إطلالة على مجموعة الدكتورة امتنان الصمادي “فتاة المعطف”
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
أثير – مكتب أثير في تونس
قراءة: محمد الهادي الجزيري
حكمة عالية يأخذها القارئ من قراءة أوّل قصّة في المجموعة، وهي التفكير في خواتيم الأمر بدل الركض خلف الوعود الزاهية، ففي هذا المتن القصير تسرد علينا الدكتورة امتنان الصمادي حكاية فتى وفتاة أوغلا في الحلم والوعود الجميلة واتفقا إنّ الفائز منهما في اجتياز النهر يحقّق أمنية الآخر، وصراحة رغم قصر النصّ، يتبع القارئ السارد في ولع الشابين بالفوز وارتمائهما في الماء دون أن يفكّر لحظة في النهاية، ألا وهي غرق الفتاة لأنها نسيت أنّها لا تحسن السباحة، فعلينا أن نفكّر في نهايات الأمور قبل السقوط في الماء/ الوهم، وهما ليسا سوى الموت، وإليكم خاتمة “اللعبة”:
“بدأ يصفق تشجيعا لها، حاولت أن تبتسم، لأنّه يلعب معها لعبة لو فازت بها ستتعلم منها الكثير الكثير، لكنّها حزنت قليلا، لأنّها لم تخبره من فرط سعادتها أنّها لا تعرف السباحة”.
قرأت عديد قصص المجموعة، بما أنّها قصيرة جدّا وأحيانا أقصر حتّي من نصف صفحة، وصراحة وبعد القصة الأولى وجدت صعوبة في الفهم خاصة أنّ الكاتبة احتمت بالغموض والضبابية؟ ولكنها تركت للقارئ المجتهد بابا للدخول إلى الفكرة أو النصّ، تكتب القاصة في آخر قصّة “فكرة” عن فرار الأفكار وتلاشيها حين تقترب الذات من عتبة النصّ، فجأة تجد نفسها في ورطة محبّبة للنفس ألا وهي ورطة فرار الفكرة من بين يديها:
“..فوجئت أنّه كلّما اتضحت الفكرة اهتزّ المقعد حتّى صار عصفورا، وحين أمسكت بالقلم رفرف العصفور، قبض بمنقاره على الورق وطار من النافذة”.
قلت لكم إنّ الصبر جميل وسيؤدي بنا إلى نصّ يشفي الغليل، كيف ذلك؟ نعم قرأته منذ قليل وسأقتطعه بعد حين لكي تستمتعوا معي، إنّه نصّ “نافذة” الذي يتطرق إلى الفيسبوك، هذا الوباء العالمي، فبقدر حبّي له بقدر خوفي منه نظرا للأخطار الجمّة الناجمة عنه، كم من موهبة تاهت في أرجائه الواسعة وكم من مدّعين كثر انتصبوا حكّاما في منابره، المهمّ انتصرت الكاتبة امتنان الصمادي لنفسها ولآلاف المواهب التي تطلّ على الفيسبوك يوميا ثمّ تهرب إلى أركان وحدتها ساخرة من زمن غريب ومخيف:
“فتحت نافذة الفيس بوك خلسة، فوجدت الشارع ممتلئا بالمارة، عرفت منهم عددا من التجّار والكذابين والمستغلين، أخرجت سجادتها المهترئة ونفضتها فوق رؤوسهم، هي تحبّ أن تسمع صراخهم وهم يشتمون الشارع المكتظ بالعابرين”.
هذه إطلالة سريعة على مجموعة الدكتورة امتنان الصمادي “فتاة المعطف” ، حاولت أن أقرأ لي ولكم بعض قصصها القصيرة والقصيرة جدّا وإن كانت القصص موزّعة بشكل أرادته الكاتبة، فالقصص القصيرة جدّا كانت في مقدّمة الكتاب، في حين وردت القصص القصيرة في مؤخرة هذا المتن السردي، خلاصة القول إنّه سرد ممتع ويشدّ القارئ ويتجوّل به عبر مشاكل وقضايا الوجود من كتابة وأدوات تواصل وعشق والبحث عن أمومة عظيمة، تودّ الكاتبة امتنان الصمادي رصدها قصد التماهي فيها، أعتقد أنّ الساردة كتبت بكلّ خلاياها النابضة بالحبّ وبالهوية الأردنية السمحة..وليس بالقلم فقط….
وقد قدّمت المجموعة الأستاذة الدكتورة آمنة يوسف، والدكتور ابراهيم ملحم، وممّا حبّره الأخير نقتطف لكم هذه الفقرة:
“يمكن القول: كانت في قصصها تخاطب القارئ من موقعها كاتبة، وكأنّها (الأم) الساردة لأبنائها الممتدّين في الجغرافيا الكونية، وهذا ما أعطى لها خصوصيتها في التعبير، وجعل مفهومها للأنثوية الأمومية موضوعا في مكانه السليم”.
المصدر: صحيفة أثير
إقرأ أيضاً:
جنوب أفريقيا وماليزيا تشكّلان “مجموعة لاهاي” لدعم محكمتي العدل والجنائية الدولية
الجديد برس|
تعتزم دولتا جنوب أفريقيا وماليزيا إطلاق حملة باسم “مجموعة لاهاي” لحماية وتعزيز أحكام محكمة “العدل الدولية” والمحكمة “الجنائية الدولية” في مواجهة ما وصفته بأنه “تحدّي أوامر” محكمة العدل الدولية ومحاولات الكونغرس الأميركي ضرب المحكمة الجنائية الدولية عن طريق العقوبات.
إنّ هدف “مجموعة لاهاي”، المكوّنة من 9 دول هي كولومبيا وبوليفيا وتشيلي والسنغال وناميبيا، هو الدفاع عن مؤسسات وأحكام النظام القانوني الدولي، وفق ما نقلت صحيفة “الغارديان” البريطانية.
وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي تواجه فيه كلّ من “الجنائية الدولية” و”العدل الدولية” تحدّيات غير مسبوقة لسلطتهما في القضايا المتعلقة بالحروب في غزة وأوكرانيا وتهريب البشر في البحر الأبيض المتوسط.
بدوره، قال وزير العلاقات الدولية في جنوب أفريقيا، رونالد لامولا، إن “الحملة تهدف إلى ضمان الامتثال للقانون الدولي وحماية الضعفاء”، مشيراً إلى أنّ “تشكيل مجموعة لاهاي يرسل رسالة واضحة بأنه لا توجد دولة فوق القانون، ولن تمرّ أيّ جريمة من دون عقاب”.
وأضافت المجموعة أنّ “التركيز ليس على معاقبة إسرائيل، بل على نهجها تجاه أحكام المحكمة العالمية”، والتي قال رئيس الوزراء الماليزي، أنور إبراهيم، إنها “تضرب أسس القانون الدولي، الذي يتعيّن على المجتمع الدولي الدفاع عنه”.
وتعكس الخطوات التي ستحدّدها المجموعة الغضب المتزايد في الجنوب العالمي إزاء ما يُنظر إليه على أنه “معايير مزدوجة” للقوى الغربية عندما يتعلّق الأمر بالقانون الدولي.