقافات.
وكما أنه موسم لبذل العطاء والتعاون والتكاتف والتقريب بين الأهل والأقارب والجيران والأصدقاء، فهو أيضاً موسم للبيع والشراء وفرصة للتخفيف من البطالة التي يقع فيها الكثير من شبابنا، فاحتياجات الأسر في رمضان تفوق غيرها في الأيام العادية ذلك لأن شهر رمضان له طقوسه الخاصة في إعداد مائدة الإفطار وتتنوع الوجبات وتتميز في جميع المناطق والمدن بل وفي مختلف البلدان.
كما تقوم الأسر قبل انقضاء هذا الشهر الفضيل بالاستعداد لمناسبة العيد بشراء مختلف الاحتياجات لإعداد حلويات العيد وكذلك شراء حلويات العيد الجاهزة، وشراء ملابس العيد الجديدة للأطفال.
ويرافق الشهر الكريم في بلادنا العديد من السلبيات التي نشاهدها من إسراف في المأكولات وعشوائية في الأسواق وزحام في الطرقات العامة والرئيسية وغياب غير مبرر لبعض أجهزة الدولة في الرقابة وتسيير أمور المواطنين.
ورغم ذلك تتزين بيوت الله بالأجواء الروحانية وبالأخص في الأحياء القديمة من المدن القديمة والتي لا زالت تحتفظ بالعديد من العادات والتقاليد في الاعتكاف في المساجد، فنجد الشيوخ والشباب والأطفال يجتمعون في حلقات لتدارس كتاب الله الكريم وتدبر آياته وهناك من يتخذ زاويته في المسجد أو يركن إلى أحد أعمدته وأمامه المصحف الكريم خاصة كبار السن.
ولزيارة هذه المساجد العتيقة والتاريخية آثر ووقع في النفوس ببنائها القديم الرائع والتشكيلة الناتجة لترتيب الأعمدة التي تحمل العقود بين الأروقة، وكذلك لما تحمله من روحانيات وما يزينها من زخارف ونمنمات وكتابات لآيات قرآنية على الجدران وعلى أخشاب السقوف، وكذلك ارتفاع سقوفها وأروقتها الرائعة التي يتم نسبها إلى الاتجاهات.
ويبقى ألا أن ننسى ما تجود به المؤسسات الرسمية كالهيئة العامة للزكاة، وكذا المؤسسات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني العاملة في الأعمال الخيرية من تخفيف العبء عن الأسر المحتاجة وتوفير احتياجاتها من المواد الغذائية، وتحمل أعضاءها العناء والجهد في البحث عن الحالات المستحقة وإيصال المساعدات لها، فلهم الأجر والثواب من الخالق سبحانه والشكر والتقدير من البشر.